فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:31 PM
شيخ الصحافيين محمود الادهمي
عن جريدة البيان
علم شامخ من اعلام الصحافة، تخطى حدود طرابلس الى كل لبنان، نضال مستمر لا يهدأ، نفس وثابة للعلى، صحافي جريء، ادركته مهنة الصحافة فتداركها، فتنته الكلمة، وأغواه القلم، فاندفع الى ميدان الصحافة بهمة عالية وذكاء، فما برح يجدّ ويعمل حتى استطاع بمدة وجيزة ان يضاهي بجريدته الفتية، باقي الصحف الصادرة في هذا البلد، وان ينال مكانة أدبية في الاوساط الصحفية، فأصدر سنة 1947 جريدة الانشاء في طرابلس، وفي سنة 1954 صارت تصدر يومية في بيروت. كانت تجربة الانشاء في اصدارها يومياً، خطوة جريئة وغنية بالدروس المفيدة من اجل مستقبل الصحافة في طرابلس، وظهر واضحاً تجاوب المدينة مع العمل الصحافي الجدي، حيث خلقت حولها جمهوراً ثابتاً من القراء، كان ينتظرها كل صباح، وهذه الحقيقة هامة جداً لانها تثبت ان هذه المدينة تنتظر صحيفتها الخاصة بها.
بعد اصداره الانشاء يومياً كتب له المربي الحاج فضل المقدم رسالة أقتطف بعضاً منها: "اخي الاحب ابا غسان: منذ نحو اربعين عاماً شعر قادة طرابلس وارباب الرأي فيها بحاجة المدينة الى جريدة يومية تكون منبراً للرأي الحر والتوجيه السليم والخبر الصادق، تعنى عناية خاصة بشؤون البلد وشجونه وترفع الصوت مدوياً في الدفاع عن مصالحه، وتناضل بجرأة واناة لاحقاق الحق الهضيم للبلد والمواطن، فكانت هناك محاولات عدة لم يكتب لها النجاح، الى ان اقدم الصحافي المجاهد الاستاذ محمود الادهمي على اقتحام هذا الميدان، فقلنا، نحن اخوانه وعارفوه، في خشية ورجاء:
وفق الله ابا غسان حيث اخفق سواه وأخذ بيده. ويتابع الحاج فضل في مكان آخر: وثمة ناحية تستحق في نظري ان ينوه بها، وهي ذلك الاهتمام الخاص الذي توليه الانشاء الى التربية والمربي والكتاب".
كانت الانشاء خلال النصف الثاني من القرن العشرين سجل احداث طرابلس في مسيرتها عبر التاريخ، وفي معرفة احوالها ودراسة معالمها وآثارها واعلامها واشهر مكتباتها، ونقلت من خزائن الكتب العربية نصوصاً وصوراً عن طرابلس في مجلة شهرية كانت تصدرها لكبار المؤرخين والادباء العرب والطرابلسيين تحت هذه العناوين:
1- طرابلس: تاريخها وآثارها الاسلامية
2- الجامع المنصوري الكبير.
3- صور من ايام طرابلس وعن رجالاتها.
4- طرابلس: ماذا بقي في الذاكرة والتاريخ.
5- طرابلس .. التراث والتاريخ.
6- الميناء: تاريخ وحضارة.
هذا العمل الدؤوب كان من جهد رجل واحد هو الاستاذ محمود الادهمي ومن جاء من بعده، الذين جعلوا من الانشاء سجلاً يحفظ احداث المدينة، ورسوماً وثائقية لمعرفة الحاضر وادراكه، ويتصل بالماضي وعبره.
ولد محمود الادهمي في طرابلس سنة 1915، وتعلم في مدارسها، وانكب على المطالعة وقراءة الكتب الادبية وحصَّل ثقافة واسعة، كان ابوه عبد الغني محامياً لامعاً واديباً معروفاً وشاعراً مُجيداً، وهو من أنسال الحسينيين، تحدر من اصلاب عائلة كان لها دور في التاريخ الاسلامي.
كان محمود الادهمي كما عرفه اهل الصحافة، يقدس روابط الزمالة ويحترمها، وكان يرى ان من واجب الصحافيين ان يكونوا متآلفين غير متنافرين، يعملون في خدمة صاحبة الجلالة بصدق وامانة.
ولقد منحته الدولة اللبنانية وسام الارز الوطني من رتبة فارس تقديراً لجهوده في ميدان الصحافة، واقيم حفل تكريمي بمناسبة اليوبيل الفضي لجريدة الانشاء سنة 1973، والقى العلامة الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس كلمة في تكريمه قال فيها: ... وكان حلماً مستحيل التحقيق عندي وعند الزملاء ان يتمكن احدنا من اصدار جريدة يومية مهما كان نشاطه، لطغيان صحف العاصمة التي تصل الى طرابلس قبل الفجر.. ولكن هذا الادهمي العصامي العنيد الداهية قد حقق الحلم، ولم يستطع احد سواه ان يحققه من بعده.
منذ ثلاثين سنة وقريباً من هذه الايام رحل محمود الادهمي، وخسرت طرابلس والصحافة احد اعمدتها الذي عشق مدينته وتعلق بتاريخها وايامها وكان وفياً لها، رحم الله ابا غسان وعوضنا بخلفه.
عن جريدة البيان
علم شامخ من اعلام الصحافة، تخطى حدود طرابلس الى كل لبنان، نضال مستمر لا يهدأ، نفس وثابة للعلى، صحافي جريء، ادركته مهنة الصحافة فتداركها، فتنته الكلمة، وأغواه القلم، فاندفع الى ميدان الصحافة بهمة عالية وذكاء، فما برح يجدّ ويعمل حتى استطاع بمدة وجيزة ان يضاهي بجريدته الفتية، باقي الصحف الصادرة في هذا البلد، وان ينال مكانة أدبية في الاوساط الصحفية، فأصدر سنة 1947 جريدة الانشاء في طرابلس، وفي سنة 1954 صارت تصدر يومية في بيروت. كانت تجربة الانشاء في اصدارها يومياً، خطوة جريئة وغنية بالدروس المفيدة من اجل مستقبل الصحافة في طرابلس، وظهر واضحاً تجاوب المدينة مع العمل الصحافي الجدي، حيث خلقت حولها جمهوراً ثابتاً من القراء، كان ينتظرها كل صباح، وهذه الحقيقة هامة جداً لانها تثبت ان هذه المدينة تنتظر صحيفتها الخاصة بها.
بعد اصداره الانشاء يومياً كتب له المربي الحاج فضل المقدم رسالة أقتطف بعضاً منها: "اخي الاحب ابا غسان: منذ نحو اربعين عاماً شعر قادة طرابلس وارباب الرأي فيها بحاجة المدينة الى جريدة يومية تكون منبراً للرأي الحر والتوجيه السليم والخبر الصادق، تعنى عناية خاصة بشؤون البلد وشجونه وترفع الصوت مدوياً في الدفاع عن مصالحه، وتناضل بجرأة واناة لاحقاق الحق الهضيم للبلد والمواطن، فكانت هناك محاولات عدة لم يكتب لها النجاح، الى ان اقدم الصحافي المجاهد الاستاذ محمود الادهمي على اقتحام هذا الميدان، فقلنا، نحن اخوانه وعارفوه، في خشية ورجاء:
وفق الله ابا غسان حيث اخفق سواه وأخذ بيده. ويتابع الحاج فضل في مكان آخر: وثمة ناحية تستحق في نظري ان ينوه بها، وهي ذلك الاهتمام الخاص الذي توليه الانشاء الى التربية والمربي والكتاب".
كانت الانشاء خلال النصف الثاني من القرن العشرين سجل احداث طرابلس في مسيرتها عبر التاريخ، وفي معرفة احوالها ودراسة معالمها وآثارها واعلامها واشهر مكتباتها، ونقلت من خزائن الكتب العربية نصوصاً وصوراً عن طرابلس في مجلة شهرية كانت تصدرها لكبار المؤرخين والادباء العرب والطرابلسيين تحت هذه العناوين:
1- طرابلس: تاريخها وآثارها الاسلامية
2- الجامع المنصوري الكبير.
3- صور من ايام طرابلس وعن رجالاتها.
4- طرابلس: ماذا بقي في الذاكرة والتاريخ.
5- طرابلس .. التراث والتاريخ.
6- الميناء: تاريخ وحضارة.
هذا العمل الدؤوب كان من جهد رجل واحد هو الاستاذ محمود الادهمي ومن جاء من بعده، الذين جعلوا من الانشاء سجلاً يحفظ احداث المدينة، ورسوماً وثائقية لمعرفة الحاضر وادراكه، ويتصل بالماضي وعبره.
ولد محمود الادهمي في طرابلس سنة 1915، وتعلم في مدارسها، وانكب على المطالعة وقراءة الكتب الادبية وحصَّل ثقافة واسعة، كان ابوه عبد الغني محامياً لامعاً واديباً معروفاً وشاعراً مُجيداً، وهو من أنسال الحسينيين، تحدر من اصلاب عائلة كان لها دور في التاريخ الاسلامي.
كان محمود الادهمي كما عرفه اهل الصحافة، يقدس روابط الزمالة ويحترمها، وكان يرى ان من واجب الصحافيين ان يكونوا متآلفين غير متنافرين، يعملون في خدمة صاحبة الجلالة بصدق وامانة.
ولقد منحته الدولة اللبنانية وسام الارز الوطني من رتبة فارس تقديراً لجهوده في ميدان الصحافة، واقيم حفل تكريمي بمناسبة اليوبيل الفضي لجريدة الانشاء سنة 1973، والقى العلامة الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس كلمة في تكريمه قال فيها: ... وكان حلماً مستحيل التحقيق عندي وعند الزملاء ان يتمكن احدنا من اصدار جريدة يومية مهما كان نشاطه، لطغيان صحف العاصمة التي تصل الى طرابلس قبل الفجر.. ولكن هذا الادهمي العصامي العنيد الداهية قد حقق الحلم، ولم يستطع احد سواه ان يحققه من بعده.
منذ ثلاثين سنة وقريباً من هذه الايام رحل محمود الادهمي، وخسرت طرابلس والصحافة احد اعمدتها الذي عشق مدينته وتعلق بتاريخها وايامها وكان وفياً لها، رحم الله ابا غسان وعوضنا بخلفه.