وسيم أحمد الفلو
18-01-2007, 12:27 AM
هذه تجربة لأحد الإخوة العائدين من الحج أحببت أن انقلها لتعم الفائدة:
السلام عليكم
قبل ان اذهب الى الحج طلب مني كثير من الاخوة تسجيل ملاحظاتي وخواطري لذا حاولت هناك ان اكتب رؤوس اقلام عن كل ما يخطر ببالي في دفتر صغير حتى اوسعها حينما اعود. ولما كان هناك الكثير من الملاحظات التي كتبتها فقد وجدت من الافضل ان اكتب تباعا ما تسألوني عنه من امور وخواطر علنا نستفيد ونقوي من ايماننا ومن فهمنا للاسلام اكثر وعلنا نفيد من ينوي اداء مناسك الحج بشكل خاص عما يجب ان يتوقعه اويقوم به هناك.
اول سؤال سؤلته كان عن طبيعة شعوري حينما رايت الكعبة. في البدايةاحب ان اشير الى ان محبتي للدين عقلية اكثر منها عاطفية فانا قد اكون عاطفيا في حبي للزوجة او للاولاد ولكن في الدين يغلب علي الطابع العقلي والفكري. لذا فقليلا ما تؤثر في المواعظ الدينية العاطفية وقليلا ما اجهش بالبكاء حتى لو تأثرت بما اسمع.. معظم تأثري يكون من نوع الشعور بالرهبة او الاكبار لعظمة الله، لذا يقشعر بدني خوفا ووجلا من موقف ما او كلمة ما وخاصة في كتاب الله الحكيم. "تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله". وهذا امر كان يزعجني في الحقيقة حينما ارى ان كثيرا من الناس رجالا ونساء يبكون حينما يرون الكعبة او حينما يسمعون دعاء الشيخ في عرفة في حين لا اشعر ابدا بهذه الرغبة. لكن فيما بعد حاولت ان اراقب كثيرا من هؤلاء الرجال والنسوة في طبيعة تصرفاتهم فرايت انهم خارج العبادة بعيدين كل البعد عن تعاليم الاسلام.. طبعا انا اتكلم بشكل عام.. لذا ان كان لا بد لي ان احلل هذه الظاهرة فاعتقد انها تعود للاسباب التالية.
1- اختلاف طبائع البشر ونظرتهم الى الدين وفهمهم له. فبعضهم يغلب الجانب العاطفي من الدين على الجانب العقائدي ولهذا حسنات وسيئات .. فمن حسناته ان المحبة العاطفية تعطي زخما للخشوع والاخلاص في العبادة ومن سيئاته ان الشخص ممكن ان ينحرف عن الطريق القويم اذا احب نهجا معينا يروي عاطفته الدينية ولو كان بعيدا عما افترضه الله عليه مثل كثير من الفرق الاسلامية التي شذت عن الطريق الصحيح.
2- الحج بالنسبة للكثير من الناس فرصة قد لا تعوض للاتصال بالله في خضم حياة دنيوية هائجة بينما لا يعدو الحج بالنسبة لي ان يكون اكثر من فريضة افترضها الله علي من ضمن سائر التكاليف التي احاول ان التزم بها في حياتي. بمعنى آخر ان كنت تشعر انك متصل بالله في كل لحظة وان كنت تعبده وتحبه وتطيعه وتعمل لدينه في كل لحظة فما هو الاختلاف الضخم بين عبادتك له في بيتك او عبادتك له في بيته الحرام؟ بالنسبة لي انه مجرد اختلاف في حجم الثواب وليس اختلافا في نوعية القرب منه. "واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان"
3- الدمعة السيالة التي يمتلكها كثير من الناس وخاصة النساء والتي تفبض بدافع العدوى او بدافع الجو العام بدون وجود أي رابط حقيقي متين مع الايمان. لذلك فكانت الدمعة الممدوحة اسلاميا لمن ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.
ولجميع هذه الاسباب كنت اتوقع الا يكون تأثري شديدا بمنظر الكعبة، على الاقل ليس كتأثر زوجتي او والدتي التي تبكي لمجرد رؤيتها في التلفزيون. احيانا اظن ان هناك خلل في ايماني ولكن حينما انظر بعين موضوعية الى الواقع ارى اني مثل كثيرين ممن في هذه اللائحة اقرب الى الاسلام من كثير من هؤلاء الذي يشكل الدين عندهم موسما يعيشونه في مكان معين (الكعبة) او زمان معين (رمضان). نعم يا اخوة والحمدلله قلة من الناس مثلنا ينظر الى الاسلام كانه منهج حياة كامل يعيشه في كل لحظة "قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" وقلة من الناس من يصبر على تعاليم الاسلام خارج اوقات العبادة. واقول هذا بناء على مراقبة دقيقة وليس منطلق التبرير.طبعا انا لا ازكي نفسي فانا ككثير من العباد اضعف واخطىء ولكن والحمدلله انا راض عن نفسي من ناحية التزامي بالاسلام في كل مفاصل حياتي.
وفي عودة الى موضوعنا ، الكعبة بالنسبة كما انظر اليها هي مكان قدسه الله ولا يحمل أي قيمة ذاتية بنفسه فبدون استذكار هذا الرابط الروحي لم اكن لاشعر الا بانها بناء اسود مربع. وهذا نفس ما قاله عمر بن الخطاب عن الحجر الاسود ان كنتم تذكرون. ومن هذا الباب احب ان اشكر صديقي اسماعيل الذي نبهني على هذه الناحية لتعميق الشعور الايماني. لذك فكنت اتفاجأ حينما يتقاتل الناس على الاقتراب من الكعبة او من الحجر حتى لو داسوا على بعضهم البعض. فالكعبة بقداستها هي نفسها سواء لمستها او سواء كنت تنظر اليها وهي لا تحمل أي "مفعول سحري" لمن لمسها او لمس استارها (بين قوسين احب ان استفيض فعلا في موضوع النظرة السحرية التي ينظر بها البعض تجاه كثير من المقدسات). لذلك استغربت جدا لماذا يظن بعض الناس انه اقرب الى الله اذا اقترب من الكعبة او ان فضل حجته اكثر ان زاحم الناس وطاف قريبا منها. وهنا لا بد لي ان اذكر ان معظم من اقترب من الكعبة من مجموعتنا اما سرق او نشل او جرح بالموسى اذ يبدو ان النشالين جعلوا من هذا المكان مقرا مفضلا.. هذا عن الرجال فما بالك بالنساء ؟؟ لا اعتقد انه يجوز للمراة ان تدافع الرجال من الاقتراب من استار الكعبة. صحيح ان للحج احكاما خاصة في هذه الامور ولكن فقط فيما يتعلق بالطواف والسعي والرجم وليس في سائر الامور. ومن هذا الباب انا كنت ارفض رفضا باتا ان تدخل زوجتي الى المسجد او السوق المكي في اوقات الزحام وحذرتها من ذلك مرارا اذا خرجت مع النساء بدوني.
طبعا كل هذا تمهيد للحديث عن تجربتي مع رؤية الكعبة.. لا يعني هذا ابدا اني لم اتأثر برؤيتها ولكن كل ما احاول ان اقوله انه لا يجوز ان تقيس ايمان الناس بمقدار تأثرهم رؤية الكعبة وهذه ناحية اترك لكل واحد منكم التأكد منها بنفسه اذا اراد. وفي عودة الى محور السؤال الذي طرح علي فقد زرنا المسجد الحرام لاول مرة في الليل مع قائد الحملة حيث اوصلنا الباص الى نفق تحت الارض ومن ثم صعدنا بالسلم الكهربائي الى الباحة الرئيسية امام المسجد ووقفنا اما بوابة كبيرة اعتقد انها بوابة الملك فهد. رفعت نظري الى فوق فرايت منظر احد مآذن المسجد العالية تشع نورا وبدا لي مقدار عظمة هذا البناء وروعته خاصة في الليل ( قياسا على المساجد الصغيرة التي في مدينتنا). طبعا كنا متشوقين لنرى الكعبة فاخبرنا القائد كما يخبر الكل الا نرفع نظرنا عن الارض حتى تظهر امامنا كلها. طبعا انا مثل حازم لم التزم بهذا الامر بل صرت استرق النظر ولكن لدهشتي لم ار شيئا امامي.. بل رايت بشرا واعمدة.. فالمسجد الحرام ضخم ولا تبدو الكعبة من الباب .. فضلا اني كنت جاهلا بتصميم المسجد فقد تصورت ان الكعبة تنتصفه ولم ادر ان صحن الكعبة ينخفض عن المسجد بعدة امتار بحيث لا يمكنك ان تراه الا حينما تقترب من طرف الطابق الارضي من المسجد. ولكن مع ذلك استطيع ان اقول اني ميزت ستارا اسودا يتراءى لي من الفرجات التي تظهر وسط زحمة الناس وتراتب العواميد. المهم وصنا اخيرا الى طرف الطابق الارضي ورفعنا نظرنا لنرى منظر الكعبة كاملا فكان منظرا رائعا وفريدا من نوعه وشهق بعض من كان معنا. طبعا ساهم في ترسيخ هذا المنظر منظر الطائفين حول الكعبة حيث لا لا ترى شخوصهم بل تراهم كسائل ابيض يموج في في دوامة – طبعا هذا المنظر اجمل بكثير اذا نظرت اليه من سطح المسجد). المهم دعونا الدعاء المطلوب ونزلنا الى الطواف من ضمن القافلة حيث احطنا النساء بسلسلة بشرية لحمايتهم. وكما قدمت سابقا كي ازيد من تاثري بين فينة واخرى بمنظر الكعبة كنت اتذكر الرابط الروحي والحكمة الروحية من الحج والطواف بناء على نصيحة صديقنا اسماعيل. ذلك ان منظرها وحده لم يكن كافيا لي ان اتاثر كالباقين. وكما تعلمون في الطواف حكم كثيرة ممكن تستذكرها منها اختلاط الاجناس البشرية مع بعضها البعض على اختلاف الوانها ولغاتها.. ومنها اختلاط الغني مع الفقير والعجوز مع الشباب وحتى الذكور مع الاناث (وهو الموضع الوحيد المسموح به لهذا الامر). الطواف ايضا ممكن يذكرك بالآخرة ويوم الحشر تحديدا خاصة من حيث التدافع والخوف والاختلاط بين البشر الذي بيناه سابقا وكذلك ممكن يذكرك بطبيعة الدنيا كما اشار مشكورا أحد الإخوة مرة وذلك في تدافع الناس و انانيتهم وايذائهم الاخرين وممارساتهم الشاذة وخروجهم عن النظام واضطرارك مع ذلك كله بالصبر عليهم وعدم فقدان اعصابك (وهذه من اكبر مشقات الحج).
وكما اشار أحد الإخوة من قبل فاللحظة الفاصلة بخصوص الكعبة هي مفارقتها لا اللقاء بها، فيستحيل الا تشعر بشيء عند وداعها خاصة اذا كنت من لبنان ولا تدري متى تتاح لك فرصة زيارتها مرة اخرى. لذا فقد حرصت ان اودعها كالعاشق الذي يحب معشوقته سرا ولا يحب ان يطلع على حبه من يحيط بهما من الناس. رزقنا الله واياكم ان نزور مرة اخرى هذه الارض المباركة.
السلام عليكم
قبل ان اذهب الى الحج طلب مني كثير من الاخوة تسجيل ملاحظاتي وخواطري لذا حاولت هناك ان اكتب رؤوس اقلام عن كل ما يخطر ببالي في دفتر صغير حتى اوسعها حينما اعود. ولما كان هناك الكثير من الملاحظات التي كتبتها فقد وجدت من الافضل ان اكتب تباعا ما تسألوني عنه من امور وخواطر علنا نستفيد ونقوي من ايماننا ومن فهمنا للاسلام اكثر وعلنا نفيد من ينوي اداء مناسك الحج بشكل خاص عما يجب ان يتوقعه اويقوم به هناك.
اول سؤال سؤلته كان عن طبيعة شعوري حينما رايت الكعبة. في البدايةاحب ان اشير الى ان محبتي للدين عقلية اكثر منها عاطفية فانا قد اكون عاطفيا في حبي للزوجة او للاولاد ولكن في الدين يغلب علي الطابع العقلي والفكري. لذا فقليلا ما تؤثر في المواعظ الدينية العاطفية وقليلا ما اجهش بالبكاء حتى لو تأثرت بما اسمع.. معظم تأثري يكون من نوع الشعور بالرهبة او الاكبار لعظمة الله، لذا يقشعر بدني خوفا ووجلا من موقف ما او كلمة ما وخاصة في كتاب الله الحكيم. "تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله". وهذا امر كان يزعجني في الحقيقة حينما ارى ان كثيرا من الناس رجالا ونساء يبكون حينما يرون الكعبة او حينما يسمعون دعاء الشيخ في عرفة في حين لا اشعر ابدا بهذه الرغبة. لكن فيما بعد حاولت ان اراقب كثيرا من هؤلاء الرجال والنسوة في طبيعة تصرفاتهم فرايت انهم خارج العبادة بعيدين كل البعد عن تعاليم الاسلام.. طبعا انا اتكلم بشكل عام.. لذا ان كان لا بد لي ان احلل هذه الظاهرة فاعتقد انها تعود للاسباب التالية.
1- اختلاف طبائع البشر ونظرتهم الى الدين وفهمهم له. فبعضهم يغلب الجانب العاطفي من الدين على الجانب العقائدي ولهذا حسنات وسيئات .. فمن حسناته ان المحبة العاطفية تعطي زخما للخشوع والاخلاص في العبادة ومن سيئاته ان الشخص ممكن ان ينحرف عن الطريق القويم اذا احب نهجا معينا يروي عاطفته الدينية ولو كان بعيدا عما افترضه الله عليه مثل كثير من الفرق الاسلامية التي شذت عن الطريق الصحيح.
2- الحج بالنسبة للكثير من الناس فرصة قد لا تعوض للاتصال بالله في خضم حياة دنيوية هائجة بينما لا يعدو الحج بالنسبة لي ان يكون اكثر من فريضة افترضها الله علي من ضمن سائر التكاليف التي احاول ان التزم بها في حياتي. بمعنى آخر ان كنت تشعر انك متصل بالله في كل لحظة وان كنت تعبده وتحبه وتطيعه وتعمل لدينه في كل لحظة فما هو الاختلاف الضخم بين عبادتك له في بيتك او عبادتك له في بيته الحرام؟ بالنسبة لي انه مجرد اختلاف في حجم الثواب وليس اختلافا في نوعية القرب منه. "واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان"
3- الدمعة السيالة التي يمتلكها كثير من الناس وخاصة النساء والتي تفبض بدافع العدوى او بدافع الجو العام بدون وجود أي رابط حقيقي متين مع الايمان. لذلك فكانت الدمعة الممدوحة اسلاميا لمن ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.
ولجميع هذه الاسباب كنت اتوقع الا يكون تأثري شديدا بمنظر الكعبة، على الاقل ليس كتأثر زوجتي او والدتي التي تبكي لمجرد رؤيتها في التلفزيون. احيانا اظن ان هناك خلل في ايماني ولكن حينما انظر بعين موضوعية الى الواقع ارى اني مثل كثيرين ممن في هذه اللائحة اقرب الى الاسلام من كثير من هؤلاء الذي يشكل الدين عندهم موسما يعيشونه في مكان معين (الكعبة) او زمان معين (رمضان). نعم يا اخوة والحمدلله قلة من الناس مثلنا ينظر الى الاسلام كانه منهج حياة كامل يعيشه في كل لحظة "قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" وقلة من الناس من يصبر على تعاليم الاسلام خارج اوقات العبادة. واقول هذا بناء على مراقبة دقيقة وليس منطلق التبرير.طبعا انا لا ازكي نفسي فانا ككثير من العباد اضعف واخطىء ولكن والحمدلله انا راض عن نفسي من ناحية التزامي بالاسلام في كل مفاصل حياتي.
وفي عودة الى موضوعنا ، الكعبة بالنسبة كما انظر اليها هي مكان قدسه الله ولا يحمل أي قيمة ذاتية بنفسه فبدون استذكار هذا الرابط الروحي لم اكن لاشعر الا بانها بناء اسود مربع. وهذا نفس ما قاله عمر بن الخطاب عن الحجر الاسود ان كنتم تذكرون. ومن هذا الباب احب ان اشكر صديقي اسماعيل الذي نبهني على هذه الناحية لتعميق الشعور الايماني. لذك فكنت اتفاجأ حينما يتقاتل الناس على الاقتراب من الكعبة او من الحجر حتى لو داسوا على بعضهم البعض. فالكعبة بقداستها هي نفسها سواء لمستها او سواء كنت تنظر اليها وهي لا تحمل أي "مفعول سحري" لمن لمسها او لمس استارها (بين قوسين احب ان استفيض فعلا في موضوع النظرة السحرية التي ينظر بها البعض تجاه كثير من المقدسات). لذلك استغربت جدا لماذا يظن بعض الناس انه اقرب الى الله اذا اقترب من الكعبة او ان فضل حجته اكثر ان زاحم الناس وطاف قريبا منها. وهنا لا بد لي ان اذكر ان معظم من اقترب من الكعبة من مجموعتنا اما سرق او نشل او جرح بالموسى اذ يبدو ان النشالين جعلوا من هذا المكان مقرا مفضلا.. هذا عن الرجال فما بالك بالنساء ؟؟ لا اعتقد انه يجوز للمراة ان تدافع الرجال من الاقتراب من استار الكعبة. صحيح ان للحج احكاما خاصة في هذه الامور ولكن فقط فيما يتعلق بالطواف والسعي والرجم وليس في سائر الامور. ومن هذا الباب انا كنت ارفض رفضا باتا ان تدخل زوجتي الى المسجد او السوق المكي في اوقات الزحام وحذرتها من ذلك مرارا اذا خرجت مع النساء بدوني.
طبعا كل هذا تمهيد للحديث عن تجربتي مع رؤية الكعبة.. لا يعني هذا ابدا اني لم اتأثر برؤيتها ولكن كل ما احاول ان اقوله انه لا يجوز ان تقيس ايمان الناس بمقدار تأثرهم رؤية الكعبة وهذه ناحية اترك لكل واحد منكم التأكد منها بنفسه اذا اراد. وفي عودة الى محور السؤال الذي طرح علي فقد زرنا المسجد الحرام لاول مرة في الليل مع قائد الحملة حيث اوصلنا الباص الى نفق تحت الارض ومن ثم صعدنا بالسلم الكهربائي الى الباحة الرئيسية امام المسجد ووقفنا اما بوابة كبيرة اعتقد انها بوابة الملك فهد. رفعت نظري الى فوق فرايت منظر احد مآذن المسجد العالية تشع نورا وبدا لي مقدار عظمة هذا البناء وروعته خاصة في الليل ( قياسا على المساجد الصغيرة التي في مدينتنا). طبعا كنا متشوقين لنرى الكعبة فاخبرنا القائد كما يخبر الكل الا نرفع نظرنا عن الارض حتى تظهر امامنا كلها. طبعا انا مثل حازم لم التزم بهذا الامر بل صرت استرق النظر ولكن لدهشتي لم ار شيئا امامي.. بل رايت بشرا واعمدة.. فالمسجد الحرام ضخم ولا تبدو الكعبة من الباب .. فضلا اني كنت جاهلا بتصميم المسجد فقد تصورت ان الكعبة تنتصفه ولم ادر ان صحن الكعبة ينخفض عن المسجد بعدة امتار بحيث لا يمكنك ان تراه الا حينما تقترب من طرف الطابق الارضي من المسجد. ولكن مع ذلك استطيع ان اقول اني ميزت ستارا اسودا يتراءى لي من الفرجات التي تظهر وسط زحمة الناس وتراتب العواميد. المهم وصنا اخيرا الى طرف الطابق الارضي ورفعنا نظرنا لنرى منظر الكعبة كاملا فكان منظرا رائعا وفريدا من نوعه وشهق بعض من كان معنا. طبعا ساهم في ترسيخ هذا المنظر منظر الطائفين حول الكعبة حيث لا لا ترى شخوصهم بل تراهم كسائل ابيض يموج في في دوامة – طبعا هذا المنظر اجمل بكثير اذا نظرت اليه من سطح المسجد). المهم دعونا الدعاء المطلوب ونزلنا الى الطواف من ضمن القافلة حيث احطنا النساء بسلسلة بشرية لحمايتهم. وكما قدمت سابقا كي ازيد من تاثري بين فينة واخرى بمنظر الكعبة كنت اتذكر الرابط الروحي والحكمة الروحية من الحج والطواف بناء على نصيحة صديقنا اسماعيل. ذلك ان منظرها وحده لم يكن كافيا لي ان اتاثر كالباقين. وكما تعلمون في الطواف حكم كثيرة ممكن تستذكرها منها اختلاط الاجناس البشرية مع بعضها البعض على اختلاف الوانها ولغاتها.. ومنها اختلاط الغني مع الفقير والعجوز مع الشباب وحتى الذكور مع الاناث (وهو الموضع الوحيد المسموح به لهذا الامر). الطواف ايضا ممكن يذكرك بالآخرة ويوم الحشر تحديدا خاصة من حيث التدافع والخوف والاختلاط بين البشر الذي بيناه سابقا وكذلك ممكن يذكرك بطبيعة الدنيا كما اشار مشكورا أحد الإخوة مرة وذلك في تدافع الناس و انانيتهم وايذائهم الاخرين وممارساتهم الشاذة وخروجهم عن النظام واضطرارك مع ذلك كله بالصبر عليهم وعدم فقدان اعصابك (وهذه من اكبر مشقات الحج).
وكما اشار أحد الإخوة من قبل فاللحظة الفاصلة بخصوص الكعبة هي مفارقتها لا اللقاء بها، فيستحيل الا تشعر بشيء عند وداعها خاصة اذا كنت من لبنان ولا تدري متى تتاح لك فرصة زيارتها مرة اخرى. لذا فقد حرصت ان اودعها كالعاشق الذي يحب معشوقته سرا ولا يحب ان يطلع على حبه من يحيط بهما من الناس. رزقنا الله واياكم ان نزور مرة اخرى هذه الارض المباركة.