المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلامة القاضي زهدي يكن



فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:05 PM
العلامة القاضي زهدي يكن
عن جريدة البيان


رجل العدل والقانون، ذو عقل وروية، فيه حكمة الشيوخ، ورصانة العلماء، وحسن الخلق والوقار، واسع الاطلاع والمعرفة، فقيه بالكتاب والسنة، عادل في أحكامه، قادر على التمييز بين الحق والباطل، بعيد عن الهوى لا يحابي ولا يداري ولا يداهن، نفس شريفة طموحة تتحلى بالمثل والقيم، يزدان بشمائل حسان وأدب جم، قويم في منهجه، مخلص في أقواله وأفعاله، ما اضطلع بالمحاماة مهنة والقضاء وسيلة الا حاجته لحماية مصالح الناس ونصرة المظلومين، وردع المجرمين عن افسادهم، صاحب الحق عنده منصور، والمعتدي مخذول.
القضية عنده يقلّبها على وجوهها المختلفة، يدرسها ويمحصها ويدقق فيها، ثم يستلهم الضمير والعدل قبل القانون، ويتحقق بما قاله كبار الفقهاء والمجتهدين حتى اذا تيقن من الحقيقة أصدر حكمه فيها، وكان رحمه الله لا يقضي في احكامه اثناء الغضب عملاً بالحديث الشريف:"لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان".
لقد ظهر علمه واقتداره في لبنان، وأخذ نجمه يتألق كقاض كبير وحقوقي ضليع، واشتهر بمؤلفاته القانونية بين رجال القضاء وكان أهمها تفسير قانون الملكية العقارية ومقارنته بالقوانين الحديثة والشريعة الاسلامية والذي طبع مرتين، وله شرح قانون الموجبات والعقود، ونظام السجل العقاري والقانون الاداري، والطلاق في الاسلام، ومقارنة في القانون الروماني والشريعة الاسلامية، وغيرها الكثير منها ما زال مخطوطاً.
لقد أغنى الرئيس زهدي المكتبة الحقوقية والفقهية والأدبية بمصنفات أصبحت مرجعاً للكثير من القضاة والباحثين يتزودون منها بما يحتاجونه من معلومات باللغتين العربية والفرنسية. ولد زهدي يكن في طرابلس سنة 1903 من ابوين كريمين هما الشيخ رشيد يكن والحاجة فخرية محمد ذوق، وأخذ دروسه الابتدائية والقانونية في كتاتيب ومدارس الفيحاء، ثم دخل الجامعة السورية بدمشق والتحق بمعهد الحقوق العربي، وقد حظي بأساتذة أعلام أمثال الشيخ عبد القادر المغربي والسياسي المشهور فارس الخوري والمحامي عثمان سلطان، كما كان من زملائه في نفس المعهد الاساتذة حسني عطية وأكرم سلطان وعبد الله معصراني وسالم كبارة.
بدأ عمله كمحام في طرابلس، ثم التحق بسلك القضاء وتولى مناصب قضائية عديدة، وكان آخرها مستشاراً في مجلس شورى الدولة ورئيس المحاكم الاستئنافية في بيروت، ورئيس غرفة في محكمة التمييز، وعضو مجلس القضاء الأعلى.
استعانت به الحكومة اللبنانية مع بعض القضاة المسلمين عند الاعداد للمرسوم الاشتراعي الذي نظم شؤون الافتاء والاوقاف الاسلامية السنية، كما كان استاذاً في كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية منذ انشائها سنة 1959.
ينتمي مترجمنا الى احدى الاسر الاسلامية العريقة، و"يكن" كلمة تركية الاصل تعني ابن الاخت او ابن الأخ لملك او أمير، وهذه الاسرة يرتقي نسبها على الأرجح كما يقول المؤرخ نوفل الى حمزة باشا يكن والي طرابلس سنة 1687 ابن اخت احد سلاطين آل عثمان وربما كان هذا السلطان محمد الرابع الملقب بالصياد الذي تولى سنة 1641.
توفي القاضي زهدي يكن العام 1973، وروى عنه معاصروه الثِقاة انه كان يخشى الله كثيراً في قضائه ولا يجور في حكمه، ورجل هذه صفاته سيجعل الله مستقره الجنة ان شاء الله جزاء له.

فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 09:32 AM
108 : العدد

2009-04-08