فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 09:58 AM
الأديب فرح انطون
عن جريدة البيان
66 : العدد
2008-05-21
فرح أنطون أديب كبير، رائد من رواد العالم العربي، شغل الناس بافكاره الجريئة التي تصل الى حد التطرف، دعا الانسان العربي الى التغيير بل الثورة، له مواقف عنيدة، ومساجلات عديدة، خصوصاً مع الامام محمد عبده حول فلسفة ابن رشد. وصفه المؤرخ عبد الله نوفل بما يلي:"كان عزيز النفس أنوفاً شديد الثقة بنفسه، فمهما تحرّجت الحال كان يتحمل بصبر وجلد، وكان رقيق الاحساس حنوناً، وله في رثاء اخيه كتابات بديعة جداً نشرت في الجامعة".
عاش فرح انطون ثماني واربعين سنة قضاها في همّ الناس بكل مكان، وسواء أكان مصيباً ام ضالاً، الا ان القارئ الموضوعي لاينكر عليه مزاياه وسجاياه، واسلوبه الواضح والصريح البعيد عن المداورة والمناورة. ورغم ان الاب اليسوعي لويس شيخو لامه على كتاباته وارائه الدينية، إلا انه اعترف له بثقافته وسعة اطلاعه وادبه، وهو يشتغل ليلاً مع نهار حتى غلبت قواه فمات ضحية غُلوانه.
ولد أديبنا في ميناء طرابلس سنة 1874 وتلقى علومه الابتدائية في مدارس الميناء، ثم انتقل الى مدرسة بكفتين التي أسستها مجموعة من آباء وأدباء الطائفة الارثوذكسية في طرابلس سنة 1881م وكانت على جانب من الرقي والازدهار، كما يقول المعلم بطرس البستاني، وبكفتين تقع في قضاء الكورة في دير فوق طرابلس، ورغم ان هذه المدرسة اخذت الصبغة الطائفية إلا ان اسرتها التعليمية كانت مزيجاً من كل الطوائف، فالرئيس بروتستنتي والمدير والناظر مارونيان واستاذ العربية والفقه مسلم سني.
درس في هذه المدرسة العلوم والآداب والفقه الاسلامي واللغات العربية والتركية والفرنسية والانكليزية، وتركت هذه المدرسة اثراً بليغاً في نفسه لبعدها عن التعصب الطائفي ويقول في ذلك:
وانما الاثر الذي اشرت اليه، اثر ادبي لم يبرح نفسي قط، ولعله كان ذا تأثير على افكاري في كل حياتي.
سافر الى الاسكندرية سنة 1897م وبادر الى مراسلة الصحف والمجلات، واصدر مجلة الجامعة التي انتشرت انتشاراً واسعاً ونالت مكانة مرموقة لما كانت تحويه من ابحاث علمية واجتماعية واخلاقية.
في سنة 1907م سافر فرح انطون الى الولايات المتحدة الاميركية، وعاد واصدر مجلة الجامعة من هناك مع جريدة يومية، وكانت له وقفة عند شلالات نياغارا الشهيرة، فكتب خطاباً وقصيدة تعدان تحفة ادبية لدرجة ان الاستاذ عباس محمود العقاد اعتبرها من افضل ما كتب وقال: إن لم يكن لفرح انطون غير وقفته لدى شلالات نياغارا وكتاب فلسفة ابن رشد لعّد من فحول الكتاب واعاظمهم.
انكب مترجمنا على دراسة التراث الغربي وتأثر به خصوصاً ما يتعلق بالعدالة والحرية والمساواة: شعارات الثورة الفرنسية وقال في ذلك: قرأت من الكتب في بضع سنين ما لايقرأه الإنسان في مئة سنة، ساعده في هذا المامه باللغات الاجنبية الى جانب تضلعه في اللغة العربية والتي تركت اثراً في الادب وخلّدت ذكراه.
في آخر ايامه اصيب بالقرحة في المعدة حيث لم تنفع علاجات الاطباء، فمات في الرابع من تموز سنة 1922 في القاهرة مأسوفاً عليه، وأبّنه كبار الادباء والمفكرين والسياسيين، فاقيمت له حفلة تأبين كبرى حضرها ادباء وكتاب كثيرون، وارسل زعيم مصر سعد زغلول كتاب تعزية الى شقيقته روز انطون زوجة الكاتب المعروف نقولا حداد.
مات الأديب النابغة فرح انطون عزباً.
عن جريدة البيان
66 : العدد
2008-05-21
فرح أنطون أديب كبير، رائد من رواد العالم العربي، شغل الناس بافكاره الجريئة التي تصل الى حد التطرف، دعا الانسان العربي الى التغيير بل الثورة، له مواقف عنيدة، ومساجلات عديدة، خصوصاً مع الامام محمد عبده حول فلسفة ابن رشد. وصفه المؤرخ عبد الله نوفل بما يلي:"كان عزيز النفس أنوفاً شديد الثقة بنفسه، فمهما تحرّجت الحال كان يتحمل بصبر وجلد، وكان رقيق الاحساس حنوناً، وله في رثاء اخيه كتابات بديعة جداً نشرت في الجامعة".
عاش فرح انطون ثماني واربعين سنة قضاها في همّ الناس بكل مكان، وسواء أكان مصيباً ام ضالاً، الا ان القارئ الموضوعي لاينكر عليه مزاياه وسجاياه، واسلوبه الواضح والصريح البعيد عن المداورة والمناورة. ورغم ان الاب اليسوعي لويس شيخو لامه على كتاباته وارائه الدينية، إلا انه اعترف له بثقافته وسعة اطلاعه وادبه، وهو يشتغل ليلاً مع نهار حتى غلبت قواه فمات ضحية غُلوانه.
ولد أديبنا في ميناء طرابلس سنة 1874 وتلقى علومه الابتدائية في مدارس الميناء، ثم انتقل الى مدرسة بكفتين التي أسستها مجموعة من آباء وأدباء الطائفة الارثوذكسية في طرابلس سنة 1881م وكانت على جانب من الرقي والازدهار، كما يقول المعلم بطرس البستاني، وبكفتين تقع في قضاء الكورة في دير فوق طرابلس، ورغم ان هذه المدرسة اخذت الصبغة الطائفية إلا ان اسرتها التعليمية كانت مزيجاً من كل الطوائف، فالرئيس بروتستنتي والمدير والناظر مارونيان واستاذ العربية والفقه مسلم سني.
درس في هذه المدرسة العلوم والآداب والفقه الاسلامي واللغات العربية والتركية والفرنسية والانكليزية، وتركت هذه المدرسة اثراً بليغاً في نفسه لبعدها عن التعصب الطائفي ويقول في ذلك:
وانما الاثر الذي اشرت اليه، اثر ادبي لم يبرح نفسي قط، ولعله كان ذا تأثير على افكاري في كل حياتي.
سافر الى الاسكندرية سنة 1897م وبادر الى مراسلة الصحف والمجلات، واصدر مجلة الجامعة التي انتشرت انتشاراً واسعاً ونالت مكانة مرموقة لما كانت تحويه من ابحاث علمية واجتماعية واخلاقية.
في سنة 1907م سافر فرح انطون الى الولايات المتحدة الاميركية، وعاد واصدر مجلة الجامعة من هناك مع جريدة يومية، وكانت له وقفة عند شلالات نياغارا الشهيرة، فكتب خطاباً وقصيدة تعدان تحفة ادبية لدرجة ان الاستاذ عباس محمود العقاد اعتبرها من افضل ما كتب وقال: إن لم يكن لفرح انطون غير وقفته لدى شلالات نياغارا وكتاب فلسفة ابن رشد لعّد من فحول الكتاب واعاظمهم.
انكب مترجمنا على دراسة التراث الغربي وتأثر به خصوصاً ما يتعلق بالعدالة والحرية والمساواة: شعارات الثورة الفرنسية وقال في ذلك: قرأت من الكتب في بضع سنين ما لايقرأه الإنسان في مئة سنة، ساعده في هذا المامه باللغات الاجنبية الى جانب تضلعه في اللغة العربية والتي تركت اثراً في الادب وخلّدت ذكراه.
في آخر ايامه اصيب بالقرحة في المعدة حيث لم تنفع علاجات الاطباء، فمات في الرابع من تموز سنة 1922 في القاهرة مأسوفاً عليه، وأبّنه كبار الادباء والمفكرين والسياسيين، فاقيمت له حفلة تأبين كبرى حضرها ادباء وكتاب كثيرون، وارسل زعيم مصر سعد زغلول كتاب تعزية الى شقيقته روز انطون زوجة الكاتب المعروف نقولا حداد.
مات الأديب النابغة فرح انطون عزباً.