فؤاد رضا
18-02-2010, 03:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد،
فهذا تعريف سريع عن جَدي السيد الإمام محمد رشيد رضا (صاحب المنار):
ولد السيد الإمام محمد رشيد رضا الحسيني الحسني يوم الثلاثاء 27 من جمادى الأولى سنة 1282هـ الموافق 17 أكتوبر – تشرين أول 1865م، في دارة المشايخ التي بناها أجداده، وبَنَوا بجوارها المسجد الملاصق، في بلدة القلمون، طرابلس، منتميًا إلى أسرة كريمة النسب من العترة النبوية الشريفة. وبيت آل رضا، بيت المشايخ، هو بيت علم ودين وقيادة وريادة، فلقب (شيخ) في لبنان لا يعني فقط العلم والدين؛ ولكنه يُطلق أيضًا على من بايعهم الناس على الرياسة والزعامة، فلا فرق بين مسلم ومسيحي في هذا اللقب، غير أن بيت آل رضا تميز بأنه من البيوتات القليلة التي تحمل معنيا اللقب.
نَشَّأَهُ والده الشيخ علي رضا على العلم، ثم التحق بالمدارس الدينية في طرابلس، مدينة العلم والعلماء، فتتلمذ على يد مشايخه: حسين الجسر، ومحمود نشَّابة (أجازه في علم الحديث)، وعبد الغني الرافعي، وأبي المحاسن القاوقجي. وتأثر من عمه بكتاب إحياء علوم الدين لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي. ولكن عثوره في مكتبة أبيه على أعداد مجلة «العروة الوثقى»، التي نشرها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده غيَّرت منهاجه في الإصلاح، وتاق للاتصال بهما.
وعندما صار عمره ثلاثة وثلاثون عامًا: «ضاقت عليَّ المملكة العثمانية بما رحبت، وعزمتُ على الهجرة إلى مصر لما فيها من حرية العمل، واللسان، والقلم، ومن مناهل العلم العذبة الموارد، ومن طرق النشر الكثيرة المصادر، وكان أعظم ما أرجوه من الاستفادة في مصر؛ الوقوف على ما استفاده الشيخ محمد عبده من الحكمة والخبرة، وخطة الإصلاح التي استفادها من صحبة السيد جمال الدين، وأن أعمل معه وبإرشاده في هذا الجو الحُر». فسافر عام 1315هـ الموافق 1897م إلى الأسكندرية، ثم إلى القاهرة حيث: «اتصلت بالأستاذ الإمام من أول يوم طلعت عليَّ فيه شمس القاهرة»، وصارحه بأنه ينوي أن يجعل من الصحافة ميدانًا لعمله الإصلاحي، ودارت مناقشات طويلة بين الإمامين الجليلين، وأقنع التلميذ شيخه بأن يُلقي درسًا في التفسير في الأزهر ليقوم هو بنشره في مجلة «المنار» التي أنشأها وأنشأ لها مطبعة كانت الثالثة في المشرق العربي، لنشر العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولمقاومة الجهل والخرافات والبدع، فكان لمنار رشيد رضا الأثر الكبير في الأمة.
توفي محمد رشيد رضا يوم الخميس 23 من جمادى الأولى 1354هـ الموافق 22 من أغسطس - آب 1935م. وكانت آخر عبارة قالها في تفسيره: «فنسأله تعالى أن يجعل لنا خير حظ منه بالموت على الإسلام»، وذلك عقب تفسيره دعاء يوسف عليه السلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين}[يوسف:101].
بلا شك أن رشيد رضا كان أحد مجددي عصره، فقد كان منهاجه «التجديد بالمأثور»، أي إعادة الأمه الإسلامية إلى سابق مجدها بالعودة إلى أصول الإسلام: القرآن والسنة النبوية الصحيحة، وسيرة الصحابة والتابعين، وترك الخلافات الفقهية التي لاطائل منها، التي أدت إلى نسيان الأصول التي قام عليها الإسلام، الذي ساد به المسلمون مشارق الأرض ومغاربها بسرعة أذهلت العالم بما هو غير مسبوق ولا ملحوق في تاريخ البشرية.
لُقب محمد رشيد رضا بـ «السيد الإمام» لأنه منسوب للحسين بن عليّ رضي الله عنهما، وهو أيضا حَسني من جهة أمه، ولقب بـ «خليفة الأستاذ الإمام ووارثه»، و«محيي السُنة»، و«ثالث سلسلة رجال الإصلاح»، وسماه الخديوي عباس حلمي الثاني «لسان الإسلام»، وغير ذلك كثير. وقد نُشرت كتبه وترجمت للغات عدة، وكُتب عنه الكثير من الكتب والدراسات بلغات مختلفة.
ونحن إذ نعيد نشر تراث السيد الإمام محمد رشيد رضا، نحرص على الإلتزام بأمانة النص، وحقه الشرعي في نشر كلامه كاملاً كما كَتب بدون تحريف، بما له وما عليه، أو كما قال الإمام مالك بن أنس: «كل أحد يؤخذ من كلامه ويُرَدُّ عليه، إلا صاحب هذا القبر»،ويشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، خاصةً أن رشيد رضا هو صاحب قاعدة المنار الذهبية: «نتعاون على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه».
وقد من الله علينا – أنا وزوجتي السيدة ثريا بنت المربي الفاضل الأستاذ فؤاد محمد الولي من طرابلس لبنان، وأولادي: أروي ونهى وأحمد ومنار ومحمد – بالعمل سوية لإعادة نشر هذا التراث، وندعوا الله أن يُتم فضله علينا حتى نتمكن من نشره كاملاً.
والله نسأل أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصًا لوجهه تعالى إنه هو السميع المجيب.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
فؤاد سعيد بن محمد شفيع بن محمد رشيد رضا
الخميس، 04 ربيع الأول، 1431 الموافقالخميس، 18 فبراير، 2010
Fouad Reda, President, Dar Almanar, LLC
Minneapolis, Minnesota, USA
قاعدةالمنار الذهبية للسيد الإمام محمد رشيد رضا
نتعاون على ما نتفق عليه ويعذر بعضنابعضًا فيما نختلف فيه
Al-Manar Golden Rule, by al-Sayyid al-Imam Mohamed Rashid Reda: “Let’s cooperate on what we agree upon, and excuse one another for what we disagree upon.”
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد،
فهذا تعريف سريع عن جَدي السيد الإمام محمد رشيد رضا (صاحب المنار):
ولد السيد الإمام محمد رشيد رضا الحسيني الحسني يوم الثلاثاء 27 من جمادى الأولى سنة 1282هـ الموافق 17 أكتوبر – تشرين أول 1865م، في دارة المشايخ التي بناها أجداده، وبَنَوا بجوارها المسجد الملاصق، في بلدة القلمون، طرابلس، منتميًا إلى أسرة كريمة النسب من العترة النبوية الشريفة. وبيت آل رضا، بيت المشايخ، هو بيت علم ودين وقيادة وريادة، فلقب (شيخ) في لبنان لا يعني فقط العلم والدين؛ ولكنه يُطلق أيضًا على من بايعهم الناس على الرياسة والزعامة، فلا فرق بين مسلم ومسيحي في هذا اللقب، غير أن بيت آل رضا تميز بأنه من البيوتات القليلة التي تحمل معنيا اللقب.
نَشَّأَهُ والده الشيخ علي رضا على العلم، ثم التحق بالمدارس الدينية في طرابلس، مدينة العلم والعلماء، فتتلمذ على يد مشايخه: حسين الجسر، ومحمود نشَّابة (أجازه في علم الحديث)، وعبد الغني الرافعي، وأبي المحاسن القاوقجي. وتأثر من عمه بكتاب إحياء علوم الدين لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي. ولكن عثوره في مكتبة أبيه على أعداد مجلة «العروة الوثقى»، التي نشرها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده غيَّرت منهاجه في الإصلاح، وتاق للاتصال بهما.
وعندما صار عمره ثلاثة وثلاثون عامًا: «ضاقت عليَّ المملكة العثمانية بما رحبت، وعزمتُ على الهجرة إلى مصر لما فيها من حرية العمل، واللسان، والقلم، ومن مناهل العلم العذبة الموارد، ومن طرق النشر الكثيرة المصادر، وكان أعظم ما أرجوه من الاستفادة في مصر؛ الوقوف على ما استفاده الشيخ محمد عبده من الحكمة والخبرة، وخطة الإصلاح التي استفادها من صحبة السيد جمال الدين، وأن أعمل معه وبإرشاده في هذا الجو الحُر». فسافر عام 1315هـ الموافق 1897م إلى الأسكندرية، ثم إلى القاهرة حيث: «اتصلت بالأستاذ الإمام من أول يوم طلعت عليَّ فيه شمس القاهرة»، وصارحه بأنه ينوي أن يجعل من الصحافة ميدانًا لعمله الإصلاحي، ودارت مناقشات طويلة بين الإمامين الجليلين، وأقنع التلميذ شيخه بأن يُلقي درسًا في التفسير في الأزهر ليقوم هو بنشره في مجلة «المنار» التي أنشأها وأنشأ لها مطبعة كانت الثالثة في المشرق العربي، لنشر العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولمقاومة الجهل والخرافات والبدع، فكان لمنار رشيد رضا الأثر الكبير في الأمة.
توفي محمد رشيد رضا يوم الخميس 23 من جمادى الأولى 1354هـ الموافق 22 من أغسطس - آب 1935م. وكانت آخر عبارة قالها في تفسيره: «فنسأله تعالى أن يجعل لنا خير حظ منه بالموت على الإسلام»، وذلك عقب تفسيره دعاء يوسف عليه السلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين}[يوسف:101].
بلا شك أن رشيد رضا كان أحد مجددي عصره، فقد كان منهاجه «التجديد بالمأثور»، أي إعادة الأمه الإسلامية إلى سابق مجدها بالعودة إلى أصول الإسلام: القرآن والسنة النبوية الصحيحة، وسيرة الصحابة والتابعين، وترك الخلافات الفقهية التي لاطائل منها، التي أدت إلى نسيان الأصول التي قام عليها الإسلام، الذي ساد به المسلمون مشارق الأرض ومغاربها بسرعة أذهلت العالم بما هو غير مسبوق ولا ملحوق في تاريخ البشرية.
لُقب محمد رشيد رضا بـ «السيد الإمام» لأنه منسوب للحسين بن عليّ رضي الله عنهما، وهو أيضا حَسني من جهة أمه، ولقب بـ «خليفة الأستاذ الإمام ووارثه»، و«محيي السُنة»، و«ثالث سلسلة رجال الإصلاح»، وسماه الخديوي عباس حلمي الثاني «لسان الإسلام»، وغير ذلك كثير. وقد نُشرت كتبه وترجمت للغات عدة، وكُتب عنه الكثير من الكتب والدراسات بلغات مختلفة.
ونحن إذ نعيد نشر تراث السيد الإمام محمد رشيد رضا، نحرص على الإلتزام بأمانة النص، وحقه الشرعي في نشر كلامه كاملاً كما كَتب بدون تحريف، بما له وما عليه، أو كما قال الإمام مالك بن أنس: «كل أحد يؤخذ من كلامه ويُرَدُّ عليه، إلا صاحب هذا القبر»،ويشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، خاصةً أن رشيد رضا هو صاحب قاعدة المنار الذهبية: «نتعاون على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه».
وقد من الله علينا – أنا وزوجتي السيدة ثريا بنت المربي الفاضل الأستاذ فؤاد محمد الولي من طرابلس لبنان، وأولادي: أروي ونهى وأحمد ومنار ومحمد – بالعمل سوية لإعادة نشر هذا التراث، وندعوا الله أن يُتم فضله علينا حتى نتمكن من نشره كاملاً.
والله نسأل أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصًا لوجهه تعالى إنه هو السميع المجيب.
وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
فؤاد سعيد بن محمد شفيع بن محمد رشيد رضا
الخميس، 04 ربيع الأول، 1431 الموافقالخميس، 18 فبراير، 2010
Fouad Reda, President, Dar Almanar, LLC
Minneapolis, Minnesota, USA
قاعدةالمنار الذهبية للسيد الإمام محمد رشيد رضا
نتعاون على ما نتفق عليه ويعذر بعضنابعضًا فيما نختلف فيه
Al-Manar Golden Rule, by al-Sayyid al-Imam Mohamed Rashid Reda: “Let’s cooperate on what we agree upon, and excuse one another for what we disagree upon.”