تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مصطفى بن قاسم الطرابلسي



فؤاد طرابلسي
29-09-2009, 11:16 AM
مصطفى بن قاسم الطرابلسي


خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
المحبي 4/377-385
مصطفى بن قاسم الطرابلسي الحلبي نزيل المدينة المنورة مولده ومنشؤه الشام لكنه ممن طابت بطيبة منه المشام فانتظم في سلك جيران الرسول الشفيع وارتفع مقامه بذلك المقام الرفيع وهو ممن فاق في الأدب وبرع وورد مناهله العذبة صفواً فكرع مع مشاركة في علمي الفقه والنحو وتحقيق ما شان إثبات آية محو وقد ترجمه السيد محمد كبريت في كتابه نصر من الله وفتح قريب بما نصه هو مولانا الشيخ درويش مصطفى بن قاسم بن عبد الكريم بن قاسم بن محيي الدين الحلبي الشافعي مذهبا الوفائي طريقة ومشرباً وينتهي نسبه فيما أخبرني به إلى السيد محمد بن الحنفية رضي الله تعالى عنه وعن أبيه:
فيا نسباً من فرع دوحة هاشم ... ويا حسباً بالأصل قد ألحق الفرعا
ولد بمدينة طرابلس الشام في سنة سبع وثمانين وتسعمائة ونشأ ودأب على الشيخ عبد النافع الحموي مفتي الحنفية والشيخ محمد بن عبد الحق الشافعي والشيخ عبد الخالق المصري وغيرهم ثم دخل دمشق في سنة أربع عشرة بعد الألف فأخذ عن الشيخ أحمد العيثاوي الفقه والحديث وحضر مجالس العلم ثم دخل مصر فأخذ الفقه والنحو عن النور الزيادي والشيخ أبي بكر الشنواني وغيرهما وأخذ المنطق عن الشيخ سالم الشبشيري والكلام عن الشيخ احمد الغنيمي والبرهان اللقاني ثم دخل قسطنطينية وأخذ عن صدر الدين وعن العلامة محمد المفتي مع الملازمة في الطريق ثم قدم المدينة المنورة في سنة سبع وعشرين وألف زائراً ثم قدمها ثانياً في سنة اثنتين وثلاثين وهو يرفل في ثياب الجمال والجلالة فأقام بها وتأهل وأحسن السيرة والسريرة وتقيد بنشر العلم والتدريس بالمسجد النبوي ثم لزم حاله لما كثر الدخيل وتقدم الدنيء والعويل وكثر في اللغو القال والقيل وصارت مجالس العلم لغير أهلها كما هو مقتضى الحال في تقيم الأنذال:
وكم قائل ما لي رأيتك راجلاً ... فقلت له من أجل أنك فارس
وله التآليف الرائقة والتصانيف الفائقة منها نزهة الأبصار في السير فيما يحدث للمسافر من الخير ومنها هتك الأستار في وصف العذار ومنها شرح تائية ابن حبيب الصفدي سماه المنح الوفائية في شرح التائية ومنها الدر الملتقط من بحر الصفا في مناقب سيدي أبي الإسعاد بن وفا وله النظم الرائق منه وقد كتب إليه بعض أحبابه
يا غائباً يشكر إقباله ... قلبي ويشكو بعده الناظر
أوحشت طرفي واتخذت الحشا ... داراً فأنت الغائب الحاضر
فكتب:
ما غبت عن طرفي ولا مهجتي ... بل أنت عندي فيهما حاضر
إن غبت عن عيني تمثلت في ... قلبي يراعي حسنك الناظر
وله تخميس فائية الشيخ شرف الدين بن الفارض رضي الله عنه وله ديوان شعر يشتمل على قصائد ومقاطيع ومن شعره قوله مستغيثاً وهو مما قاله بمصر في سنة خمس وعشرين
يا من به كل الشدائد تفرج ... وبذكره كل العوالم تلهج
وعليه أملاك السماء تنزلت ... وبمدحه لله حقاً تعرج
وإليه ينهى كل راج سؤله ... والسائلون على حماه عرجوا
يا قطب دائرة الوجود بأسره ... يا من لعلياه البرايا قد لجوا
يا سيد السادات يا غوث الورى ... يا من به ليل الحوادث أبلج
قد جئتكم أرجو الوفاء تكرماً ... لكنني للعفو منه أحوج
وحططت أحمال الرجاء لديكم ... فعساكمو أن تنعموا وتفرجوا
انتهى ما قاله السيد محمد كبري في ترجمته قلت وكان الباعث له على تصنيف كتابه نصر من الله أن صاحب الترجمة كان نظم تاريخاً لمكان بناه شيخ الحرم المدني عبد الكريم المصاحب بالمدينة ببئر ودي ونظم له أبياتاً وهي هذه:
بشراك يا من صار جار الكريم ... بطيب عيش أنت فيه مقيم
أصبحت في خدمة خير الورى ... ترفل في روض جنان النعيم
بطيبة طابت لمن حلها ... حديث ودي في هواها قديم
طوبى لمن أمسى مقيماً بها ... يلقى أهاليها بقلب سليم
مصاحب السلطان نلت المنى ... بما ترجي من غفور رحيم
بنيت إيواناً به قد سما ... ببئر ودي للصديق الحميم
بغاية الإحكام تاريخه ... مقعد أنس شاد عبد الكريم
وأراد بغاية الإحكام آخرها وهو الميم على طريقة التعمية وعدد الميم أربعون فلما شاعت الأبيات وقف عليها فتح الله النحاس الحلبي فهزأ بها وألف رسالة سماها التفتيش على خبالات درويش مضمونها الاعتراض على هذه الأبيات فألف السيد محمد كتابه انتصاراً لصاحب الترجمة وجمع فيه من غرائب الفوائد وفرائد القلائد ما تقر به العيون وتنشرح له الصدور وكانت وفاة الدرويش مصطفى في السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثمانين وألف بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع رحمه الله تعالى.