المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كمال العبد بكمال عبوديته لله عز و جل و كمال عبوديته بكمال خمسة أشياء



حامل المسك
22-02-2010, 03:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فتح مناهج الهدى و الرشاد لمن أحبه فأنقذه من الإبعاد , و خَلَعَ جلابيب العناية المحفوفة بالسداد على المنيبين إلى رضاه و أفاد , و هذَّبهم في مدارج الأعمال و الأخلاق لنيل المراد , و صَفَّاهم من كَدَر الطباع البشرية ذات الظلمات و السواد, فَطَمَهُم عن المخالفات و غَذَّاهم بالموافقات فأقبلوا بوجوه قلوبهم عليه و كانوا قبل ذلك من الشُرّاد .
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , القائم بقيوميّته على العباد , الشامل لهم بكرمه و فضله المستزاد .
و أشهد أن محمداً عبده و رسوله فاتح الخير و الواسطة إلى كل فضل تُنتَظر عائدَتُه في المعاد , صلوات الله عليه و على آله و أصحابه ما قام على باب فضله الوُرّاد , و صدر عنه بجوائز الصِّلات ِ أهل الوداد .
و بعد
فإن العبد إذا فتح الله بصيرته في فنون العلوم , و أمدّه بصفاء العقل و نوافذ الفهوم , و ارتَضَعَ من العلوم الشرعية أكمل الرَّضاع , و صار له من كسوتها أحسن القناع , و نَفَذَ فكره في تفاصيل الأمر و النهي , و عرف طريق رَدِّ الحوادث إلى الأصول , فحقيقٌ به أن يكتسي ملابس أعمالها و يذوق رائق أشربتها و حقائق أحوالها , فكمال العبد متوقف على ذلك , لأن كمال العبد إنما يتم بكمال عبوديته لله عز و جل , و هو مركب من جسم ظاهر , و نفس مائلة , و عقل مميِّز , و قلب حاكم , و روح كلية .
فكمال عبودية الجسم : القيام بأعمال الشرع واجتنابه مناهيه , و إتقان ذلك العمل و الإجتناب بالتصفية و الإستيعاب .
و كمال عبودية النفس : موافقة مولاها في محبة ما أحبّه و كراهية ما كَرِهَهُ , و هذا إنما يصح لأهل النفوس المطمئنة , و يتعذر على أهل النفوس الأمارة و اللوامة .
و كمال عبودية العقل : امتلاؤه بتفاصيل علوم الأمر و النهي و حذاقة البصيرة فيه مع المهارة و حسن التَبَصُّر .
و كمال عبودية القلب : افتتاح بصره في الصفات و القيام بأحكام عبوديتها , من الخوف و الرجا , و الخشية و الرضا , و التوكل و المحبة العامة و المراقبة , و غير ذلك من العبوديات المقتضية لأحكام الصفات .
و كمال عبودية الروح : انطلاقها في فضاء القُرب , و وجدانها للحب الخاص المُلهِبِ لها بواسطة ما يبدو عليها من آثار الجلال و الإكرام , فتصير بحراً مواجاً من نسيم القُربِ و روح الأنس , ملتهبة بنيران الحب , مجذوبة بجواذب الشوق .
فَيَا من يطلب تكميل فطرته , و يروم إصلاح جِبِلَّتِهِ : عليك بطلب الكمال لكل جزء منك , من جسمك و نفسك و عقلك و قلبك و روحك , و احذر أن تخرج من الدنيا و بعضٌ من أبعَاضِكَ ناقصٌ لم يَقُم لله عز و جل بما تعبّده به , فإن عجزت عن تكميل كل جزء منك بما قد شُرِحَ فَكُن بذلك مؤمناً , و به عالماً .
فمن علم شيئاً و آمن به ارتقى بذلك عن حضيض الجهل به , مع التخلّف عن نيله , فارتقاؤك من درك الجهل إلى العلم به أهون من الإنحطاط في الجهل مع القصور , فَشَرٌّ واحدٌ أهون من شَرَّين , و فَوتٌ أقرب من فَوتَين .
و بالله المستعان و عليه التكلان .

أيمن غ القلموني
23-02-2010, 02:19 AM
حياك الله يا أخي حامل المسك .


كتاباتك رائعة


تحياتي :)

حامل المسك
26-02-2010, 06:33 PM
أحسن الله إليك و بارك بك