المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ال الرافعي سيرة عائلة مهمة في مجتمع طرابلس من خلال قراءة سجلات المحكمة الشرعية



فؤاد طرابلسي
06-07-2010, 04:35 AM
عائلة الرافعي، درة طرابلس الشام وعنوان مجدها


بشير بركات – القدس
خلال قراءتي لسجلات محكمة القدس في العهد العثماني وقعت على نص جميل بخط أنيق سَطَره “الشيخ عبد الحميد الرافعي المولى خلافة بالقدس الشريف” الذي تشرف أهل مدينة القدس بنزوله بينهم عامي (1896-1898)، فرأيت أن أكتب نبذة عنه وعن عائلته، ثم عن الروابط التاريخية بين القدس وطرابلس.
ينتمي شيخنا عبد الحميد بن عبد الغني بن أحمد الرافعي (1859–1932) إلى عائلة أنجبت العشرات من العلماء الأفاضل عبر القرون في طرابلس الشام ومصر. وتنسب هذه العائلة الكريمة إلى سيدنا عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه. تلقى عبد الحميد علومه بالأزهر الشريف وبمدرسة الحقوق بالأستانة. وهو شاعر غزير، وله أربعة دواوين. وبالإضافة إلى توليه قضاء القدس، عُين قائم مقام في الناصرة وغيرها حوالي 20 عاما.
أما والده عبد الغني (1818-1891) فقد كان من فقهاء الحنفية، حيث عين مفتيا لطرابلس ثم قاضيا في لواء تعز باليمن ثم رئيسا لمحكمة استئناف الحقوق والجزاء في ولاية صنعاء. وله كتب في الفقه والشعر والزهد.
وقد استقر نفر من تلك العائلة العمرية في مصر بعد حملة نابليون، وبرز منهم عشرات الأعيان، منهم الشيخ عبد القادر بن مصطفى الرافعي (1832-1905) الذي علا شأنه في مصر حتى لُقب بأبي حنيفة الصغير. ومنهم الأديب اللوذعي مصطفى صادق الرافعي1889 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1889)-1966 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1966)). (1880-1937) الذي كانت له صولات وجولات مع طه حسين. ومنهم المؤرخ القدير عبد الرحمن الرافعي (
http://www.arabbab.com/wp-content/uploads/2010/03/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%B9%D9%8A.jpg (http://www.arabbab.com/wp-content/uploads/2010/03/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%B9%D9%8A.jpg)
ومن مشاهيرهم المعاصرين في طرابلس الشام الدكتور كمال بن عبد الغني الرافعي الاختصاصي في علم الكمبيوتر، وشقيقه الدكتور الشيخ سالم الرافعي صاحب التآليف الباهرة ومنها (مختصر المجموع شرح المهذب)؛ ومتنه لأبي إسحق الشيرازي.

العلاقات القدسية الطرابلسية
تبادل أهل المدينتين مشاعر الود والتراحم والمصاهرات منذ عدة قرون حتى حرب عام 1967. وكان أهل القدس، حسب عدة حجج عثرت عليها في سجلات المحكمة، يستوردون من طرابلس الشام في العهد العثماني الزنانير المصنعة من القطن أو الحرير خاصة.
وورد فيها أيضا أن موسى الفتياني أحد مشايخ القدس في القرن السادس عشر الميلادي كان يُلقي دروسا في مسجد قبة الصخرة، والتي شملت قراءة نسخة من تفسير البيضاوي وقفها مصطفى باشا ميرلوا طرابلس عام 1571 وشرط أن توضع في مسجد قبة الصخرة المشرفة وأن يشرحه الشيخ موسى في دروس التفسير.
وممن أقام في طرابلس من أهل القدس ياسين الخالدي (ت 1901) الذي عين قاضيا شرعيا فيها. ومنهم طاهر الحسيني الذي توفي فيها عام 1918، وهو والد السيدة هند التي أسست دار الطفل العربي في القدس بعد النكبة. ومنهم صبحي بن أحمد القرجولي الذي رحل بعد الحرب العالمية الأولى إلى طرابلس الشام واستقر فيها والتحق بسلك الشرطة خلال الإحتلال الفرنسي، وعين بعد الاستقلال مديرا لسجن طرابلس، وتوفي فيها بعد أن تجاوز المئة من عمره. أما شقيقه محمد منيب فقد لجأ إلى طرابلس خلال الثورة الفلسطينية ثم عاد إلى القدس عام 1942.
وممن أقام في القدس من أهل طرابلس محمود الحارس الحكواتي وهو أشهر من مارسوا فن رواية القصص الشعبية في القدس حتى أواسط عهد الاحتلال البريطاني، حيث كان يقضي شهر رمضان في القدس ويقسم كل ليلة إلى عدة فصول فيبدأ بالتمثيل بعد الإفطار بساعة في مقهى خليل نجم، ثم في مقهى محلة باب حِطة، ثم في مقهى الهوسبيس في محلة الواد ثم في أحد مقاهي محلة خان الزيت أو محلة النصارى، ثم في مقهى علي زحيمان الذي كان يخصصه للشعر والأدب، ثم في مقهى النابلسي خارج باب العامود حيث كان أداؤه يستمر حتى يُضرب مدفع السحور.
وقد وصفته هالة السكاكيني في مذكراتها فقالت: “ كان الكركوز من التسالي الشعبية في القدس حتى عشرينات القرن العشرين، وكان يُقام في مقهى داخل باب العمود في الصف الشرقي. وكان شخص طرابلسي يأتي لإقامة عروضه كل رمضان. وهي تشمل شخصيتين فقط، يمثلهما الطرابلسي بصوتين مختلفين. وعندما كان شهر رمضان يأتي صيفا كان يقيم عروضه في الهواء الطلق على سطح المقهى. وإذا لاحظ الطرابلسي أن من بين الجمهور شخصيات مثقفة كان يرفع من مستوى أدائه حيث يتناول قضايا أدبية وسياسية واجتماعية. كانت مشاعر الاحتفال برمضان أشد ما تكون في البلدة القديمة، حيث يتم تزيين حتى أصغر الدكاكين. وكانت دكاكين الحلويات أكثرها جاذبية.”
ومنهم أيضا عبد القادر المغربي (1868-1956)، حيث درّس في الكلية الصلاحية خلال الحرب العالمية الاولى، ثم استقر في دمشق. ومنهم الشيخ نديم الملاح (1892-1973) الذي لاحقه الفرنسيون بعد احتلال الشام فلجأ إلى القدس عام 1920، فعين أستاذا في كلية روضة المعارف، ثم ضيّق عليه الانجليز فلجأ إلى عمّان عام 1925، وعُين بعد النكبة عضوا في هيئة النيابة عن العرش والهيئة العلمية الإسلامية ومجلس الأعيان ومجلس الأوقاف الإسلامية الأعلى.
هذا بعض ما عثرت عليه. وأسأل الله العلي القدير أن يجمع شملنا ويجبر كسرنا، فهو المستعان وهو المجيب، والحمد لله رب العالمين.