تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لا تنسك فرحة العيد



الشيخ علي الظنط
11-09-2010, 08:33 AM
لا تنسك فرحة العيد




إلى كل صائم وصائمة . . نوجه هذه العبارات .. عل الله جل وعلا أن يكتبها في ميزان الحسنات .. نقول :

لئن كان من حق العيد أن نبهج به ونفرح وكان من حقنا أن نتبادل به التهاني، ونطرح الهموم، ونتهادى البشائر - فإن حقوق إخواننا المشردين المعذبين شرقاً وغرباً تتقاضى أن نحزن لمحنتهم ونغتم، وتُعنى بقضاياهم ونهتم؛ فالمجتمع السعيد الواعي هو ذلك الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة، ويمتد شعوره الإنساني إلى أبعد مدى، وذلك حين يبدو في العيد متماسكاً متعاوناً متراحماً، حتى ليخفق فيه كل قلب بالحب، والبر، والرحمة، ويذكر فيه أبناؤه مصائب إخوانهم في الأقطار حين تنزل بهم الكوارث والنكبات.

ولا يراد من ذلك سكب الدموع، ولبس ثياب الحداد ، والامتناع عن الطعام والشراب، وجعل العيد مأتما..

وإنما يراد من ذلك أن تظهر أعيادنا بمظهر الأمة الواعية، التي تلزم الاعتدال في سرَّائها وضرَّائها؛ فلا يحول احتفاؤنا بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فريقٌ من أبنائها.
ويراد من ذلك أن نقتصد في مرحنا وإنفاقاتنا؛ لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه من أمتنا في صراعها المرير الدامي. ويراد من ذلك - أيضاً - أن نشعر بالإخاء قوياً في أيام العيد؛ فيبدو علينا في أحاديثنا عن نكبات إخواننا وجهادهم ما يقوي العزائم، ويشحذ الهمم، ويبسط الأيدي بالبذل، ويطلق الألسنة بالدعاء؛ فهذا هو الحزن المجدي الذي يُترجم إلى عمل واقعي.

وتذكّر - أيها الحبيب- صبيحة العيد، وأنت تقبل على والديك، وتأنس بزوجك، وإخوانك وأولادك، وأحبابك، وأقربائك، فيجتمع الشمل على الطعام اللذيذ، والشراب الطيب، تذكَّر يتامى لا يجدون في تلك الصبيحة حنان الأب، وأيامى قد فقدن ابتسامة الزوج، وآباءً وأمهاتٍ حُرموا أولادهم، وجموعاً كاثرة من إخوانك شردهم الطغيان، ومزقهم كل ممزق؛ فإذا هم بالعيد يشرقون بالدمع، ويكتوون بالنار، ويفقدون طعم الراحة والاستقرار.

وتذكّر في العيد وأنت تأوى إلى ظلك الظليل، ومنزلك الواسع، وفراشك الوثير تذكَّر إخواناً لك يفترشون الغبراء، ويلتحفون الخضراء، ويتضورون في العراء.
يا من صام وشعر بمرارة الحرمان والانقطاع عن اللذائذ والمشتهيات لسويعات معدودة ، تذكر إخوانا لكم في رمضان،وغيره يبيتون على الجوع والعري..ولا يجد أحدهم ما يسد به جوعته ولا فاقة عياله .. تذكر أنهم ينتظرون منك .. نعم .. منك أنت ومن أمثالك أن يمدوا لهم يد العون والمساعدة .

تذكر حينما تشرق شمس صباح العيد ، فيجتمع الشمل .. ويُلبس الجديد ..ويُؤكل ما لذَّ وطاب .. تذكر ذلكم الطفل اليتيم .. الذي ما وجد والدا يبارك له بالعيد .. ولا يقبله ، ولا يمسح على رأسه .. تذكر تلك الطفلة الصغيرة .. حينما ترى بنات جيرانها يرتدين الجديد .. وهي يتيمة .. إنها تخاطب مشاعركم ، وأحاسيسكم ، لسان حالها يقول لكم : أنا طفلة صغيرة ، ومن حقي أن أفرح بهذا العيد .. نعم ، من حقي أن أرتدي ثوبا حسنا لائقا بيوم العيد .. و من حقي أن أجد العطف والحنان .. وأن أشعر بالأمن والأمان ...

واستحضر أنك حين تأسو جراحهم، وتسعى لسدِّ حاجتهم أنك إنما تسد حاجتك، وتأسو جراحك وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [التوبة:71]، وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ [البقرة:272]، و مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ [فصلت:46]، و { من نفّس عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } و { من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم } و { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر }.

فيا أخي .. ويا أختي قدموا لأنفسكم ، واجعلوا فرحة هذا العيد المبارك .. تعم أرجاء العالم الإسلامي .
عن جرير قال : كنا في صدر النهارعند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال : "{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة } إلى آخر الآية { إن الله كان عليكم رقيبا } والآية التي في الحشر { اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد }
تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " . رواه مسلم

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح !!!

لمن العيد اليوم؟ أهو لهذه الشعوب التائهة في دروب الحياة لا تعرف هدفا تسعى إليه ولا كيانا كريما تعول عليه، تغالب الموت لتعيش عيشة هي أقسى من الموت، وتسعى إلى الحياة بأجسام فقدت نضارة الحياة، وتشقى وراء اللقمة تنتزعها من أنياب المترفين ومخالب المتسلطين وبراثن القساة الغلاظ الأكباد، ممن يسميهم الناس بكبار الآدميين...
أم هو لتلك الآلاف المؤلفة من دعاة القرآن وأبطال الجهاد وحملة المشاعل الذين كبلوا بالحديد وأرهقوا بالتعذيب، وسيق من سيق منهم إلى الموت مضرجا بدمائه واستبقي من استبقي للذل يمتحن في دينه وكبريائه، أطفالهم للتشريد ونساؤهم للبكاء وشيوخهم للجوع وحياتهم للخوف وشعبهم يرغم في مرارة المأساة على أن يتذوق حلاوة الرحيق المختوم... ويساق بالسوط إلى استقبال جلاديه ترنو لهم جباهه وتهتف لهم شفاهه وهو يعتقد أنه وراءهم سائر إلى الشقاء الأسود والفناء المحتوم؟
لمن العيد اليوم؟؟ أللمشردين في هوان؟ أم للشعوب نبذها الزمان والمكان؟ أم للقوافل المؤمنة من ضحايا الغدر والعدوان؟؟

الشامي
12-09-2010, 05:11 AM
يا هلا بالحج ... كل عيد وانتو بخير :) والله يتقبل منا ومنكم...

الشيخ علي الظنط
12-09-2010, 07:53 AM
أخي الشامي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتقبل منا ومنكم ومن جميع الاخوة الأحبة والمسلمين الطاعات ونسأله تعالى أن يتجاوز عن السيئات إنه عفو كريم مجيب الدعوات، وأسأله تعالى أن يبارك جهودكم ويجعلها في ميزان حسناتكم ، فأنتم وبقية الاخوة الأكارم في موقع القلمون على ثغرة عظيمة نسأل الله تعالى أن يعينكم على سدّها .