فؤاد طرابلسي
27-10-2010, 09:41 AM
الشيخ فؤاد اشراقية
معتز مطرجي
قيل قديماً في أبي العلاء: "لا أعرف كلمة نطق بها العرب ولم يعرفها هذا الرجل"، وربما القول نفسه ينطبق على الشيخ فؤاد اشراقية ولكن بوجه آخر: لا أعلم بحديث ورد عن الرسول رضوان الله عليه لم يعرفه أو لم يستشهد به، أو لم يأتِ على شرحه وتفسيره.
كان شيخُنا الجليل واسع الاطلاع في أمور الدين واللغة لا سيما في الفقه والحديث والتفسير وعلم المواريث، يخوض فيها شتى المناحي خوض الواثق من علمه وغزارة معارفه، لا تفوته شاردةٌ ولا تفلت منه خاطرةٌ إلا ويُنزلها المكان المناسب، حتى لتطالع في كل كلمة من كلماته أثناء إلقائه الأحاديث الدينية، جهدَ رجل الدين العالم، واللغوي المتمكِّن، وذائقة الشاعر المجيد، وهو الى ذلك لا يباهي لمعرفة كما هو تواضع الكبار، ويصغي ملياً، ثم يطلق كلمته ويمشي بخطى ثابتة في حججه بالرد على الملاحدة والمبشرين، ودحض أكاذيبهم وافتراءاتهم وخصوصاً ما نشره المستشرق "كولدستاك" وغيره.
وإن كان ردُّ الفعل على قدر الفعل، فحالة طرابلس أصابته موقعاً مؤلماً، وكان رد فعله هذه القصيدة، ولو قدر الله وعاش حتى هذه الرُدَح الرديئة من الزمن لزاد عليها وقال أكثر، والقصيدة طويلة ومعبِّرة، أقتطِف منها هذه الأبيات:
قل لي متى هذا الظلامُ يُزاح ومتى قلاعُ الظالمين تُطاح
والى متى هذي الليالي تنجلي بشموسها ويضيئنا الإصباح
والى متى هذي النفوس كليلة مما عراها وبالقلوب جراح
قل لي متى هذا الوجود ملطَّخ بالعابثين ولا يُرى صُلاّح
فاليوم يسمو اللؤم ما بين الورى ويذّل فيه السيد الجحجاح
أما ترى الأقزام يعلو أمرُها فاحكم بأن الأمر فيها مُباح
قل لي إذا ذهبتْ مكارمُ أمّة هل يبقى فيها للسمو جناح
الى أن يقول:
يتطاولون وليس فيهم عاقل إلا الجهول وصوتُه نبّاح
عودوا بني قومي الى الدين الذي بهر العوالم شرعه فواّح
ولد فؤاد عبد القادر إشراقية بطرابلس سنة 1906م. وأخذ علومه الأولى على يد والده الشيخ عبد القادر في المدرسة القادرية التي سُمِّيت فيما بعد بالتدمرية في محلة التربيعة، ثم تابع مع العلامة الشيخ عبد الكريم عويضة، بعدها التحق بالمدرسة العلمية وتخرج منها سنة 1927 ليلتحق بإحدى حلقات الجامع الأزهر حيث التقى مواطنه الإمام الشيخ محمد رشيد رضا.
عاد الى طرابلس سنة 1931 وتولى التدريس في مدارس جمعية المقاصد الإسلامية ثم في كلية التربية والتعليم بالقسم الشرعي، ونال عن شيخه عبد الكريم عويضة في دروس الجامع الكبير، كما كان يلقي دروس الوعظ والإرشاد في مسجد الداكيز بالميناء وفي جوامع طرابلس، الأويسيه والطحام وأبي سمراء، وتسلم رئاسة قلم المحكمة الشرعية والقضاء الشرعي حتى وفاته سنة 1971، وقد رثاه الشيخ رفعت الضناوي بهذه الأبيات:
دعا الإله الى رضوانه علماً علا بتفسيره القرآن للعَلَما
ذاك الفؤاد الذي لباه معتصماً بما تزوّد من إحسانه نُعَما
قد أشرقت فيه إشراقية نسباً من حيث قد ضاء في أوجِ العلى ونما
كذاك مجلسه في عزٍ محكمةٍ نحا به رفعةً إذ صانه حكما
فزِده يا ربِ رضواناً ومغفرةً فأنت ذو الجود تُولي الفضل والكرما
كان الشيخ فؤاد كثير الكتابة، وافر النظم، ثري الانتاج، فظهرت كتاباته وقصائده مشرقة الديباجة، جزلت التعبير والصياغة، ووما تركه العديد من الكتب المخطوطة والابحاث المستفيضة نشرها في عدد من المجلات العلمية والادبية، وهي محفوظة في مكتبة ابنه الاستاذ عبد القادر كما ورد في موسوعة علماء المسلمين للاستاذ الدكتور عمر تدمري.
رحم الله شيخنا الجليل واسكنه جنات النعيم.
معتز مطرجي
قيل قديماً في أبي العلاء: "لا أعرف كلمة نطق بها العرب ولم يعرفها هذا الرجل"، وربما القول نفسه ينطبق على الشيخ فؤاد اشراقية ولكن بوجه آخر: لا أعلم بحديث ورد عن الرسول رضوان الله عليه لم يعرفه أو لم يستشهد به، أو لم يأتِ على شرحه وتفسيره.
كان شيخُنا الجليل واسع الاطلاع في أمور الدين واللغة لا سيما في الفقه والحديث والتفسير وعلم المواريث، يخوض فيها شتى المناحي خوض الواثق من علمه وغزارة معارفه، لا تفوته شاردةٌ ولا تفلت منه خاطرةٌ إلا ويُنزلها المكان المناسب، حتى لتطالع في كل كلمة من كلماته أثناء إلقائه الأحاديث الدينية، جهدَ رجل الدين العالم، واللغوي المتمكِّن، وذائقة الشاعر المجيد، وهو الى ذلك لا يباهي لمعرفة كما هو تواضع الكبار، ويصغي ملياً، ثم يطلق كلمته ويمشي بخطى ثابتة في حججه بالرد على الملاحدة والمبشرين، ودحض أكاذيبهم وافتراءاتهم وخصوصاً ما نشره المستشرق "كولدستاك" وغيره.
وإن كان ردُّ الفعل على قدر الفعل، فحالة طرابلس أصابته موقعاً مؤلماً، وكان رد فعله هذه القصيدة، ولو قدر الله وعاش حتى هذه الرُدَح الرديئة من الزمن لزاد عليها وقال أكثر، والقصيدة طويلة ومعبِّرة، أقتطِف منها هذه الأبيات:
قل لي متى هذا الظلامُ يُزاح ومتى قلاعُ الظالمين تُطاح
والى متى هذي الليالي تنجلي بشموسها ويضيئنا الإصباح
والى متى هذي النفوس كليلة مما عراها وبالقلوب جراح
قل لي متى هذا الوجود ملطَّخ بالعابثين ولا يُرى صُلاّح
فاليوم يسمو اللؤم ما بين الورى ويذّل فيه السيد الجحجاح
أما ترى الأقزام يعلو أمرُها فاحكم بأن الأمر فيها مُباح
قل لي إذا ذهبتْ مكارمُ أمّة هل يبقى فيها للسمو جناح
الى أن يقول:
يتطاولون وليس فيهم عاقل إلا الجهول وصوتُه نبّاح
عودوا بني قومي الى الدين الذي بهر العوالم شرعه فواّح
ولد فؤاد عبد القادر إشراقية بطرابلس سنة 1906م. وأخذ علومه الأولى على يد والده الشيخ عبد القادر في المدرسة القادرية التي سُمِّيت فيما بعد بالتدمرية في محلة التربيعة، ثم تابع مع العلامة الشيخ عبد الكريم عويضة، بعدها التحق بالمدرسة العلمية وتخرج منها سنة 1927 ليلتحق بإحدى حلقات الجامع الأزهر حيث التقى مواطنه الإمام الشيخ محمد رشيد رضا.
عاد الى طرابلس سنة 1931 وتولى التدريس في مدارس جمعية المقاصد الإسلامية ثم في كلية التربية والتعليم بالقسم الشرعي، ونال عن شيخه عبد الكريم عويضة في دروس الجامع الكبير، كما كان يلقي دروس الوعظ والإرشاد في مسجد الداكيز بالميناء وفي جوامع طرابلس، الأويسيه والطحام وأبي سمراء، وتسلم رئاسة قلم المحكمة الشرعية والقضاء الشرعي حتى وفاته سنة 1971، وقد رثاه الشيخ رفعت الضناوي بهذه الأبيات:
دعا الإله الى رضوانه علماً علا بتفسيره القرآن للعَلَما
ذاك الفؤاد الذي لباه معتصماً بما تزوّد من إحسانه نُعَما
قد أشرقت فيه إشراقية نسباً من حيث قد ضاء في أوجِ العلى ونما
كذاك مجلسه في عزٍ محكمةٍ نحا به رفعةً إذ صانه حكما
فزِده يا ربِ رضواناً ومغفرةً فأنت ذو الجود تُولي الفضل والكرما
كان الشيخ فؤاد كثير الكتابة، وافر النظم، ثري الانتاج، فظهرت كتاباته وقصائده مشرقة الديباجة، جزلت التعبير والصياغة، ووما تركه العديد من الكتب المخطوطة والابحاث المستفيضة نشرها في عدد من المجلات العلمية والادبية، وهي محفوظة في مكتبة ابنه الاستاذ عبد القادر كما ورد في موسوعة علماء المسلمين للاستاذ الدكتور عمر تدمري.
رحم الله شيخنا الجليل واسكنه جنات النعيم.