المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ درويش التدمري



فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 11:23 AM
الشيخ درويش التدمري
عن جريدة البيان

62 : العدد


2008-04-09



الشيخ درويش التدمري العالم الفقيه، التقي الورع، الصوفي الإنتماء، الخلوتي الطريقة، الازهري التعليم، المصري الهوى واللهجة. وصفه المؤرخ عبد الله نوفل كمايلي: كان مفوهاً، كبير العقل، حصيف الرأي، حلو المنطق، واسع الرواية. أما الدكتور مارون عيسى الخوري، فقال عن الحقبة التي عاش فيها التدمري:..وسوى هؤلاء العلماء المذكورين، علماء آخرون كان لهم في ميدان التدريس والتأليف آثار تحمد، كالشيخ درويش التدمري، وهو من القدامى الراسخي القدم.
ولد الشيخ درويش التدمري في طرابلس سنة 1836، وتلقى علومه الاولى على يد الشيخ عبد الغني الرافعي، ثم يمم وجهه نحو أرض الكنانة، فمكث في الازهر الشريف اعواماً طوالاً، وكان من زملائه الشيخ محمد عبد الجواد القاياتي ومن اساتذته العالم الاشموني، فأتقن العلوم اللسانية، ونبغ في فقه المذهب الشافعي، كما تألق بالعربية، وعاد الى موطنه طرابلس ليعكف على القاء الدروس في مسجدي الدُبها والاويسيه فكثر طلبته وتخرج على يديه علماء وادباء.
ترك شيخنا آثاراً ادبية قيمة، وان كانت قليلة، فكتب رسالة في علم المنطق واخرى في التوحيد، وكان له شعر جيد لايقل في ابداعه عن شعراء عصره، ويظهر ذلك في المساجلات الشعرية الطريفة بينه وبين شيخه الرافعي، فقد نسي الرافعي عند التدمري مجموعة كتب، بينما نسي الأخير كراساً عند استاذه، فكتب الرافعي الى تلميذه:
بيني وبينك في المحبة نسبة ٌ قدْ اظهرتْها حكمة ُ التوزيع ِ
عندي لكم كراسة ٌ مِن ودّكم تذكي الغرامَ وعندكم مجموعي
فاجابه التدمري:
مجموعُك الظرفُ البديعُ بمُهجتي أحني عليه من الغَرام ضُلوعي
واحفظوا كراسةً من ودّنا ما ضرّكم لو كان ثمَّ جميعي
وفي قصيدة يمدح فيها التدمري احد اصحابه الاعيان محمد ابراهيم باشا الصوفي فيقول:
ومنهاج الفطانة منك يبدو ومصباح الدارية منك فرقد
وألسنة الأنام عليه تثني برأي في الورى سيف مهند
وبحر معارف ورفيع جاه ومعروف لكل الخير يقصد
وسيب نداك يروي كل ظامٍ وكيف وانت في العليا محمد
وذو نسب شريف أكدته عوامل فعلك المحمود سرمد
وكم اوضحت من امرٍ لدينا عليه خناصر البلغاء تعقد
هذا ويذكر المرحوم نور الدين الميقاتي في كتابه "طرابلس في النصف الثاني من القرن العشرين"، ان الشيخ درويش التدمري الى جانب علمه ومعرفته وورعه كان يملك ثروة كبيرة انفقها على الأقرباء وقاصديه من ذوي الحاجات وعلى اعمال البر والاحسان.