تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمد القاوقجي ابو المحاسن



فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 12:18 PM
الشيخ محمد القاوقجي ابو المحاسن
عن جريدة البيان



44 : العدد

2007-11-21



ولد الشيخ محمد بن خليل بن ابراهيم القاوقجي المشيشي الحنفي الشهير بأبي المحاسن في طرابلس سنة 1809م والمشيشي نسبة الى جد العائلة عبد السلام بن مشيش، الذي يتصل نسبه بالحسن سبط رسول الله، وكُنّي بأبي الهدى وأبي المكارم وابي المعارف وابي الطرائق.
تلقى علومه الاولى على مشايخ طرابلس، وظهر نبوغه مبكراً فسافر الى مصر وتفقه في رحاب الازهر الشريف وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة.
مكث في الأزهر سبعاً وعشرين سنة، يقرأ ويكتب ويحقق ويبحث ويتأمل في خلق الله، وكان ميله واضحاً الى العبادة والرياضة الروحية، وورعه فاق كل رجال عصره حتى قيل انه مظنة ولاية، وسلك سبيل الطرق الصوفية، وأصبح إمام اهل الطريق ومعتمد اهل العرفان والنحقيق على الطريقة الشاذلية.
عاد الى طرابلس وهو في الثانية والاربعين من العمر، وكأكثر علماء عصره تبع مذهب الامام ابي حنيفة، واعتبر من أئمته الذين يُرجع اليهم في الفتاوى.
بقي في طرابلس ستاً وثلاثين سنة قضاها في التدريس والتأليف والوعظ والارشاد، واقامة حلقات الذكر.
كان يرحمه الله خطيبا ً مفوها ً، بليغاً مسهباً، شديد الكلام في المنكرات، قاسي اللفظ في من ينتهك الحرمات، مخلصاً لله في عمله، يحب الفقير ويساعده، له اتباع ومريدون كثر، توزعوا في انحاء العالم الاسلامي، وتآليفه في التصنيف كثيرة حتى وصلت نحو مائة ما بين مطول ومختصر، فوضع تفسيراً للقرآن الكريم، واختصر موطَّأ الامام مالك، وانشأ دواوين من الشعر الصوفي، طُبع من مؤلفاته قسم واكثرها مازال مخطوطاً.
من شعره في التوسل والاستغاثة:
دعوْتُكَ يا الله والدمعُ دافقُ وحبلُ رجائي فيك يا ربُ واثقُ
وصبري تقضّى والهمومُ تراكمت وإن لم تداركني فإني وابقُ
وانتَ وعدت َ السائلين إجابةً وحلمكَ واسعٌ ووعدُك صادقُ
فإنيَ مضطرٌّ وعجزيَ ظاهر ٌ وإني محتاجٌ و جُوْدكَ سابقُ
أغثني اغثني يا مجيري ومنقذي أقلني أقلني إنني منك شافقُ
أجبني اجبني يا إلهي وسيّدي أنلني أنلني إنني فيك وافقُ
في عام 1887 قام مع نفر كبير من مريديه باداء فريضة الحج، وبذل مجهوداً كبيراً خلال ادائه المناسك، فمرض مرضاً شديداً اعياه واقعده، فتوفي في مكة المكرمة كما كان يتمنى، وشيعه كبار اهل مكة، وتكريماً له دفن بالقرب من ضريح السيدة خديجة زوج رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام. وعندما وصل نعي الشيخ أبي المحاسن الى طرابلس قام اهل البلد وفي المقدمة العلماء ورجال الدين وشيوخ الطرق، وقدموا التعازي ونصّبوا ولده الشيخ ابي النصر، وقبلوا به على سجادة الارشاد في الطريقة الصوفية الشاذلية مكان والده، ورثاه افاضل الشعراء والادباء، ومنهم العالم الشاعر المجيد الشيخ عبد الكريم عويضة ومما قاله:
صروفُ زمان ٍ ليس تصفو شؤونها فأي امرئ ما ناح منها وعدّدا
فقد نابها ركن الشريعة والتُّقى ومن غدا بحرَ المعارف مُزبدا
هو السيدُ المفضالُ قطب زمانه إمامٌ بأفْقِ الفضلِ قد لاح فرقدا
وقال يرثيه علامة عصره الشيخ حسين الجسر:
شقّت له مُهجُ الرجال ومزّقت أستار هاتيك الحسان الغيد
مصر لمصرعه غدت مقهورة وتصعّدت زفرات كل صعيد
والشؤم عمّ الشام حتى لا ترى بربوعها من طالع مسعود
رحمه الله وأثابه.