المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة العلامة عمر الرافعي



فؤاد طرابلسي
29-09-2009, 10:06 AM
ترجمة العلامة عمر تقي الدين الرافعي
هناك من يغيبوا أو يغيبهم الموت ومع هذا يعيشـون فينا حتّى نكاد أن نلمسـهم، هذا واحدٌ من قلّةٍ تعيـش في أعماق ذاتي، في هذا المجتمع الباطني الذي يـشـكل بمجمله سـلبـاً و إيجاباً قيمي و مبادئي و معتقداتي، يـشـكّل شـخـصيتي.
تعلمت و حفظت عنه الكثير. . ما زلت أذكر ملمس يديه و رائحته والنور الذي يشـع من وجهه وذلك الإحسـاس بالدفء والأمان في حضنه مع أنه رحل حين كان عمري سـت سـنوات..
وهو الذي أطلق عليّ اسـم هـدى .
كان أبي يودّ أن يسـميني (حَيْـفا ) وأمّي (هـيا) فاحتكما إلى قرعة اختارت لهما هـَيـا، وهذا ما كان.
في تلك الأثناء كان الشـيخ عمر في منزوله (غرفة مخصصة للعبادة) يصلّي و يقرأ القرآن متضرعاً لسـلامة الوالدة و الوليد فأخذته سـهوة خرج بعدها مسـتبشـراً يقول: (الحمد لله ولدت بنت وانّي سـميتها هدى) فما كان من أبي حين علم إلاّ أن غّير الاسـم نزولاً عند رغبة الشـيخ مسـتبشـراً برؤاه .
في صباح رحيله عن عالمنا دار بيني و بين أبي الحوار التالي:
{ كيف يموت جدّي و أمي تحبه؟
- كلنا نحبه ولكن الله أيضاً يحبه لذلك أخذه إليه في الجنة
وماذا لو أحبك الله أنت أيضاً وأخذك إلى الجنّة ؟
- ليس الآن، حين تكبرين ويصبح عندك هدى صغيرة، يأخذني
إذاً لن أكبر أبـــــــــداً !
ولم أكـبــــــر ! لقد مات أبـي بعده بأقل من سـنتـين!

نبذة من سـيرته

من أعلام طرابلس الشـام (شـمال لبـنان) و أدبائها و شـعرائها المعروفين و من رجال القضاء، مفتي طرابـلـس.
ينـتـسب من جهة الأب لأسـرة الرافعي (الفاروقي) التي يعود نسـبها إلى زين الدين عمر المكّي بن عبد الله الصحابي الجليل بن عمر بن الخطّاب (ر)، وآل الرافعي أسـرة واحدة في مصر وبلاد الشـام تضمهم رابطة مسجلة ويجتمعون مرّة سـنوياً في موطنهم طـرابلس.
ويـنـتـسـب من جهة الأم لآل الكيالي في حلب من العترة الهاشـمية.
ولد في في صنعاء اليمن حيث كان والده يعمل قاضياً.
تلقّى علومه في طرابلس ثمّ درس الحقوق في اسـطنبول وبعدها توجّه إلى الأزهر حيث تلقّى علومه الشـرعية على يد كل من الشـيخ محمد عبده و الشـيخ بخيت و الشـيخ حسـين المرصفي و غيرهم.
أنـشـأ جريدة باسـم بـاب النصر في مدينة حـلب، زاول مهنة المحاماة في طرابلـس و في دمـشـق، عيّن مسـتنطقاً و مدّعي عام في صافيتا ثمّ قاضياً في محكمة بداية نابلـس ثمّ في بيروت وحين نقل إلى طرابلـس خاف أن يتأثر وجدانه في مدينته فعاد إلى بيروت ثمّ إلى دمـشـق، زاول أيضاً مهنة تدريـس آداب اللغة العربية في بيروت و دمشـق. انتخب مـفتياً لطرابلس بإجماع شـعبي وحين حاول أحد الزعماء السـياسـيين (دون ذكر الأسـماء والتفاصيل) تغيير النتيجة لصالح أحد أقاربه خرج أهل المدينة يهتفون: مفتينا عـمر لا مفتي إلاّ عمر وأضربت المدينة وأغلقت المحال أبوابها لمدّة أسـبوع.

اضطهاده و سـجنه:
نسـب إلى الرافعي إعداده داره بدمشـق لاجتماع الجمعية الثورية العربية و انّه هو الذي كتب بيان الثورة، وقامت قيامة جمال باشـا السـفاح وتمّ اعتقاله وقاسـى على يديه من آلام السـجن و التعذيب فيه ما لا يطاق... و أخيـراً حكم عليه بالموت وقبل التنفيذ اسـتبدل القرار بالسـجن المؤبد في القلعة له ولاثنين من رفاقه (بنفحة ربّانية كما كان يـسـميها) وبعد بضعة أشـهر قضي الأمر بانكسـار الجيـش العثماني وتقسـيم سـوريا: فلسـطين تحت الانتداب البريطاني و لبنان و سـوريـا للفرنسـي.
عاد قاضياً في بيروت إلى أن حكم على مجرم فرنسـي يدعى جورج دبران وكانت النتيجة في معركة انتصاره للحق إلى أن أحيل على التقاعد بسـببها.

له مؤلفات عديدة منها: (أسـاليب العرب في الشـعر و الرسـائل و الخطب) في 800 صفحة وكتاب (الغضبة المضربة في القضية العربية) وله شـعر جيد كثير في موضوعات مختلفة ينيف على سـتة آلاف بيت وله قصيدة بلغت 131 بيت عنوانها: (الحرب العامّة أو اليتامى و الأيامى). وله كتابات كثـيرة بتأليف المسـلمين بين السـنّة و الشـيعة وله شـعر كثـير في مدح النبي(ص). وشـعره سـلـس منسـجم سـهل ممتنع لم يصرفه يوماً في مدح ولا في هجاء و لا رثاء باسـتثناء مدح الرسـول(ص) وهو صورة جُلّى من صور أدبه و أخلاقه العالية.

هذا هو الفاروقي الرافعي الداعي إلى الألفة الإسـلامية والغيور على ضم شـتاتها واسـتعادة خلافتها
كجده لم يكن داعية تعصّب ضدّ أبناء الديانات الأخرى بل هو داعية ألفة وطنية ينضوي تحت لوائها المسـلم والمسـيحي كما هو داعية (الوحدة الإسـلامية) التي ليـسـت في الواقع إلاّ وسـيلة من وسـائل نهوض الشـرق يجتبي ثمرتها أبناء أديانه وملله، كان يـقول: التعصب والتديّن ضدان لا يجتمعان كذلك هو الإيمان من التزمت و الغلو ولزهده وشـدة إيمانه وحبّه الشـديد للرسـول و ورعه قصص و حكايا يضيق المجال لذكرها، هذا قليل من كثير، المسـلم الحقيـقي هو عمر الرافعي العربي الوطني الصميم دينه دين الحب
و كما يقول ابن عربي:

أدين بدين الحب أنّى توجهت
--------ركائبه فالحب ديني و إيماني

يوم رحل بكاه أهل طرابلس و خرجوا خلف نعشـه شـيبة وشـبانا رجالاً ونسـاء وحزنت المدينة بأسـرها عليه مع أنه كان في الثمانين،ومن يزور طرابلـس يسـمع تـسـجيلات عبر المآذن و في الأسـواق الشـعبـية بصوت الشـيخ محمد صلاح الدين كبّارة (الذي اختص بإنشـاد قصائد الشـيخ) ومجموعة المشـايخ ينشـدون قصائده في التوحيد والمديح وعلى عادة شـعبنا الطيب في كلّ موسـم حج ترى من يروي و يقسـم من حجاج طرابلـس أنهم رأوه حول الكعبة يطوف.
وبـعـد
زيـنتَ يا بـن الـرافعي الأدبــا
--------بـمدح خيــر الخـلـق أمـاً و أبـــا
وفي مناجاة الحبـيب المصطفى
--------حـرّكـت أوتار الـقـلـوب طـربـا
ما زلت في مدح الرسـول واقفاً
-------بـبـابــه حـتى بــلغــت الأربــــا
أبـدعـت في أوصافـه يـا عـمـر
--------حـتّى عـليـه بـايـعـتـك الأدبـــا
سـُرّ بـك الفاروق في مضجعـه
--------إذ كنت من حبـيـبه مقـرّبــــــا
وأنـعُــم الله عـليــك لـم تـزل
-------يا بن أبي حفص تجاري السحُبا
حدّث بها عن ربك الأعلى الذي
------أولاكـهـا و أســـجـد و اقـتـربــا

له قصيدة جميلة جداً تحدث بها عن معجزات الرسـول(صلى الله عليه و سلم)الحسي مطلعها:

إحملوني إلى الحبيب ورُوحوا
-------واطرحوني في بابه و اسـتريحوا
يا رفـاقي أما بـكم من رفـيـقٍ
--------يَحمـلُ الصَبّ و هو صَبٌ طَريحُ

يقول فيها أيضاً:
بـرَّحَ الوجـدُ بي فقلبي عليلُ
-------و غرامي ذاكَ الغَـرامُ الصـحـيحُ
وأيضاً:
مـلأ الـكـونَ نـُورُه فَـهُـوَ ماحٍ
------ظُلـمَـة الجـهـلِ بالـهدى و مُـزيـحُ


بقلم حفيدته هدى نورالدين الخطيب

لينا
30-10-2009, 01:20 AM
الشيخ عمر الرافعي هو اخ الشبخ عبد الحميد اليس كذلك؟

فؤاد طرابلسي
30-10-2009, 01:21 AM
نعم هذا صحيح هم ابناء المفتي عبدالغني الرافعي الكبير