المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمين الإفتاء الشيخ عبد العزيز عيون السود



فؤاد طرابلسي
29-10-2009, 04:43 PM
أمين الإفتاء وشيخ القراء علامة حمص الشيخ عبد العزيز عيون السود
منقول عن منتدى الانساب و العائلات الشامية
--------------------------------------------------------------------------------

أمين الإفتاء وشيخ القراء علامة حمص
الشيخ عبد العزيز عيون السود
(1335-1399هـ / 1917-1979م)
بقلم : إبراهيم بن عبد العزيز الجوريشي

اسمه ومولده :

هو المقرئ ، المفسر ، الفقيه ، المحدث ، اللغوي ، أمين الإفتاء وشيخ القراء ، علامة حمص وعالمها ، فريد عصره ودرة زمانه الشيخ أبو عبدالرحمن عبد العزيز بن الشيخ (( محمد علي)) بن الشيخ عبد الغني عيون السود الحنفي الحمصي ولد في مدينة حمص ليلة الخميس في الثامن من شهر جمادي الأولى عام 1335 هـ الموافق للأول من شهر آذار عام 1917 م ، لأسرة عريقة في العلم والفضل فوالده الشيخ (( محمد علي)) عيون السود ، وعمه الشيخ عبد الغفار عيون السود من علماء حمص ومشايخها .


شيوخه وطلبه للعلم :

نشأ الشيخ عبد العزيز في بيت علم ودين ، وكان رحمه الله ذا همة عالية في طلب العلم حتى تخرج على كبار مشايخ وعلماء عصره عرفنا منهم :

1- والده الشيخ (( محمد علي)) عيون السود .
2- عمه الشيخ عبد الغفار عيون السود .
3- الشيخ عبد القادر خوجه .
4- الشيخ طاهر الرئيس .
5- الشيخ عبد الجليل مراد .
6- الشيخ زاهد الأتاسي .
7- الشيخ أنيس كلاليب .
8- الشيخ محمد الياسين .
9- الشيخ أحمد صافي .
10- المقرئ سليمان الفارس كوري المصري .
11- شيخ قراء دمشق (( محمد سليم)) الحلواني (1285-1363 هـ / 1868-1944 م)
12- المقرئ عبد القادر قويدر العربيلي (1318-1379 هـ / 1900-1959 م) .
13- المقرئ أحمد بن حامد التيجي المكي .
14- شيخ القراء في مصر المقرئ علي بن محمد الضباع .
15- المحدث الشيخ النعيم النعيمي الجزائري .

تلقى عن عمه الشيخ عبد الغفار ، وعن الشيخ عبد القادر خوجه ، والشيخ طاهر الرئيس ، والشيخ عبد الجليل مراد ، وغيرهم . كما تلقى في دار العلوم الشرعية التابعة للأوقاف عن الشيخ زاهد الأتاسي ، والشيخ أنيس كلاليب ، والشيخ محمد الياسين ، والشيخ أحمد صافي ، ووالده الشيخ (( محمد علي)) عيون السود وتخرج منها عام (1355هـ /1936م) .
أصيب بمرض قطعه عن الناس ، فاغتنم الفرصة ، فحفظ القرآن الكريم ومن ثمّ تلقى علم القراءات السبع بمضمن الشا طبية عن الشيخ المقرئ سليمان الفارس كوري المصري ، ثم نزل دمشق فقرأ على شيخ قرائها العلامة المقرئ (( محمد سليم)) الحلواني القراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة . وفي وقت أخذه عنه كان يتردد إلى قرية عربين (عربيل) قرب دمشق ليأخذ عن الشيخ المقرئ عبد القادر قويدر العربيلي القراءات العشر الكبرى من طيبة النشر ، حيث بدأ القراءة على شيخه عبد القادر في 15 شوال 1361 هـ وأتم الختم في أربعة شهور بتاريخ 4 ذي الحجة 1361هـ.

وقرأ في مكة المكرمة بعد الحج على شيخ قراء الحجاز المقرئ أحمد بن حامد التيجي القراءات الأربع عشرة بمضمن الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة .

استأذن والده ، فرحل إلى مصر ، وتلقى القراءات عن شيخ عموم المقارئ المصرية الشيخ العلامة المقرئ علي بن محمد الضباع ، فقرأ عليه القراءات الأربع عشرة من طريق الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة . كما تلقى عنه المقدمة الجزرية وعقيلة أتراب القصائد في الرسم وناظمة الزهر في علم الفواصل وكلتاهما للشاطبي .

وقد أجازه علماء القراءات المذكورين كلهم . والشيخ عبد العزيز عيون السود من أصحاب الأسانيد العالية في علم القراءات سواء في العشر الكبرى من الطبية أو العشر الصغرى من الشاطبية والدرة ، وذلك بتلقيه عن علامة عصره المقرئ علي بن محمد الضباع القراءات العشر الكبرى ، وبتلقيه العشر الصغرى عن العلامة المقرئ محمد سليم الحلواني .

وإلى جانب علمه في القراءات كان عالماً في التفسير يحقق فيه . وله باع في علم الحديث ومصطلحه وقواعد الجرح والتعديل حفظ الكتب السته والمسلسلات ، وأجازه المحدث الشيخ النعيم النعيمي الجزائري . وعنده إجازات في رواية بعض الأحاديث .

تلقى الفقه الحنفي وأصوله عن والده ، وعمه الشيخ عبد الغفار ، وشيخه عبد القادر الخوجه ، وهم فقهاء بالتلقي بالسند المتصل بأبي حنيفه – رضي الله عنه . وكان متمكناً يرجع إليه في معضلات الفقه حتى غدا المرجع الأعلى في حمص بالفقه . واسع الإطلاع في علوم العربية ، ومحفوظاته كثيرة تبلغ نحواً من ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر في العلوم المختلفة .


تلاميذه :

1- الشيخ المقرئ محمد تميم الزعبي الحمصي ، قرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم والمقدمة الجزرية ومنظومة الفوائد المحررة في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة للشيخ محمد محمد هلال الابياري ، ثم منظومة للشيخ عبد العزيز عيون السود زاد فيها على الفوائد المحررة للأصبهاني والأزرق عن ورش وحمزة ويعقوب من طرق الطيبة بمنظومة أولها يقول :
يقول راجي عفو ذي الودود * عبد العزيز عيون السود .
ثم قرأ عليه العشر من طريق الطيبة بتحريرات الإزميري والمتولي والعبيدي وغيرها ، وقد أجازه الشيخ عيون السود ثلاث مرات كتابة :
الأولى : إجازة بالقراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة عام 1391 هـ .
الثانية : إجازة في منظومة الشاطبية في القراءات السبع عام 1392 هـ .
الثالثة : الإجازة العامة لدور الإقراء والعلوم الشرعية عام 1394 هـ .

2- الشيخ المقرئ الدكتور أيمن بن رشدي سويد الدمشقي – صهر الشيخ عبد العزيز عيون السود – قرأ عليه القرآن الكريم كاملأً برواية حفص عن عاصم من طريق الطيبة ، ثم قرأ عليه العشر من طريق من طريق طيبة النشر جمعاً ، وقد أجازه بذلك كله . كما تلقى عنه المقدمة الجزرية والشاطبية والدرة المضية وطيبة النشر والفوائد المعتبرة للمتولي وعقيلة أتراب القصائد في الرسم لشاطبي وناظمة الزهر في عد آي القرآن للشاطبي ورسالة النفس المطمئنة في كيفية إخفاء الميم الساكنة للشيخ عبد العزيز عيون السود ومنظومة تلخيص صريح النص لعيون السود ومنظومة إختصار القول الأصدق لعيون السود ودرس عليه أيضا الفقه والحديث وغير ذلك ، وأجازه بذلك .

3- الشيخ المحدث المقرئ النعيم النعيمي الجزائري ، تلقى عنه القراءات العشر الصغرى الكبرى والأربع الشواذ وغيرها وأجازه بها في عام 1961 م ( حيث كان الشيخ عبد العزيز متفرغاً لإقرائه . والشيخ النعيمي صاحب حافظة قوية وهمة عاليه وهو من علماء الحديث ) .

4- الشيخ مروان سوار الدمشقي ، تلقى عنه القراءات العشر الكبرى من طيبة النشر .

5- الشيخ المقرئ سعيد العبدالله المحمد– شيخ قراء حماة – قرأ عليه القراءات الثلاث المتممة للعشر من طريق الدرة . و ذكر صاحب إمتاع الفضلاء الشيخ الياس البرماوي في ترجمة الشيخ سعيد العبد الله نقلاً عن الشيخ سعيد" أن الشيخ سعيد العبد الله قرأ بعض الأجزاء القرآنية على الشيخ عبد العزيز عيون السود من طريق الطيبة وأجازه بها وبكل القرآن من الطيبة" .

6- الشيخ عبد الغفار الدروبي ، قرأ عليه القراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة .

7- الشيخ محمد حامد الأشقر المعروف بالغجري قرأ عليه القراءات السبع من الشاطبية.


وممن قرأ عليه بعض القراءات السبع هم :

8- الشيخ أحمد اليافي .

9- الشيخ علي قزّو .

10- الشيخ خالد التركماني .

11- الشيخ محمد مندو .

12- الشيخ عبد الرحمن مندو .

13- الشيخ نصوح شمسي باشا .

14- الشيخ محمد علي المصري الحلبي .

15- الشيخ المقرئ أبو الحسن محي الدين الكردي ، قرأ عليه القرآن برواية ورش من طريق الاصبهاني من طيبة النشر .

16- ولده الشيخ (( محمد عبد الرحمن )) بن عبد العزيز عيون السود قرأ عليه رواية حفص عن عاصم من الشاطيبة .

17- ولده الشيخ ((محمد المبشر)) بن عبد العزيز عيون السود قرأ عليه رواية حفص عن عاصم من الشاطبية .

18- الشيخ محمد علوي المالكي أخذ عنه القراءات السبع من الشاطبية وهو من أهل مكة.

قلت : وذكر صلاح الدين المنجد محقق كتاب دور القرآن في دمشق للشيخ عبد القادر النعيمي طبعة دار الكتاب الجديد في بيروت أن تلاميذ الشيخ عبد العزيز عيون السود هم :

1- الشيخ النعيم النعيمي من الجزائر أخذ القراءات الأربع عشرة.
2- الشيخ سعيد العبد الله – شيخ قراء حماة أنه أخذ القراءات الأربع عشرة ، وهذا الكلام غير دقيق فإنه الشيخ النعيم النعيمي هو الذي أخذ القراءات الأربع عشرة كما وضح سابقا .
3- وأخذ القراءات العشر ، وثلاثا فوقها الشيخ أحمد اليافي من يافا- وهنا خطأ طباعي أو كتابي فلعله أخذ القراءات الثلاث المتممة للعشر أو العشر كاملة والله أعلم .
ثم ذكر أن الذي أخذ القراءات العشر – ولم يحدد الطريق – من أهل حمص هم :
4- الشيخ محمد تميم الزعبي .
5- الشيخ علي قزو .
6- الشيخ خالد التركماني .
7- الشيخ محمود مندو .
8- الشيخ عبد الغفار مندو .
9- الشيخ عبد الرحمن مندو .
10- الشيخ نصوح شمسي باشا .
11- الشيخ عبد الغفار الدروبي .
12- ومن أهل حلب الشيخ محمد علي المصري .
13- وأخذ السبعة من أهل مكة الشيخ محمد علوي المالكي .
وهذا الأمر يحتاج إلى تحقيق والله أعلم .

مؤلفاته :

1- النفس المطمئنة في كيفية إخفاء الميم الساكنة .
2- رسالة في أحكام بعض البيوع والمكاييل والأوزان الشرعية .
3- منظومة تلخيص صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص (( شرحها وعلق عليها الشيخ أيمن سويد)) .
4- منظومة اختصار القول الأصدق فيما خالف فيه الأصبهاني الأزرق .
5- الفتن والملاحم وعلامات الساعة الصغرى والكبرى .


أخلاقه وشمائله :

جمع من العلم التواضع للعلماء والمتعلمين ؛ لكنه كان مع التواضع وقورا مهيبا ، محبوبا بين الناس ، حسن العشرة والصحبة ، يهتم بمرافقيه وطلابه ويعتني بهم ، ويرفع قدرهم. بارا بوالديه وأعمامه ، حريصا على خدمتهم في حياتهم ؛ يكثر من زيارتهم بعد موتهم ، ويذكرهم بالاحترام باراً بشيوخه وعلماء عصره ؛ يحرص على رضاهم ويتردد إليهم . يكثر من زيارة الصالحين .

كان قليل المزاح ، كثير الذكر والتلاوة والصلاة ، يحافظ على الصلوات لأوقاتها مع الجماعة ، وقد نقل أنه لم يصل ّ منفردا أبدا لا في سفر ولا حضر ، يديم التهجد ، ويثابر على الذكر بين العشاء ين ، وبين الفجر وطلوع الشمس . وكان يحرص على تطبيق السّنة في أعماله وعباداته .

وهو من أعلام العلماء إذا تحدث بينهم كان له قدره وجلاله ، ويجذب إليه الجالسين بكلامه ، وقد حدثوا في هذا الشأن أنه التقى في إحدى المرات مع شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود ، وضم المجلس نائب رئيس الجمهورية . وتطرق الكلام إلى أحاديث يوم القيامة ، وأخبارها ، ففصل صاحب الترجمة في الموضوع ، وتناول مستقصيا ما قاله العلماء ، وأدلى بدلوه ، فأثار إعجاب الحاضرين وعجبهم . فلما مضى سأل شيخ الازهر نائب رئيس الجمهورية : كيف رأيت الشيخ ؟ قال : لقد ملك عليّ نفسي .

أحب النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته ، واحترمهم ، وأنزلهم في نفسه منزلة شريفة عزيزة ، وكان يرى النبي صلى الله عليه وسلم في أغلب لياليه .

بقي أن نسوق ما نقل عارفوه عن كرمه الذي كان قليل النظير ؛ فقد كان محبا للضيوف يكرمهم ويتولى شؤونهم ، وبنى لهم غرفا متصلة بمنزله ليؤمن لهم راحتهم ، وقد ينزل به الضيف ومعه زوجته وأولاده ، فجعل لهم غرفا غير الأماكن التي ينزل بها الرجال وحدهم ، ولا يزهد بأي ضيف منهم حتى لو كان صغيرا ، وقد ينزل عليه من لا يعرفه فيحسن ضيافته واستقباله .

ولم تكن أحواله المادية في سعة ، ولهذا فقد اضطر أحيانا لبيع بعض ما يملك ومنها كتبه للقيام بحق الضيافة ، ثم عوض الكتب التي باعها حين تيسر له المال .





في ذكر وفاته رحمه الله تعالى :

وبعد حياة حافلة مليئة بخدمة كتاب الله تعالى ، وتقديم العلم للمسلمين ، توضأ الشيخ عبد العزيز وبدأ في صلاة التهجد كعادته ، وتوفي في أثناء الصلاة وهو ساجد في الساعة الرابعة قبل الفجر من يوم السبت الثالث عشر من شهر صفر عام 1399 هـ الموافق الثالث عشر من شهر كانون الثاني عام 1979 م . عن عمر قارب الثلاث والستين عاما رحمه الله رحمة واسعة وأورده موارد الأبرار ، وقد شيعه خلق كثير وجمع غفير من علماء سوريا ووجهائها ورثاه غير واحد من الفضلاء منهم الأستاذ راتب السيد بقصيدة عظيمة مطلعها :









بكى عليك البيـــــان اليوم والقلم يا كامل الفضـــل والارشاد يا علم
بكت عليك عيـــون سال مدمعها دمعا هتوفا فسـال الدمــع وهــو دم
عبد العزيز عيون الســود واأسفا عليـه مات التقى والعـــز والشــمـم
بنى من العلــم صرحا لا يطاولـه بذاك من قرأوا القــرآن أو علمـــوا
شيخ جليـــل له في العلــــم منزلة جلّت عن الوصف لا يرقى لها قلـم
فإن أتيت عن التفســـــير تسألــــه وصلـــت فهو العلـــيم الحاذق الفهم
هو العلا والنّهى والفضل أجمعــه والعزم والحزم والإفصاح والحكــم
لقّنت ناشئـــة الأجيـــال كل هدى وكنت أعذب ورد في الهدى لهـــم
جاءوك يبغون علما فانبريت لهــــم معلمـــا منقــــذا ممــا يضلّهــــــــــم
نستودع الله شيخا كان شيـــخ تقي وكان في العلـــم وهو المفـــرد العلم

الشيخ عبدالعزيز بن محمد علي بن عبدالغني عيون السود

--------------------------------------------------------------------------------

الشيخ عبدالعزيز بن محمد علي بن عبدالغني عيون السود (1336-1399=1916-1979م): شيخ القراء بحمص. من مشاهير علماء حمص والبلاد الشامية، ولد في حمص ودرس على علمائها كالشيخ محمد علي عيون السود والده، والشيخ عبدالغفار عيون السود، والشيخ عبدالقادر الخوجة، والعلامة الكبير عبدالغفار بن عبدالغني عيون السود، والتحق بالمدرسة العلمية الوقفية فدرس فيها على الشيخ زاهد الأتاسي، و الشيخ محمد الياسين بسمار، والشيخ أنيس الكلاليب، والشيخ أحمد صافي، والشيخ سليم صافي، وتخرج منها عام 1936. حفظ القرآن الكريم وتلقى القراءات السبع وحفظ الدرة الطيبة، ونزل دمشق فأخذ عن علمائها كالشيخ محمد سليم الحلواني شيخ القراء بالشام، ورحل إلى مكة فأخذ عن بعض علمائها كالشيخ أحمد حامد التيجي الحسيني المصري شيخ القراء بمكة، ثم نزل مصر وأخذ القراءات عن شيخ القراء فيها الشيخ محمد علي الضباع فأخذ عليه القراءات الأربع عشرة من طريق الشاطبية والدرة الطيبة والفوائد المستنيرة، ودرس عليه المقدمة في التجويد لابن الجزري، ومنظومتي عقيلة أتراب القصائد وناظمة الزهر في علم الرسم والضبط وهما للشاطبي، والشيخ سليمان الفارسكوري المصري، وأخذ أيضاً عن الشيخ عبدالقادر قويدر العربيني. وكان رحمه الله كذلك مفسراً محدثاً عالماً في قواعد الجرح والتعديل وحافظاً للكتب الستة والمسلسلات، وله إجازات من محدثي زمانه كالشيخ النعيم النعيمي الجزائري. افتتح دار القراء بحمص وتلقى عنه العلم عدد كبير جداً من العلماء، منهم الشيخ عبدالفتاح أبو غدة الحلبي، والشيخ محمد تميم الزعبي الحمصي، والمقرئ الشيخ محيي الدين الكردي الدمشقي، والمقرئ الكبير الشيخ أيمن سويد الدمشقي، والشيخ سعيد العبدالله الحموي شيخ القراء بحماة، والشيخ عبدالغفار الدروبي، والشيخ محمد عبدالرحمن بن الشيخ عبدالعزيز عيون السود، والشيخ محمد خالد الأشقر الغجري، والشيخ أحمد اليافي، والشيخ علي قزو، والشيخ خالد التركماني، والشيخ محمود مندو، والشيخ عبدالرحمن مندو، والشيخ نصوح شمسي باشا، والشيخ محمد علي المصري الحلبي، والشيخ مروان سوار والشيخ مبشر ابن المترجم. وتولى أمانة الفتوة على عهد مفتي حمص العلامة توفيق بن عبداللطيف الأتاسي، كما انتدب عضواً في وفد حمص إلى مؤتمر علماء الشام الأول بدمشق عام 1938م والذي ترأسه العلامة طاهر أفندي الأتاسي. اشتهر بالكرم والتقوى. من مؤلفاته "النفس المطمئنة في كيفية إخفاء الميم الساكنة"، ورسالة في أحكام البيوع والمكاييل والأوزاع الشرعية، ومنظومة "تلخيص صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص"، ومنظومة "اختصار القول الأصدق فيما خالف فيه الأصبهاني الأزرق". توفي رحمه الله ساجداً في صلاة التجهد، وأجمل بها من طريقة يلقى بها الإنسان ربه، وكان ذلك في 13 صفر 1399 الموافق 13 كانون الثاني عام 1979م. انظر ترجمته في إمتاع الفضلاء-البرماوي-الجزء الثاني، ص 181-185، وفي موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين-البواب-الجزء الثالث، ص 372-373، وتاريخ علماء دمشق، وأخذنا بعض هذه الترجمة من أقوال الشيخ وصفي المسدي في مقابلته مع الشيخ زهير الأتاسي وكتاب إمداد الفتاح-الرشيد-ص 256.
[6] تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري، الحافظ وأباظة-الجزء الثاني، ص 942


علامة حمص وأمين الفتوى وشيخ القراء

الشيخ عبد العزيز عيون السود

(1335ـ1399هـ=1917ـ1979م)

اسمه ومولده:

هو العلامة المقرئ المفسِّر الفقيه المحدِّث اللغوي؛أمين الإفتاء وشيخ القرَّاء؛ علامة حمص وعالمها؛ فريد عصره ودرَّة زمانه الشيخ أبو عبد الرحمن عبد العزيز بن الشيخ محمد علي بن الشيخ عبد الغني عيون السود الحمصي الحنفي.

ولد في مدينة حمص ليلة الخميس في الثامن من شهر جمادى الأولى عام 1335هـ الموافق للأول من شهر آذار عام1917م ؛ لأسرة عريقة في العلم والفضل ، فوالده (محمد علي)، وعمه(عبد الغفار) من كبار علماء حمص ومشايخها.

شيوخه:

نشأ الشيخ عبد العزيز في بيت علم ودين: وكان رحمه الله ذا همة عالية في طلب العلم والرحلة إليه حتى تخرج على كبار علماء عصره وأجيز منهم، ومن أبرز شيوخه:

والده الفقيه المفسِّر الشيخ محمد علي عيون السود، المدرس العام بالجامع النُّوري الكبير، ومدير المعهد العلمي الشرعي بحمص، المتوفى سنة 1371هـ رحمه الله تعالى .
عمه العلامة المفسِّر المحدِّث الشيخ عبد الغفار عيون السود، شيخ فقهاء حمص في وقته، ومرجع الفتوى في الفقه الحنفي ، المتوفى سنة 1350هـ رحمه الله تعالى.
العلامة الفقيه الحنفي الشيخ عبد القادر الخوجة المتوفى عام1373 رحمه الله تعالى.
العلامة الشيخ طاهر الرئيس رحمه الله تعالى .
الشيخ عبد الجليل مراد، المتوفى عام1399 رحمه الله تعالى .
العلامة الفقيه الشيخ محمد زاهد الأتاسي، مدير المدرسة الشرعيَّة الوقفيه بحمص، ورئيس علمائها، المتوفى عام1366=1947 رحمه الله تعالى .
العلامة اللغوي البارع الشيخ أنيس بن خالد كلاليب الفقيه الشافعي رحمه الله تعالى .
الشيخ محمد الياسين، عبد السلام بسمار الشافعي ،وهووالد فضيلة الشيخ أبو السعود بسمار رحمهما الله تعالى.
العلامة الفقيه النحوي الشيخ أحمد بن عمر صافي، المتوفى عام 1367 رحمه الله تعالى.
10.المقرئ سليمان الفارسي كوري المصري رحمه الله تعالى .

11. شيخ قراء دمشق محمد سليم الحلواني(1285ـ1363هـ =1868ـ1944م).

12.المقرئ الجامع عبد القادر قويدر العربيلي(1318ـ1379هـ =1900ـ1959م).

13.شيخ قراء الحجاز أحمد بن حامد الحسيني التيجي المصري، ثم المكي(1285ـ1368).

14.شيخ القراء في مصر العلامة علي بن محمد الضبَّاع ، المتوفى عام1380هـ رحمه الله تعالى .

15.الشيخ المسند المقرئ نُعيم بن أحمد النُّعيمي الجزائري المتوفى عام 1393 رحمه الله تعالى .

طلبه العلم:

تلقَّى عن عمِّه الشيخ عبد الغفار، وعن الشيخ عبد القادر الخوجه، والشيخ طاهر الرئيس ، والشيخ عبد الجليل مراد... وغيرهم. كما تلقى في دار العلوم الشرعيَّة التابعة للأوقاف عن الشيخ زاهد الأتاسي، والشيخ أنيس كلاليب، والشيخ محمد الياسين، والشيخ أحمد صافي، ووالده الشيخ محمد علي عيون السود، وتخرج فيها عام 1355هـ =1936م.

أصيب الشيخ بمرض قطعه عن الناس، فاغتنم الفرصة فحفظ القرآن الكريم، ومن ثمَّ تلقَّى القراءات السبع من طريق الشاطفية عن الشيخ سليمان الفارس كوري.

رحلته في طلب العلم:

ثم نزل دمشق فقرأ على شيخ قرائها محمد سليم الحلواني، القراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة. وفي وقت أخذه عنه كان يتردَّد إلى قرية عربيل( عربين) قرب دمشق ليأخذ عن المقرئ الشيخ عبد القادر قويدر العربيلي القراءات العشر الكبرى من الطيبة، حيث بدأ القراءة عليه في 15 شوال 1361هـ، وأتمَّ الختم في أربعة شهور بتاريخ 4ذي الحجة 1361هـ.

وقرأ في مكة المكرمة بعد الحج على شيخ قرَّاء الحجاز المقرئ أحمد بن حامد التيجي المكي القراءات الأربع عشرة بمضمن الشاطبية والدرَّة والطيبة والفوائد المعتبرة.

استأذن والده فرحل إلى مصر ، وتلقَّى القراءات الأربع عشرة من طريق الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة. كما تلقَّى المقدمة الجزرية، وعقيلة أتراب القصائد في الرسم ، وناظمة الزهر في علم الفواصل، وكلتاهما للشاطبي على شيخ المقارئ المصرية العلامة علي بن محمد الضَّبَّاع.

وقد أجازه علماء القراءات المذكورين كلهم. والشيخ عبد العزيز من أصحاب الأسانيد العالية في علم القراءات سواء في العشر الكبرى من الطيبة أو العشر الصغرى ، وذلك بتلقِّيه عن الشيخ الضباع العشر الكبرى، وبتلقِّيه العشر الصغرى عن الشيخ محمد سليم الحلواني، وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ستة وعشرون رجلاً، كلٌّ منهم مشهور بشيخ قرَّاء زمانه، وكلٌّ مشهود له بالتحقيق والتدقيق. وهذا إسناد ليس في زمنه أعلى منه، ولا أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

العلوم التي برز فيها:

وإلى جانب علمه في القراءات كان رحمه الله تعالى عالماً في التفسير يحقِّق فيه، وله باع في علم مصطلح الحديث، وقواعد الجرح والتعديل، حفظ الكتب الستة في الحديث والمسلسلات، وأجازه شيخه في الحديث وتلميذه في القراءات المحدث الشيخ نعيم بن أحمد النعيمي الجزائري(1327=1393)، وعنده إجازات أخرى في روايات الحديث.

تلقَّى الفقه الحنفي عن والده ، وعمه الشيخ عبد الغفار، وعن شيخه عبد القادر الخوجه، وهم فقهاء بالتلقِّي بالسند المتصل بأبي حنيفة رضي الله عنه، وكان مُتمكِّناً يُرجع إليه في معضلات الفقه حتى غدا المرجع الأعلى في حمص بالفقه.

وكان واسع الاطلاع في علوم العربية، ومحفوظاته كثيرة تبلغ نحواً من ثلاثة عشر ألف بيت من الشعر في العلم المختلفة.

تلاميذه:

افتتح دار الإقراء بحمص، وأخذ عنه الكثيرون علم التجويد ومخارج الحروف والقراءات والرسم والآي، وأجاز بالقراءات السبع عن طريق الشاطبية، والقراءات الثلاث فوق السبع من طريق الدرة فضيلة الشيخ عبد الغفار الدروبي، وتلقى عنه فضيلة الشيخ سعيد العبد الله؛ شيخ قرَّاء حماة، وأجاز المحدث النعيمي الجزائري الذي وفد خصيصًا من الجزائر للقراءة عليه، وتلقى عنه القراءات الأربع عشرة بمضمن الشاطبية والدرة والطيبة والفوائد المعتبرة، وقرأ عليه الشيخ محي الدين الكردي من دمشق ختمة كاملة لورش من طريق الأصبهاني من طريق الطيبة، وأجازه، وقرأ عليه آخرون وأجازهم، ومنهم الشيخ تميم الزُّعبي الحمصي، شيخ قراء المدينة المنورة ، والشيخ الدكتور محمد أيمن سويد الدمشقي.
آثاره العلمية:

من آثاره العلمية التي تركها:" الكوائن من الأمور والحوادث الغيبيَّة بين يدي الساعة" ،وهو من أَجَلِّ الآثار التي تركها، وقد أمضى دهراً طويلاً في تصنيفه واختيار آثاره من أمهات الكتب ، ويعدُّ من أهم الكتب التي تحدَّثت عن أشراط الساعة.

ـ والجداول في القراءات.

ـ ومنظومة: القول الأصدق في ما خالف فيه الأصبهاني الأزرق.

ـ ومنظومة: تلخيص صريح النص في الكلمات المختلفة فيها عن حفص، وقد شرحها ابنه عبد الرحمن بمنظومة أسماها:" توضيح تلخيص صريح النص في كل خُلف قد أتى عن حفص".

ـ النفس المطمئنة في كيفية إخفاء الميم الساكنة بغنَّة.

ـ المكاييل والأوزان الشرعيَّة ومعادلتها بالغرام.

ـ فقه الحج على مذهب الإمام أبي حنيفة .

ـ مجموعة من الأدعية والأذكار.

ورسائل أخرى كثيرة بالغة النفع، ومجلدات فتاويه.

أخلاقه:

جمع مع العلم التواضع للعلماء والمتعلمين؛ لكنه كان مع التواضع وقورًا مهيبًا، محبوبًا بين الناس، حسن العشرة والصحبة، يهتم بمرافقيه وطلابه، ويعتني بهم ، بارًا بوالديه وأعمامه، حريصًا على خدمتهم في حياتهم؛ و يكثر من زيارتهم بعد موتهم، ويذكرهم بالاحترام، بارًا بشيوخه وعلماء عصره؛ يحرص على رضاهم ويتردد إليهم.

كان قليل المزاح، كثير الذكر والتلاوة والصلاة، يحافظ على الصلوات لأوقاتها مع الجماعة، ، يديم التهجد، و يحرص على تطبيق السُّنَّة في أعماله وعباداته.

أما كرمه فقد كان فيه قليل النظير؛ فقد كان مُحبًّا للضيوف، ويكرمهم ويتولى شؤونهم، وبنى لهم غرفًا متصلة بمنزله ليؤمن لهم راحتهم، وقد ينزل به الضيف ومعه زوجته وأولاده، فجعل لهم غُرفًا غير الأماكن التي ينزل بها الرجال وحدهم، ولا يزهد بأيِّ ضيف منهم حتى لو كان صغيرًا، وقد ينزل عليه من لا يعرفه فيُحسن ضيافته واستقباله.

ولم تكن أحواله الماديَّة في سَعَة، ولهذا فقد اضطر أحيانًا لبيع بعض ما يملك، ومنها كتبه؛ للقيام بحق الضيافة، فقد باع مكتبته الثمينة النادرة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض،وقد حضر الدكتور الفاضل زاهر عواض الألمعي عميد شؤون المكتبات من الرياض لشرائها، ثم عوَّض بعض الكتب التي باعها حين تيَّسر له المال.

وفاته وحسن خاتمته:

وفي ليلة وفاته صلَّى ونام ، ثم أحس بالتعب ؛ لكنه قام للتهجد كعادته، فتوضَّأ للصلاة، وما إن بدأها حتى توفي في سجوده، وكان ذلك في السَّاعة الرابعة قبل الفجر؛ 13 صفر 1399هـ/13 كانون الثاني 1979م، ودُفن بزاوية من طرف مسجده الذي بناه قرب منزله بحمص، رحمه الله تعالى وأكرم مثواه.

تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري

942:2ـ945

مع زيادات وإفادات