حامل المسك
14-01-2010, 06:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مجيب من سأله , و مثيب من علّق به رجاه و أمله . الكريم الذي من أقبل عليه قَبِلَه , و من أعرض عنه أرداه و خذله , و الصلاة و السلام على أشرف ماشٍ و راكب , محمد الذي حاكى جوده الغمام الساكب , و زاحم شرفه الكواكب بالمناكب , و على آله ذوي المكارم و المناقب , و صحبه النائلين بصحبته أعلى المراتب , و سلم تسليماً كثيرا . أما بعد
فإن المعاصي هي أسباب كل نقص و شر و فساد في الأديان و البلاد و العباد . قال تعالى : " و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير " . فما أهبط الأبوين من الجنة دار اللذة و النعيم , و البهجة و السرور , إلى دار الآلام و الأحزان و المصائب , إلا معصيتهما بأكلهما لقمة من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها .
و ما أخرج إبليس من ملكوت السماء , و طرده و لعنه و مسخ ظاهره و باطنه , و جعلت صورته أقبح صورة و أشنعها , و باطنه أقبح من صورته و أشنع , غير معصيته بامتناعه من سجدة واحدة أن سجدها ؟
و ما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ؟
و ما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ؟
و ما الذي رفع القرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ثم قلبها عليهم و أتبعوا بحجارة من سجيل ؟
و ما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى ؟
و ما الذي أغرق فرعون و قومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى نار جهنم ؟ فأبدانهم للغرق و أرواحهم للنار و الحرق , إلا المعاصي , فإنها هي التي دمرت عليهم و صَيَّرَتهم إلى سوء عاقبة في الدنيا و الآخرة .
و من ثمرات المعاصي : حرمان العلم و حرمان الرزق كما في السند < إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه > .
و منها : و حشة يجدها العبد بينه و بين الله , و بينه و بين الناس لاسيما أهل الخير منهم و منها تعسير أموره فلا يتوجه لأمر إلا وجده مغلقاً أو متعسراً عليه .
و منها حرمان الطاعة , و منها ظلمة القلب و جبنه و وهنه , و وهن البدن و تقصير العمر و محق بركته فإن البر كما يزيد بالعمر , فإن الفجور ينقصه .
و منها انسلاخ القلب من استقباحها , فتصير له عادة , و المعصية سبب لهوان العبد على ربه و سقوطه من عينه , و تورث الذل و لا بد و تفسد العقل , و إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها , و تدخل العبد تحت لعنة الله , و تحدث في الأرض أواعاً من الفساد في المياه و الهواءو الزروع و الثمار , و المساكن و الأشجار .
قال تعالى : " ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون " .
و عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : < يا معشر المهاجرين خمس خصال و أعوذ بالله أن تدركوهن . ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين و الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا , و لا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين و شدة المؤونة و جور السلطان , و ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا , و لا خَفَرَ قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم , و مالم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم > .
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : < ما طفف قوم كيلا و لا بخسوا ميزاناً إلا منعهم الله عز و جل القطر , و ما ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت , و ما ظهر في قوم الربا إلا سلط عليهم الجنون , و لا ظهر في قوم القتل يقتل بعضهم بعضاً إلا سلط الله عليهم عدوهم , و لا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف , و ما ترك قوم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم و لم يسمع دعاؤهم >.
و لا شيء يستجلب به الرزق , بل و كل خير , و يستدفع به كل سوء و شر , غير التوبة إليه سبحانه بالرجوع عما يكرهه من المعاصي , إلى ما يحبه من الطاعة , بأن يحقق العباد توحيدهم , و يباعدوا جميع ما ينافيه أو ينقصه أو يقدح فيه , و يحافظوا على فرائض دينهم من إقامة الصلوات و أداء الزكوات و غير ذلك و يجتنبوا محارمه من أنواع الفواحش و أجناس المسكرات و المخدرات و المفترات و الربا في المعاملات و الخيانة في الأمانات و استعمال أنواع الملهيات الصادة عن ذكر الله و عن الصلاة .
فعلينا جميعاً التوبة إلى الله و التآمر بالمعروف و التناهي عن المنكر و التعاون على ما فيه صلاح ديننا الذي به صلاح دنيانا و الفوز في آخرتنا . هذا و الله تعالى أعلم و أحكم .
الحمد لله مجيب من سأله , و مثيب من علّق به رجاه و أمله . الكريم الذي من أقبل عليه قَبِلَه , و من أعرض عنه أرداه و خذله , و الصلاة و السلام على أشرف ماشٍ و راكب , محمد الذي حاكى جوده الغمام الساكب , و زاحم شرفه الكواكب بالمناكب , و على آله ذوي المكارم و المناقب , و صحبه النائلين بصحبته أعلى المراتب , و سلم تسليماً كثيرا . أما بعد
فإن المعاصي هي أسباب كل نقص و شر و فساد في الأديان و البلاد و العباد . قال تعالى : " و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير " . فما أهبط الأبوين من الجنة دار اللذة و النعيم , و البهجة و السرور , إلى دار الآلام و الأحزان و المصائب , إلا معصيتهما بأكلهما لقمة من الشجرة التي نهيا عن الأكل منها .
و ما أخرج إبليس من ملكوت السماء , و طرده و لعنه و مسخ ظاهره و باطنه , و جعلت صورته أقبح صورة و أشنعها , و باطنه أقبح من صورته و أشنع , غير معصيته بامتناعه من سجدة واحدة أن سجدها ؟
و ما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ؟
و ما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ؟
و ما الذي رفع القرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم ثم قلبها عليهم و أتبعوا بحجارة من سجيل ؟
و ما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى ؟
و ما الذي أغرق فرعون و قومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى نار جهنم ؟ فأبدانهم للغرق و أرواحهم للنار و الحرق , إلا المعاصي , فإنها هي التي دمرت عليهم و صَيَّرَتهم إلى سوء عاقبة في الدنيا و الآخرة .
و من ثمرات المعاصي : حرمان العلم و حرمان الرزق كما في السند < إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه > .
و منها : و حشة يجدها العبد بينه و بين الله , و بينه و بين الناس لاسيما أهل الخير منهم و منها تعسير أموره فلا يتوجه لأمر إلا وجده مغلقاً أو متعسراً عليه .
و منها حرمان الطاعة , و منها ظلمة القلب و جبنه و وهنه , و وهن البدن و تقصير العمر و محق بركته فإن البر كما يزيد بالعمر , فإن الفجور ينقصه .
و منها انسلاخ القلب من استقباحها , فتصير له عادة , و المعصية سبب لهوان العبد على ربه و سقوطه من عينه , و تورث الذل و لا بد و تفسد العقل , و إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها , و تدخل العبد تحت لعنة الله , و تحدث في الأرض أواعاً من الفساد في المياه و الهواءو الزروع و الثمار , و المساكن و الأشجار .
قال تعالى : " ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون " .
و عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال : كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : < يا معشر المهاجرين خمس خصال و أعوذ بالله أن تدركوهن . ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين و الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا , و لا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين و شدة المؤونة و جور السلطان , و ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا , و لا خَفَرَ قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم , و مالم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم > .
و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : < ما طفف قوم كيلا و لا بخسوا ميزاناً إلا منعهم الله عز و جل القطر , و ما ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت , و ما ظهر في قوم الربا إلا سلط عليهم الجنون , و لا ظهر في قوم القتل يقتل بعضهم بعضاً إلا سلط الله عليهم عدوهم , و لا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف , و ما ترك قوم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم و لم يسمع دعاؤهم >.
و لا شيء يستجلب به الرزق , بل و كل خير , و يستدفع به كل سوء و شر , غير التوبة إليه سبحانه بالرجوع عما يكرهه من المعاصي , إلى ما يحبه من الطاعة , بأن يحقق العباد توحيدهم , و يباعدوا جميع ما ينافيه أو ينقصه أو يقدح فيه , و يحافظوا على فرائض دينهم من إقامة الصلوات و أداء الزكوات و غير ذلك و يجتنبوا محارمه من أنواع الفواحش و أجناس المسكرات و المخدرات و المفترات و الربا في المعاملات و الخيانة في الأمانات و استعمال أنواع الملهيات الصادة عن ذكر الله و عن الصلاة .
فعلينا جميعاً التوبة إلى الله و التآمر بالمعروف و التناهي عن المنكر و التعاون على ما فيه صلاح ديننا الذي به صلاح دنيانا و الفوز في آخرتنا . هذا و الله تعالى أعلم و أحكم .