تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من كتاب: خواطر وأفكار في فقه الدعوة إلى الله



أبو عربي
29-11-2010, 02:13 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت فقرةً من هذا الكتاب وأعجبتني فأحببت أن انقلها لكم .. وعموماً الكتاب مفيد وحجمه صغير وفيه عدة فوائد ...


مسألة مصلحة الدعوة:

هي من جملة المسائل التي جنح فيها كثير من الناس إلى إفراط أو تفريط؛ فريق حمل مصلحة الدعوة على مصلحته الشخصية أو الحزبية، فما وافق مصلحته الشخصية أو الحزبية فثم مصلحة الدعوة، وما عارض مصلحته الشخصية أو الحزبية، تنتفي حينئذٍ مصلحة الدعوة .. وينتفي معها الحديث عن مصلحة الدعوة .. فيجعل من مصلحة الدعوة مطية لمآربه الشخصية والحزبية وحسب!
وفريق مقابل جنح إلى التفريط، كردة فعل لصنيع الطرف السابق؛ فعدّ مصلحة الدعوة وثن يُعبد، يُستتر به، يجب هدمه وإزالته، إذ لا قيمة ولا اعتبار في تفكير وأدبيات هذا الفريق من الناس لمصلحة الدعوة .. ولا للحديث عن مصلحة الدعوة .. والحديث عن مصلحة الدعوة عندهم سُبّة وتهمة!
وكلا الفريقين على خطأ، والحق وسط بينهما، وبيان ذلك: أن مصلحة الدعوة إلى الله تعالى، هي من مصلحة الدين، ومصلحة التوحيد، وعباد الله المؤمنين، والناس أجمعين .. لا يمكن تجاهلها وعدم اعتبارها .. فالإسلام جاء بضرورة مراعاة المصالح وتقديمها، ودفع المفاسد .. وأعظم المصالح التي ينبغي مراعاتها والعمل من أجلها مصلحة الدعوة والدين .. فعند التعارض واستحالة التوفيق تُقدم مصلحة الدين والتوحيد على ما سواها من المصالح ... ومصلحة الأمة على مصلحة قطر أو جماعة من الجماعات أو حزب من الأحزاب المنسوبة للأمة .. ومصلحة الجماعة على مصلحة الفرد .. والمصلحة الأكبر على ما دونها من المصالح، وهكذا.
وعليه فأقول: لا يجوز أن تُستغَل مصلحة الدعوة للمصالح الشخصية أو المصالح الحزبية الضيقة؛ فنصور مصالحنا الشخصية والحزبية على أنها هي مصلحة الدعوة، ومصلحة الدعوة على أنها هي مصالحنا الشخصية والحزبية .. فحينئذٍ نسيء لمصلحة الدعوة جداً، ونصيبها بمقتل عظيم، وتكون مصلحة الدعوة بمثابة كلمة حق يُراد بها باطل .. كما لا يجوز أن نلغي مصلحة الدعوة من فقهنا وفِكرنا وأدبياتنا .. بزعم أن فريقاً من الناس يُسيء استخدام فقه مصلحة الدعوة، وأنه يُجيّرها لمصالحه الشخصية أو الحزبية .. ولو جاز ذلك لجاز القول بإلغاء كثير من المفاهيم الإسلامية العامة، بزعم أن من الناس من يُسيء فهم واستخدام تلك المفاهيم .. وهذا لا يقول به عاقل!