المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأديب سميح عبد المجيد القصير



فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:51 PM
الأديب سميح عبد المجيد القصير
عن جريدة البيان

في الذكرى الرابعة والستين لرحيل الأديب الصحافي سميح القصير، نقف رويداً لنلقي الضوء على بعض جوانب حياة هذا الانسان المميز، الذي شغل طرابلس والشمال، وترددت أصداء مواقفه في سماء الفيحاء في النصف الاول من القرن الماضي.
كان نضوجه مبكراً، وكانت أفكاره من النوع المخلص الهادف، ومواقفه جريئة، تدعو الى التطوير والتحديث، وصاحب مشروع في الصحافة، وريادة في الشعر الحديث، فراح يمعن في مطالعات متصلة متذوقاً بنهم قوي سحر الشعراء الفنانين والأدباء الملهمين، الذين كتبوا تراث الأدب العربي أثراً باقياً في الحياة، فانكب على أسفار الأدب ودواوين الشعر ينهل منها بشغف ويطالعها بعمق حتى أصبح في سنوات قليلة محط أنظار شيوخ الصحافة والادب، كان فناناً في سبك الالفاظ ومرناً على الصياغة اللفظية، وغدا أديباً أكثر مما هو صحافي أديب في أسلوب إنشائه وأديب في تفكيره، حتى لتلمس هذا في مقالاته السياسية، فاللغة التي يكتب بها لغة أدب وتأليف، لا لغة صحافة تتطلب سهولة المأخذ لإفهام معظم القراّء وفيهم ممن لا يسهل عليه إدراك الفكرة المغلقة باللفظ القوي البليغ، وهو يستطيع ان يكتب في كل لون من ألوان الأدب والشعر حتى لو أراد ان يكتب كتاباً خاصاً لصديق لما أعجزه ان يكتبه شعراً وان يودعه كل حاجات نفسه.
ولد سميح عبد المجيد القصير في طرابلس سنة 1910 من أب كان يعمل في القضاء، قاضياً يتنقل ما بين صافيتا وتلكلخ وطرابلس.
تلقى علومه الأولى في مدرسة حمص العلمية الأدبية، وانتقل الى مصر وحضر حلقات الدرس في "رواق الشام" في الأزهر الشريف، وعاد الى طرابلس بعد أربع سنوات.
عمل في جريدة "الشفق" لصاحبها الاستاذ أسعد زخريا بعد امتحان عسير، ثم ترك طرابلس وسافر الى دمشق ليتولى رئاسة تحرير "المرصاد"، ورجع الى مسقط رأسه ليمارس العمل الوطني، مشاركاً في مقاومة الإنتداب الفرنسي سنة 1931، فاعتقل وحكم عليه بالسجن. في عام 1933 أصدر جريدة "الشباب" التي أنتشرت بسرعة بين أهل طرابلس والشمال لما كانت تتناوله من مواضيع شائكة تهم كل الناس وتتعلق بشؤونهم وشجونهم، وصارت الجريدة الجماهيرية المؤثرة في ضمير الرأي العام الطرابلسي، وكتب عنواناً لجريدته تصدّر أعلى الصفحة الاولى كما يلي:
"لئن تضررت من جرّاء جهري بالحق، فلخير من أن يتضرر الحق من جرّاء إحجامي عن الجهربه".
ومن الذين كتبوا في جريدة "الشباب" كما جاء في كتاب صحافة طرابلس والشمال في مئة عام، الذي أصدره المجلس الثقافي للبنان الشمالي سنة 1996 هم: رأفت شنبور، عزت المقدم، جلال مطرجي، أنيس فاخوري، فؤاد مطرجي، يوسف النعيمي، يوسف الخال، فضل المقدم، جمال ملاح، عبد الوهاب ساري.
سميح القصير سبق الجميع بما سمّي بالشعر الحديث أو شعر التفعيلة أو الشعر الطليق كما يسميه هو، وذلك قبل بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة بحوالي أربعة عشر عاماً على الاقل كما جاء في الكتاب الذي أصدره الدكتور محمود سليمان عن حياة مترجمنا.
هذا ولصاحب الشباب ميل الى المسرح والتمثيل، وقد ألّف كثيراً من الروايات مُثَّل بعضها على مسارح طرابلس.
ودعت طرابلس إبنها البار سميح عبد المجيد القصير في أوائل شهر كانون الاول من عام 1944 على أثر حادث أليم بالسيارة على طريق بيروت وهو لم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره القصير وعطائه الغزير، رحمه الله.

فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 09:39 AM
91 : العدد

2008-11-26