تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ عبد القادر المغربي



فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 12:31 PM
الشيخ عبد القادر المغربي
عن جريدة البيان



40 : العدد

2007-10-24



ولد الشيخ عبد القادر بن مصطفى المغربي في اللاذقية سنة 1867 م، حيث كان والده يعمل قاضياً، وهو من اسرة اصلها من تونس، ويرجع نسبهم الى المهاجرين من عرب الفتح الافريقي، وكان من رجال العلم، لذلك نشأ الشيخ عبد القادر، في بيت علم وأدب، وفتح عينيه على جدران تغطيها الكتب، فمال الى القراءة منذ صباه، وختم القرآن الكريم وعمره عشر سنوات، ودخل المدرسة الرجبية بطرابلس وتتلمذ على يد الشيخ حسين الجسر، وتأثر بشخصيته وأخذ عنه الكثير،ثم على الشيخ عباس الازهري في بيروت، فأتقن الفصحى وعلوم اللغة والحديث، ونال قسطاً وافراً من العلوم الاخرى، تابع كتابات جمال الدين الافغاني ومحمد عبدو فاعجب بهما وتأثر بآرائهما، ولما سافر الافغاني الى الاستانة في سنة 1892 م لحقه الشاب عبد القادر المغربي اليها وسعى للقائه، وهو لما يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، مدفوعاً بحماسة الشباب وايمانه العميق، فبقي الى جواره سنة كاملة، ثم عاد الى دمشق، وصاريكتب المقالات وينظم الشعر، داعياً الى الاصلاح والعودة الى جوهر الدين وازالة القشور والزيف منه، والخروج على الجور، والدعوة الى الحرية، وفي هذه المقالات يظهر مدى تأثره باراء الافغاني: ومن قصيدة انتقد فيها السلطان عبد الحميد انتقاداً شديداً، لعزوفه عن اصلاح أحوال المسلمين، واقباله على اللهو، قال:
بلّغ أميرَ المؤمنين نصيحةً تبغي القبولَ ولا تريدُ ثوابا
قبرٌ تعمّرَ ببدرة عسجدٍ وتعيدُ عمرانَ البلادِ خرابا
تكسو الدّعيّ الحلّة البيضاء اذ تكسو الشعوب من السوادِ ثيابا
تجبي الضرائبَ من فقيرٍ مُمْلقٍ تغني بها المتمَلّق الخلاّبا
تُقصي الى الاطرافِ كلَّ محنَّكٍ وبقيتَ تُدني النوكَ والأوشابا
كم من بريء صادقٍ حكَّمتَ في حوبائه المتجسِّسَ الكذّابا
بل هذه الخصيان كيف تقدّمتْ بيْضَ الفحولِ السادةَ الأنجابا
ضيّعتَ ملكَكَ وامتهنْتَ رجالَهُ فعلامَ تحوي التاجا والألقابا
اثارت كتابات المغربي غضب السلطات العثمانية فاعتقلته في طرابلس سنة 1904م، وساقته الى بيروت، لكنه هرب منها الى مصر، بمساعدة انسبائه من آل علم الدين، والتحق بالشيخ رشيد رضا، وحرر في عدة جرائد ونال شهرة واسعة في الاوساط الادبية والعلمية في مصر والعالم العربي، واصبح موضع تقدير واكبار من النقاد والدارسين من العرب والمستشرقين وصار يعدّ من زعماء الاصلاح في الكتابة والنقد الديني.
ولما أُعلن الدستور العثماني سنة 1908 عاد عبد القادر الى طرابلس، ومنها واصل الكتابة في امهات الصحف المصرية، وفي سنة 1911 م انشأ جريدة البرهان، واستكتب فيها كبار الادباء، امثال الامير شكيب ارسلان والنشاشيبي وغيرهما.
بعد الحرب العالمية وقيام الحكم العربي بقيادة فيصل الاول، أُسِس في دمشق المجمع العلمي العربي، واختير المغربي لعضويته، وبعد استعفاء محمد كرد علي، عهد لعبد القادر برئاسة المجمع، كما انضم الى مجمع اللغة العربية في مصر، ثم انتخب عضواً في المجمع العلمي العراقي، ومنذ ذلك الوقت انصرف الى اللغة والاداب انصرافاً كاملاً، وفي سنة 1933 دعي للتدريس في جامعة دمشق، واخذ يراسل المجامع العلمية الثلاثة وينشر في مجلاتها بحوثه القيمة، ولو جمعت هذه البحوث لكانت مجلدات كبيرة.
وعن سرعة خاطر ونباهة شيخنا أورد هذه الحادثة:
خلال اجتماعات المجمع اللغوي في مصر، واثناء زيارته للمجمع، لفت نظر الملك فؤاد وجود المغربي في عداد المستقبلين، فسأل الملك رئيس المجمع عنه فاجابه انه احد علماء بلاد الشام، فمد يده مصافحاً وقال: هل انت من العلماء الذين يعتقدون، ان الدنيا محمولة على قرن ثور؟ فابتسم المغربي لهذه الدعابة، وقال: يا صاحب الجلالة ان هذا الاعتقاد، كان من جملة اعتقاد المصريين القدماء، الذين كانوا يعبدون الثور، وقد زال بزوالهم، فهزّ الملك رأسه ولم يعجبه دفاع المغربي عن نفسه.
توفي الشيخ عبد القادر المغربي في دمشق في 7 حزيران 1956 ودفن بمقبرة الفواخير بسفح جبل قاسيون، وصنفوه كأحد اعلام الادب والعلم في الوطن العربي، وأشهر علماء طرابلس في مطلع القرن العشرين، رحمه الله.

فؤاد طرابلسي
02-10-2009, 12:33 PM
تعقيب

يرجع نسب ال المغربي للامام الحسن السبط و منهم من تولى نقابة الاشراف بطرابلس.