تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جامعة الملك عبدالله.. تبيح الاختلاط وتكشف أسرار الشمس والرمل



hadid
21-09-2009, 03:08 PM
http://www.alarabiya.net/files/gfx/img/alarabiya.gif
الإثنين 02 شوال 1430هـ - 21 سبتمبر 2009م


مستشار في "أرامكو": نأمل أن تقود المرأة فيها سيارتها
جامعة الملك عبدالله.. تبيح الاختلاط وتكشف أسرار الشمس والرمل


http://images.alarabiya.net/large_26629_85603.jpg

الجامعة تمتد على مساحة 36 مليون متر مربع http://www.alarabiya.net/files/gfx/img/dot_blue.gif دبي - حيان نيوف، الرياض - محمد اليوسي



تنطلق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في افتتاح رسمي بالتزامن مع العيد الوطني للمملكة العربية السعودية في 23-9-2009، ضمن خطة وطنية شاملة للعلوم والتقنية كما يكشف رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم في تصريحات لـ"العربية.نت"، فيما أكد أحد أبرز علماء تحلية المياه أن الجامعة سوف تعمل على تطوير تقنيات جديدة في مجال تحلية المياه المالحة، وتحويل رمل الصحراء وأشعة الشمس إلى تقنيات مستخدمة وطاقة جديدة للحياة. وتتميز الجامعة بأنها تسمح بالاختلاط، في سابقة هي الأولى من نوعها في نظام التعليم بالسعودية، وهو ما يحظى بترحيب عدد من الأكاديميين السعوديين الذين سبق لهم أن دعوا إلى الاختلاط من أجل تحقيق التنافس العلمي بين الرجل والمرأة، في وقت أكد فيه مستشار بارز في شركة "أرامكو"، التي قامت بتنفيذها، أن قيادة المرأة للسيارة داخل حرم هذه الجامعة قد يصبح حقيقة في المستقبل كما يحصل في "أرامكو" الآن.
أبرز مهام الجامعة
وتحمل الجامعة اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتقع شمال مدينة جدة على البحر الأحمر، وكان الملك عبدالله قد أعلن عن إنشائها في23-7- 2006 في حفل أهالي الطائف، ووضع حجر الأساس لها في 21-10- 2007.

وتبلغ تكلفة الجامعة 10 مليارات ريال، وعهد بتنفيذها إلى شركة أرامكو السعودية على مساحة 36 مليون متر مربع، وشاركت في وضع تصاميمها الهندسية مجموعة من الشركات المحلية والعالمية.
وتقدم الجامعة للطلاب المتخرجين أحدث ما يوجد في العالم من دراسات متقدمة في العلوم والتكنولوجيا، مع تجهيزات من أحدث الموجود عالمياً ومختبرات غير متوافرة في أكبر جامعات الولايات المتحدة. كما تلعب دوراً بارزاً في انفتاح أكبر في المجتمع السعودي، نظراً لسماحها بالاختلاط، واستقطابها لجنسيات من مناطق مختلفة من العالم.

ومن أبرز المهام الملقاة على عاتق الجامعة في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، تحويل أشعة الشمس من مصدر حرارة غير مستغلة إلى مصدر وفير للطاقة المتجددة، وتحلية المياه المالحة وتحويل الرمال الصحراوية إلى تقنيات، والنباتات الصحراوية منخفضة الغلة إلى محاصيل غذائية عالية الغلة.

وتقدم الجامعة 9 برامج من برامج الدرجات العلمية: الرياضيات التطبيقية وعلوم الحوسبة، العلوم البيولوجية، الهندسة الكيميائية والبيولوجية، علوم الكمبيوتر، علوم وهندسة الأرض، الهندسة الكهربائية، علوم وهندسة البيئة، علوم وهندسة مواد، والهندسة الميكانيكية.
السويل: خطة وطنية
وفي حديث لـ"العربية.نت"، قال د.محمد ابراهيم السويل، رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية إن "الملك عبدالله يريد من جامعة العلوم والتقنية أن تكون دار حكمة العصر الحديث كما كانت (دار الحكمة) تلك المؤسسة التي أنشأها الخليفة أبوجعفر المنصور وأكملها من بعده الخليفة المأمون الذي أعطاها دفعة قوية صاحبتها نهضة علمية كبرى, حيث شكلت تلك الدار منعطفاً مهماً في هذا المجال وحفلت بالعديد من العلماء البارزين، منهم على سبيل المثال الخوارزمي الذي كان من أوائل علماء العالم في مجال الرياضيات".

وأضاف أن "جامعة الملك عبدالله تأتي في مصاف الجامعات العالمية بما يتوفر لديها من إمكانيات وتجهيزات وإدارة للنهوض بقطاع العلوم والتقنية".

وكشف السويل أن الجامعة "سوف تشكل إضافة مهمة للخطة الوطنية الشاملة للعلوم والتقنية، فهي من الجهات المشاركة في الخطة، كما أنها متواجدة ضمن اللجنة الإشرافية التي تعمل في إطار الخطة الخمسية الأولى للعلوم والتقنية".

وقال "وقعت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية مذكرة تفاهم للتعاون بين المؤسستين وتستعد المدينة والجامعة لعقد ورشتي عمل قريبا، إحداهما في الرياض والأخرى في جدة، تعالجان قضايا سياسات وسبل دعم البحث العلمي ومهارات إدارة البحث العلمي".
يذكر أنه عند افتتاح الجامعة في سبتمبر 2009، بلغ عدد الطلاب الذين قبلتهم 817 طالبًا يمثلون 61 دولة, وبدأ 374 طالبًا من هذه المجموعة الدراسة فعليًا، فيما سيتم تسجيل بقية المجموعة في الجامعة اعتبارًا من عام 2010.

ويمثل طلابها 161 مؤسسة جامعية من مناطق كثيرة من العالم. وتلقت 7187 طلبًا من الطلاب الراغبين في التسجيل.

وتأتي المملكة في المقدمة والأعلى تمثيلاً بين الدول في الدفعة الافتتاحية، بنسبة 15٪، والصين 14%، والمكسيك 11٪، والولايات المتحدة 8%.

ويستطيع الطلاب الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في مجالات الدراسة التسعة.

ومن بين دفعة 2009 الافتتاحية سوف يسعى 44 طالبًا للحصول على درجة الدكتوراه، فيما يسعى 330 طالبًا للحصول على درجة الماجستير، أما أكثر المجالات التي اختارها الطلاب المسجلون للدراسة في 2009 فهي: علم الحاسوب (21٪)، الهندسة الكيميائية والبيولوجية (13,1٪)، الهندسة الكهربائية (12,5٪)، الهندسة الميكانيكية (10,4٪).
الغامدي: وداعاً لأزمة التحلية
وعلى صعيد متصل، قال د.عبدالله الغامدي رئيس مركز أبحاث المياه في جامعة الملك عبدالعزيز لـ"العربية.نت" إن "ما يميز الجامعة هو أنها عالمية وتم اختيار أساتذتها من مختلف دول العالم والقبول فيها مفتوح لمختلف الطلاب من أنحاء العالم، وتركز على الدراسات العليا والبحث العلمي في المجال التقني وليس التخصصات النظرية، وهذا ما نحتاجه الآن، مع الدعم المالي الكبير وهذا سيكون مصدر دخل مستمر للجامعة، وهو أمر مهم لأن مشكلة الجامعات في الوطن العربي والعالم الثالث أنه لا يوجد دعم مستمر للأبحاث".

كما أشار إلى أهمية أن الجامعة خارجة عن القيود باعتبارها "جامعة خاصة لها هامش حرية أكبر من الجامعات الحكومية في الأنظمة المالية والإدارية".

وأضاف "الجامعة نقلة نوعية لأنها تهتم بأمور البحث العلمي الموجود في جامعات السعودية عبر البكالوريوس فقط، لكن هذه الجامعة تركز على الدراسات العليا".
وتابع "الأمر ينعكس أيضا على الاقتصاد، وأقصد اقتصاد المعرفة لأنه إذا توافرت المعرفة نستطيع أن نصنّع وأن نبيع هذه المعرفة التي أصبح لها قيمة من خلال إنتاج مخترعات جديدة، خاصة في مجال تحلية المياه الذي تحتاجه المملكة بشكل كبير، والمجالات الطبية كذلك".

وأكد الغامدي أن "الجامعة سوف تعمل على تطوير تقنيات جديدة في مجال تحلية المياه المالحة، لأن في السعودية عجز بالمياه وتقنية التحلية الحالية مكلفة وتحتاج إلى صيانة مستمرة، ولو تم تطوير تقنية جديدة بالتأكيد ستسهم بشكل كبير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمملكة".

وأضاف "يمكن الاستفادة من الرمال الصحراوية في إنتاج شرائح الكمبيوتر التي تعتمد على السيليكون الذي يؤخذ من الرمال وهي متوافرة كثيرا، ولذلك لدينا ثلاثة أشياء أسياسية متوفرة بكمية كبيرة ويمكن أن تكون مصدرا للتقنية وتنمية الاقتصاد وهي الشمس والصحراء والبحر، الشمس للطاقة، والصحراء لانتاج شرائح الكمبيوتر حيث إن كل التقنية في الجوالات والأنظمة الالكترونية تعتمد على شرائح السيليكون".

يذكر أن الباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعة من السعودية ومختلف دول العالم يعملون وفق حرية أكاديمية متاحة، وفي حرم جامعي مزود بأحدث المرافق ومركز للابتكار ومجمع للبحوث.

وتضم المجموعة الأولى من باحثي جامعة الملك عبدالله 12 عالما من 6 دول. وقد تلقى هؤلاء العلماء والمهندسون أصحاب المستوى الرفيع منحًا فردية مدتها خمس سنوات لدعم البحوث في أمور واسعة من القضايا التي تهم المملكة العربية السعودية والمنطقة والعالم.
ترحيب بالاختلاط
وفي السياق، رحب الأكاديمي السعودي ابراهيم عباس نتو، عميد شؤون الطلاب سابقا في جامعة البترول والمعادن في الظهران بالاختلاط الحاصل في الجامعة.

وقال في حديث لـ"العربية.نت": "أتصور أن وجود اختلاط في الجامعة سيترك تأثيرا إيجابيا على الجو الأكاديمي، في البحث والنشر والاحتكاك بمعنى المنافسة في المستوى الأكاديمي، وهذه الأشياء سوف تصبح أفضل بوجود تنافس بين الرجل والمرأة.. وحتى الاحترام للآخر وهو المرأة يتحسن كثيرا، وأتمنى أن تصبح الجامعة مثالا يحتذى، لأن عدم الامتزاج (الاختلاط) برأيي يؤدي إلى انفصام اجتماعي".

وأضاف "هذه الخطوة تعزز التنافس العلمي والأكاديمي، وأنا ضد كلمة اختلاط، وأحاول أن أتحاشى هذه الكلمة منذ سنوات طويلة لأنها كلمة ملغمة، بل هي امتزاج وتمازج وتعايش وحياة طبيعية". واستطرد بأن "نصف المجتمع لا ينبغي أن يكون منفصلا عن نصف المجتمع الثاني".
ويضيف أن "الوضع الطبيعي لتواجد طلابنا وطالباتنا جنبا إلى جنب في قاعة المحاضرات بدءا بجامعة الملك عبدالله وفي مكتباتها وكافترياتها ومواقع المنافسة وفي معامل البحث".

وقال "مما يجدر ذكره هنا أنه إضافة إلى الفوائد العديدة النفسية والاجتماعية بل وأيضا السلوك الشخصي الراقي المتمدن المهذب نتيجة التمازج، فهناك أيضا الأداء الأكثر فاعلية (الإداري والمالي) إذا ما تم التخلص من ازدواجية الانفاق عند إقامة مكتبتين ومصليين وصالتي طعام الخ.. إضافة لقاعات المحاضرات مضروبة باثنين".
أرامكو.. وفكرة دمج ثقافتين
ومن شركة "أرامكو" المنفذة لمشروع جامعة الملك عبدالله تحدث عبدالرحمن الربيش المهندس والمستشار في الشركة لـ"العربية.نت"، معتبراً أن "موضوع بناء الجامعة ليس هو المهم، وإنما الأهم هو بناء المواطن السعودي من خلال مثل هذه الجامعات".

وأوضح "فكرتها إن كُتب لها النجاح سوف تكون رائدة جداً، لأن طبيعة المجتمع عندنا مغلقة وإذا نظرنا إلى عدد الطلاب مقارنة بدول ثانية مثل أمريكا سنجد أنها هناك عالمية، بينما في السعودية 95% سعوديون و5% من غير السعوديين، ولذلك الفكرة التي وضعتها أرامكو لهذه الجامعة تختلف تماما لأنها تعتمد على استقطاب كفاءات من الطلبة الموهوبين والمدرسين، وهذه الفكرة تخلق بيئة جديدة في السعودية والناس غير معتادين عليها لأنها ليست دراسة وإنما جرعة من ثقافتين مختلفتين من التحصيل والبحث والحياة العملية".

وأضاف "أعتقد أن أرامكو انتهى دورها هنا، ولاحقا علاقتها بالجامعة ستكون محدودة. الشيء المهم ما أضافته أرامكو للجامعة وهو زراعة أفكار جديدة ليست موجودة في الجامعات السعودية وهي فكرة جامعة عالمية".
وقال الربيش "زراعة أفكار جديدة مثل فكرة العالمية هي من وضع أرامكو حيث سيكون فيها 70 جنسية وهذا يعني 70 ثقافة مختلفة من أناس موهوبين، ولديهم ما يُقدم للإنسان وليس للسعودية فحسب، علما أن الفريق الذي وضع هذه الافكار معظمه من السعودية من أناس مؤمنين ببناء الإنسان".

وفي ذات السياق، أكد الربيش أن "فكرة عدم التفرقة بين الرجل والمرأة ليست جديدة في الجامعات السعودية، فهناك كليات الطب التي فيها اختلاط ولكن إلى حد ما، لكن أعتقد عدم التفرقة بحيث تقدم المرأة تقدم كما يقدم الرجل، يظهر جليا في هذه الجامعة التي جعلت المجال مفتوحا أمام الاثنين معا".

وأضاف "في المملكة، أرامكو ليست مصدرا ماليا فقط ولكن هي مصدر للتطور في نواح أخرى، وفيها يمكن للمرأة أن تقود السيارة داخل بناء الشركة، ولكن ليست لدي معلومات بعد إن كان هذا سيحصل داخل الجامعة، وأتمنى ذلك".

وختم بالقول "أعتقد أن الجامعة ستنجح في أمر نجحت فيه أرامكو في مجال الأبحاث خاصة في المنطقة العربية عبر استغلال الثروة مع العقول مع البيئة المناسبة وانتاج اختراعات تفيد البشرية عموما".
مساجد ومسابح
ومن اللافت أيضا أن الجامعة تقدم أجواء مناسبة تساعد على الابداع، فمن شاء أن يصلي فهناك المسجد، ومن رغب بالسباحة سوف يعثر على المسابح. وفي الجامعة توجد الملاعب ودور الحضانة ورياض الأطفال والمدارس، بالإضافة للخدمات الترفيهية مثل المطاعم وملعب للغولف وملاعب للتنس والشواطئ وأحواض سباحة، ومارينا.
وتضم الجامعة 25 مبنى منها أربعة مراكز للأبحاث العلمية بمساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع، ويتخلل المباني ممرات بحرية تقوم بتنفيذها وتطويرها شركات عالمية تتولى كذلك تنفيذ وتشغيل مولدات الكهرباء وأبراج التبريد التي يتجاوز عددها خمسة أبراج كبيرة ستستخدم في تبريد المباني بشكل كامل.

كما يوجد خمس مدارس للتعليم العام ومدرسة عالمية ومستشفى يخدم المدينة الجامعية ومرفأ بحري ومنطقة للقوارب الشاطئية ومسجدان تم تصميمهما بشكل يجمع بين الحداثة والأصالة ويستوعب الأول حوالي 1500 مصل والثاني 500 مصل.
وتقدم جامعة الملك عبدالله منحة لمدة 5 سنوات لدعم 4 مراكز لشراكة البحوث العالمية تضم مختلف التخصصات، في ستانفورد، وتكساس إيه آند إم، وكورنيل، وأكسفورد. وهي تنفذ أعمالاً بارزة في مجال الخلايا الضوئية الجزيئية، والعلوم الحاسوبية، والمواد متناهية الصغر.

وسوف تركز مراكز الأبحاث الأولى في جامعة الملك عبدالله على المجالات التالية: الحفز الكيميائي، العلوم الحيوية الحاسوبية، النمذجة الهندسية والتصوير العلمي، الأغشية، جينوميات الإجهاد في النبات، الطاقة الشمسية والطاقة البديلة للعلوم والهندسة، علوم وهندسة البحر الأحمر، الاحتراق النظيف، المواد المركبة والمتناهية الصغر، الاستشعار الأرضي وتحت سطح الأرض، مركز أبحاث كيمياء النانو، تكنولوجيا التراهرتز، تحلية المياه وإعادة استخدامها.

وقد دخلت الجامعة، حتى الآن في شراكات مع معهد "وودز هول لعلوم المحيطات"، المعهد الفرنسي للبترول، جامعة سنغافورة الوطنية، جامعة هونغ كونغ للعلوم والتقنية، الجامعة الأمريكية في القاهرة، جامعة ميونيخ التقنية، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، جامعة كاليفورنيا في سان دييغو.

كما دخلت في شراكات مع القطاع الخاص مثل: مركز أبحاث شركة جنرال إلكتريك العالمي، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، شركة أرامكو السعودية، وشركة آي بي إم.

* لمشاهدة فيديو متعلق اضغط هنا (http://video.alarabiya.net/ShowClip.aspx?ClipID=2009.08.30.14.23.40.876)

جميع الحقوق محفوظة لقناة العربية © 2009

وسيم أحمد الفلو
22-09-2009, 06:36 PM
إيلاف



--------------------------------------------------------------------------------


حين يعطي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز شارة الافتتاح الرسمي لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يوم الأربعاء شمال مدينة جدة، فإن حلمه القديم والذي يعود إلى ربع قرن مضى سيتحقق أخيرًا، وسيشهد على ذلك 3 آلاف مدعو بينهم قادة عدد من الدول العربية والإسلامية والأوروبية ومسؤولين وعلماء حازوا على جائزة نوبل العالمية.

لم يخلُ اختيار يوم الأربعاء موعدًا لافتتاح الجامعة من دلالات، إذ هو رابع أيام عيد الفطر المبارك، ويأتي متزامنًا مع الاحتفال بالعيد الوطني للملكة، لذا ستكون الأنظار متّجهة صوب قرية "ثول" الواقعة شمال مدينة جدة على البحر الأحمر، والتي تزينت لهذه المناسبة وبدت في أبهى حلة بانتظار تدشين تلك الجامعة التي ستكون بمثابة المنارة التي سيعم نورها المنطقة، بل العالم بأسره وفق ما أكد القائمون على الجامعة.

يؤكد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة أن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تعد ثورة في مجال التعليم ليس في المملكة فحسب بل على نطاق الدول الإسلامية، ويضيف "إن هذه الثورة التعليمية (عدوى جميلة) أتمنى أن تنتقل للجامعات السعودية مشيرًا إلى أن جهود خادم الحرمين ساهمت في اختصار الزمان وتقريب المكان. إذ أصبح العالم الأول على أرض المملكة، واضاف قائلاً: "لابد أن نلغي شعار "نحو العالم الأول" بعد أن أصبح هذا العالم واقعاً ملموساً على أرضنا".

ومع ترقب الجميع لحفل الافتتاح اتفق معظم الكتّاب في الصحف السعودية على أهمية جامعة الملك عبد الله واعتبروها نقلة نوعية تضاف الى الانجازات التي تحققت في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز، واستثمار مميز يضع المملكة في مصاف الدول الكبيرة التي تعطي مجال التعليم والجامعات اهتمامًا خاصًا.

وقال طارق الحميد رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" إن هذا المشروع هو استثمار خادم الحرمين الشريفين بشكل كامل، فهي حلمه منذ كان وليًا للعهد، واليوم يتحقق حلم الملك، وحلم بلاده، في تدشين هذا الصرح العلمي، الذي يمثل الاستثمار الأفضل، والأنجع، مشيرًا الى ان المفارقة هي أن هذا المشروع يأتي بعد فترة وجيزة من صخب إعلامي شهدته السعودية على خلفية خبر جاء فيه أن الجامعات السعودية تتذيل قائمة تصنيف الجامعات عالميًا.

وتابع الحميد في مقال له "اليوم والسعوديون يحتفلون بهذا الصرح العلمي، الذي يتوافق مع يومهم الوطني، نجد أن جامعة الملك سعود في الرياض، التي يقف خلفها مدير يستحق كل التقدير، وهو الدكتور عبد الله العثمان، الذي وجد دعمًا وصلاحيات من خادم الحرمين الشريفين وفق خطة تم الاتفاق عليها، تتلقى التهاني على تصنيفها كواحدة من أفضل 200 جامعة في العالم، ولذا فعندما نقول استثمار الملك عبد الله فلسبب بسيط هو أن العلم استثمار، وهو ما يضمن الارتقاء بالوطن والمواطن. وأولى خطوات التطوير التعليمي هي الإقرار بالخطأ، ومن ثم معالجته، ولذا فاليوم هناك حراك مطمئن في السعودية لتطوير العملية التعليمية بكافة مستوياتها، حيث صرفت ميزانية ضخمة للتعليم ككل، وهناك المشروع الذي يمثل نقلة مضيئة، وهو مشروع الملك عبد الله للابتعاث الخارجي، الذي يستفيد منه ما يزيد على 60 ألف طالب وطالبة من السعودية".
من جهة أخرى، أكد الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز أن الجامعة ستكون طفرة في التنمية السعودية وستخلف حراكا اقتصاديا وفكريا لا يستهان به، وأضاف أن أي مشروع كبير وطموح دائمًا ما يبدأ بحلم، خاصة عندما يكون بحجم أحد صناع التاريخ الحديث كالملك عبدالله.
وقال الأمير خالد في حوار لـ"الوطن": إن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلهام لوالدي وهبة من الله للمملكة وأنا كمواطن سعودي فخور بها.

ومن جانبه، إعتبر محمد الوعيل في مقال نشرته صحيفة "اليوم" ان الملك عبد الله في مثل هذا المشروع الذي يطمح لأن يكون بيتًا جديدًا للحكمة يخدم من خلاله أبناء المملكة وجميع شعوب العالم وجعل لها وقفاً دائماً يسخر لها ومن أجلها هذه الفكر.

هذه الجامعة يعتبرها رئيس شركة أرامكوا المهندس خالد الفالح في تصريح لـ"الوطن" أنها المرحلة الثالثة التي سينمو منها الاقتصاد، بحكم أنها تؤسس قاعدة مهمة لمرحلة تنموية جديدة متمثلة في تحوّل بلاده إلى عصر المعرفة. ويضيف:" تلك التنمية التي يتسابق العالم الآن للظفر بوسائلها وأسبابها، من أجل توفير البدائل المستقبلية المناسبة لسبل الحياة المتقدمة والكريمة للناس". وعن توقعاته لحصد ثمار الجامعة يقول:" بعض ثمار الجامعة، سوف تكون موجودة على المدى القصير، كنتيجة لتقاسم المعرفة وتبادل المعلومات والأفكار الإبداعية، يعزز ذلك وجود نخبة من كبار العلماء والمتميزين من الطلاب ويجري في الوقت الحاضر تسجيل براءة الاختراع لابتكارات تمت خلال العامين الماضيين".

هذا الحلم تقدر تكلفته وتبلغ تكلفة الجامعة 10 مليارات ريال، على مساحة 36 مليون متر مربع، وشاركت في وضع تصاميم الجامعة الهندسية مجموعة من الشركات المحلية والعالمية.و بلغ عدد الطلاب الذين قبلتهم 817 طالبًا يمثلون 61 دولة, وبدأ 374 طالبًا من هذه المجموعة الدراسة فعليًا، فيما سيتم تسجيل بقية المجموعة في الجامعة اعتبارًا من عام 2010.ويمثل طلابها 161 مؤسسة جامعية من مناطق كثيرة من العالم. وتلقت 7187 طلبًا من الطلاب الراغبين في التسجيل. وتأتي السعودية في المقدمة والأعلى تمثيلاً بين الدول في الدفعة الافتتاحية، بنسبة 15٪، والصين 14%، والمكسيك 11٪، والولايات المتحدة 8%. ويستطيع الطلاب الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في مجالات الدراسة التسعة.ومن بين دفعة 2009 الافتتاحية سوف يسعى 44 طالبًا للحصول على درجة الدكتوراه، فيما يسعى 330 طالبًا للحصول على درجة الماجستير، أما أكثر المجالات التي اختارها الطلاب المسجلون للدراسة في 2009 فهي: علم الحاسوب (21٪)، الهندسة الكيميائية والبيولوجية (13,1٪)، الهندسة الكهربائية (12,5٪)، الهندسة الميكانيكية (10,4٪). ويتم تدريس الطلاب في المعامل وليس في الفصول مقارنة بالجامعات السعودية الأخرى.

وبحسب أنباء مترددة فإن حفل الافتتاح سيشهد كلمة للمرأة السعودية ومن المتوقع أن تلقيها المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان سعاد الشمري. وتوقعت مصادر مطلعة أن يروى الملك عبدالله في كلمته خلال الافتتاح للزعماء وحضور الحفل التفاصيل الدقيقة عن هذه الجامعة، إضافة إلى اصطاحبهم في جولة ميدانية على ساحات الجامعة قبل أن يستقروا في المكان المخصص للحفل.

وفي السياق ذاته يعتبر وزير العمل الدكتور غازي القصيبي أن هذه الجامعة هي جامعة المستقبل أنتشئت في الوقت الحاضر. ويوضح:" إلى جانب أن الجامعة مؤسسة تعليمية ترتكز على الإيمان بأهمية العلوم والتقنية بوصفها محركًا أساسيًّا للاقتصاد والصناعة وتنويع مصادر الدخل، فهي أيضاً تتسم بكونها صرحًا علميًا متخصصًا في الدراسات العليا والأبحاث العلمية، وتعمل على الاستفادة من الإسهام العالمي في تنمية المعرفة في مجالات العلوم والتقنية الحديثة ، وهي بالتالي تعد منبرًا تعليميًّا فريدًا ومركزًا متقدّمًا للأبحاث ومنارة علمية عالمية رفيعة".ويضيف:

"على الرغم من خصوصية الطبيعة والسمة العالمية، فإن الجامعة تسعى إلى وضع السعودية في مصاف الدول المتقدمة صناعيًا وتقنيًا من خلال الاهتمام بالنواحي المهمة لمستقبل المملكة، وبالقضايا التي لها صلة مباشرة برفاهية المواطن والعمل على وضع الحلول للمشاكل التي تعيق التنمية في أوجهها المختلفة وتحويل الأفكار الجديدة والأبحاث التي تحتضنها إلى منتجات صناعية واقتصادية وطنية، وواقع عملي لتحقيق النمو الاقتصادي ودفع عجلة التنمية بوتائر سريعة وتوفير الازدهار والرفاهية للمواطنين. كما تسعى الجامعة إلى أن يكون المواطن السعودي أكثر تخصصًا وتميزًا، علمًا وعملاً، وصانعًا للمعرفة بدل أن يكون مستهلكاً لها فحسب، وذلك من خلال الإمكانيات والفرص المتاحة في الجامعة للنبوغ والتفوق والإبداع والانفتاح على تجارب وخبرات الآخرين من الموهوبين والمبدعين من المفكرين والعلماء من أنحاء العالم المختلفة".

بدوره يقول وزير البترول والشؤون المعدنية المهندس علي النعيمي:" إن الجامعة ستسخر أبحاثها ودراساتها لتطوير مصادر جديدة للطاقة في السعودية من جهة، ويجري من جهة أخرى تحويل هذه الأبحاث والدراسات إلى تطبيقات عملية تعود بفائدتها على جميع مناحي التنمية الاقتصادية في المملكة، بل والمنطقة والعالم والبحوث المتقدمة التي ستنفذها الجامعة في مجال الطاقة الشمسية واستغلال رمال الصحراء وتطوير محاصيل غذائية جيدة واقتصادية تنمو في الأراضي القاحلة والحارة والزراعة في المياه المالحة والاستغلال الأمثل لبيئة البحار وغيرها كلها تصب في خانة المستقبل الاقتصادي للمملكة وأجيالها، حين تسهم الجامعة في تعزيز المصادر الحالية وتوفر البدائل الاقتصادية المناسبة للمستقبل".