فؤاد طرابلسي
01-10-2009, 03:56 PM
الشيخ يوسف الذوق
عن جريدة البيان
أحد علماء طرابلس المعدودين في القرن الثامن عشر الميلادي، وريث مدرسة مصرية هي الأزهر الشريف، مدرسة امدته بعلوم اصول الشريعة وبعلم دراسة فنون اللغة، ففهم الدين من ينابيعه على أنه رحمة وتسامح ومحبة ودين حياة، نابذاً الكراهية، باغضاً النميمة، متجنباً قول السوء. كان أهل طرابلس يستمتعون بطيب حديثه، وينهلون من معين معرفته، وينعمون بحسن عشرته.
وصفه الدكتور عمر التدمري في موسوعة علماء المسلمين بالشيخ الفاضل العالم البارع الأديب الشاعر المتصوف الحنفي.
وترجم له المؤرخ الدمشقي محمد خليل المرادي فقال عنه: نشأ في عفة وديانة، وطلب العلم، فأخذ عن جماعة في بلدته.
ولد يوسف بن عمر بن عبد الله الذوق في طرابلس سنة 1713، وأخذ دروسه الأولى عن علماء عصره لا سيما الشيخ محمد التدمري والشيخ عبد الحق المغربي وغيرهما، ورحل الى الأزهر الشريف فدرس على علمائها وخصوصاً الشيخ ابراهيم الحلبي، ثم توجه الى الآستانة واجتمع بأساتذة كبار، وكان مدة اقامته في استانبول عند الشيخ عبد الرحمن افندي عرب، حتى جاء اجله، فرجع مترجمنا الى طرابلس، وعرض عليه مناصب ورتباً، رفضها كلها.
ومن نثره الجميل ما كتبه للمرادي في دمشق:
نور حدقة الدهر ونور حديقة العصر، من خطت في صحف الدفاتر اخباره فقرأتها بعيني وانا جاره، فهو أن كان دُر معارفه في صدف هذه الأوقات يتيم، لكنه عن دُر حقائقها غير فطيم، لا برحت زواهر الجواهر تستخرج من بحوره،وسطور الطروس تتحلى بقلائد سطوره، ولا برحت عيون العيون له ناظرة، بوجوه بشر ناضرة، يستضيء بها هذا الداعي في دياجي البؤس ويؤمل من عالي الجناب، تقرير ما هوالصواب، على السؤال والجواب، المرسل داخل الكتاب، لأننا عورضنا من غير دليل يركن اليه، وكنا كتبنا له أبيات نسأله عن الفرق بالدليل والبينات، فأجاب يقال وقيل فعرفنا أمره وقبلنا عذره، فالأمر أليكم لتنوير سبيله والسلام.
وله شعر كثير يغلب فيه أهل الحقيقة من سلك الصوفية، وهو الذي كان من مريدي الطريقة القادرية وغدا أحد اقطابها، قال في احدى قصائده:
تجلّتْ فجلّتْ عن شبيهِ صفاتِها
وعزَّتْ علاءً أن ترى لك ذاتُها
فريدةُ حسْنٍ مهرُها النفسُ هكذا
روى عن علاها في التجلّي رواتُها
فمن لم يَجُدْ بالنفسِ لم يدرِ ما اللقا
ولا عبقت في أنفه نفحاتها
بروضِ تجلّيها لدى سُحب جودها
بكى مزنُها فاستضحكتْ زهراتُها
بها عين تسنيمِ الحقائق موردٌ
وعن ذوقها يروي شَذاها سُقاتُها
فلا تخشَ بأساً إن سكرت بخمرِها
فقد حكَمتْ بالحلِ فيه قُضاتُها
وله تذييل بيتي الشاعر الصوفي العفيف التلمساني وتخميسهما على الطريقة الصوفية:
الا إنّ طورى من تجلى مكوّني
تصدع فانشقّتْ عيونُ تفنّني
ومذ ظهرتُ بالدمعِ عينٌ تُعينني
نظرتُ إليها والمليحُ يظنّني
نظرت إليه لا ومبسمها إلا لمى
لقد فاح في الوادي المقدس عَرفُها
وألبسنا ثوبَ المعارف عرفها
فما لمليحٍ حُسنُ سلمى ولطفُها
ولكن أعارتهُ التي الحسنُ وصفُها
صفات جمالٍ فادّعى ملكها ظلما
لقد عزّ من ذوق المعاني أولو النُهى
وذلّ بافكار المباني ذوو الدَّها
فإن كنتَ منها أولَها متوجهاً
فولّ لها وجهاً ترى الحسن والبها
صفات لها حقاً وفي غيرها اسما
ومترجمنا ينتمي الى أُسرة آل الذوق المعروفة في طرابلس، وعلى الارجح ان اصل الاسم الدوق، وهي كلمة فرنسية تعني الحاكم او الأمير، ما يوحي بانها من بقايا قادة الحملات الصليبية الفرنسية مع أسر أخرى هي: داكيز، دبليز، شنبور وبابتي الإيطالية.
وانطفأ المصباح الذي أنار الطريق للكثير من الناس، ورحل وبقى ذكره الطيب لجليل اعماله وافعاله واقواله، وكانت وفاته سنة 1763، رحمه الله مؤمناً وراعياً صالحاً.
عن جريدة البيان
أحد علماء طرابلس المعدودين في القرن الثامن عشر الميلادي، وريث مدرسة مصرية هي الأزهر الشريف، مدرسة امدته بعلوم اصول الشريعة وبعلم دراسة فنون اللغة، ففهم الدين من ينابيعه على أنه رحمة وتسامح ومحبة ودين حياة، نابذاً الكراهية، باغضاً النميمة، متجنباً قول السوء. كان أهل طرابلس يستمتعون بطيب حديثه، وينهلون من معين معرفته، وينعمون بحسن عشرته.
وصفه الدكتور عمر التدمري في موسوعة علماء المسلمين بالشيخ الفاضل العالم البارع الأديب الشاعر المتصوف الحنفي.
وترجم له المؤرخ الدمشقي محمد خليل المرادي فقال عنه: نشأ في عفة وديانة، وطلب العلم، فأخذ عن جماعة في بلدته.
ولد يوسف بن عمر بن عبد الله الذوق في طرابلس سنة 1713، وأخذ دروسه الأولى عن علماء عصره لا سيما الشيخ محمد التدمري والشيخ عبد الحق المغربي وغيرهما، ورحل الى الأزهر الشريف فدرس على علمائها وخصوصاً الشيخ ابراهيم الحلبي، ثم توجه الى الآستانة واجتمع بأساتذة كبار، وكان مدة اقامته في استانبول عند الشيخ عبد الرحمن افندي عرب، حتى جاء اجله، فرجع مترجمنا الى طرابلس، وعرض عليه مناصب ورتباً، رفضها كلها.
ومن نثره الجميل ما كتبه للمرادي في دمشق:
نور حدقة الدهر ونور حديقة العصر، من خطت في صحف الدفاتر اخباره فقرأتها بعيني وانا جاره، فهو أن كان دُر معارفه في صدف هذه الأوقات يتيم، لكنه عن دُر حقائقها غير فطيم، لا برحت زواهر الجواهر تستخرج من بحوره،وسطور الطروس تتحلى بقلائد سطوره، ولا برحت عيون العيون له ناظرة، بوجوه بشر ناضرة، يستضيء بها هذا الداعي في دياجي البؤس ويؤمل من عالي الجناب، تقرير ما هوالصواب، على السؤال والجواب، المرسل داخل الكتاب، لأننا عورضنا من غير دليل يركن اليه، وكنا كتبنا له أبيات نسأله عن الفرق بالدليل والبينات، فأجاب يقال وقيل فعرفنا أمره وقبلنا عذره، فالأمر أليكم لتنوير سبيله والسلام.
وله شعر كثير يغلب فيه أهل الحقيقة من سلك الصوفية، وهو الذي كان من مريدي الطريقة القادرية وغدا أحد اقطابها، قال في احدى قصائده:
تجلّتْ فجلّتْ عن شبيهِ صفاتِها
وعزَّتْ علاءً أن ترى لك ذاتُها
فريدةُ حسْنٍ مهرُها النفسُ هكذا
روى عن علاها في التجلّي رواتُها
فمن لم يَجُدْ بالنفسِ لم يدرِ ما اللقا
ولا عبقت في أنفه نفحاتها
بروضِ تجلّيها لدى سُحب جودها
بكى مزنُها فاستضحكتْ زهراتُها
بها عين تسنيمِ الحقائق موردٌ
وعن ذوقها يروي شَذاها سُقاتُها
فلا تخشَ بأساً إن سكرت بخمرِها
فقد حكَمتْ بالحلِ فيه قُضاتُها
وله تذييل بيتي الشاعر الصوفي العفيف التلمساني وتخميسهما على الطريقة الصوفية:
الا إنّ طورى من تجلى مكوّني
تصدع فانشقّتْ عيونُ تفنّني
ومذ ظهرتُ بالدمعِ عينٌ تُعينني
نظرتُ إليها والمليحُ يظنّني
نظرت إليه لا ومبسمها إلا لمى
لقد فاح في الوادي المقدس عَرفُها
وألبسنا ثوبَ المعارف عرفها
فما لمليحٍ حُسنُ سلمى ولطفُها
ولكن أعارتهُ التي الحسنُ وصفُها
صفات جمالٍ فادّعى ملكها ظلما
لقد عزّ من ذوق المعاني أولو النُهى
وذلّ بافكار المباني ذوو الدَّها
فإن كنتَ منها أولَها متوجهاً
فولّ لها وجهاً ترى الحسن والبها
صفات لها حقاً وفي غيرها اسما
ومترجمنا ينتمي الى أُسرة آل الذوق المعروفة في طرابلس، وعلى الارجح ان اصل الاسم الدوق، وهي كلمة فرنسية تعني الحاكم او الأمير، ما يوحي بانها من بقايا قادة الحملات الصليبية الفرنسية مع أسر أخرى هي: داكيز، دبليز، شنبور وبابتي الإيطالية.
وانطفأ المصباح الذي أنار الطريق للكثير من الناس، ورحل وبقى ذكره الطيب لجليل اعماله وافعاله واقواله، وكانت وفاته سنة 1763، رحمه الله مؤمناً وراعياً صالحاً.