مشاهدة النسخة كاملة : زعيم طرابلس عبدالحميد كرامي
فؤاد طرابلسي
20-02-2010, 01:23 PM
http://www4.0zz0.com/2010/02/20/06/815098103.jpg (http://www.0zz0.com/)
رئيسا للوزراء:
1-من 09/01/1945 الى 22/08/1945 في عهد فخامة الرئيس بشارة الخوري
وزيرا:
1-وزير الدفاع الوطني: من 09/01/1945 الى 22/08/1945 في حكومته في عهد فخامة الرئيس بشارة الخوري
2-وزير المالية: من 09/01/1945 الى 22/08/1945 في حكومته في عهد فخامة الرئيس بشارة الخوري
نائبا عن لبنان الشمالي:
1- في الدور التشريعي الخامس من 1943 الى 1947
تعتبر أسرة الرئيس كرامي في طرابلس من أبرز الأسر في تاريخ لبنان، فالأب المرحوم عبد الحميد كرامي قاد النضال الوطني اللبناني للتحرر من الاستعمار الفرنسي بالتعاون مع رفاقه من القيادات الوطنية اللبنانية والسورية الى أن توفاه الله في بداية مرحلة الاستقلال في العام 1950
وخلفه المرحوم الرئيس رشيد كرامي وهو في ريعان الشباب، فأسهم في صنع الدولة اللبنانية ـ اقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، وعندما تعرّض أمن لبنان للخطر من الحرب الأهلية التي ساهم في تأجيجها العدو، كما هو معروف، كان كرامي من أبرز القيادات الوطنية التي ساعدت من داخل لبنان في المؤازرة والتصدّي, وبعد اغتياله بتاريخ 1/6/1987، آلت القيادة الى الأخ الرئيس عمر كرامي الذي ما زال يعمل من أجل لبنان الى جانب قياداته الوطنية المخلصة.
فؤاد طرابلسي
23-02-2010, 03:05 PM
http://www.arrakib.com/images/ttl-tahkik.jpg
http://www.arrakib.com/images/lineB.jpg
في الذكرى التاسعة والخمسين لرحيله في 23 تشرين الثاني 1950 وصية عبد الحميد كرامي: حافظوا على لبنان واستقلاله
كلما أطلت ذكرى الاستقلال يبرز التساؤل الملح حول سبب إقدام السلطات الفرنسية، بأمر من الجنرال "هللو" ليل 10-11 تشرين الثاني 1943 على اعتقال النائب الوحيد من خارج صفوف الحكم عبد الحميد كرامي مع رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح، ووزير الخارجية سليم تقلا، ووزير الداخلية كميل شمعون، ووزير التجارة عادل عسيران.
فلماذا كان إصرار سلطات الانتداب على ملاحقة هذا النائب وتعقبه إلى مرياطة (7 كلم شرق طرابلس على طريق الضنية) وحده من بين 57 نائباً يمثلون المجلس التشريعي اللبناني آنذاك؟
هل هي تصفية حساب مع طرابلس وزعيمها للمواقف الرافضة لهذا الانتداب طوال أكثر من عقدين، وإصرار الفيحاء وزعامتها على عدم الانسلاخ عن سوريا؟ أم لارغام هذه المدينة على السير في ركاب الانتداب عبر تلقينها هذا الدرس باعتقال نائبها وزعيمها في سجن راشيا؟
إن الإجابة عن هذه التساؤلات تستدعي منا قراءة سريعة للدور التحريضي الذي قام به عبد الحميد كرامي ضد سلطات الانتداب، والمواقف التاريخية المشهورة التي حفلت بها سيرة هذا الرجل منذ أن قال "لا" للانتداب، وتحرك الشارع الطرابلسي في سلسلة تظاهرات ومجابهات مسلحة مع عسكر الانتداب.
وإن وقفات متقطعة مع أبرز المحطات النضالية للزعيم الطرابلسي توضح الدواعي التي حدت بالسلطات الفرنسية للإقدام على اعتقاله مع أركان الحكم اللبناني آنذاك.
سنوات النضال وترسيخ المبادئ الصلبة إسلامياً وقومياً وأخلاقياً
بزغ نجم الفتى عبد الحميد كرامي عام 1912 عندما توفي والده الشيخ رشيد كرامي مفتي طرابلس فبايعه علماء المدينة وهو في التاسعة عشرة من عمره لما عرف عنه من علم ومعرفة ومرونة إذ كان كما تقول سلمى الحفار الكزبري في كتابها (عنبر ورماد) "محدثاً لبقاً وخطيباً بليغاً ومحاوراً مقنعاً ويتمتع بذكاء حاد وحيوية متدفقة". وكان صلب المبادئ الاسلامية والقومية والأخلاقية.
وفي أواخر أيلول 1918 أعلن الأمير فيصل قيام حكومة عربية في الشام وأرسل رئيس الحكومة سعيد الجزائري برقية إلى عبد الحميد كرامي يكلفه بها القيام بمهام حاكم طرابلس بناء للاجماع الشعبي الذي حصل عليه، ولكن ما إن دخل الانتداب الفرنسي إلى لبنان حتى أطاح المندوب السامي الفرنسي بعبد الحميد كرامي من منصبي الإفتاء والحاكمية وذلك لعدم تجاوبه معهم. ولرفضه مع نخبة من أبناء طرابلس قيام "دولة لبنان الكبير" التي أعلنها الجنرال غورو، ومطالبته بالوحدة السورية.
شارك عبد الحميد كرامي بمؤتمر "الشونة" في الأردن في 8 آذار 1920 لمبايعة الملك حسين بالخلافة واتخذت في المؤتمر مقررات مهمة لمصلحة العرب، وعند عودته إلى طرابلس اعتقلته سلطات الانتداب وسجنته في سجن بيت الدين لمدة ثلاثة أشهر، وعندها جرت حوادث دامية بين الطرابلسيين والجيش الفرنسي أدت إلى اطلاق سراحه.
وعندما توفي الملك فيصل الأول تأثر عبد الحميد كرامي لفقده، إذ إنه كان يؤمن بصدق عروبته ومبادئه، وفي الذكرى الأولى لوفاته وجهت اللجنة التحضيرية لإحياء الذكرى دعوة له للمشاركة فأرسل كلمة تنم عن مدى شعور كرامي العربي حضّ فيها العرب على وحدة الكلمة والصف، وقال "ها هي طرابلس تعمل لمجد القومية العربية ولن ترجع عن طريقها".
لقد رفض عبد الحميد كرامي ومعه طرابلس الانسلاخ عن بلاد الشام وبدأت سلسلة تظاهرات صاخبة وعصيان مدني ورفض قاطع لسلطات الانتداب حتى أصبحت طرابلس على حد قول اسكندر رياشي في كتابه (قبل وبعد) "بعبع الجمهورية"، حتى إن كرامي ساعد كل المناوئين لفرنسا في لبنان وخارجه ووقف مع ثورة صالح العلي في تلكلخ ودعمها مما عرضه إلى الملاحقة من قبل سلطات الانتداب.
وقاطع عبد الحميد كرامي ومعه طرابلس دعوة الانتداب إلى انتخاب مجلسه التشريعي عام 1922 لعدم رضاه عن وضع طرابلس في الجمهورية اللبنانية، وظل على موقفه رغم محاولة الفرنسيين استمالته، أو كسر شوكته عبر دعمهم لبعض منافسيه في المدينة. لقد كان أول من انتفض لمحاربة فرنسا، وقد قيل في ذلك الوقت إنه لم يكن من عدو لهم مستنير وغير انتهازي غير عبد الحميد كرامي، وكانوا يعلمون أنه يستطيع بكلمة واحدة اغلاق المدينة بأسرها ثم فتحها من جديد عندما تتحقق المطالب التي تطرح.
شارك عبد الحميد كرامي في كل المؤتمرات الداعية إلى تحقيق الاستقلال والوحدة، ومنها "مؤتمر بيروت الساحلي" في 25 تشرين الأول 1927، و"مؤتمر أبناء الساحل" في حزيران 1928 في دمشق وكان برئاسته، وفي "مؤتمر الساحل" في منزل سليم علي سلام في 16 تشرين الثاني 1933، ثم في "مؤتمر الساحل والأقضية الأربعة" في منزل سليم علي سلام أيضاً في 10 آذار 1936 وهو آخر مؤتمر صدرت عنه توصيات تطالب بالوحدة السورية.
على الرغم من اهتماماته الوطنية وتطلعاته القومية إلا أن عبد الحميد كرامي حرص على رعاية شؤون طرابلس والعناية بأوضاعها الداخلية على المستويات كافة. فأسس "حزب الشباب الوطني" لجمع شمل المدينة في مواجهة التدابير التعسفية التي تتخذها سلطات الانتداب، وخاصة عندما صدر قرار من رئيس الحكومة آنذاك آميل إده بإقفال المدارس الرسمية والتي كانت تضم أكثر الطلاب من أبناء المسلمين الفقراء.
وفي عام 1932 اجتمع عبد الحميد كرامي مع وجوه المدينة للاتفاق على بناء صرح تعليمي يواجه الإرساليات الأجنبية بمدرسة وطنية فقامت "كلية التربية والتعليم الإسلامية" ثم كان الداعي لإنشاء "المستشفى الإسلامي" بطرابلس.
ما من قوة تحت السماء تجبرنا على الاعتراف بلبنان إن لم يكن عربياً ومن صميم البلاد العربية
وعندما ذهب الوفد السوري إلى باريس للبحث في مستقبل البلاد السورية أرسل كرامي وعبد الله البيسار برقية إلى شكري القوتلي يؤيدان فيها باسم طرابلس مطالب الوفد السوري ويعلنان الإضراب في طرابلس الشام لمدة ثلاثة أيام.
وعندما عرض مجلس النواب اللبناني لمشروع المعاهدة اللبنانية- الفرنسية قامت التظاهرات في طرابلس بتحريض من حزب الشباب الوطني ودام الإضراب مدة 40 يوماً. فقامت السلطات الانتدابية باعتقال أركان "الشباب الوطني" وعلى رأسهم عبد الحميد كرامي وأودعوا سجن "الرمل" في بيروت مدة عشرين يوماً. ولم يفرج عنهم إلا بعد تدخل جميل مردم وسعد الله الجابري من الكتلة الوطنية السورية لدى المفوض السامي الفرنسي "دي مارتيل".
وعلى أثر عدوان اليهود على حائط المبكى عام 1929 رأس عبد الحميد كرامي تظاهرة ضخمة انطلقت من الجامع المنصوري الكبير منددة بأعمال الصهاينة، وعمدوا إلى جمع التبرعات وإرسالها إلى مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني، كما أضربت طرابلس ضد مشروع التقسيم بقوة.
وفي العام 1940 زار الجنرال ديغول طرابلس ورغب في مقابلة كرامي فاحتشد أبناء طرابلس على طول الطريق المؤدية إلى السراي مطالبين بجلاء قوات الانتداب، وعندما وصل كرامي دوّت عاصفة من الهتاف والتصفيق فسأله ديغول: كل هذا من أجلك يا سيد كرامي؟ فأجاب، بل من أجل الفكرة التي أحملها وهي استقلال بلادي وجلاؤكم عنها، فغضب ديغول من صراحته وانتهت المقابلة بين الرجلين دونما نتيجة.
وفي إحدى زيارات الجنرال كاترو إلى طرابلس أراد الاجتماع بكرامي فأسمعه كرامي رأي طرابلس "نحن طلاب استقلال وليس تحت السماء من قوة ترغمنا على مهادنتكم وإننا نطلب جلاءكم عن بلادنا".
وفي حزيران 1943 عقد وجهاء المسلمين عدة اجتماعات في دار الشبيبة الاسلامية في بيروت مطالبين بإلغاء مرسومين أصدرهما رئيس الجمهورية أيوب تابت يحدد فيهما عدد النواب فيصبحون 54 نائباً بزيادة 12 نائباً على المجلس السابق منهم عشرة نواب للمسيحيين واثنان فقط للمسلمين لتكون النسبة 32 نائباً مسيحياً مقابل 22 نائباً للمسلمين، واعتبار كل مهاجر من أصل لبناني هو من ضمن الأهالي الوطنيين المقيدين، وتكلم عبد الحميد كرامي في هذا الاجتماع شارحاً مطالب المسلمين، وقال عبارته الشهيرة "ما من قوة تحت السماء تجبرنا على الاعتراف بلبنان إن لم يكن عربياً ومن صميم البلاد العربية". وقد تدخل رئيس الحكومة المصرية مصطفى النحاس باشاً مقترحاً أن يكون المجلس 25 للمسلمين و30 للمسيحيين بصورة مؤقتة. عندها رضي كرامي ورفاقه بالواقع وجرت انتخابات ففاز كرامي على رأس لائحة من 12 نائباً يمثلون محافظة الشمال في الوقت الذي نجح فيه بشارة الخوري مع اثنين فقط من قائمته. فتأكدت نتيجة هذه الانتخابات زعامة عبد الحميد كرامي، خصوصاً بعد أن رفض محاولات الفرنسيين أن يكون لهم بعض المرشحين على لائحته.
لم يقدروا عليه لا بالترغيب ولا بالترهيب... لا بالنفي والسجن... ولا بالمناصب والمال!
إن هذا التاريخ الوطني الحافل بمواقف النضال والحرص على استقلال لبنان وعروبته وتحقيق المبادئ الإصلاحية كرس عبد الحميد كرامي ليس فقط نائباً عن طرابلس أو زعيماً لها وإنما رفعه إلى سدة الزعامة اللبنانية، بل وعلى مستوى الأمة العربية لما كان له كما رأينا من حضور عربي لافت في العديد من المحطات الكبرى والمواقف المصيرية التي واجهتها البلاد العربية. وقد صدق رياض الصلح عندما قال في تأبينه: "إن عبد الحميد كرامي لم يكن رجلاً تقف رسالته عند حدود مدينة، بل كانت تتعداها حتى تشمل الوطن اللبناني بأسره، ثم تتجاوز حدود الوطن حتى تشمل ديار العرب كلها".
ترى، ألم يكن هذا الزعيم شوكة في تشرين الثاني- 1950 ألا تجيب سيرة حياته النضالية الدؤوبة عن الأسئلة التي طرحناها في المقدمة عن الأسباب التي حدت بالسلطات الانتدابية إلى اعتقال هذا النائب الوحيد مع أركان الحكم في سجن راشيا ليل 10- 11 تشرين الثاني؟ لقد أدركت سلطات الانتداب الفرنسية أن عبد الحميد كرامي كان المحرض الرئيسي لتعديل الدستور وإلغاء جميع البنود المتعلقة بالانتداب الفرنسي والتي تمس جوهر السيادة اللبنانية، وإبقاء السيطرة الفرنسية على السياسة العليا، وقد تردد عدد من النواب في الجلسة النيابية الشهيرة بحضور الحكومة ورئيسها رياض الصلح في إبداء مواقف حاسمة، إلا أن كرامي أصر على إنهاء التعديل في تلك الجلسة، وأكد في كلمته أنه كان سيحجب الثقة عن حكومة الصلح لو لم تتقدم بمشروع تعديل الدستور الذي وعدت به المجلس عقب تلاوتها بيانها الحكومي.
وكانت السلطات الانتدابية تعلم أن عبد الحميد كرامي هو رئيس لأكبر كتلة نيابية في المجلس، وأنها لم تتمكن رغم كل الاعتقالات والنفي والمحاكمات من تطويعه، كما أنها لم تستطع شراءه بالمناصب والمال. وكان يغيظها أنه كان الشخصية العروبية البارزة التي كان لها الدور الرئيسي في المؤتمرات الساحلية والاجتماعات التي كانت تتم في دارة سليم علي سلام أو سواه في بيروت.
وكان الشخصية الوحيدة التي كانت تتمتع بشعبية قوية لم تستطع فرنسا طوال فترة انتدابها زعزعة هذه القاعدة رغم كل ما وضعت من عراقيل ومن خلق شخصيات في طرابلس ضده.
ولقد تأكد لسلطات الانتداب ولأركان الحكم اللبناني فيما بعد أن عبد الحميد كرامي كان الرقم الصعب في المعادلة اللبنانية، يحسب لرأيه ألف حساب، وخاصة في مراحل تحضير ميثاق 1943، وعند تشكيل الحكومات التي كانت تتطلع دائماً إلى تأييد عبد الحميد كرامي لها في جلسات الثقة، ثم محاولات اقناعه بتشكيل الحكومة في كانون الثاني عام 1945 ورفضه المتكرر لهذا المنصب لأنه كما قال الرئيس صائب سلام: "كان رجل نضال ولم يكن رجل حكم" فعقدت اجتماعات عديدة في منزل آل سلام لاقناعه طوال ثلاثة أيام فيقبل بهذه المهمة ويصر في البيان الوزاري على التصدي للعابثين بالأمن والناهبين لثروات البلد والمستغلين لمراكزهم الرسمية، وإنشاء ديوان محاسبة وهيئة دائمة للتفتيش وغيرها من القرارات المستقبلية التي تنم على بعد نظر الرئيس عبد الحميد كرامي في كيفية تعزيز مقدرات الدولة وماليتها وسلطتها.
ولن ينسى التاريخ قولته الشهيرة عندما وقف في اجتماعات اللجنة التحضيرية لجامعة الدول العربية يلقي كلمته التي لم يصفق المؤتمرون لسواها:"أنا عبد الحميد كرامي رئيس الحكومة اللبنانية... أنا حاضر باسم لبنان أن أوقع على وحدة عربية كاملة شاملة، فلا تنسبوا التراجع إلى لبنان".
ويؤكد صهره، الوزير السابق الراحل مالك سلام أن المصاريف السرية للرئيس كرامي في سفره إلى القاهرة قد أعيدت إلى خزينة الدولة كاملة وأبى كرامي أن يمسها بل صرف طوال وجوده هناك من جيبه الخاص...
"لا أستطيع أن أحكم في هكذا نظام، الحاكم فيه غير مسؤول، والمسؤول لا يحكم"!
وبعد سبعة أشهر من رئاسته الحكومة وفي الرابع عشر من شهر آب 1945 عقد المجلس النيابي الجلسة الأخيرة في عهد عبد الحميد كرامي شرح خلالها ما تم من انجازات، ومنها تلافي عجز في وزارة التموين، ومكافحة الغلاء، والحرص على أموال الدولة ومكافحة البطالة وتنظيم ملاك الموظفين، وإنشاء ديوان المحاسبة ومكافحة القمار والحشيش... ثم طلب الثقة فنال 35 صوتاً من 45 مقترعاً... وجرى ما أدهش الجميع عندما تقدم باستقالته وهو خارج من المجلس وقبل أن يقدمها لرئيس الجمهورية مبيناً أن هذا الكرسي لم ولن يغريه موضحاً لرأيه الصريح في الاستقالة:".. لا أستطيع أن أحكم في هكذا نظام، الحاكم فيه غير مسؤول، والمسؤول لا يحكم".. وظل كرامي معارضاً لطريقة حكم بشارة الخوري على الرغم من أنه قد كلفه ثانية بتشكيل الحكومة إلا أن كرامي رفض بإباء مؤكداً "أن الكرسي ليس إلا عرض زائل وأما ما يبقى للإنسان فهي المبادئ والحكم الصالح".
ويقول في غير مجلس:"أنا أفهم أن يطالب نائب بمشروع للري أو فتح مدرسة أو للاهتمام بالزراعة والصناعة، ولكن أحداً من النواب لم يطلب منه إلا حكايات الناطور والمختار والمنافع".
لقد كان الرئيس عبد الحميد كرامي يرتاح في صفوف المعارضة ويسعى إليها ويشارك في كل اجتماعاتها ومن أبرزها اجتماع صوفر في 24 آب 1947 في منزل كمال جنبلاط، ويذكر الجميع جرأته وبسالته عندما طوّق العسكر مكان الاجتماع وحال دون وصول أركان المعارضة، إلا أن الرئيس كرامي تقدم إلى المنزل بثبات رغم تهديد قائد القوة بإطلاق النار، لكن كرامي تقدم منه قائلاً: "هيا أطلقوا النار من هذا السلاح الذي حررته من الفرنسيين يوم كنت في الحكم"...
كما أصر كرامي على عقد اجتماع آخر للمعارضة في قصره في طرابلس في 14 أيلول 1947 بعد أن أدركت الحكومة أنها غير قادرة على منع اجتماع طرابلس، على غرار اجتماع صوفر لعلمها بما ينتظرها من طرابلس وأهلها إذا ما اعتدت على المجتمعين في قصر كرامي.
وتطول حكايات النضال ومعارضة الفساد حتى وافته المنية إثر مرض عضال، وكانت وصيته الأخيرة صبيحة 23 تشرين الثاني 1950 في اليوم التالي لذكرى الاستقلال إلى أبنائه رشيد ومعن وعمر: "حافظوا على لبنان واستقلاله". عوّلنا في هذه الدراسة على العديد من المراجع ومن أبرزها رسالة ماجستير في التاريخ بعنوان "عبد الحميد كرامي 1893-1950" من إعداد غسان الحليمي وإشراف الدكتور حسان حلاق.
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir