المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمود نشّابة



فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 11:35 AM
الشيخ محمود نشّابة

عن جريدة البيان


50 : العدد


2008-01-15


وصفه أديب مصر الشيخ محمد عبد الجواد القاياتي أثناء زيارته طرابلس، بالعالم الكبير، والعَلَم الشهير، البالغ غاية الذكاء والنجابة، الذي لا يُماثل في التعليم ولا يشابه. أما الشيخ الدكتور مصطفى الرافعي، فنقل عنه الدكتور عمر تدمري ما يلي: "كان يلقي دروسه على فترتين ولفئتين، فترة كان يخصّ بها العوام، ويبثّ علومه وأفكاره في الجامع المنصوري، وفترة أعدها للخواص، يلقي عليهم دروسه في مدرسته الخاصة المواجهة للجامع الكبير. ولد الشيخ محمود بن محمد بن عبد الدايم نشابة في طرابلس سنة 1813م، ونشأ في بيت مشهور بعلم أفراده، فجدّه الشيخ عبد الدايم من كبار علماء زمانه، فأخذ دروسه الأولى في طرابلس، ثم يمّم وجهه نحو أرض الكنانة للالتحاق بالأزهر الشريف، فحفظ القرآن الكريم، وتعمّق في العلوم الدينية والأدبية، وتفوّق فيها تفوّقاً ملحوظاً، بدليل أن كبار علماء عصره لم يكونوا على بيّنة من أمره، ففاجأوه أثناء درسه في الجامع بمئة سؤال وسؤال، فكانت إجابته عليها صحيحة وموفقة، أقروا عندها بفضله، واعتمدوه قطباً رئيسياً في علمه. وحين سافر إلى الأزهر، واستطابت له الإقامة هناك، كتب له صديقه الشيخ النقشبندي، يدعوه إلى العودة إلى مسقط رأسه، لينتفع بعلمه أهل بلده، فلبّى الدعوة وعاد سنة 1849م، بعد أن حاز على إجازات وتقديرات العلماء الكبار أمثال ابراهيم السقا وابراهيم الباجوري.
ومما يروى عنه، انه أثناء إلقائه دروسه في مدرسته، قدم اليه مدحت باشا الذي تبوأ منصب الصدارة العظمى في الخلافة العثمانية، وجلس بين المستمعين، فلم يهتم الشيخ للقائه والترحيب به، حتى فرغ من درسه، عندها تقدّم مدحت باشا وقبّل يده، ثم استوضحه عن الراتب الذي يتقاضاه، ولما أمر له بمكافأة أبى شيخنا قبولها، وقال له بأنه ينشر العلم حسبة لوجه الله مبتغياً وجهه الكريم.
ترك الشيخ محمود عدداً من المؤلفات والحواشي والتعليقات، منها: حاشية على شرح ايساغوجي في المنطق، وايساغوجي كلمة يونانية تعني المدخل، وهو كتاب معروف باسم المقولات الخمس ألّفه بورفيريوس الصوري تلميذ أفلوطين، وأفلوطين هذا فيلسوف صوفي زاهد، ولد في الإسكندرية وتأثر بأفلاطون، وحاول التوفيق بين الفلسفة والدين، واعتبر تعليق مترجمنا نهجاً جديداً لم يسبقه أحد إليه في طرابلس.
للشيخ محمود قصائد عديدة وشعره لا يخلو من الابتكار:
داوِ بحقِكَ علَّةَ المشتاقِ
وارحمْ صَبَابةَ مُدنَفِ الأشواقِ
راقت أويقاتُ السرورِ فأينعت
في روض خدِّكَ جَنَّةُ الأحداقِ
ولعل إبداعه تمثل في البيت الثاني عندما أدغم التشبيه بالإستعارة جاعلاً للأحداق جنّة تنمو وتينع في روضٍ هي خد الحبيب، وعندها تروق لحظات السرور والهناء، وفي عرف الشعراء، غالباً ما تكون لحظات اللقاء والسعادة قصيرة وخاطفة، لذلك عبر عنها بقوله: "أويقات" فأحسن وأجاد، كما جاء في كتاب علماء طرابلس وشعراؤها للدكتور محمد حمد سليمان.
توفي الشيخ محمود سنة 1890م عن عمر جاوز الثمانين، وقد رثاه كثير من العلماء والأدباء، منهم الإمام محمد رشيد رضا، ومما قاله:
شَيخُ الشيوخِ إمامُ العصرِ أوحَدُهُ
ووارثُ المصطفى فينا ونائِبُهُ
فَلكُ الطريقةِ أو دُرُّ الحقيقةِ في
يِمِّ الشريعةِ راسيهِ وارسِبُهُ
ومرجَعُ الكُلِّ في حلِّ النُصوص وفي
حلِّ العويص إذا أعيت مصاعِبُهُ
مَن كانَ عن خَشية لله منكسراً
ولانَ عن رُفعةٍ للناس جانبُهُ
لله مثوى ببطن الأرضِ مُدَّ بهِ
بحرٌ تفيضُ بلا جَزِر ثوائِبُهُ
لئن دفنّا بهِ شخصَ الكمالِ ضحىً
فالروحُ طارت إلى عَدنٍ نجائِبُهُ

فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 11:39 AM
لنا تحفظ على هذه الترجمة يتلخص بان شيخنا الدكتور مصطفى الرافعي لم ينقل المعلومة

عن الدكتور عمر تدمري لانه اول من نشرها في كتابه الدعوة و الدعاة في اواخر السبعينات

و تجدر الاشارة الى ان الشيخ محمود نشابة هو احد شيوخ السيد محمد رشيد رضا الكبار

و كان ينعته بشيخ الشيوخ.

و اما الشيخ النقشبندي الذي ابهم في الترجمة فهو احمد الاروادي النقشبندي و قد ترجمنا له

في كتابنا النزهة.

فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 11:42 AM
و لنا تحفظ اخر يتلخص بان الشيخ محمود رحمه الله لم يترك شرحا لمتن ايساغوجي في المنطق

و الشرح الذي تركه هو شرح لمتن العلامة الفناري في علم المنطق و قد اطلق عليه عنوان نثر

الدراري على شرح الفناري و قد صحفه بعضهم و ذكر انه شرح الضناوي و هو خطا ايضا.