المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زواج القاصرات



وجدي عصام طوط
08-03-2010, 11:55 AM
حامد الحامد

عندما يتسامع الناس عن فتاة تستشرف الحياة قد تزوجت بشيخ يستشرف الموت تتحرك مشاعرهم الإنسانية، وقيمهم الأخلاقية لاستنكار (صفقة الزواج) التي يقوم فيها وليّ الفتاة ببيع جسدها على من لا تفرح به، ولا تسعد برؤيته.

ويتساءل بعض الناس: أيجوز هذا في شريعة بني الإنسان، بل شريعة الإسلام؟!

ويجيبهم آخرون: بأن عقد النكاح ما دامت توفرت شروطه، وانتفت موانعه، ولم يحدد الشارع الحكيم سناً للزواج فما المانع منه؟!

وأقول:

أولاً: الشريعة الإسلامية جاءت في المعاملات -وعقد النكاح منها- بقواعد عامة كمنهج، ونماذج تفصيلية كمثال، وديننا دين الفطرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق". رواه أحمد وصححه الألباني. فمتى اتفق بنو آدم على عقد من العقود بأن فيه ظلماً -مثلاً- فإنه ظلم، ولا يجوز في شريعتنا الإسلامية.

ثانياً: في تعريف القاصرات:

القاصرات يبدو أنه مصطلح معاصر للفتيات اللاتي لم يبلغن، ومعناه: العاجزات، وتحديد القصور من عدمه مرجعه إلى الشرع، والفقهاء اختلفوا في تحديد السن كأحد مناطات التكليف، ومعظم القوانين الدولية جرت على ما اتفق مع مذهب الحنفية، وهو بلوغ ثمانية عشر عاماً -وهذا عند الأحناف في الغلام، وأما الجارية عندهم فإذا بلغت سبعة عشر- والكلام هذا في التكليف، وأما في الزواج فليس في الشريعة تحديد له؛ لأن هذا مبني على المصلحة، وكل فتاة تختلف مصلحتها عن الأخرى، وإنما اكتفى الشارع باشتراط الوليّ لصحة عقد النكاح ثقة بأمانته ومعرفته بمصلحتها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج عائشة وهي بنت ست سنين، وأُدخلت عليه وهي بنت تسع سنين.

ثالثاً: هل من حق وليّ البكر أن يزوجها بغير إذنها؟

اختلف الفقهاء في ذلك لاختلافهم في قوله صلى الله عليه وسلم: "البكر تُستأذن"، والظاهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال هذا من باب الرخصة، مراعاة لإنسانية البكر، وذلك لأن الحياء يغلب عليها، وليس المقصود ألاّ يُؤخذ رأيها، وأيّ فرق بين البكر والثيب في الحقوق الإنسانية؟!

فالاستئذان رخصة، والاستئمار عزيمة، وإذا لم تتحرج البكر، وأخذت بالعزيمة، وأبدت أمرها بـ(نعم) أو (لا)، فلا يجوز حينئذ النزول عن أمرها أو العدول عنه، ويدل على هذا قول عائشة رضي الله عنها: "قلت: يا رسول الله، يُستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: نعم، قلت: فإن البكر تُستأمر، فتستحي، فتسكت، فقال: سُكاتها إذنها". متفق عليه، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُستأمر اليتيمة في نفسها: فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها". رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي، وعن ابن عباس: "أن جارية بكراً أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت أن أباها زوّجها وهي كارهة، فخيّرها النبي صلى الله عليه وسلم". رواه أبو داود وابن ماجة، وصححه الألباني.

رابعاً: هل من حق ولي الفتاة أن يزوجها من ليس لها بكفء؟

لعل ما يثور حول (زواج القاصرات) يدور حول هذا السؤال؛ فليست المشكلة في زواج صغيرة أو كبيرة، وإنما المشكلة في تزويجها من ليس لها بكفء، فسن الفتاة وصف طرديّ أو غير مناسب أو علة غير مؤثرة -كما يقول الأصوليون-، وإلاّ فظلم أيضاً أن تُزوَّج التي بلغت العشرين أو الثلاثين من عمرها بشيخ أوشكت مدة صلاحيّته على الانتهاء.

وجمهور الفقهاء بما فيهم المذاهب الأربعة يشترطون الكفاءة للنكاح، والقاعدة الفقهية أن: (تصرّف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة)، وهذا ينطبق على وليّ الفتاة، فإذا لم يتصرف لمصلحة الفتاة فينبغي أن تسقط ولايته، ويكون وجوده كعدمه، ويكون السلطان وليّ من لا وليّ له.

والفقهاء نصّوا على أن الوليّ إذا عضل فإنه يفسق، وتنتقل الولاية إلى السلطان عند الجمهور، أو إلى الأبعد من أوليائها، والذي يزوجها بغير كفء أولى بالفسق؛ لأنه فوّت عليها المصلحة، وجلب إليها المفسدة، بعكس العاضل الذي لم يفسد عليها زواجها، ولكنه لم يأت به، والعاضل يمكن تدارك ما أضرّ به، وأما من زوّجها بغير كفء فكيف يمكن تدارك ضرره؟!

خامساً: هل للسلطان تحديد سن معين كقانون لتزويج الفتاة؟

الأحاديث الواردة في استئذان البكر ليست ناسخة لزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بعائشة رضي الله عنها، وليس زواجه بها من خصوصياته، وإنما جاءت الشريعة بتزويج الفتاة من غير تحديد لسن معين، بشرط الولي الذي تُرِك له النظر في المصلحة، ونِعْمَ المصلحة أن يكون الزوج هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما إذا مرجت العهود وخفّت الأمانات فللسلطان أن يسنّ ما يشاء، مما فيه مصلحة في مثل هذه المسائل المبنية على المصالح، وليس في هذا مخالفة للشرع، بل هذا هو الشرع الذي جاء لإقامة العدل والحفاظ على المصالح، والذين يحتجون بأن الشارع لم يفعل مخطئون؛ لأنهم يحتجون بالعدم، والعدم إنما يحتج به فيما كان أصله التوقف؛ كالعبادات المحضة، وأما زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بعائشة فهذا فعل يدل على الإباحة، وهذا مع الأدلة الأخرى يدل على أن الأصل في زواج الفتاة مصلحتها لا سنها.

وقد زاد عمر -رضي الله عنه- في جلد شارب الخمر إلى ثمانين جلدة، وأمضى الطلاق الثلاث طلقة واحدة، مع أن هذا على خلاف ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه فعل هذا من باب السياسة الشرعية، ومراعاة للمصلحة العامة؛ والمصالح تختلف باختلاف الزمان والمكان، فكيف بمصلحة عامة لم تخالف ما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟! -والمسألة في تحديد سن الزواج وليس في حكم زواج الصغيرة-.

وإمضاء الطلاق الثلاث طلقة واحدة -مثلاً- فيه مصلحة عامة، وقد يكون فيه ضرر على بعض الأشخاص، ولكن هذا ينبني على القاعدة الفقهية: (يُتحمَّل الضرر الخاص لدفع الضرر العام)، وقسْ على هذا.

ولكن:

ما فائدة تحديد سن الزواج إذا كان ولي الفتاة سيزوجها إذا بلغت ثمانية عشر من عمرها بمن لا يعرف في الحياة إلاّ جدها الذي توفي في الدهر الأول، ولا من الحياة إلاّ أدوية يتعلل بها قبل وفاته؟!

ألا تكون هناك قوانين أو أنظمة تُعنى بمصلحة الأنثى: بنتاً وزوجة وأُمًّا وما شاءت أن تكون، وتكون (هيئة حقوق الإنسان) قريبة من الأنثى لبحث مشاكلها، والقيام بمصالحها، إذا لم يقدر لها الله ولياً مصلحاً؟

أبو حسن
08-03-2010, 12:10 PM
قال العلاّمة الألباني رحمه الله في " التعليقات الرضيّة على الروضة النديّة " ( 2/ 151/ حاشية ) :



فائدة:



ينبغي أن لا يزوِّج صغيرته - ولو بالغة - من رجل يكبرها في السِّنِّ كثيراً، بل ينبغي أن يُلاحظ تقاربهما في السِّن، لِما روى النسائي ( 2/ 70 ) بسند صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال : خطب أبو بكرٍ وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها صغيرة " ، فخطبها عليّ؛ فزوّجها منه .

قال السندي في شرحه على سنن النسائي : فيه أن الموافقة في السن أو المقاربة مرعيّة؛ لكونها أقرب إلى الألفة، نعم؛ قد يُترك ذلك لِما هو أعلى منه، كما في تزويج عائشة رضي الله عنها .

إ.هـ.

أبو حسن
08-03-2010, 01:01 PM
قال البخاري في صحيحه في كتاب (النكاح) :

بَاب إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } ، فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ .


قال العلامة ابن عثيمين في شرحه على البخاري :<o></o>

الحاصل أن الاستدلال بالآية ليس بظاهر ، أما الاستدلال بحديث عائشة – رضي الله عنها- أن أبا بكر زوجها ولها ست سنين ، ودخل عليها النبي –صلى الله عليه وسلم – ولها تسع سنين ، فهذا صحيح أن فيه أن تزويج الرجل أولاده الصغار ، ولكن قد يقال : متى يكون الزوج كالرسول صلى الله عليه وسلم، ومتى تكون البنت عائشة.


أما أن يأتي إنسان طمّاع لا همّ له إلا المال ، فيأتيه رجل ما فيه خير ، ويقول زوجني بنتك ، وهي عنده ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة ، ما بلغت بعد ، ويعطيه مائة ألف ، فيزوجه إياها ويقول : الدليل على ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه زوّج عائشة النبيَّ.


نقول: هذا الاستدلال بعيد ما فيه شك ، وضعيف ، لأنه لو ما أعطاك المائة ألف ولا أعطاك كذا وكذا ، ما زوجته ، ولا استدللت بحديث عائشة وتزويج أبي بكر للنبي لى الله عليه وسلم إياها .


فالمسألة عندي أن منعها أحسن ، وإن كان بعض العلماء حكى الإجماع على جواز تزويج الرجل ابنته التي هي دون البلوغ ، ولا يعتبر لها إذن ، لأنها ما تعرف مصالحها .


وبعضهم قال : هذا خاص بمن دون التسع .


فالذي يظهر لي أنه من الناحية الانضباطية في الوقت الحاضر ، أن يُمنع الأبُ من تزويج ابنته مطلقا ، حتى تبلغ وتُستأذن ، وكم من امرأة زوّجها أبوها بغير رضاها ، فلما عرفت وأتعبها زوجها قالت لأهلها : إما أن تفكوني من هذا الرجل ، وإلا أحرقت نفسي ، وهذا كثير ما يقع ، لأنهم لا يراعون مصلحة البنت ، وإنما يراعون مصلحة أنفسهم فقط ، فمنع هذا عندي في الوقت الحاضر متعين ، ولكل وقت حكمه .


ولا مانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا ، فها هو عمر – رضي الله عنه – منع من رجوع الرجل إلى امرأته إذا طلّقها ثلاثا في مجلس واحد ، مع الرجوع لمن طلّق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافته ، والراجح أنها واحدة.


ومنع من بيع أمهات الأولاد، فالمرأة السُّرِّيَّة عند سيدها إذا جامعها وأتت منه بولد صارت أم ولد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، كانت تباع أم الولد ، لكن لما رأى عمر أن الناس صاروا لا يخافون الله ، ويفرِّقون بين المرأة وولدها ، منع رضي الله عنه من بيع أمهات الأولاد.


وكذلك أيضا : أسقط الحد عن السارق في عام المجاعة العامة .


وأما قول ابن حزم : أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة هو من خصائصه صلى الله عليه وسلم فله وجه ، ولكن الأصل عدم الخصوصية ، ولكن يُرَشِّحُ هذا القول أن الرسول صلى الله عليه وسلم خُصَّ بأشياء كثيرة في باب النكاح.


اهـ.


وقال البخاري رحمه الله تعالى :<o></o>

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا).


قال العلامة العثيمين :<o></o>

تقدم لنا أن الرجل يجوز أن يزوّج ابنته الصغيرة إذا كانت بكرا ، ومعلوم أن الصغيرة لا إذن لها ، لأنها لم تبلغ ، وهذا قول جمهور أهل العلم ، واستدلوا بالحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله ، وبعضهم حكى الإجماع على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة بدون رضاها ، لأنه ليس لها إذن معتبر ، وهو أعلم بمصالحها ، ولكن نقل الإجماع ليس بصحيح ، فإنه قد حكى ابن حزم عن ابن شبرمة أنه لا يصح أن يزوج ابنته الصغيرة حتى تبلغ ، وتأذن ؛


وهذا عندي هو الأرجح ، والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر ، ووجه النظر أن عائشة زُوِّجت بأفضل الخلق صلى الله عليه وسلم وأن عائشة ليست كغيرها من النساء ، إذ أنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة ، ولهذا لمّا خُيرت رضي الله عنها حين قال لها النبي صلى لله عليه وسلم : (لا عليك أن تستأمري أبويك) ؛ فقالت : إني أريد الله ورسوله ، ولم ترد الدنيا ولا زينتها .


ثم إن القول بذلك في وقتنا الحاضر يؤدي إلى مفسدة كما أسلفنا سابقا ، لأن بعض الناس يبيع بناته بيعا ، فيقول للزوج : تعطيني كذا ، وتعطي أمها كذا! وتعطي أخاها كذا! ، وتعطي عمها كذا ! ... إلى آخره .


وهي إذا كبرت فإذا هي قد زُوجت فماذا تصنع؟!!


وهذا القول الذي اختاره ابن شبرمة ولا سيما في وقتنا هذا ، هو القول الراجح عندي ، وأنه يُنتظر حتى تبلغ ثم تُستأذن .


فعائشة رضي الله عنها تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين ، يعني قبل أن تبلغ سنّ التمييز ، وتوفي عنها بعد تسع سنين ، حيث توفي الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة من الهجرة فهذه تسع سنوات .


إذاً توفي عنها ولها ثماني عشرة سنة ، ومع ذلك أدركت هذا العلم العظيم الذي ورثته الأمة من بعدها.

اهـ.


و قال البخاري رحمه الله تعالى :<o></o>

بابٌ لا يُنكِح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها .


قال العلامة ابن عثيمين :<o></o>

المؤلف رحمه الله تعالى يقول : (لا ينكح الأب وغيره البكرَ والثيب إلا برضاها) ؛ وهذا الذي ذهب إليه البخاري رحمه الله هو الحق ، من أنه لا يجوز للأب أن يزوج البكر إلا برضاها ، ولا لغيره أن يزوج البكر إلا برضاها ، والثيب من باب أولى ، لأنها أملك لنفسها من غيرها.


ولكن يُسْتثنى من ذلك على رأي المؤلف ما سبق من قوله : " باب تزويج الرجل ولده الصغير أو ولده الصغار " ؛ وسبق أن هذا رأي الجمهور ، وهو أن البكر الصغيرة يزوجها أبوها بدون إذن ، لأنه ليس لها إذن معتبر لصغرها ، وعدم معرفتها للأمور ، والأب أشفق من غيره فيزوجها بدون إذنها ، بخلاف غيره ، لا يزوجها حتى ولو أذنت ، لأنها لا تعرف ، ولكن أن القول الراجح أنها لا تُزوّج الصغيرة لا سيما في عصرنا هذا إلا بعد أن تبلغ وتَرْضى...


إ.هـ.

محمد أحمد الفلو
08-03-2010, 05:15 PM
متذكر لما طلعت الفتوى من مفتي السعوديه بهذا الشأن، الشيخ فراس علق تعليق جميل :


عيب يطلع هيك فتوى، لأن هذا الأمر من البديهات