حامل المسك
23-10-2009, 05:57 PM
الحمد لله القائل < الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين > و الصلاة و السلام على رسوله القائل " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " و بعد .
لكل منا صديق و نديم يجالسه و يصاحبه لسنين طويلة , لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو , ما حصّلت من صاحبك؟ و ما حصّل صاحبك منك ؟ سؤال تغافل عنه الكثير إلا من رحم ربي . لأن أغلب علاقاتنا و صداقتنا و للأسف بنيت على الدنيا . و للدنيا فقط . هذا حالنا لكن حال السلف مختلف .
تأمل معي أخي هذه القصة , و هي
أن حاتم الأصم كان من أصحاب شقيق البلخي رحمة الله تعالى عليهما فسأله يوماً ,
قال : صاحبتني منذ ثلاثين سنة ما حصّلت؟
قال حصّلت ثماني فوائد من العلم , و هي تكفيني منه لأني أرجو خلاصي و نجاتي فيها .
فقال شقيق : ما هي؟
قال حاتم :
الفائدة الأولى : أني نظرت إلى الخلق فرأيت لكل منهم محبوباً و معشوقاً يحبه و يعشقه و بعض ذلك المحبوب يصاحبه إلى مرض الموت و بعض يصاحبه إلى شفير القبر ثم يرجع كله و يتركه فريداً وحيداً و لا يدخل معه في قبره منهم أحد . فتفكرت و قلت : أفضل محبوب المرء ما يدخل معه في قبره و يؤنسه فيه , فما وجدت غير الأعمال الصالحة فأخذتها محبوبة لي لتكون لي سراجاً في قبري و تؤنسني فيه و لا تتركني فريداً .
الفائدة الثانية : أني رأيت الخلق يقتدون أهواءهم و يبادرون إلى مرادات أنفسهم فتأملت قوله تعالى < و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى > و تيقنت أن القرآن حق صادق فبادرت إلى خلاف نفسي و تشمّرت بمجاهدتها و ما متعتها بهواها حتى ارتاضت بطاعة الله تعالى و انقادت .
الفائدة الثالثة : أني رأيت كل واحد من الناس يسعى في جمع حطام الدنيا ثم يمسكه قابضاً يده عليه فتأملت في قوله تعالى < ما عندكم ينفد و ما عند الله باق > فبذلت محصولي من الدنيا لوجه الله تعالى ففرّقته بين المساكين ليكون ذخراً لي عند الله تعالى .
الفائدة الرابعة : أني رأيت بعض الخلق يظن أن شرفه و عزه في كثرة الأقوام و العشائر فاعتز بهم . و زعم آخرون أنه في ثورة الأموال و كثرة الأولاد فافتخروا بها . و حسب بعضهم أن العز و الشرف في غصب أموال الناس و ظلمهم و سفك دمائهم . و اعتقدت طائفة أنه في إتلاف المال و إسرافه و تبذيره فتأملت في قوله تعالى < إن أكرمكم عند الله أتقاكم > فاخترت التقوى و اعتقدت أن القرآن حق صادق و ظنهم و حسبانهم كلها باطل زائل .
الفائدة الخامسة : أني رأيت الناس يذم بعضهم بعضا و يغتاب بعضهم بعضا فوجدت أصل ذلك الحسد في المال و الجاه و العلم فتأملت في قوله تعالى < نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا > فعلمت أن القسمة كانت من الله تعالى في الأزل فما حسدت أحداً و رضيت بقسمة الله تعالى .
الفائدة السادسة : أني رأيت الناس يعادي بعضهم بعضا لغرض و سبب فتأملت في قوله تعالى < إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا > فعلمت أنه لا يجوز عداوة أحد غير الشيطان .
الفائدة السابعة : أني رأيت كل أحد يسعى بجدّ و يجتهد بمبالغة لطلب القوت و المعاش بحيث يقع به شبهة و حرام و يذلّ نفسه و ينقص قدره فتأملت في قوله تعالى < و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها > فعلمت أن رزقي على الله تعالى و قد ضمنه فاشتغلت بعبادته و قطعت طمعي عمن سواه .
الفائدة الثامنة : أني رأيت كل واحد معتمداً على شيء مخلوق بعضهم على الدينار و الدرهم و بعضهم على المال و الملك , و بعضهم على الحرفة و الصناعة و بعضهم على مخلوق مثله فتأملت في قوله تعالى < و من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا > فتوكلت على الله تعالى فهو حسبي و نعم الوكيل .
فقال شقيق : وفقك الله تعالى إني قد نظرت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان فوجدت الكتب الأربعة تدور على هذه الفوائد الثماني فمن عمل بها كان عاملاً بهذه الكتب الأربعة .
و في الختام أسأل الله تعالى أن يجعلنا خير خلف لخير سلف و أن يصلح حالنا و يهدينا إلى سواء السبيل إنه ولي ذلك و القادر عليه و الحمد لله أولاً و آخراً.
لكل منا صديق و نديم يجالسه و يصاحبه لسنين طويلة , لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو , ما حصّلت من صاحبك؟ و ما حصّل صاحبك منك ؟ سؤال تغافل عنه الكثير إلا من رحم ربي . لأن أغلب علاقاتنا و صداقتنا و للأسف بنيت على الدنيا . و للدنيا فقط . هذا حالنا لكن حال السلف مختلف .
تأمل معي أخي هذه القصة , و هي
أن حاتم الأصم كان من أصحاب شقيق البلخي رحمة الله تعالى عليهما فسأله يوماً ,
قال : صاحبتني منذ ثلاثين سنة ما حصّلت؟
قال حصّلت ثماني فوائد من العلم , و هي تكفيني منه لأني أرجو خلاصي و نجاتي فيها .
فقال شقيق : ما هي؟
قال حاتم :
الفائدة الأولى : أني نظرت إلى الخلق فرأيت لكل منهم محبوباً و معشوقاً يحبه و يعشقه و بعض ذلك المحبوب يصاحبه إلى مرض الموت و بعض يصاحبه إلى شفير القبر ثم يرجع كله و يتركه فريداً وحيداً و لا يدخل معه في قبره منهم أحد . فتفكرت و قلت : أفضل محبوب المرء ما يدخل معه في قبره و يؤنسه فيه , فما وجدت غير الأعمال الصالحة فأخذتها محبوبة لي لتكون لي سراجاً في قبري و تؤنسني فيه و لا تتركني فريداً .
الفائدة الثانية : أني رأيت الخلق يقتدون أهواءهم و يبادرون إلى مرادات أنفسهم فتأملت قوله تعالى < و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى > و تيقنت أن القرآن حق صادق فبادرت إلى خلاف نفسي و تشمّرت بمجاهدتها و ما متعتها بهواها حتى ارتاضت بطاعة الله تعالى و انقادت .
الفائدة الثالثة : أني رأيت كل واحد من الناس يسعى في جمع حطام الدنيا ثم يمسكه قابضاً يده عليه فتأملت في قوله تعالى < ما عندكم ينفد و ما عند الله باق > فبذلت محصولي من الدنيا لوجه الله تعالى ففرّقته بين المساكين ليكون ذخراً لي عند الله تعالى .
الفائدة الرابعة : أني رأيت بعض الخلق يظن أن شرفه و عزه في كثرة الأقوام و العشائر فاعتز بهم . و زعم آخرون أنه في ثورة الأموال و كثرة الأولاد فافتخروا بها . و حسب بعضهم أن العز و الشرف في غصب أموال الناس و ظلمهم و سفك دمائهم . و اعتقدت طائفة أنه في إتلاف المال و إسرافه و تبذيره فتأملت في قوله تعالى < إن أكرمكم عند الله أتقاكم > فاخترت التقوى و اعتقدت أن القرآن حق صادق و ظنهم و حسبانهم كلها باطل زائل .
الفائدة الخامسة : أني رأيت الناس يذم بعضهم بعضا و يغتاب بعضهم بعضا فوجدت أصل ذلك الحسد في المال و الجاه و العلم فتأملت في قوله تعالى < نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا > فعلمت أن القسمة كانت من الله تعالى في الأزل فما حسدت أحداً و رضيت بقسمة الله تعالى .
الفائدة السادسة : أني رأيت الناس يعادي بعضهم بعضا لغرض و سبب فتأملت في قوله تعالى < إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا > فعلمت أنه لا يجوز عداوة أحد غير الشيطان .
الفائدة السابعة : أني رأيت كل أحد يسعى بجدّ و يجتهد بمبالغة لطلب القوت و المعاش بحيث يقع به شبهة و حرام و يذلّ نفسه و ينقص قدره فتأملت في قوله تعالى < و ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها > فعلمت أن رزقي على الله تعالى و قد ضمنه فاشتغلت بعبادته و قطعت طمعي عمن سواه .
الفائدة الثامنة : أني رأيت كل واحد معتمداً على شيء مخلوق بعضهم على الدينار و الدرهم و بعضهم على المال و الملك , و بعضهم على الحرفة و الصناعة و بعضهم على مخلوق مثله فتأملت في قوله تعالى < و من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا > فتوكلت على الله تعالى فهو حسبي و نعم الوكيل .
فقال شقيق : وفقك الله تعالى إني قد نظرت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان فوجدت الكتب الأربعة تدور على هذه الفوائد الثماني فمن عمل بها كان عاملاً بهذه الكتب الأربعة .
و في الختام أسأل الله تعالى أن يجعلنا خير خلف لخير سلف و أن يصلح حالنا و يهدينا إلى سواء السبيل إنه ولي ذلك و القادر عليه و الحمد لله أولاً و آخراً.