فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:50 PM
المربي محي الدين مكوك
عن جريدة البيان
كثيراً ما يعن على اهل طرابلس اسمه، و ترتسم امامهم صورته، ويأتي صوته او صداه من جامعة المنار ليقول شكراً، فالحلم تحقق، ولو تأخر. محي الدين مكوك، كان صاحب حلم كبير، وطموحات على مساحة العالم العربي، واحداً من اكثر المربين الطرابلسيين اصالة، وأعمقهم فهماً للتراث، شديد التمسك بما يراه صالحاً ونافعاً.
رياضي في العقل والجسد، بمعنى حبه لعلوم الرياضيات والكيمياء، وشغفه بالرياضيات البدنية، كان رائداً في رعاية المعاقين واصحاب العاهات الجسدية، مبتكراً لوسائل التنمية الزراعية.
عندما بدأ محي الدين مكوك دعوته التاريخية لاقامة الجامعة الوطنية التي شكلت مطلباً بارزاً في الحياة العلمية الطرابلسية في مطلع الستينات من القرن الماضي عرض افكاره على الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي تبناها وألّف لجنة من رجالات المدينة للسعي لتحقيقها ورسم معالم الطريق لغد أفضل، فجيل الرواد الذي ينتسب اليه محي الدين مكوك، كان يعيش مرحلة هامة بتاريخ طرابلس المعاصر في النضال الدؤوب لمنافسة كل اشكال الوصايات والارساليات التعليمية الاجنبية، ولم يكن هؤلاء بعيدين عن المشاركة التربوية التعليمية، والإنخراط في نشر الفكر الثقافي الوطني العربي، بل اعطى هؤلاء طابع الرؤيا ووضوحها بتفاؤل كبير لا يقل إشراقاً عن الماضي الذهبي اثناء حكم بني عمار، عندما اسسوا "دار العلم" و "دار الحكمة" منارتي اشعاع في سماء العالم الاسلامي الوسيعة، وهي بمفهومنا الحديث نوع من الاكاديمية، وكان لاساتذة الطب بنوع خاص حق منح اجازة في الطب وهو حقٌ لم يكن الا لبعض العواصم الكبرى، كما يقول جرجي زيدان لا تتجاوز عدد اصابع اليدين.
ونأمل من جامعة المنار الوطنية بظل مجلس الامناء وعميد الجامعة الدكتور سامي منقارة النجاح والتوفيق واستيعاد المجد التليد.
الاستاذ محي الدين مكوك مربٍ ومناضل ومفكر في آن واحد وهي سمة مشتركة لدى عدد من المربين الطرابلسيين في بداية القرن العشرين، لكنها اصبحت نادرة في اواخر هذا القرن، فقد كان يخاطب طلابه ويتوجه الى حسهم الوطني، لان هاجسه توحيد الجهود على قاعدة إنشاء وطن عربي عصري يعيد للعرب دوراً فاعلاً في التاريخ الحديث.
ولمترجمنا ادوار على صعيد الزراعة ويتجلى هذا الامر في مزرعة كان يملكها في سهل عكار فشيد بيتاً يقيم فيه في الصيف واثناء العطل المدرسية، وسعى لجعل مزرعته نموذجية بحيث عمل على تطبيق احدث الوسائل وقام بحفر بئرٍ ارتوازي، وقد يكون من الاوائل في هذا الميدان مما اتاح له هذا الاتصال المباشر بالمزارعين في سهل عكار لنشر الوعي الارشادي وتذليل العقبات التي تعترضهم، وعمل مع نفرٍ أهل من المنطقة لاقامة سد نهر البارد وتنفيذ اقنية تصل مياه السد الى مختلف المناطق الزراعية.
ولد محي الدين مكوك في بيروت عام 1908 ودرس علومه الاولى في مدارسها، ونال شهادته الثانوية من المؤسسة العلمانية (الليسيه)، وكان من الطلاب المتفوقين بحيث ظل اسمه بارزاً على لوحة الشرف، ولمع في علوم الرياضيات والكيمياء، وسافر الى سويسرا لدراسة الدكتوراه في الكيمياء وسجل اطروحته حول تصنيع حامض (hcl) الا انه لم يتمكن من متابعة تحصيله فعمل مدرساً في المقاصد الاسلامية في بيروت ثم انتقل الى طرابلس سنة 1932 ، حيث تعاقد مع كلية التربية والتعليم الاسلامية، وكانت في بداية مسيرتها، وبقي في طرابلس حتى وفاته.
ذكرى المربي محي الدين مكوك عودة الى الذاكرة والانسان مكبل بها، هذا الانسان المعطاء في فكره وعمله، الى درجة تجعل من كان على معرفة به يتعزز ايمانه، لان الروح باقية بما منّ الله على صاحبها من عطاء لم يبخل به يوماً بل افاض في سخائه. رحل بنوبة قلبية عاجلته سنة 1975، وكلمة وداع ... قليلة على هذا الراحل الكبير.
عن جريدة البيان
كثيراً ما يعن على اهل طرابلس اسمه، و ترتسم امامهم صورته، ويأتي صوته او صداه من جامعة المنار ليقول شكراً، فالحلم تحقق، ولو تأخر. محي الدين مكوك، كان صاحب حلم كبير، وطموحات على مساحة العالم العربي، واحداً من اكثر المربين الطرابلسيين اصالة، وأعمقهم فهماً للتراث، شديد التمسك بما يراه صالحاً ونافعاً.
رياضي في العقل والجسد، بمعنى حبه لعلوم الرياضيات والكيمياء، وشغفه بالرياضيات البدنية، كان رائداً في رعاية المعاقين واصحاب العاهات الجسدية، مبتكراً لوسائل التنمية الزراعية.
عندما بدأ محي الدين مكوك دعوته التاريخية لاقامة الجامعة الوطنية التي شكلت مطلباً بارزاً في الحياة العلمية الطرابلسية في مطلع الستينات من القرن الماضي عرض افكاره على الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي تبناها وألّف لجنة من رجالات المدينة للسعي لتحقيقها ورسم معالم الطريق لغد أفضل، فجيل الرواد الذي ينتسب اليه محي الدين مكوك، كان يعيش مرحلة هامة بتاريخ طرابلس المعاصر في النضال الدؤوب لمنافسة كل اشكال الوصايات والارساليات التعليمية الاجنبية، ولم يكن هؤلاء بعيدين عن المشاركة التربوية التعليمية، والإنخراط في نشر الفكر الثقافي الوطني العربي، بل اعطى هؤلاء طابع الرؤيا ووضوحها بتفاؤل كبير لا يقل إشراقاً عن الماضي الذهبي اثناء حكم بني عمار، عندما اسسوا "دار العلم" و "دار الحكمة" منارتي اشعاع في سماء العالم الاسلامي الوسيعة، وهي بمفهومنا الحديث نوع من الاكاديمية، وكان لاساتذة الطب بنوع خاص حق منح اجازة في الطب وهو حقٌ لم يكن الا لبعض العواصم الكبرى، كما يقول جرجي زيدان لا تتجاوز عدد اصابع اليدين.
ونأمل من جامعة المنار الوطنية بظل مجلس الامناء وعميد الجامعة الدكتور سامي منقارة النجاح والتوفيق واستيعاد المجد التليد.
الاستاذ محي الدين مكوك مربٍ ومناضل ومفكر في آن واحد وهي سمة مشتركة لدى عدد من المربين الطرابلسيين في بداية القرن العشرين، لكنها اصبحت نادرة في اواخر هذا القرن، فقد كان يخاطب طلابه ويتوجه الى حسهم الوطني، لان هاجسه توحيد الجهود على قاعدة إنشاء وطن عربي عصري يعيد للعرب دوراً فاعلاً في التاريخ الحديث.
ولمترجمنا ادوار على صعيد الزراعة ويتجلى هذا الامر في مزرعة كان يملكها في سهل عكار فشيد بيتاً يقيم فيه في الصيف واثناء العطل المدرسية، وسعى لجعل مزرعته نموذجية بحيث عمل على تطبيق احدث الوسائل وقام بحفر بئرٍ ارتوازي، وقد يكون من الاوائل في هذا الميدان مما اتاح له هذا الاتصال المباشر بالمزارعين في سهل عكار لنشر الوعي الارشادي وتذليل العقبات التي تعترضهم، وعمل مع نفرٍ أهل من المنطقة لاقامة سد نهر البارد وتنفيذ اقنية تصل مياه السد الى مختلف المناطق الزراعية.
ولد محي الدين مكوك في بيروت عام 1908 ودرس علومه الاولى في مدارسها، ونال شهادته الثانوية من المؤسسة العلمانية (الليسيه)، وكان من الطلاب المتفوقين بحيث ظل اسمه بارزاً على لوحة الشرف، ولمع في علوم الرياضيات والكيمياء، وسافر الى سويسرا لدراسة الدكتوراه في الكيمياء وسجل اطروحته حول تصنيع حامض (hcl) الا انه لم يتمكن من متابعة تحصيله فعمل مدرساً في المقاصد الاسلامية في بيروت ثم انتقل الى طرابلس سنة 1932 ، حيث تعاقد مع كلية التربية والتعليم الاسلامية، وكانت في بداية مسيرتها، وبقي في طرابلس حتى وفاته.
ذكرى المربي محي الدين مكوك عودة الى الذاكرة والانسان مكبل بها، هذا الانسان المعطاء في فكره وعمله، الى درجة تجعل من كان على معرفة به يتعزز ايمانه، لان الروح باقية بما منّ الله على صاحبها من عطاء لم يبخل به يوماً بل افاض في سخائه. رحل بنوبة قلبية عاجلته سنة 1975، وكلمة وداع ... قليلة على هذا الراحل الكبير.