حامل المسك
05-02-2010, 07:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شهدت وحدانيته بديع مصنوعاته , و نطقت بتسبيحه و تحميده جميع مخلوقاته , و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته و إلهيته و أسمائه و صفاته , و أشهد أن محمداً عبده و رسوله المصطفى من جميع برياته , الذي عرج به إليه حتى رفعه فوق سبع سماواته , ففرض عليه خمسين صلاة ثم شفع إلى ربه في التخفيف عن أمته فصارت إلى خمس و ذلك من بركاته , اللهم صل على محمد و على آله و أصحابه و أهل موالاته أما بعد .
فإن الصلاة مَحَكّ الأحوال و القلوب , فيها يظهر حال العبد و مقامه من إيمانه , إن كان محبّاً , أو خائفاً , أو راجياً , أو ذا خشيةٍ , أو ذا قربٍ , أو ذا حضورٍ , أو ذا تَعَلُّقٍ بالله , كل ذلك يظهر في الصلاة .
فمن احتوشته الوساوس في الصلاة بحيث لا يفقه ما يقرأ فيها و لا يجد لذّة الحضور و المعاملة مع الله عز و جل فيها , و لا حال له و لا مقام , يصلي بجسمه و قلبه يجول في أفكار الدنيا و تدبير أمورها فلم يُقبِل على الله بقلبه و لا حصل له الخشوع الموجب للفلاح كما قال تعالى : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " .
أما المؤمنون أهل الله عز و جل , إذا توجه أحدهم إلى المسجد فينوي زيارة الله عز و جل في بيته و إجابة داعيه – و هو المؤذن – يَرى أنه داعي الله , و ينوي إقامة فريضة الله , و الحضور بين يدي الله , فإذا قال : الله أكبر , فلا يجد في قلبه أكبر من الله فيتوسوس به , ثم يقف بين يدي الله عز و جل حاضر القلب عالماً بأن الله عز و جل يراه و يرى مكانه و يسمع نجواه و يعلم قصده و نيته في ضميره فيقول : " الحمد لله رب العالمين " مناجياً بذلك لربه الكريم فإذا بلغ : " إياك نعبد " حضر حضوراً آخر أَخَصَّ من الحضور الأول , فإن ذلك خطاب الحاضر للحاضرين , ثم يقرأ القرآن بتدبر و تَفَهُّم , يفهم عن الله عز و جل مراده , كأنه يقرأ على الله عز و جل , أو يسمعه من الله عز و جل , فيتنبه لوعد الله و وعيده و تخويفه و تحذيره , فإن الله عز و جل في كل كلمة معنىً يقتضي بها من عباده عبودية خاصة , من خوف أو رجاء أو ذكر أو تصديق أو اتعاظ أو محبة أو شوق أو رغبة أو رهبة أو قرب أو اتصال , فيفهم عن الله عز و جل مراده و يقوم بما يقتضيه المعنى من العبودية فيكون في ذلك كما قال الله عز و جل : " يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به " .
و أعظم من ذلك أن يَستَجليَ العبد من الآيات معاني صفات المتكلم , فيُرزَق بذلك المشاهدة بقلبه , فإنه سبحانه يتكلم بكلامِ عظيمٍ و رحيمٍ و جبارٍ و ملكٍ و قهارٍ , فيظهر لقلب العارف في كل آية الوصف الذي ظهر المتكلم به في ذلك المعنى , فيجمع لهذا العبد العارف بين الصلاة و التلاوة و الفهم عن الله عز و جل , و الوقوف على عظمة صفات الله عز و جل .
أسأل الله الرحيم الرحمن , أن يجعلنا من أهل المحبة و العرفان , و أن يعيننا على التخلص من وساوس الشيطان , إنه جواد كريم منان .
يتبع .
الحلقة القادمة بعون الله بعنوان < إنقسام الناس في الصلاة أربع فرق > .
الحمد لله الذي شهدت وحدانيته بديع مصنوعاته , و نطقت بتسبيحه و تحميده جميع مخلوقاته , و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته و إلهيته و أسمائه و صفاته , و أشهد أن محمداً عبده و رسوله المصطفى من جميع برياته , الذي عرج به إليه حتى رفعه فوق سبع سماواته , ففرض عليه خمسين صلاة ثم شفع إلى ربه في التخفيف عن أمته فصارت إلى خمس و ذلك من بركاته , اللهم صل على محمد و على آله و أصحابه و أهل موالاته أما بعد .
فإن الصلاة مَحَكّ الأحوال و القلوب , فيها يظهر حال العبد و مقامه من إيمانه , إن كان محبّاً , أو خائفاً , أو راجياً , أو ذا خشيةٍ , أو ذا قربٍ , أو ذا حضورٍ , أو ذا تَعَلُّقٍ بالله , كل ذلك يظهر في الصلاة .
فمن احتوشته الوساوس في الصلاة بحيث لا يفقه ما يقرأ فيها و لا يجد لذّة الحضور و المعاملة مع الله عز و جل فيها , و لا حال له و لا مقام , يصلي بجسمه و قلبه يجول في أفكار الدنيا و تدبير أمورها فلم يُقبِل على الله بقلبه و لا حصل له الخشوع الموجب للفلاح كما قال تعالى : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " .
أما المؤمنون أهل الله عز و جل , إذا توجه أحدهم إلى المسجد فينوي زيارة الله عز و جل في بيته و إجابة داعيه – و هو المؤذن – يَرى أنه داعي الله , و ينوي إقامة فريضة الله , و الحضور بين يدي الله , فإذا قال : الله أكبر , فلا يجد في قلبه أكبر من الله فيتوسوس به , ثم يقف بين يدي الله عز و جل حاضر القلب عالماً بأن الله عز و جل يراه و يرى مكانه و يسمع نجواه و يعلم قصده و نيته في ضميره فيقول : " الحمد لله رب العالمين " مناجياً بذلك لربه الكريم فإذا بلغ : " إياك نعبد " حضر حضوراً آخر أَخَصَّ من الحضور الأول , فإن ذلك خطاب الحاضر للحاضرين , ثم يقرأ القرآن بتدبر و تَفَهُّم , يفهم عن الله عز و جل مراده , كأنه يقرأ على الله عز و جل , أو يسمعه من الله عز و جل , فيتنبه لوعد الله و وعيده و تخويفه و تحذيره , فإن الله عز و جل في كل كلمة معنىً يقتضي بها من عباده عبودية خاصة , من خوف أو رجاء أو ذكر أو تصديق أو اتعاظ أو محبة أو شوق أو رغبة أو رهبة أو قرب أو اتصال , فيفهم عن الله عز و جل مراده و يقوم بما يقتضيه المعنى من العبودية فيكون في ذلك كما قال الله عز و جل : " يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به " .
و أعظم من ذلك أن يَستَجليَ العبد من الآيات معاني صفات المتكلم , فيُرزَق بذلك المشاهدة بقلبه , فإنه سبحانه يتكلم بكلامِ عظيمٍ و رحيمٍ و جبارٍ و ملكٍ و قهارٍ , فيظهر لقلب العارف في كل آية الوصف الذي ظهر المتكلم به في ذلك المعنى , فيجمع لهذا العبد العارف بين الصلاة و التلاوة و الفهم عن الله عز و جل , و الوقوف على عظمة صفات الله عز و جل .
أسأل الله الرحيم الرحمن , أن يجعلنا من أهل المحبة و العرفان , و أن يعيننا على التخلص من وساوس الشيطان , إنه جواد كريم منان .
يتبع .
الحلقة القادمة بعون الله بعنوان < إنقسام الناس في الصلاة أربع فرق > .