المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المربي فؤاد الولي



فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 11:26 AM
المربي فؤاد الولي

عن جريدة البيان


61 : العدد


2008-04-02

عربي صميم، ابن قومه، وارث حضارته. مربٍْ قدير، استاذ في التاريخ متمكن، والتاريخ كما يقول الدكتور أسعد رستم: دراية ورواية. كان يستخرج الحكم والاحكام من عِبر التاريخ.
خطيب مفوه طلق اللسان، له قدرة على اجتذاب مستمعيه بشغف، كان ذا صوت عال ونبرة قوية في الاحتفالات والمواقف والمظاهرات الدينية والوطنية. لقد كانت وسيلته الناجحة: اللسان والقلم.
ولد فؤاد الولي في بيروت سنة 1905، ونشأ وترعرع ودرس في طرابلس، دخل اولاً مدرسة الشيخ حسين الجسر فحفظ القرآن الكريم، وتعلم العربية وتفقه في الدين، ثم انتقل الى مدرسة الفرير فأتقن الفرنسية والتركية.
ينتمي مترجمنا الى عائلة الولي، وولي عربي مختصر وليٌ الدين اي المسؤول عنه، وهو في اصطلاح الصوفية من ارتضاه الحق سبحانه وتعالى لنفسه، واصطفاه وطهره فحاز المنح والمراتب، واسرة الولي هي في الاصل فرع من آل كباره التي قدمت من اندلس المغرب، وولي لقب اطلق على جد العائلة الشيخ محمد كباره، الإمام والواعظ والمرشد في قلعة طرابلس إبان الحكم العثماني.
لقد كان فؤاد الولي يتمتع بفضيلة مميزة هي فضيلة الصبر على الذات، والصبر على تنشئة الشباب تنشئة عربية دينية خالصة، تقوم على أسس سليمة، يبث فيهم روح الوطنية وحب العلم، وكان يردد على مسامع طلابه الحاجة الماسة في الوطن العربي الى العاملين للنهوض بشتى العلوم وبالثقافة والتراث المجيد والسير في ركب التقدم والعمران، وكان يعتقد بحق ان العربي لا ينقصه شيء مما يتوافر لدى الآخرين من البشر، لا من حيث المدى الذهني ولا من حيث اكتساب المهارات، وان الحكام على مدى الازمان مسؤولون عن التخلف الذي يعيش فيه الانسان العربي، ذلك ان كل المقومات متوافرة لكن المعوق هو اسلوب الحكم. ولم يغب عن باله يوماً قضية فلسطين ورجالها ونساؤها واطفالها الذين يقاتلون دفاعاً عن المقدسات، فكانت قضيته وهمه وجرحه الثخين.
ولا يخفى على احد نشاط فؤاد الولي البارز في المجتمع من خلال انتسابه الى جمعية الكشاف المسلم وجمعية اتحاد الشبيبة الاسلامية في بيروت وهو من مؤسسي جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية، ورافق الرعيل الاول للمكارم، فكان ملازماً لمبعوث الازهر الشريف الشيخ صلاح الدين ابو علي الذي انست الفيحاء بوجوده بين ظهرانيها وانتفعت بعلمه مدة سبع وعشرين سنة.
في آخر ايام فؤاد الولي أصيب بمرض السكري الذي اشتد معه فأفقده بصره وبقيت بصيرته، وتوفي سنة 1971.
وتقديراً لعطاءاته، أقيم له احتفال تأبيني بمناسبة مرور اربعين يوماً على وفاته في قاعة الرابطة الثقافية، وكان من خطباء الاحتفال زميله الشاعر درويش التدمري، و الاستاذ ممدوح النملي وغيرهما. امتدحوا فيه خصاله، وحيّوا نضاله، وباركوا مسيرته.
ان تكريم المربين المناضلين المثقفين أمثال فؤاد الولي واجب وطني علينا نحن ابناء البلد لنفيه بعضاً من حقه على الجيل والوطن، وذلك بإضاءة جانب من حياته، ومساهمته في تطوير أفكار الشباب، وهذا يحفزنا لإكمال منهجه ومواصلة دربه، رحمه الله.