Nader 3:16
31-10-2009, 07:35 PM
الحمد لله الذي خلق بقدرته البشر. و الصلاة و السلام على من أرسل الى كافة أهل البدو و الحضر.
الحمد لله الذي أعزّ الاسلام برجال كأبي بكر وعمر,رضي الله عنهما وعن جميع الصحابة و التابعين و من اقتفى الأثر .ثمّ أمّا بعد:
يقول الإمام إبن الجوزي:" تأملّت على أكثر الناس عباداتهم,فإذا هي عادات. فأما أرباب اليقظة فعبادتهم عبادة حقيقية. فإنّ الغافل يقول: سبحان الله عادة, و المتيقظ لا يزال فكره في عجائب المخلوقات,أو في عظمة الخالق,فيحركه الفكر في ذلك فيقول سبحان الله. ولو انّ انساناً تفكّر في رمانة فنظر في تصفيف حبّها و حفظها بالاغشية لئلا يتضائل واقامة الماء على عظم العجم و جعل الغشاء عليه يحفظه.
وتصوير الفرخ في بطن البيضة, و الآدمي في حشا الام, الى غير ذلك من المخلوقات: أرجعه هذا الفكر الى تعظيم الله فقال :سبحان الله.
وكان هذا التسبيح ثمرة الفكر. فهذا تسبيح المتيقظين. وما تزال افكارهم تجول فتقع عباداتهم بالتسبيحات محققة. وكذلك يتفكرون في قبائح ذنوب قد تقدمت فيوجب ذلك الفكر حباً للباطن وقلق القلب وندم النفس فيثمر ذلك ان يقول قائلهم استغفر الله.فهذا هو التسبيح و الاستغفار.فأما الغافلون فيقولون ذلك عادةً و شتّان بين الفريقين."(1) إنتهى كلامه
وكأنّ الامام رحمه الله يطرح المفارقة الكبرى بين من جعل من التسبيح والذكر عادة وطرب واهتزاز و من استحضر عظمة الموقف وخضوع القلب و انصياع الجوارح فنطق لسانه بالتسبيح ولو ملكت الجوارح والقلب ذلك لنطقت به. و يدعو الامام للتفكر والتأمل حتى يصدق اللسان بالتسبيح و قد أمر الله تعالى المؤمنين و الناس أجمعين التفكر في خلقه. فالانسان لن يهتدي لطريق الحق ولحقيقة العبادة و استحضار معانيها من خوف و رجاء دون تأمّل....
ثمّ ينتقل الامام للتفكر في قبائح ما اقترفته النفوس المقصرة, فتسلّل الندم الى العروق حتى وصل باب القلب فطرقه و دخل. وما يزال القلب يتألم من المعصية ويستحضر عاقبة الامر حتى يخرج الاستغفار الصادق من اللسان و تصفق له دموع العين.......
فكيف السبيل للتفّكر؟
(1): كتاب صيد الخاطر للإمام الزاهد إبن الجوزي.
الحمد لله الذي أعزّ الاسلام برجال كأبي بكر وعمر,رضي الله عنهما وعن جميع الصحابة و التابعين و من اقتفى الأثر .ثمّ أمّا بعد:
يقول الإمام إبن الجوزي:" تأملّت على أكثر الناس عباداتهم,فإذا هي عادات. فأما أرباب اليقظة فعبادتهم عبادة حقيقية. فإنّ الغافل يقول: سبحان الله عادة, و المتيقظ لا يزال فكره في عجائب المخلوقات,أو في عظمة الخالق,فيحركه الفكر في ذلك فيقول سبحان الله. ولو انّ انساناً تفكّر في رمانة فنظر في تصفيف حبّها و حفظها بالاغشية لئلا يتضائل واقامة الماء على عظم العجم و جعل الغشاء عليه يحفظه.
وتصوير الفرخ في بطن البيضة, و الآدمي في حشا الام, الى غير ذلك من المخلوقات: أرجعه هذا الفكر الى تعظيم الله فقال :سبحان الله.
وكان هذا التسبيح ثمرة الفكر. فهذا تسبيح المتيقظين. وما تزال افكارهم تجول فتقع عباداتهم بالتسبيحات محققة. وكذلك يتفكرون في قبائح ذنوب قد تقدمت فيوجب ذلك الفكر حباً للباطن وقلق القلب وندم النفس فيثمر ذلك ان يقول قائلهم استغفر الله.فهذا هو التسبيح و الاستغفار.فأما الغافلون فيقولون ذلك عادةً و شتّان بين الفريقين."(1) إنتهى كلامه
وكأنّ الامام رحمه الله يطرح المفارقة الكبرى بين من جعل من التسبيح والذكر عادة وطرب واهتزاز و من استحضر عظمة الموقف وخضوع القلب و انصياع الجوارح فنطق لسانه بالتسبيح ولو ملكت الجوارح والقلب ذلك لنطقت به. و يدعو الامام للتفكر والتأمل حتى يصدق اللسان بالتسبيح و قد أمر الله تعالى المؤمنين و الناس أجمعين التفكر في خلقه. فالانسان لن يهتدي لطريق الحق ولحقيقة العبادة و استحضار معانيها من خوف و رجاء دون تأمّل....
ثمّ ينتقل الامام للتفكر في قبائح ما اقترفته النفوس المقصرة, فتسلّل الندم الى العروق حتى وصل باب القلب فطرقه و دخل. وما يزال القلب يتألم من المعصية ويستحضر عاقبة الامر حتى يخرج الاستغفار الصادق من اللسان و تصفق له دموع العين.......
فكيف السبيل للتفّكر؟
(1): كتاب صيد الخاطر للإمام الزاهد إبن الجوزي.