فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:49 PM
الدكتور معن زيادة
عن جريدة البيان
كان من جيل الرواد الاوائل في حركة القوميين العرب، الذين انغرسوا في الفكرة العربية، بمقدار ما غرسوها في العقول النفوس.
معن زيادة مفكر وباحث، استاذ جامعي ثم رئيس قسم الفلسفة، رئيس تحرير مجلة الفكر العربي، رئيس تحرير الموسوعة الفلسفية العربية، رئيس معهد الإنماء العربي، عضو في النادي الثقافي العربي في بيروت، كما شارك في تأسيس دار الندوة.
قال فيه المفكر منح الصلح: "انتمى معن زيادة منذ البدء الى الحلم الوطني والقومي والانساني".
ومعن من المفردات العربية التي تحمل المعنى وضده. لكن معن زيادة كان يحمل معنىً واحداً وفكراً واحداً هو السعي لنهوض أمته العربية، ومن أقوال العرب لابن منظور في لسان العرب: حدّث عن معن ولا حرج، ويقصد معن بن زائده الشيباني الذي كان من أجود العرب يُضرب مثلاً لمن يتوسع في الأمر، ومترجمنا من أجود المفكرين العرب في عطائه كمدافع عن قضايا العروبة والحرية والتقدم، وكان متخصصاً بالفلسفة الاسلامية، ونال أطروحته بالدكتوراه في فلسفة ابن باجه الفيلسوف العربي الاندلسي الذي تأثر به ابن رشد.
الدكتور معن زيادة صاحب حلم كبير يمتد في أرجاء العالم العربي، كان واحداً من أكثر المثقفين العرب أصالة، وأعمقهم حباً للتراث، ومنحازاً طوال أيام حياته النضالية الى الدراسات الواعية التي تحلل القضايا العربية انطلاقاً من إيمان صادق بمستقبل العرب، وفهم دقيق للتاريخ العربي العريق المتصل بالأمجاد الكبيرة، وكان يعتقد ان ذلك التاريخ يمكن أن يتحول الى حافز لهذه الامة، فيساعدها في النهوض من كبوتها مستجمعة قواها الذاتية لبناء حاضر أو مستقبل لا يقل إشراقاً عن الماضي.
ولد معن زيادة في طرابلس سنة 1938، وتلقى علومه الاولى في مدارسها حتى المرحلة الثانوية، في سنة 1958 سافر الى القاهرة للالتحاق بجامعتها فانتسب الى قسم الفلسفة، والتقى في القاهرة عدداً من الشخصيات العربية التي تحولت فيما بعد مناصب بارزة في بلادها منهم قحطان الشعبي رئيس جمهورية اليمن بعد الاستقلال، وأقام العديد من الصداقات مع أدباء ومفكرين من أمثال نجيب محفوظ ومحمود تيمور وأحمد عبد المعطي حجازي، إضافة الى الصحافيين من أمثال رجاء النقاش ومفيد فوزي والفنانين كجورج البهجوري ورجائي وغيرهم الكثير ممن احتفظ بصداقتهم طوال حياته كما يقول الدكتور محمود زيادة.
عاد الى لبنان ليعمل محاضراً في جامعة بيروت العربية سنة 1962، ويتولى مهمات صحافية في جريدة الحرية والمحرر، وناشراً للابحاث في مجلة الآداب، وحصل سنة 1965 على منحة دراسية في جامعة ماغييل في مونتريال بكندا، وعندما عاد الى لبنان سنة 1972 انضم الى هيئة التدريس في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية، وكان له حضور بارز في الحياة الاكاديمية والثقافية ونافس الدكتور كمال يوسف الحاج على منصب رئيس القسم، ورغم ما كان للدكتور الحاج من علو كعب في عالم الفلسفة والآداب، الا ان معن زيادة أخذ منه الرئاسة في معركة رياضية، علت فيها اصوات المؤيدين ووصلت أصداؤها الى الصحف ووسائل الاعلام، واستمر في الرئاسة لمدة عشر سنوات، وحين ا ندلعت الحرب الاهلية حاول ما استطاع تقريب وجهات النظر بين الاطراف المتصارعة ولكن بدون جدوى.
أصيب بمرض عضال (الميدلوم) وهو من أصعب الامراض السرطانية على الاطلاق كما يقول طبيبه الكندي، إلا ان مرضه لم يقعده عن السفر ومواصلة العمل ومتابعة الندوات، وعندما لم تنفع معه المعالجات داخل المستشفى (الرويال فكتوريا) وبقي صامداً رابط الجأش وقاوم لمدة سبع سنوات، مات معن زيادة وهو في سن التاسعة والخمسين، مريضاً في مستشفاه في الجامعة الاميركية في 14 ايار سنة 1997، ودفن في ذكرى نكبة فلسطين في 15 ايار.
ان أبناء الثقافة النهضوية العربية ما زالوا يستذكرون المناقب الاخلاقية والفكرية للفقيد الراحل وإسهامه في مجال التأليف والبحث من أجل حرية العرب وتقدمهم. بعد وفاته قال فيه الدكتور محمود زيادة: يا جسداً مات وما زال قلبه في حنايانا ينبض
عن جريدة البيان
كان من جيل الرواد الاوائل في حركة القوميين العرب، الذين انغرسوا في الفكرة العربية، بمقدار ما غرسوها في العقول النفوس.
معن زيادة مفكر وباحث، استاذ جامعي ثم رئيس قسم الفلسفة، رئيس تحرير مجلة الفكر العربي، رئيس تحرير الموسوعة الفلسفية العربية، رئيس معهد الإنماء العربي، عضو في النادي الثقافي العربي في بيروت، كما شارك في تأسيس دار الندوة.
قال فيه المفكر منح الصلح: "انتمى معن زيادة منذ البدء الى الحلم الوطني والقومي والانساني".
ومعن من المفردات العربية التي تحمل المعنى وضده. لكن معن زيادة كان يحمل معنىً واحداً وفكراً واحداً هو السعي لنهوض أمته العربية، ومن أقوال العرب لابن منظور في لسان العرب: حدّث عن معن ولا حرج، ويقصد معن بن زائده الشيباني الذي كان من أجود العرب يُضرب مثلاً لمن يتوسع في الأمر، ومترجمنا من أجود المفكرين العرب في عطائه كمدافع عن قضايا العروبة والحرية والتقدم، وكان متخصصاً بالفلسفة الاسلامية، ونال أطروحته بالدكتوراه في فلسفة ابن باجه الفيلسوف العربي الاندلسي الذي تأثر به ابن رشد.
الدكتور معن زيادة صاحب حلم كبير يمتد في أرجاء العالم العربي، كان واحداً من أكثر المثقفين العرب أصالة، وأعمقهم حباً للتراث، ومنحازاً طوال أيام حياته النضالية الى الدراسات الواعية التي تحلل القضايا العربية انطلاقاً من إيمان صادق بمستقبل العرب، وفهم دقيق للتاريخ العربي العريق المتصل بالأمجاد الكبيرة، وكان يعتقد ان ذلك التاريخ يمكن أن يتحول الى حافز لهذه الامة، فيساعدها في النهوض من كبوتها مستجمعة قواها الذاتية لبناء حاضر أو مستقبل لا يقل إشراقاً عن الماضي.
ولد معن زيادة في طرابلس سنة 1938، وتلقى علومه الاولى في مدارسها حتى المرحلة الثانوية، في سنة 1958 سافر الى القاهرة للالتحاق بجامعتها فانتسب الى قسم الفلسفة، والتقى في القاهرة عدداً من الشخصيات العربية التي تحولت فيما بعد مناصب بارزة في بلادها منهم قحطان الشعبي رئيس جمهورية اليمن بعد الاستقلال، وأقام العديد من الصداقات مع أدباء ومفكرين من أمثال نجيب محفوظ ومحمود تيمور وأحمد عبد المعطي حجازي، إضافة الى الصحافيين من أمثال رجاء النقاش ومفيد فوزي والفنانين كجورج البهجوري ورجائي وغيرهم الكثير ممن احتفظ بصداقتهم طوال حياته كما يقول الدكتور محمود زيادة.
عاد الى لبنان ليعمل محاضراً في جامعة بيروت العربية سنة 1962، ويتولى مهمات صحافية في جريدة الحرية والمحرر، وناشراً للابحاث في مجلة الآداب، وحصل سنة 1965 على منحة دراسية في جامعة ماغييل في مونتريال بكندا، وعندما عاد الى لبنان سنة 1972 انضم الى هيئة التدريس في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية، وكان له حضور بارز في الحياة الاكاديمية والثقافية ونافس الدكتور كمال يوسف الحاج على منصب رئيس القسم، ورغم ما كان للدكتور الحاج من علو كعب في عالم الفلسفة والآداب، الا ان معن زيادة أخذ منه الرئاسة في معركة رياضية، علت فيها اصوات المؤيدين ووصلت أصداؤها الى الصحف ووسائل الاعلام، واستمر في الرئاسة لمدة عشر سنوات، وحين ا ندلعت الحرب الاهلية حاول ما استطاع تقريب وجهات النظر بين الاطراف المتصارعة ولكن بدون جدوى.
أصيب بمرض عضال (الميدلوم) وهو من أصعب الامراض السرطانية على الاطلاق كما يقول طبيبه الكندي، إلا ان مرضه لم يقعده عن السفر ومواصلة العمل ومتابعة الندوات، وعندما لم تنفع معه المعالجات داخل المستشفى (الرويال فكتوريا) وبقي صامداً رابط الجأش وقاوم لمدة سبع سنوات، مات معن زيادة وهو في سن التاسعة والخمسين، مريضاً في مستشفاه في الجامعة الاميركية في 14 ايار سنة 1997، ودفن في ذكرى نكبة فلسطين في 15 ايار.
ان أبناء الثقافة النهضوية العربية ما زالوا يستذكرون المناقب الاخلاقية والفكرية للفقيد الراحل وإسهامه في مجال التأليف والبحث من أجل حرية العرب وتقدمهم. بعد وفاته قال فيه الدكتور محمود زيادة: يا جسداً مات وما زال قلبه في حنايانا ينبض