المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المشربيات في طرابلس -صورة مميزة عن التراث الاسلامي في لبنان



فؤاد طرابلسي
03-11-2009, 02:20 PM
المشربيات في طرابلس -صورة مميزة عن التراث الاسلامي في لبنان
عن جريدة الشرق الأوسط من بيروت كتب مارون حداد مقالا عن المشربيات الاسلامية خاصة في طرابلس والتي وان كانت لا تشبه مثيلاتها في دمشق والقاهرة وقصر الحمراء ولكن تستحق الوقوف امامها لما تعنيه في تراث طرابلس الفريد الذي لا يزال يحافظ على روح العمارة والاخلاق الاسلامية رغم كل الاحداث والمشاكل التي تتعرض لها طرابلس. وبقول الكاتب نقلا عن الدكتور غالب أن المشربية واحدة من ثلاثة عناصر تتميز بها العمارة الإسلامية في أي بلد، إضافة إلى المقرنصات التي يعتبرها المستشرق الألماني ارنست كونل «من المعجزات المعمارية التي تنفرد بها العمارة الإسلامية»، والفقرات الحجرية الملونة المزررة التي شبهها المهندس المعماري الدكتور فريد شافعي بـ«ألغاز صعبة الحل.

وفي دراسة له عن المشربية في لبنان بشكل عام ومدينة طرابلس (شمال لبنان) بشكل خاص، وصفها الدكتور عبد الرحيم غالب بأنها «نوع من أنواع الفتحات الجدارية، تنفرد بها العمارة الإسلامية. وهي نافذة، ككل النوافذ التي تزود بها كل الأبنية. ولكنها نوافذ مميزة لها خصوصيتها. نوافذ جميلة طريفة، تعكس رؤية الإسلام المعمارية الإنسانية التي توفق بين الحاجة البنائية البيئية البحتة وكرامة العائلة المسلمة وحرمة البيت وخصوصية ساكنيه الذين يسبّحون الستّار.

ويرى الدكتور عبد الرحيم غالب أن «المشربيات في لبنان تختلف عن مثيلاتها القاهريات، وهي أكثر تواضعا وأصغر حجما وتتخذ عدة أشكال، ويغيب عن صناعتها كلها خشب الخرط وتسمى الخراجة». واعتبر أن «النوافذ في لبنان، بشكل عام، وفي طرابلس، بشكل خاص عدة أنواع: الخرَّاجة والشعرية أو القمرية والشمسية والشباك والطاقة… وأكثر النوافذ في العمارة التقليدية المحلية مستطيلة عموديا، غير بارزة، ولا تُسمى المشربيات، حتى لو اتسعت لوضع أوعية الشرب، وهي عادة مؤهلة لذلك، ورؤية الأباريق والجرار على هذه النوافذ كان مألوفا. وكانت هذه النوافذ تزود بمصراعين خشبيين أصمين ينفتحان إلى الخارج، وبآخرين زجاجيين ينفتحان إلى الداخل، يفصل بينهما عمق، يتجاوز الأربعين سنتيمترا أحيانا، وقد يتوسط هذه المساحة شباك نصفي من حديد أو خشب مع شعرية كاملة ثابتة أو نصفية متحركة، صعودا وهبوطا. ويظل عمق النافذة، في غالب الأحيان، يسمح باستقبال أوعية الماء الفخارية، بل وحتى جلوس الأولاد الصغار وأرجلهم تتدلى إلى الخارج متمسكين بأمان بقضبان الشباك. وإذا اصطلحنا على أن نطلق اسم النافذة على كل فتحة في جدار، عدا الأبواب، يمكن حصر أنواع النوافذ التقليدية في لبنان في نوعين اثنين: البارزة والمسطحة.

فعلى صعيد النوافذ البارزة، أكد غالب أن هذه النوافذ تكون عادة في الطبقات العليا، ومنها الخراجة وهي، كما يدل اسمها، نافذة تبرز خارج جدار البيت، وبسبب عادة الجلوس على الأرض، لا يرتفع أسفلها أكثر من 30 أو40 سم. بينما ترتفع فتحات النوافذ في الأبنية الحديثة إلى المتر. أكثر خراجات مدينة طرابلس مقطعها يتجاوز قليلا نصف الدائرة. وهي شبه أسطوانية الشكل، مثقوبة في أسفلها لتسهيل وضع الأوعية الفخارية، وفي الوقت نفسه، لتسريب ما تنضح به من ماء. وتبقى القطرات النادرة التي تقع على رؤوس المارة أقل أذى من تلك الشلالات التي تطلقها مكيفات الهواء.

ويوضح أن الشمسية هي «ألواح حجرية أو رخامية أو جصيّة مخرمة بأشكال هندسية أو توريقية أو كتابية مفرغة أو مـُـنـَـزَّلة بالزجاج الملون، وهذه الأخيرة هي الجصية عادة. ولعل الواجهات البارزة للأبنية الأنيقة التي أشرنا إليها قلّدتها باستعمال الزجاج الملون «المعشق» بالخشب. ولا بد من الإشارة إلى مشربيات قصر بيت الدين البارزة البديعة التي جمعت بين المشربية والشمسية.

ومن الشمسية إلى القمريّة التي يصفها بأنها «كوة صغيرة في أعلى الجدار يدخل منها النور إلى البيت؛ ولعلها سميت بالقمرية قياسا على الشمسية لأن النور الذي يدخل منها خافت كنور القمر. ويبدو أن العمارة الإسلاميّة الأولى لم تـُزوّد بنوافذ خارجية، وأول النوافذ كانت مرتفعة كالقمريات.