مشاهدة النسخة كاملة : الأطفال والمصروف.. مسؤولية أو إستهتار؟
ساميا
19-04-2010, 12:47 AM
إن من أثقل وأهم المسؤوليات على الأهل، تدريب الأبناء على معرفة الحجم الحقيقي للنقود في حياتنا، ومكانها الصحيح في قلب وحياة المسلم كما أراد الله تعالى له، ويبقى مصروف الجيب الذي تعود الآباء والأمهات على مر الأجيال منحه للأبناء، عادة جيدة استطاع آباؤنا أن يغرسوا فينا من خلالها قيماً حميدة مثل الادخار والتصدق على الفقراء والإقراض الحسن، خاصةً أن المصروف كان ولا يزال مرتبطاً في الأذهان بالحصّالة رمز الادخار والملكية الخاصة عند الصغار.
ورغم التغير الكبير في شكل الحياة وكثرة المغريات التي يتعرض لها الصغار في عالمهم من اللعب وأصناف الحلوى التي لا تكاد تحصى، إضافة إلى الشكل الاستهلاكي الجذّاب الذي تُعرض فيه السلع عبر الإعلانات والدعاية، يستطيع الآباء والأمهات اليوم أن يَنْفُذُوا من خلال مصروف الطفل المنضبط بين الإسراف والتقتير إلى تأسيس أخلاقيات راقية لديه تجاه المال.
والمصروف يساهم بتشكيل شخصية الطفل بشكل أو بآخر...وتلعب الطبقة الإجتماعية التي ينتمي إليها الطفل دوراً كبيراً في تحديد نمط الإنفاق الإستهلاكي والتعامل بالنقود..
ومن الحكمة، تدريب الطفل في سن مبكرة من حياته وفي مستويات الدخل المختلفة على استعمال النقود، ومن الأفضل أن يأخذ الطفل قرار الشراء حسب النقود التي معه. وينبغي مراعاة أن تكون المبالغ المعطاة للطفل مناسبة لسنه، وأن تعطى له بانتظام.
في واقعنا اليوم مع الأسف يفتقد كثير من الأهل إلى النظرة السليمة في التعامل مع مصروف الأولاد وقليل منهم من يهتم بسؤال ولده عن المال الذي يأخذه، أين وكيف وعلى ماذا ينفقه؟
وهم بذلك يغفلون عن أن تدريب الطفل سلوكيات معينة في الشراء والإنفاق في الصغر ينسحب عليه في الكبر ولا بد من التربية السليمة التي تتطلب إكتساب أطفالنا حقائق ومهارات وقيماً معينة نحو ترشيد الإستهلاك وحسن الإنفاق لأن التبذير قد يؤدي إلى الإنحراف والسلوك الخاطئ مستقبلاً ..
وحول ترشيد الإنفاق نكمل الحديث إن شاء الله تعالى .. كما أرجو من الإخوة الأكارم المشاركة والتفاعل مع الموضوع وجزاكم الله خيرا.
أم عمر
19-04-2010, 01:00 AM
السلام عليكم
و الله الحق معك أم ابراهيم و يا ريت بهالزمن الأولاد عاجبهم و بقولوا شكرا. بس كلنا حابيين نعرف الحل .احنا لا منحب نحرم أولادنا ولا منحب يكونوا مسرفيين .
ساميا
19-04-2010, 01:16 AM
بس كلنا حابيين نعرف الحل .احنا لا منحب نحرم أولادنا ولا منحب يكونوا مسرفيين .
هذه -أختي الكريمة- هي النقطة ذاتها التي دفعتني لطرح هذا الموضوع، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لمعرفة الأسلوب الأمثل لعلاج هذا الأمر
ساميا
20-04-2010, 01:25 AM
"لا يزال الطفل يحتفظ ببراءته وفطرته حتى يعرف النقود"
أطلق هذه العبارة أحد الآباء الفضلاء معبرًا بها عن استيائه من تعامل الأطفال مع آبائهم بعد تعرفهم على النقود.
وإذا كان الأبناء لا يقدرون قيمة النقود ولا يعرفون كيفية التعامل معها فكيف ينبغي على الآباء غرس هذه القيم في نفوسهم؟
لا ينبغي للآباء أن يشتكوا من إرهاق أبنائهم لهم بكثرة متطلباتهم وإحتياجاتهم إن لم يبادروا هم بالأساس إلى تعليمهم قيمة المال!
فحين يعود الأب أبناءه أن كل مطلوب مجاب بل وفي كثير من الأحيان قد تجلس الأم باكية إذا كان طفلها يريد شيئاً وهي لا تستطيع أن تجلبه له، وتتقطع حزنًا إذا نظر طفلها إلى طفل آخر واشتهى شيئًا مما في يده، وهي لا تستطيع أن تجلب هذا الشيء لطفلها، وإذا صار الآباء يلهثون ليل نهار لجلب هذه الأموال التي تنفقها الأمهات لتلبية حاجات أطفالهم والآباء معهم كثير من الأحيان، ويظل الطفل ينفق عليه من جيب أبيه وأمه حتى يكبر بل ربما حتى بعد أن يتزوج، وبدلًا من أن يساعد الابن أباه بعد أن يكبر أصبح الأب دائمًا هو الذي يقدم المساعدات وكم رأينا بيوتًا فتحت وأربابها لا يبذلون أي جهد لكسب المال بل يعتمدون على جيوب آبائهم...
وإذا كانت مقولة:"لقد تعبنا نحن الآباء في تحصيل الأموال، ولذلك لم نحب أبدًا أن يتعب أبناؤنا هذا التعب ولذلك رغبنا في تلبية حاجاتهم لنعوض هذا النقص الذي شعرنا به ونحن في عمرهم" هي عنوان التربية...
فأنّى للأبناء بعد كل هذا أن يدركوا قيمة المال ومعناه؟!!
ما الذي ينبغي علينا فعله؟
أول شيء ينبغي أن نعلم الطفل معنى تحمل المسؤولية، وهو وإن كان اليوم طفلاً فسيصبح يوماً مكلفاً أو مسؤولاً عن ما يملك، وينبغي له حسن التصرف فيه..
ثانياً ينبغي أن لا ندفع له مالاً دون مقابل، ، فيتعلم الطفل أن المال لا يأتي إلا بعد الجهد والتعب ولكن لا تعطه المال في كل عمل يؤديه ليستشعر الطفل أن كل أفراد الأسرة مطالبون بالتعاون والمشاركة، وهو وإن كان صغيراً فبإمكاننا الطلب إليه القيام بأعمال تناسب سنّه يقوم بها داخل البيت ويأخذ أجراً مقابل أدائه الجيد..
وكذلك عندما يكبر الطفل لا مانع أن تدفعه للعمل خارج البيت كأن تصطحبه في عملك إن كنت تعمل عملًا خاصًا وتطلب منه المساعدة في بعض الأعمال وتعطه على ذلك أجرًا، فلقد عمل النبي صلى الله عليه وسلم في صغره في التجارة وفي رعي الغنم، فمن المفيد جدًا أن يعمل الطفل في الأجازة الصيفية مع والده، فهذا يعلمه الاعتماد على النفس، ولقد رأينا نماذج من هؤلاء الأطفال الذين كان يدفعهم آباؤهم إلى العمل في صغرهم يصنعون المشاريع في كبرهم بل وحتى قبل تخرجهم من جامعاتهم، ورأينا النماذج الأخرى الذين لا يحب آباؤهم اتعابهم في عمل ما فتراهم بعد حين يأخذون من هذا وذاك ليكملوا مصروف بيتهم.
وقبل هذا وذاك، وأثناءه، ينبغي أن نحرص أن لا يأخذ الطفل المال دون مقابل، بل ينبغي أن نجتهد في إختراع الأسباب كلما أردنا أن ندفع له مبلغاً، فهذا لأنك نجحت وذاك لأنك نمت باكراً أو لأنك نظيف ومهذب أو..
وللحديث تتمة بعون الله تعالى
ساميا
26-04-2010, 11:05 PM
وقبل هذا وذاك، وأثناءه، ينبغي أن نحرص أن لا يأخذ الطفل المال دون مقابل، بل ينبغي أن نجتهد في إختراع الأسباب كلما أردنا أن ندفع له مبلغاً، فهذا لأنك نجحت وذاك لأنك نمت باكراً أو لأنك نظيف ومهذب أو..
وبعد دخول المدرسة تكثر الأسباب، ومنها حصوله على درجة ممتازة، أوحفظه جزءًا من القرآن الكريم، أو محافظته على الصلاة في أوقاتها، وقد نطلب منه أن يعلم أخاه الصغير بعض الدروس في الإملاء أو التجويد أو الرياضيات، وندفع له مقابل ذلك، والهدف من وراء ذلك كله أن نعوده منذ الصغر على كسب المال بعد الكد والجهد ليعــرف قيــمة المال، ودوره في الحياة.
ومن الطرق المجدية مساعدة الأطفال في إعداد قائمة بإحتياجاتهم الخاصة، وتعويدهم على إدخار جزء من المال في حصالة خاصة بهم، كذلك إذا ذهب الطفل لشراء بعض الحاجيات فلا بأس بعد عودته من مناقشته بالأسعارومراجعة الحساب، فيعلم بذلك فن إدارة المصروف والإنفاق.
ومن المفيد ذكره أن تعليم الطفل قيمة المال وفن الإنفاق لا يعني تعويده البخل والحرص الزائد عن الحد بل الحق دائمًا وسط بين طرفين أحدهما مفرط والآخر مفرط، فكما أننا ننهى عن الإسراف فنحن أيضًا نحذر من البخل والحرص الزائد عن الحد بحيث يصير الطفل فيه لا يكاد يتمتع بأي شيء مما يمتلك، ولذلك من المقترح وهو جدير بالاهتمام أن نعلم أبناءنا شراء الهدايا للآخرين والإنفاق في سبيل الله ومن المفيد أن يحدد جزءًا من مصروفه الخاص لأجل ذلك كأن يكفل طفل يتيم مثلًا وكذلك من الممكن أن ندفعه لأن يشتري هدية لأمه بجزء من مصروفه وهكذا.
نسأل الله العظيم أن يبارك لنا في أموالنا وفي أولادنا وأن يرزقنا أبناءً يعرفون قيمة المال ولا يبخلون به على المحتاج.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir