المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ عصام الرافعي



فؤاد طرابلسي
27-10-2009, 02:46 PM
الشيخ عصام الرافعي



مولده ونسبه:
ولد سماحة الشيخ عصام بن عبدالغني بن أحمد بن عبدالقادر الرافعي سنة 1929 مـ من أسرة عريقة عرفت بالعلم والتقى حيث ملأت هذه العائلة طرابلس علما وأثرتها بالعديد من الرجال النابهين في مختلف الحقول الدينية والأدبية والتاريخية والسياسية والشعر والقضاء والفتوى.
وسبب تسميتهم بالرافعي مأخوذ من قول أحد أصحاب الشأن للجد الأعلى لهذه الأسرة انك من رافعي لواء العلم، فعرف بالرافعي فأصبحت هذه التسمية شهرة لهم.
علومه:
تلقى علومه رحمه الله في كلية دار التربية والتعليم القسم الشرعي حيث تلقى فيها العلم عن كبار علماء طرابلس والمدرسين الذين وفدوا للتدريس فيها من الأزهر الأنور حيث كانت من أهم معاقل العلم وصروحه في لبنان إذ كانت تضم نخبة من علماء العالم الإسلامي يقومون بالتدريس فيها فخرجت علماء أفذاذ جهابذة.
ثم بعد أن أتم دراسته فيها التحق بالأزهر وتابع علومه فيه وكان يهتم إلى جانب دراسته بالأخذ من العلماء والتلقي عنهم على الطريقة القديمة في تلقي العلوم،
فكان بحق كالنحل الذي يتنقل في الروض لجني العسل حيث كان حريصا اشد الحرص على ان لا يدع فرصة تفوته ولا يترك مجلس علم له فيه نصيب.
لقد كان رحمه الله منذ صباه مولعا بالمطالعة واقتناء الكتب، ولذلك اوصى له عمه الشيخ عمر الرافاعي بمكتبه الضخمة التي ضمت مئات الكتب النادرة ولم يكتف بذلك بل راح يعمل على تنمية هذه المكتبة بكل ما تصدره المطابع ودور النشر في لبنان والبلاد العربية من كتب التراث الإسلامية ولطالما ارتحل بين لبنان ومدن سوريا حمص وحماه وحلب ودمشق من وقت لآخر أما لشراء الكتب من مصادرها أو للتعرف على علمائها0
فكانت مكتبته معينا لا ينضب وكان طلبة العلم والمعرفة ينهلون من معينها ولم يكن يبخل باعارة احد أي كتاب يحتاجه، وقد كان له الفضل في ادخال مجموعة من الكتب المطبوعة قديما في مدينة حيدر اباد بالهند إلى طرابلس نذكر منها: التاريخ الصغير للبخاري والكنى والاسماء للدولابي
وموضع اوهام الجمع والتفريف للخطيب البغدادي وتذكرة الحفاظ للذهبي، ولسان الميزان لابن حجر، وغير ذلك من امهات الكتب المطبوعة في بولاق بمصر وغيرها من البلاد
وظائفه:
تولى الشيخ عصام الرافعي رحمه الله- وظائف ابيه بعد وفاته في سنة 1959 ومنها امامته الجامع المنصوري الكبير والتدريس والخطابة في المدرسة الحجيجية وكان له مجلس وعظ في الجامع المنصوري الكبير قبل صلاة الجمعة من كل اسبوع كما درس في عدد من المعاهد والكليات الشرعية والمدارس فتخرج على يديه خلق لا يحصى عددهم
وكان رحمه الله طوافا في المساجد خطيبا في طرابلس وضواحيها فما من منبر الا وعرفه وما من كرسي تدريس الا وقد ناله منه نصيب فقض حياته عالما ومعلما حتى انه ليصدق فيه قول الرسول الاكرم صلع "لا حسد الا في اثنتين… " وقد شارك رحمه الله- في تأسيس عدد من المعاهد الشرعية منها (معهد القرآن الكريم للدراسات الإسلامية) و(المجمع الإسلامي الكبير في المنية)
مع التقوى
منذ انبلاج فجر مجلة التقوى أضاء قلمه صفحاتها وكان عالمها ورائدها ما يزيد على ثلاث وعشرين سنة فقد تولى رحمه الله- الكتابة على صفحات التقوى في فنون شتى وعلوم متفرقة اما صفحاته الثابته فقد تولى الاجابة على اسئلة المستفسرين والمستفتين في مجلة التقوى طيلة هذه المدة حيث كانت ترده الاسئلة من كل حدب وصوب فيجيب عنها باسلوب متميز لا تعسير فيه ولا تنفير كما درج رحمه الله على ملء صفحات اخرى كانت بعنوان (من اعلام وعلماء طرابلس الفيحاء) جمع فيه اكبر عدد تراجم لعلماء طرابلس بحيث اصبحت هذه التراجم مرجعا للباحثين والدارسين كشف فيها اللثام عن اعلام المدينة باجتهاده وتحريه والتطقات الملومات من افواه ابناء المترجم له او احفاده وقد رافقته في جولاته كنا نتنقل من مكان إلى آخر بغية الحصول على معلومات من هنا وهناك عن هذا العالم وذاك.
اعماله الاجتماعية
اما على صعيد العمل الاجتماعي فقد كان رحمه الله عضوا عاملا في أكثر من جمعية إسلامية واجتماعية منها (جمعية التوجيه الإسلامي) وكانا رحمه الله سباقا إلى عمل الخير لم يطرق بابه محتاج إلا واخذ بيده إلى أهل الخير أو وفق خطيبا في المسجد يدعو الناس لنساعدة المحتاجين.
وهكذا طويت صفحة من صفحات العلم والمعرفة في مدينة العلم والعلماء وبموته فقدت هذه المدينة علما لطالما ابرز علماءها وكان هو من ابرزهم مما يجعلنا الآن ونحن نسطر عنه هذه الكلمات نستشعر مرارة المفارقة حيث امضى عقودا وهو يترجم لاخوته العلماء الذين سبقوه وها نحن اليوم نكتب سطورا عنه مع ان السجلات والدواوين تعجز عن الاحاطة بسيرته وعطاءاته التي فتح اهل المدينة ومن حولها عيونهم عليها وهذا ما يقر به الجميع.
فرحم الله علامتنا وجعل مسكنه الجنة وجزاه خيرا عما قدم لامته انه سميع مجيب



قالوا عنه


الشيخ عصام الرافعي بقية السلف الصالح الذي دعا الى الله على بصيرة في حياته التي قضاها معلما واماماً وداعياً ومربياً على كتاب الله وسنة رسوله سيدنا ونبينا محمد . صلى الله عليه وسلم.
رحمه الله رحمة اسعة، وأثابه على ما قدم في هذه الدنيا من عمل صالح خير ثواب في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور
محمد رشيد راغب قباني.


في الليلة الظلماء يفتقد البدر.
كم نحن بحاجة لرجال يجمعون الخلق الرفيع والدين الحنيف والعلم الراقي لأجل الله وخدمة عباده أمثال الشيخ عصام الرافعي رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وانا لله وان اليه راجعون.
وزير النقل والاشغال نجيب ميقاتي.

غياب الشيخ عصام الرافعي خسارة للمدينة، سنفتقد في الشيخ عصام التقوى والعلم والأنس والزهد واستقامة الخلق لقد أرخ طويلاً لعلماء المدينة بكل موضوعية وصدق. ولكنها ارادة الله رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان وانا لله وان اليه راجعون.
وزير العدل سابقا وزير التربية سمير الجسر.


قال فيه سماحة الشيخ طه الصابونجي مفتي طرابلس الشمال :
حقاً فقد كان الشيخ عصام ذلك المنصف الذي عكف جاهداً على دراسة حياة الكثيرين من العلماء الذين سبقونا إلى الدار الآخرة وكانوا من الثلة المباركة الذين أغنوا أمتهم بسيرتهم المتألقة، أو بعلومهم الزاخرة، أو بآثارهم الباقية في ديوان الأبرار، وكانوا العروة الوثقى في تواصل الموكب الإسلامي الذي لا ينقطع والذي يزداد تكاملاً وبهاءً بتقدم الأيام، .
واضاف قائلا :فقد احتل رحمه الله وأكرم مثواه ثلاث مراتب أراها لصيقة به، وأراه بها أهلاً للتقدير وحسن الثناء .
أما الأولى: فنشهد بما علمنا وأجمع عليه عارفوه أنه كان من أهل التقوى، والصلاح، والاستقامة، والإخلاص، والطيبة، والصبر، وقول الحق، والاعتصام بربه والالتزام بنقاء الزهد، والتعبد .
وأما الثانية: فقد كان عالماً واسع الاطلاع، وكان ينحو إلى الورع في كل ما يفتي به، واختيار الأحوط والأسلم، وكان منذ نشأته إلى يوم وفاته طوافاً في المساجد، بتطوع أو بتكليف رسمي، يلقي الدروس والمواعظ، ويعقد الحلقات والندوات، ويجالس البسطاء والشباب يعلمهم أمور دينهم ، ويرقق قلوبهم، فلم يخل مسجد في طرابلس وأقضيتها من دروسه، ومواعظه، ولم يخل عدد من مجلة التقوى من مجموعة طيبة من الفتاوى التي كان يعنى بها، وكأنه اختار مجلة التقوى نظراً لما يعبر اسمها عما في نفسه، ونظراً لالتزام المجلة بالمنهج الإسلامي السويّ .
وأما الثالثة: فقد كان رحمه الله كريم الخلق، الفاً مألوفاً، أنيس المعشر، قريباً إلى النفس في وداعة ورقة، وفي براءة وبساطة، وفي عفة لسان، ونقاء جنان، كان بصره إلى الأرض وقلبه في السماء، ينأى عن الخصومة، ويرعى حرمة الصحبة، وكان عذب البيان، سليم الطوية، وهي أخلاق العالم المسلم، وخصيصة الداعية الموفق .
إذا كنّا قد خسرناه بيننا، فقد ربحنا سيرته العطرة، وعطاءاته الوافرة، أما هو فقد ربح ما هو أسمى من ذلك وأجل، ربح الفوز بما قدم في دنياه، وبما أخّر لأخراه، وربح الفوز بما شهد له الحشد الهائل من المصلين عليه، والمشيعين له، والمعزين به .
ثم ربح الربح الأوفى بفوزه بلقاء ربه الذي وعد المتقين بخيرات حسان، ونعيم مقيم، ورضوان من الله أكبر .




رحم الله الشيخ عصام الرافعي الذي عرفته منذ نصف قرن عالماً ومحدثاً ومدرساً في المساجد تقياً ورعاً في صلاته يتخير السنة ويفر من البدعة متواضعاً قريباً من الناس يحترم العلماء ويجلهم وكان رحمه الله رغم مصاعب الحياة يتميز بعنفوان المؤمن وصبره وترفعه لذا لم يكن يقف على أبواب أحد من السياسيين أو غيرالسياسيين أو أصحاب النفوذ. لقد كان مثال العالم المترفع الذي يحترم العلم وكرامة المؤمن لقد كان في سيرته يذكرنا بعلماء المدينة الذين حفل بهم تاريخ المدينة وأدركنا بعضهم وكان هو قد تولى التعريف بهم في مجلة التقوى.
الوزير الاسبق عمر مسقاوي رئيس جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية.

رحم الله العالم المتواضع المحب لدينه ولإخوانه، لقد كان مخلصاً وعالماً نذر نفسه للتدريس والعلم والوعظ والإرشاد في سبيل الله قد عرفته مساجد طرابلس ومدارسها.
ندعو الله أن يحشره في جنان الخلد وانا لله وانا اليه راجعون.
النائب محمد عبد اللطيف كبارة.


رحم الله سماحة الشيخ والعزاء للأهل والأقارب مع تقديرنا لعلمه وثقافته الاسلامية ولما قدم من عطاء وخدمة للدعوة رحمه الله رحمة واسعة.
النائب وجيه البعريني.

وقال فيه المؤرخ الدكتور عمر تدمري :
فقدت طرابلس علماً من أعلام التقى والورع، صاحب الفضيلة الشيخ عصام ابن الشيخ عبد الغني الرافعي، وهو خاتمة الشيوخ والعلماء الصالحين العاملين الذي تفتقدهم مساجد ومدارس مدينة العلم والعلماء. وهو من أسرة الرافعيين الذين ملأوا طرابلس علماً وأثروها بالعديد من الرجال النابهين في مختلف الحقول
كان جليساً أنيساً مؤنساً، رقيق القلب، فاضلاً، نبيلاً، كريماً، لا يمل المرء صحبته، فنسج مع العلماء والشيوخ في كل مكان علاقات حميمة لحمتها العلم، والادب، والتواصي بالحق وكان بتواضعه وحسن خلقه وهدوئه وسماحته، ولين جانبه، محبباً للنفوس، قريباً من الناس خفيف الظل يألف ويؤلف، لا يتكلف، ولا يتصنع، ولا يتزلف، يصدع بالحق، والموعظة الحسنة، يتخلق بأخلاق العلماء والصلحاء، قنوعاً لا يبتغي جاهاً ولا وجاهة، معتزاً بدينه، معجباً بأعلام الأمة وحضارتها وتراثها، يكثر من ذكر مناقب الصحابة ليتأسى المسلمون بفضائل أعمالهم، متحرياً في معرفة الرجال، متتبعاً لكتبهم.
رحمه الله وعوضنا بأمثاله وجعل الجنة مسكنة انه ولي ذلك والقادر عليه

علم من أعلام الايمان والتقوى والدعوة الى الله
هوى سليل بيت علم وايمان وتقوى، فقدتك طرابلس والشمال، بل كل المسلمين في لبنان. نخسر بغيابك عالم علامة طالما حمل العلم والإيمان والمحبة لكل الناس، ارّخ لطرابلس ولعلمائها وبيوتات العلم فيها، ستفتقدك طرابلس ومساجدها وروادها. رحمك الله يا شيخ عصام وحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.
النائب الأسبق أسعد هرموش.