المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شيخ الخطاطين" و"ملك الخط الكوفي" الحاج برهان كبارة



فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 12:28 PM
شيخ الخطاطين" و"ملك الخط الكوفي" الحاج برهان كبارة

كارينا أبو نعيم
http://www.albayanlebanon.com/upimages/7879780-[.gif
"بسم الله الرحمن الرحيم"
تخرج المرحوم برهان كبارة من مدرسة تحسين الخطوط الملكية (العربية حالياً) في القاهرة حاملاً دبلوماً في الخط ودبلوماً في الزخرفة والتذهيب وشهادة تقدير من الملك فؤاد الأول لتفوقه ومهاراته وتميزه. تتلمذ كبارة في تلك المدرسة على أيدي أساتذة عمالقة بينهم صلاح العقاد الذي علمه أصول الزخرفة والذي كان له الأثر الكبير في كتابته الخط الكوفي الذي ميّز معظم أعماله.
عاد بعدها الى الوطن وعمل في عدد من المجلات منها "الحوادث" و"الحسناء". وكان يخطط العناوين الداخلية والخارجية للمجلتين. ثم لم يلبث أن سافر الى المملكة العربية السعودية وعمل هناك خطاطاً .إلا أن "شيخ الخطاطين" لم يستطع الصمود هناك بسبب قساوة الطقس ،رغم تحليه بموهبة خارقة وصبر كبير.فعاد الى لبنان بعد تسعة اشهر.عمل فور عودته في شركة SNIP المتخصصة بالإعلانات التجارية. وقرر بعد ذلك افتتاح مكتب خاص له في ساحة النجمة في العاصمة بيروت. وكان مكتبه مجاوراً لمبنى البرلمان اللبناني. وقد مارس "الملك" فيه مواهبه الفنية طوال 23 عاماً. أقفل الحاج برهان مكتبه في بيروت وعاد الى مدينته طرابلس بعد اندلاع الاحداث اللبنانية في منتصف السبعينات من القرن المنصرم.
أحيا الحاج برهان كبارة 12 معرضاً خلال حياته أقامها جميعها داخل لبنان. وقد ترك إرثاً فنياً عبارة عن 50 لوحة امتزج فيها الخط العربي باجمل الزخرفات العربية. بقي منها 42 لوحة محفوظة اليوم بعهدة ابنه البكر السيد فواز كبارة . إنها الذكرى الغالية والشاهد الحي على الإبداع الفني للراحل المكرم. الموسيقارعبد الوهاب كان الرفيق الحاضر دائماً الى جانب أمير الخط الكوفي
إستقبلنا السيد فواز ، الولد البكر للحاج برهان ، الذي كان في انتظارنا في بهو قاعة المعارض الخاصة في مركز الصفدي الثقافي في طرابلس. سرنا معاً داخل المعرض وتأملنا تلك اللوحات الرائعة. تلحظ تلك الدمعة الخجولة التي ترفض الخروج من مقلتي فواز،و تلمع فخراً بمسيرة والده الفنية. حاول السيد فواز ، رغم مرور السنوات الطوال، أن يسيطر على انفعاله العاطفي خلال حديثه عن والده الراحل.
يخبرنا عن هذا الوالد الغالي فيقول:" كان والدي رجلاً محباً لعمله ومنغمساً فيه،إلا أنه كان يسترق الوقت ليصمم لوحاته. كان ذواقاً للموسيقى العربية . فما زلنا نحتفظ بمكتبته الموسيقية التي تحتضن اعمال عمالقة الموسيقى العربية كأمثال الموسيقارعبد الوهاب وغيره من كبار فناني ذلك العصر الذهبي." ويضيف:" كان والدي يستيقظ فجراً ليعمل على تصاميم لوحاته الفنية وكان صوت الموسيقار عبد الوهاب رفيقه المحبب الى جانب مجموعة من كبار مطربي ذلك العصر."


لم يرث أي منّا موهبة الوالد الراحل
ويكمل السيد فواز حديثه :"لم يكن والدي دائم التواجد في المنزل. كان يعمل ويسكن في العاصمة بيروت مما قلل علينا نحن اولاده الستة فرصة التعرف عن قرب الى فنه .ولم تسنح لنا الفرصة لكي نتلقن منه مبادئ هذا الفن." ويضيف:" لقد عمل والدي كخبير محلف للتدقيق في الخطوط لدى النيابة العامة . وكان انساناً صاحب نكتة حاضرة وسريع البديهة ودمث الاخلاق. و كان، رحمه الله، محبوباً من الجميع."
الخطاط والمهندس طبع عبر الوانه وخطوطه توازناً بارزاً في جميع لوحاته
لُقب الحاج برهان بأمير الخط الكوفي وبشيخ الخطاطين. وقد استعمل الخط الكوفي في جميع لوحاته الفنية. كما كان مهندساً بارعاً في تصميم الزخرفات من اندلسي الى مزهر الى انواع مختلفة من الزخرفات التي زينت باناقة بارعة معظم لوحاته.
ويتابع السيد فواز حديثه فيقول:" في العام 1984 اي بعد وفاة الوالد بسنة واحدة أقمنا له معرضاً في الرابطة الثقافية تحت رعاية رئيس الحكومة آنذاك المرحوم رشيد كرامي، حيث منحه الرئيس الشهيد وسام الارز برتبة فارس."
شكرنا العميق الى مؤسسة الصفدي وبلدية طرابلس
ويضيف:" نحن اليوم ، وبعد مضي ربع قرن على وفاته، نقيم له معرضاً تكريمياً لإبداعه الفني والتي تكفلت به مؤسسة الصفدي الثقافية ورعته بلدية طرابلس." ويكمل:" تصور لوحاته البالغ عددها 42 والمعروضة حالياً آيات قرآنية كريمة وأحاديث شريفة خطت برشاقة وزينتها زخرفات أنيقة ومتوازنة تنم عن دقة و حرفية عالية."
لا ينكر السيد فواز العمل الدقيق في انجاز مثل تلك الاعمال لما يتطلب الأمر من صبر وتصميم وإصرار وحس فني مرهف. فلوحة "ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر" قد انجزها الحاج برهان بعد 600 ساعة من العمل .
وقد اشترى الكشاف الجراح لوحة :"قال الله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي صدق الله العظيم" وقدمها الى الملك سعود بن عبد العزيز خلال زيارته لمدينة طرابلس . وهي اليوم موجودة في القصر الملكي السعودي وهي اللوحة الوحيدة التي اعاد صنعها لمرة ثانية.
إرث فني يجب ان يكون في عهدة المؤسسات الثقافية
ليبقى حياً في ذاكرة المدينة
لقد انجر الحاج برهان كبارة 50 لوحة فنية خلال مسيرته. باع منها ثماني لوحات ويحتفظ السيد فواز باللوحات الباقية. ومن اهداف المعرض تعريف الجيل الجديد الجاهل كلياً بأهمية هذا النوع الراقي من الفن العربي. ويخاف السيد فواز على هذا التراث الفني أن يتعرض الى التلف مع مرور الزمن والذي يفترض أن تتبناه المؤسسات الثقافية وتجعله من ذاكرة مدينة طرابلس الثقافية.


عن جريدة البيان

90 : العدد


2008-11-19