المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ طه الولي



فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:47 PM
الشيخ طه الولي
عن جريدة البيان

رجل دين وثقافة، مؤرخ بحاثة، موسوعي شامل، صاحب نظرة مكنّتة من استنتاج قواعد حركة التاريخ، صنّف الكثير من المؤلفات، وكتب البحوث والمقالات، ووجد الحاجة ماسة في حياتنا لهذا التاريخ، وان تعاد سيرة أجدادنا الى الحاضر الذي نعيشه، ليس بهدف التغني بالماضي، بل من أجل ان يكون هذا الماضي جسراً لعبورنا الى المستقبل المشرق، وكان يرى أن أعداء أمتنا الكثر، يسعون في محاولات قوية، مدعمة بقوى عالمية لتشويه ما لدينا من تاريخ منير، وتزوير ما عندنا من حقائق ووقائع، ويروجون بعدم وجود هذا التاريخ أصلاً. لقد تسامى الشيخ طه الولي في أعماله، وحقق إرثاً ثقافياً أغنى فيه المكتبة العربية، وكان مقياس النجاح الإنجاز.
وجاء في كتاب أدباء طرابلس وعلمائها للدكتور نزيه كبارة ما يلي:
كان الشيخ طه الولي "رجل نهضة وتوعية وطنية .. ورجل المواقف الجسوره، والقناعات الصلبة، والأحكام الصارمة" وكان مع ذلك، رجل حوار واحترام للرأي الآخر مؤمناً بالعقل والمنطق.
أما الدكتور روحي البعلبكي فقال: حدد الشيخ طه الولي أصول الحضارة وحركة العمران ومبادئ العلم، يحدوه الرجاء على ان يكون المستفيد الاول منها مجموع العرب والمسلمين المعاصرين.
تناول مترجمنا في مؤلفاته وتصنيفاته، موضوعات تراث العرب وتاريخ الاسلام، ومن أهمها: المساجد في الاسلام، وهي مجموعة موسوعية ضخمة ذكر فيها كافة مساجد العالم منذ إنشاء أول مسجد في الاسلام أيام الرسول عليه الصلاة والسلام وهو مسجد "قباء" وحتى أيامنا هذه، وهي موسوعة مؤلفة من 904 صفحات من الحجم الكبير، كما له كتاب: "عبد الرحمن الأوزاعي، شيخ الاسلام وإمام أهل الشام" وهذا المؤلف يحتوي على دراسة مفصلة يتناول تاريخ الإمام الاوزاعي، أحد أئمة الفقهاء في الاسلام، الذي عُرف بورعه وتنسكه، وجرأته أمام الحكام واحتجاجه على ظلم الولاة لا سيما بعد ثورة المنيطرة سنة 759م ضد العباسيين والتي قمعت بقسوة أثارث إحتجاج الإمام الأوزاعي.
ولد طه محمد الولي في طرابلس سنة 1921، نشأ في رعاية أب شفيق وأم حانية، ولاقى أساتذة في التاريخ والادب من الكبار فتثقف وتربّى.
درس في أولى مراحله بمدرسة التوفيق في بيروت، التي أسسها مفتي الجمهورية الشيخ محمد توفيق خالد، ثم انتقل الى مدرسة المقاصد في حرج بيروت، فالكلية الشرعية الاسلامية، التي عُرفت فيما بعد بإسم كلية الفاروق، وفي سنة 1948 سافر الى مصر وانتسب الى كلية أصول الدين في الجامع الأزهر وتخرج منها، والتحق بكلية الحقوق بجامعة الملك فؤاد الاول التي أصبحت فيما بعد جامعة القاهرة.
بعد عودته الى لبنان دخل كلية الحقوق بجامعة القديس يوسف ونال شهادتها، وانتقل بعدها الى فيينا والتحق بالمكتبة الوطنية النمساوية العامة وحصل على شهادة في علم المكتبات.
عمل الشيخ طه مساعداً قضائياً في المحكمة الشرعية في بيروت، وبناء لطلبه عين كرئيس قسم الصحافة في دار الكتب الوطنية، ما لبث ان قدم استقالته للعمل كمستشار ثقافي في سفارة تشاد ببيروت، وكانت هذه السفارة تغطي سفارات تركيا وسوريا والاردن في وقت واحد، ثم ترك العمل في السفارة عندما نشبت الحرب الاهلية في لبنان وتشاد أيضاً، وانتخب في سنة 1975 عضواً في المجلس الثقافي للبنان الشمالي وانضم أيضاً الى اتحاد الكتاب اللبنانيين.
الشيخ طه الولي، كان ظريفاً مرحاً، جلسته يطفو على جوّها البهجة والسرور، هو عربي صميم، تسري في عروقه دماء عربية نقية، وأصالة عريقة من المغرب الأندلسي، بصماته في تاريخنا بارزة، وإنجازاته بيّنة.
توفي في نيسان من عام 1996، وبوفاته خسر العالم الاسلامي رجل فكر وعلم وثقافة.

فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 09:49 AM
87 : العدد

2008-10-29