المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانتخابات البلديّة بين سباق إجرائها وإصلاحاتها



وسيم أحمد الفلو
28-01-2010, 06:41 PM
نقولا ناصيف (الأخبار)

في الظاهر يريد الجميع الانتخابات البلدية. في الباطن لا يريدونها تماماً. ولا يقول الذين لا يريدونها إنهم لا يريدونها. وإذا أجريت، لن يكونوا راضين عنها، وقد يسعون من غير أن يفصحوا إلى الحؤول دونها. ذلك هو فحوى الجدل القائم
بناءً على اقتراح رئيس الجمهورية، تُخصَّص جلسة مجلس الوزراء غداً لمناقشة تقرير وزير الداخلية زياد بارود عن إصلاحات تمهّد لإجراء الانتخابات البلدية. ورغم أن أياً من الأفرقاء المعنيين، الجالسين إلى طاولة مجلس الوزراء أو خارجه، لم يقل إنه ضد إجرائها، وعلى وفرة مغالاة معظمهم في تأكيد الإصرار عليها، فإن انطباعات غامضة لدى أكثر من مرجع تنبئ بأكثر من ذريعة لتأجيلها بعدما خرج الجميع منهَكين من انتخابات 7 حزيران والدروس السياسية التي استخلصها الرابحون والخاسرون على السواء. وهكذا تشير المواقف المعلنة من جهة، والإشارات الملتبسة من جهة أخرى، إلى معطيات متناقضة حيال مصير هذا الاستحقاق:

أولها، أن الرئيس سعد الحريري، على رأس أول حكومة يترأسها، يحاذر الظهور مظهر الراغب في تأجيل الانتخابات، وهو أول استحقاق دوري وديموقراطي تواجهه حكومته كي تعبّر من خلاله عن تماسكها ووحدتها، وإن يكن وزراؤها يعرف بعضهم أنه سيخوض هذه الانتخابات في مواجهة البعض الآخر. أضف أن الانتخابات البلدية تضع رئيس الحكومة أيضاً أمام امتحان زعامته السياسية وفي طائفته، كي يستخلص منها خصوصية مختلفة عن تلك التي ربح من خلالها انتخابات الصيف الماضي.

وكانتخابات 2009 سيكون معنياً هذه المرة بالفوز في بلديات يخوض تجربتها للمرة الأولى. بيروت محسومة الولاء له، وكذلك بلديات البقاع الغربي وعكار بغية استثمار مغزى الانتصار في الانتخابات النيابية. لكن الامتحان يكمن كذلك في بلديتين كبريين: صيدا التي يترأسها عبد الرحمن البزري، ويرجّح المحيطون بالحريري حصوله على 15 مقعداً تمكّنه في أحسن الأحوال - إذا تعذّر عليه الفوز بمجلسها كله - من الإمساك بنصاب النصف + 1 الذي يتيح له انتزاع رئاستها من البزري. يعوّل في هذا الجهد على قطبي تيّار المستقبل في صيدا، الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري اللذين كسرا الثنائية النيابية في المدينة، ويسعيان إلى الاستئثار بأحاديتها البلدية.

أما طرابلس، فلن يقلّ التنافس فيها عن صيدا، بل ستبدو أكثر تعقيداً في ظلّ تعدّدية مراجعها السياسية التي تشمل الرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي وتيّار المستقبل عبر النائب سمير الجسر، إلى زعماء وتيارات سياسية محلية. ولأن لافتة السياسة في الانتخابات النيابية لا تلائم الانتخابات البلدية، فإن الائتلافات المتوقعة للمجلس البلدي لطرابلس ستصطدم بأكثر من عرض قوة لن يسع الحريري وحده السيطرة عليه. بل سيجد نفسه بين حدّي عدم تأجيل الانتخابات البلدية كي يضيفها إلى عباءة زعامته السنّية وامتدادها إلى أبعد من بيروت وطرابلس، وفي الوقت نفسه مراعاة توازن القوى ومصالح حلفائه في طرابلس، والأخذ في الاعتبار خصوصاً تأثّر العائلات بتعدّد تلك المراجع، بما فيها تلك التي خسرت انتخابات الصيف.

ثانيها، أن ما يصحّ قوله على بلديتي صيدا وطرابلس، ينطبق أيضاً، بحدّة أكثر إقلاقاً، على بلدية زحلة. وستمثّل انتخابات بلديات المدن الكبرى الثلاث أوسع تصفية حساب سياسي منذ نتائج انتخابات حزيران التي تركت أثرها على البلديات الكبيرة تلك، إلا أنها أعدّت أرضاً خصبة لمطحنة تنافس انتخابي بين العائلات، ومن ورائها الأحزاب والتيارات، سواء بغية نقض نتائج الانتخابات النيابية أو تثبيتها. وستكون زحلة النموذج الأكثر تعبيراً عن ضراوة تصفية الحساب العائلي.

ثالثها، أن الانتخابات البلدية لا تتقدّم الاستحقاقات التي ينتظرها رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في انتظار استكمال استدارته السياسية حيال سوريا. إلا أن استدارته هذه ستُلقي بثقلها على الانتخابات البلدية، وأخصّها في القرى الشوفية المسيحية التي يمتد إليها نفوذ الزعيم الدرزي، وتجعله للمرة الأولى في واجهة ما ترتب على خروجه في 2 آب الماضي من قوى 14 آذار. وهو ما سينعكس أيضاً على بلديات الشوفَين الأوسط والساحلي، السنّية والمسيحية.

رابعها، الغموض والتشويش المتبادلان بين الأفرقاء المسيحيين في بلديات جبل لبنان الشمالي وبعبدا وجزين لدى كل من الرئيسين أمين الجميّل وميشال عون وسمير جعجع. إذ يجري كل منهم تقويماً للوزن التمثيلي للفريق الآخر تحت وطأة عوامل الحذر والمبالغة وعدم الاستعداد الكافي لخوض انتخابات، لا يحسم الاحتقان السياسي بالتأكيد نتائجها. ذلك أن أياً منهم لن يسعه الاستعانة بشعارات سياسية للفوز، بل بتقدير استقطاب العائلات وإدارة تناقضاتها ومصالحها، لكون هذه تمثّل المعيار الرئيسي للنهوض بلوائح متنافسة ينطوي كل منها على أوسع مقدار من الائتلاف العائلي. في جانب من الحذر والمبالغة أن الفئة العمرية الجديدة المدعوة إلى الاقتراع - في حال إقرار تعديل المادة الـ21 من الدستور - لا تبدو واضحة تماماً بعد اتجاهاتها الشخصية، كما اتجاهات عائلاتها التي تقود أصوات الاقتراع إلى التنافس العائلي.

ولا يبدو النائب ميشال المرّ بعيداً عن وطأة الاستحقاق الجديد. في انتخابات 1998 و2004 حصد العدد الأكبر من بلديات المتن، تجاوز أكثر من 40 بلدية في الاستحقاق الثاني، في ظلّ عاملين مقرّرين لعبا دوراً حاسماً أيضاً في نتائج الانتخابات النيابية عامي 1996 و2000: تحالفه مع دمشق الذي أزال العقبات من طريقه، ووجوده - ثم ابنه الوزير الياس المرّ - على رأس وزارة الداخلية، فوضع بين يديه أوسع قدرات السلطة والنفوذ، الأمر الذي لم يعد متوافراً على أبواب انتخابات 2010: لا التحالف مع دمشق، ولا وزارة الداخلية. أضف استعادة الجميّل نفوذه المتني، وتحوّل عون منذ عام 2005 زعيماً قوياً في المنطقة. ولعلّ نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في المتن أبرَزَت هذا الواقع الجديد عندما فاز المرّ الأب وحده فيها. بالتأكيد هو الأكثر فاعلية في التقاط نبض العائلات ومراعاة حساسياتها وتنافسها واستجابة مصالحها. والأكثر استعداداً من عون على الأقل لخوض انتخابات يعرف مفاتيح الولوج إليها.

خامسها، يقارب رئيس المجلس نبيه برّي وحزب الله الانتخابات البلدية من حساب مزدوج: التفاهم على تقاسم الحصص، وعدم الانخراط في انتخابات تحيط بها مخاوف من اعتداء إسرائيلي محتمل. وبمقدار ما يبدو الحساب الأول سهل المقاربة، وقد اعتاد الطرفان في الانتخابات البلدية عامي 1998 و2004 استباقها بلجان عمل مشتركة تنظم تفاهمهم على السيطرة على بلديات الجنوب والبقاع - وهما يأخذان في الاعتبار مصالح العائلات ونفوذها - فإن الكلام الرائج في أوساط الفريق الشيعي عن أن سنة 2010 قد تكون صعبة، ومحفوفة بخطر اعتداء إسرائيلي يستهدف المقاومة، يسهّل التكهّن بتأجيل محتمل. وإذ يتصرّف الحزب على أنه متيقّن من قدراته على مواجهة أي عدوان إسرائيلي، لا يخفي ميله إلى تأجيل ينظر إليه بجدّية، ولا يستحسن إدارة حملات انتخابية تحت وطأة قلق من وقوع العدوان. كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله قد خاطب، قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، المسؤولين بحضّهم على تأجيل الاستحقاقات المهمة سنة بغية توفير مناخات ملائمة لها، ينصرفون خلالها إلى أولويات المواطنين. كانت تلك إشارة الحزب إلى عدم ممانعته في تأجيل الانتخابات البلدية، ريثما يتدارك المسار الغامض الذي يحيط بالمنطقة.

بين وبين

لا يبدو حتمياً السباق بين إجراء الانتخابات البلدية، وإدخال إصلاحات الحدّ الأدنى توصّلاً إلى قانون موحّد للانتخابات البلدية يتضمّن الأحكام الانتخابية وقانون المختارين (1947) وقانون البلديات (1977) وقانون الانتخابات النيابية (2008). وهو ما ينطوي عليه تقرير وزير الداخلية أمام مجلس الوزراء غداً. ولا يعني الجدل حول أولوية الانتخابات على الإصلاحات، أو الإصلاحات على الانتخابات، إلا محاولة لترحيل الإصلاحات ست سنوات أخرى، وهي المعادلة التي يحاول الوزير بارود إرساءها عبر التوفيق بين الإصلاحات وإجراء الانتخابات في موعدها، كي لا يستعيد لبنان تجربة اعتادتها البلديات. عام 1963 كان موعد آخر انتخابات بلدية أجريت آنذاك. على أبواب الانتخابات التالية عام 1967 - وكانت ولاية المجالس البلدية والاختيارية أربع سنوات - فتح باب تمديد الولاية سنة تلو أخرى حتى اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975. وبعد طيّ صفحة الحرب عام 1990 لم يُقتَدَ بالانتخابات النيابية عام 1992 إلا عام 1998 مع إجراء أول انتخابات بلدية واختيارية، عندما جمعت 45 ألف مرشح لـ950 بلدية. بذلك حدّد وزير الداخلية خطوات متزامنة تنتزع أي ذريعة تتوخى تحميله مسؤولية التأجيل:

1 - احترام المهلة القانونية للانتخابات البلدية بغية إجرائها بصفتها استحقاقاً دورياً.

2 - وضع قانون موحّد للانتخابات البلدية يجمع الأحكام الانتخابية وقوانين المختارين والبلديات والانتخابات النيابية (المادة 16 تحديداً) في تشريع واحد.

3 - إجراءات إصلاحات فورية لا تهدّد موعد الانتخابات البلدية، إلا أنها تشرّع الآمال على صدقية الإصلاح، كانتخاب رئيس المجلس البلدي ونائبه بالاقتراع المباشر، واعتماد النسبية في البلديات الكبرى ممّن يتألف مجلسها من 21 عضواً وما يزيد بهدف إدارة أفضل للتنوّع، وضمان أكثر تمثيلاً للعائلات لا يقتصر على البعد السياسي فحسب، بل يتناول أيضاً - تحقيقاً للعدالة - البعد الطائفي.

ويبدو هذا الاقتراح بديلاً من آخر يقول بتقسيم بيروت، توصّلاً إلى المعايير نفسها التي توفرها قاعدة النسبية.

أيمن غ القلموني
28-01-2010, 08:06 PM
أين القلمون ؟؟؟؟


لش مش مذكورة من ضمن المناطق الساخنة !! :rolleyes: