تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : محمد رسول الله



ASLAN
10-03-2012, 08:03 PM
محمد رسول الله




محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي...

القرشي الإسماعيلي الإبراهيمي

فهو رجل من العرب من بلدة مكة الواقعة في بلاد شبه جزيرة العرب (معظمها اليوم يقع ضمن حدود الدولة المسماة المملكة العربية السعودية)

مكة هذه يقول كثير من علماء الأرض والفلك والجغرافيا إنها قلب العالم، أو إنها أكثر بقاع الأرض احتمالا لأن تكون قلب الكرة الأرضية.

وهي بلدة صحراوية جبلية..

عاش فيها منذ قديم الزمان الجنس البشري العربي

والعرب كانوا موجودين قبل سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء

وكانت لهم قبائل كبيرة مشهورة في التاريخ القديم لها حضارات عريقة وعجيبة.!

يقول المؤرخون إن كل أو الأغلبية الساحقة من تلك القبائل العربية القديمة اندثرت وانقرضت، وإنما العرب الباقون بعدهم إلى اليوم هم قبائل أخرى تعلّمت منهم العربية ومعظمهم من نسل النبي الكريم إسماعيل -أخي إسحاق- بن إبراهيم عليهم السلام.



فيما يسمّى بالشرق الأوسط، وفي قلب العالم، مهد الأنبياء والرسالات، وبالتحديد في شبه جزيرة العرب عاش هؤلاء القوم عيشة بسيطة أقرب ما تكون إلى الطبيعة والعفوية بعيدة إلى حد ما عن تعقيدات التمدّن، لذلك امتازوا باعتدال الطبائع والأمزجة، واتصفوا بصفات رائعة من الصدق والصراحة والوفاء والكرم والسخاء والشجاعة وعزة النفس ورفض الظلم والذل، وبذل المعروف، والتنافس في صفات الرجولة، وتعظيم حق الكلمة والذمة، وقوة الإرادة والعزيمة، وعلو الهمة، والفصاحة والذكاء والاعتناء بالآداب وقوة الحافظة، رغم أنهم لا يعرفون الكتابة.



لابد أنه لحكمةٍ عظيمة كانت هذه المساحة من العالَـم هي محل كل الرسل والرسالات السماوية.!



محمدٌ هذا الرجل الذي هو رجل عظيم عند كل المؤرخين من المسلمين (المؤمنين بنبوته والمتبعين له) وعند غير المسلمين من النصارى واليهود وغيرهم : ولد في سنة 571 بعد ميلاد المسيح عليه السلام، وعاش يتيما ، لأن أباه مات حينما كان هو جنيناً في بطن أمه، ثم ماتت أمه أيضا في وقت مبكر من عمره، وذلك بعد أن بلغ هو ست سنين، فتربّى يتيما في رعاية جده ثم في رعاية عمه بعد موت جده إلى أن صار شاباً يافعا..



وبعد مرور حوالي أربعين سنة على مولده، أي بعد أن صار رجلا كاملا عرف الحياة وجرّبها وتزوج وأنجب وربّى أطفالا وعرف الناس وعرفوه وتكوّنت له في قومه قيمة، كانت هذه القيمة تدور كلها باتفاق جميع المؤرخين على صفات الصدق والأمانة والذكاء وقوة العقل وفصاحة الكلمة وحسن الأخلاق ومكارم السجايا والتشبّع بالفضائل التي يتنافس الرجال العقلاء عادة في تحصيلها والافتخار بها من الكرم والشجاعة ورفض الظلم والضيم والذل ومساعدة المحتاجين والعطف على الضعفاء والخدمة للناس ومساعدتهم ومحبة الخير لهم والبعد عن المعايب والشرور والصفاف المذمومة التي ينفر منها كل العقلاء.

ومع ذلك فقط كان -شأنه شأن الأغلبية الساحقة من أهل زمانه- أميّـا لا يعرف القراءة ولا الكتابة.



بعد بلوغه هذا العمر أعلن أنه قد جاءه الوحيُ من السماء، وأن الله قد أوحى إليه وبعث إليه ملكاً من الملائكة يعلمه الدين والرسالة، وأخبره أن الله اختاره ليكون رسولا للعالمين وأنه خاتم الأنبياء والرسل، لا نبيّ بعده.



وبدأ محمد صلى الله عليه وسلم ينشر دعوته في البداية بشكل سريّ في أصدقائه الموثوقين ومعارفه وأقاربه..

واستجاب له مجموعة من الرجال والنساء من أهل بلدته.

ثم بدأ يتوسّع في دعوته وأعلنها وصرح بها..



فعارضه قومه ووقفوا ضدّه بكل قوة وعناد، وكذبوه ورموه بشتى أنواع التهم..

قالوا ساحر ، وقالوا كذاب، وقالوا مجنون، وقالوا شاعر أديب فصيح يسحر الناس بكلامه، وقالوا أشياء كثيرة فيها تناقض عجيب.!



صبر على تكذيبهم له، وتحمّل إيذاءهم له في شرفه وسمعته وحتى في جسده..! في سبيل نشر دعوة الله التي أمره بتبليغها للناس، ولم تكن الدعوة لتنتشر أبدا إذا لم يصبر عليها صاحبها ولم يبدأ بقومه ولم يصطنعْ منهم أنصارا..



كان يواجه شراسة قومه وعنفهم ضدّه باللين والرفق والعفو الصفح..

هم يؤذونه ويعذبون أصحابه الضعفاء ويسخرون منهم ويستهزئون بهم ويقاطعونهم ويحاصرونهم... وهو مستمر في دعوتهم إلى الخير ويشرح لهم الرسالة التي بعثه الله بها، ويذكرهم بها ليل نهار وبكل الطرق والوسائل المتاحة، ويصبر على كلامهم غير اللائق ويرجو لهم الخير، وقد كان الخير حقا في دعوته، ولكن الإنسان كثيرا ما يكون عدوّ ما جهل.!

كان يريد لهم الخير والعز والشرف والسعادة في الدنيا والآخرة، وكانوا يريدون لأنفسهم الخسران.!

وكان سادة قومه وكبراؤهم يقودون ضده حملات التشويه والتنفير بكل ما أوتوا من قوة ومال..!

حقا لقد كان أكثر قومه في عماية وغشاوة بسبب كثير من العوامل التي تراكمتْ عليهم، من الانغماس في الحياة الدنيا والغفلة عن حقيقة الوجود، ومن طاعة الكبراء والرؤساء والاستكانة إليهم، ومن الخوف من تغيّر الأوضاع، وحب السلامة والاكتفاء بالحال الموجود...! وكلها أسباب واهية، خسروا بها وضيّعوا فرصتهم، ولو بُعثَ منهم أحدٌ اليوم وسألناه فإننا نتوقع يقيناً أنه سيخبرنا عن حالةٍ لا مثيل لها من الندامة الحسرة..!

وأما سادتهم وكبراؤهم فقدغرّتهم السيادة والرئاسة التي خافوا أن يفقدوها إن هم اتبعوا الحق الذي يدعوهم إليه محمد، واندفعوا في عناد شديد، لكن هل أفادهم ذلك شيئا؟ وها نحن نذكرهم ونذكره ونذكر ما جرى بعد مرور القرون، من الذي بقي وانتصر ومن الذي ذهب خاسرا لا يُـذكر إلا بالخزي واللعن؟!



واستمر محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته وتدرج وكان الوحي ينزل عليه شيئا فشيئا ويربّي الناس على الدين الحق المتضمّن لكل رحمة وعدل وإحسان وبرّ حكمة وإصلاح، والذي تألفه النفوس الطيبة، والآمر بكل خير والناهي عن كل شر.. إلى أن يئس من إسلام قومه وتآمروا عليه يريدون قتله، فأمره الله عز وجل بالهجرة، فهاجر إلى بلدة "المدينة" التي بها قبره ومسجده الآن.



كانت تقطن هناك في "المدينة" بعض القبائل العربية التي آمن أفراد منها بمحمد ودعوته أثناء رؤيتهم له وسماعهم كلامه ودعوته في مواسم الحج إلى مكة، فتحمّسوا لنصرته وإعانته من جراء قوة إيمانهم بما دعاهم إليهم من رسالة الله عز وجل، وعرضوا عليه أن يهاجر إليهم في بلدهم لكي يكون عندهم وينصرونهم ويؤونه، ويستطيع من هناك أن ينشر دعوته.



وبالفعل هاجر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر كل من يستطيع من أصحابه أن يهاجر، فهاجروا رجالا ونساء وأطفالا في سبيل الدين، لم يكن هناك أي غرض دنيوي ولا شخصي، لا اقتصادي ولا سياسيّ ولا أي شيء غير الدين الذي آمنوا به وعرفوا أنه حقا رسالة الله الذي خلقهم وأوجدهم وأراد منهم أن يعبدوه واختبرهم بهذه الاختبارات في هذه الحياة الدنيا.



لم يكن لتلك القبائل العربية البسيطة مطامح سياسية ولا توسّعية..

ولم يكونوا أهل تمدّن يُـذكر بين مدنيات العالم في ذلك العصر.



ولهذا كانت القناعة بالحقيقة والإيمان بالحق المطلق له تأثير كبير على نفوسهم، فانفعلوا به انفعالا يقول كثير من المؤرخين إنه لا يوجد له مثيل في التاريخ تقريبا إلا في بعض أتباع الرسل السابقين..!



في تلك البلد التي هاجر إليها وبين أولئك القوم من أهلها ومن المهاجرين أقام محمد صلى الله عليه وسلم نواة دولته، وبدأ ينشر دعوته بحرية أكثر، وبدأ ينظم شؤون أتباعه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وشرّع لهم بإذن الله له ووحيه إليه تشريعات أخذت تنحو إلى التكامل بالتدريج حتى تستوعبها حركة الانتقال الحضاري والفكري لدى الناس.



ودخل في حروبٍ مع قومه الأصليين "قريش" الذين أخرجوه من بلدته الأصلية، وانتصر عليهم بقوات قليلة العدد والعدة، وكانت أول معركة كبيرة بينه وبينهم معركة بدر التي لها عند المسلمين وفي تاريخهم شأن أي شأن.

ثم توالت الحروب بينه وبينهم، وهم مجتهدون غاية الاجتهاد في القضاء عليه وعلى دعوته وأتباعه ودولته الناشئة..

إلى أن نصره الله عليهم، واستطاع أن يغلبهم وأن يفتح عاصمتهم وهي بلدته الأصلية التي أخرجوه منها وهي مكة قلب العالم.

وبذلك انتهت الحروب بينه وبين قومه الذين كانوا هم أشرف العرب نسباً وأكثرهم احتراما لأنهم أهل مكة وأهل الكعبة بيت الله العتيق المعظم الذي بناه إبراهيم وإسماعيل.



ومن أثر ذلك أن دخل كل أهل الجزيرة العربية تقريبا في دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم وآمنوا به واتبعوه.

أي كل العربِ تقريبا..

فلم يكن هناك عربٌ في ذلك الزمان خارج نطاق هذه المنطقة، وهي شبه جزيرة العرب.



بعدها بدأ محمد صلى الله عليه وسلم يبعث الرسائل إلى ملوك الدول الأخرى يدعوهم إلى الدخول في دين الإسلام، والإيمان بالرسالة التي بعثه الله بها، فبعث إلى ملك مملكة الرومان البيزنطيين، وإلى ملوك مملكة فارس وغيرهما.

توفي محمد صلى الله عليه وسلم في تلك الأثناء، ولم يعش حتى يدخل بنفسه في تعامل كامل إلى النهاية مع هذه الدول الكبرى.



بحسب الأصول والمبادئ التي تنضمنتها شريعة الإسلام التي بُعثَ بها محمد صلى الله عليه وسلم تولى الخلافة أي الرئاسة من بعده -بواسطة الاختيار من قِبل الأعيان- صاحبُه ووزيره أبو بكر الصديق، وكان هو من أول من آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو أقرب أصحابه إليه وأحبهم إليه وأعلمهم وأكملهم في الصفات والمؤهلات.



ثم بعده استمرت دولة الإسلام والمسلمين كلما مات خليفة استخلف غيرهُ بالانتخاب، إلى أن حصلت نزاعات وحرب أهلية بين المسلمين انتهت بعد سنين بالمصالحة والسلام، ثم قام أحد الخلفاء بتعيين ابنه من بعده فتحول النظام من تلك اللحظة إلى نظام ملكي وراثي، واستمر على ذلك في معظم فترات تاريخ المسلمين.

وعجلة التاريخ لا تتوقف إلى أن ينتهي أجل الدنيا، فوجدتَ للمسلمين دولٌ إثرَ دول.. كان منها الجيد، ومنها الأقل جودة، منها المتمسك بدين الإسلام وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها المفرط فيها الآخذ منها الاسم وبعض الشعارات فقط دون المضمون الحقيقيّ...وهكذا.



مرت أمة الإسلام بأطوار ومراحل مختلفة في تاريخها من القوة والضعف، في جميع المجالات : السياسية والعسكرية والاقتصادية والحضارية المدنية الفكرية والعلمية وغير ذلك.

كانت قائدة العالم في وقت من الأوقات، ذاقَ العالم في ظل قيادتها طعم العدل والرحمة والإحسان، وهي الصفات الثلاث التي يقول جماعة من المؤرخين المنصفين إنها لم تجتمع في التاريخ كما اجتمعتْ في ظل قيادة الإسلام.!



وكان الصالحون من الخلفاء على نهج الرسول محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ينشرون الإسلام ويدعون إليه ويفتحون بهذا الدين بلاد العالم، كانت فتوحاتهم وتوسعاتهم مثالا فريدا في التاريخ، لم تكن لدوافع اقتصادية ولا سياسية توسّعية للسيطرة ولقضاء الشهوات ولا للانتقام... وإنما كانت لنشر الدين الحق والخير الذي جاءت به رسالة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وإيصاله إلى المستضعفين، ثم ترك الحرية لهم في أن يعتنقوه بعد ذلك أو يرفضوه، بعد أن يتحرروا من كل قوة تمنعهم من الاختيار.



ثم ضعفتْ دولة المسلمين وانحدرت بأسباب كثيرة : الغرور، والاغترار بمجرد الأسماء والألقاب والدعاوى، والانغماس في الشهوات... وغير ذلك مما يصيب الأمم من الأمراض..!



ولكنها رغم كل الضعف والانحطاط الذي أصابها، لازلت في مجملها -كأمة- باقية صامدة على نفس المبادئ والأصول والأطر والتشريعات التي جاء بها نبيها محمد صلى الله عليه وسلم.



وهي تشهد اليوم نهضة قوية، بعد أن نشأ فيها مصلحون أقوياء من أبنائها، وبعد أن ذاقت مرارة العدوان والظلم والقهر من بعض الأوروبيين خاصة، وبعد أن تفطّنت لواقعها وحالها وإلى ما حولها من العالم، وأدركت أنها غفلت كثيرا وتخلفت في ميدان سباق الأمم، فجعلت تنفض عن نفسها غبار السنين، وتتململ للقيام والنهوض والعودة إلى المنافسة وإلى القيادة، وقد عرفت أن عزّها وشرفها وقوتها وسعادتها في هذه الحياة وفي الحياة الآخرة هي في التمسك بدينها وما يدعوها إليه دينها من الفضائل والأخلاق والقيم الخيّرة الحميدة.!

ASLAN
10-03-2012, 08:04 PM
نظرة في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم :



جاء محمد صلى الله عليهم وسلم إلى الناس يقول لهم : إني رسول الله إليكم جيمعا، بدين الله عز وجل، وهو الإسلام، وهو نفسه دين كل الأنبياء الذين بعثهم الله عز وجل قبلي. يقول : فنحن الأنبياء كلنا إخوة، كلنا رسل الله سبحانه وتعالى، ديننا واحد لا يختلف، وهو توحيد الله، أي عبادة الله وحده لا شريك له، لا نعبد معه أحداً غيره ولا معه، بل نكفر بكل معبودٍ سواه، فإن كل ما عُبد سواه فهو معبودٌ بالباطل، لا يستحق العبادة.. إن الله عز وجل هو وحده الحقيق بالعبادة، لا يشاركه في ذلك أحد.

هذا هو ديني ورسالتي، في أصلها ، وهي دين كل الأنبياء والرسل قبلي لا فرق.

فهو يدعو الناس إلى الإيمان بجميع رسل الله تعالى وجميع كتبه، وألا يفرقوا بينها فيؤمنوا ببعضها ويكفروا ببعض.! بل يؤمنوا بأنها كلها حق وكلها من عند الله.



كل الرسل هذا دينهم وهذه دعوتهم إلى الناس : اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا.

وأما التشريعات والأحكام والقوانين : فهي قد تختلف من رسالة نبيّ إلى رسالة نبيّ آخر.

على سبيل المثال : في العبادات من صلاة وصيام وصدقة وغير ذلك، تختلف الأحكام من رسالة إلى رسالة، في كيفية تلك العبادات وفي أوقاتها وفي عددها ومقاديرها وهكذا..

وكذلك في التحليل والتحريم : تخلتف بعض الأحكام من رسالة إلى رسالة، قد يحرّم الله شيئا على قومٍ في رسالةٍ ولا يحرّمه على قومٍ آخرين في رسالة نبيّهم، والله عز وجل هو الحكيم الحكمة الكاملة، وهو يريد بنا الخير والصلاح ويريد لنا الرحمة والسعادة.

وكان الأنبياء سابقا كل نبيّ يرسله الله إلى قومه..

فجاء محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة..

يقول : أنا رسول الله الأخير بالرسالة الأخيرة إلى الناس أجمعين بجميع أجناسهم في كل أقطار الأرض إلى انتهاء الدنيا وفنائها.

فرسالتي –لأنها خاتمة الرسالات، ليس بعدها رسالة- فإنها أكمل الرسائل، وأوسعها وأشملها، وأكثرها تفصيلا، وأيسرها، وأكثرها تضمنا لصفات الكمال.



فكل مخلوق على وجه الأرض مدعوّ إلى الإيمان بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وبرسالته التي بعثه الله بها.

يجب على كل إنسان أن يؤمن به وبما جاء به ويتبعه، ويكون مسلماً..

ولا يقبل الله من أحدٍ شيئا غير ذلك.



لا يمكن لأتباع عيسى أن يقولوا : نحن أتباع عيسى، ويكفينا ما عندنا من دين عيسى وشريعته.!!

لأنهم بذلك يكونون قد كفروا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وكذّبوه.

ومن كفر بنبيّ من أنبياء الله ورسله فقد كفر بالله تعالى الذي أرسله.

ليس لك أيها الإنسان المخلوق الضعيف العاجر أن تردّ رسالة الله وترفضها، وأن تقول لا أقبل هذا الرسول أو هذه الرسالة.!

فأنت بين أمرين :

إما أن تؤمن بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصدق أنه رسول الله، فتتبعه وتأخذ كل ما جاء به، وهو يقول لك : إن هذه الرسالة من الله هي الرسالة الخاتمة، فكل ما خالفها فهو ملغيّ، ولا يقبل الله من الناس إلا التعبّد على وفقها فقط.



وإما أن تكفر به وتكذبه ، وتقول هو كاذبٌ، لم يرسله الله ولا أمره بشيء..!



في الحالة الثانية، أنت بين حالين :

إما أنك لا تريد الهدى ولا تبحث عنه ولا يهمّك، وإنما كل انشغالك وكل اهتمامك وطموحك هو في شهوتك ولعبك وما تعيشه من همموك الدنيوية والمادية الراهنة فقط، ومثلك لا يستيقظ من غفلته وسكرته إلا بالموت، وعندها لن ينفعك الاستيقاظ لأن وقت الامتحان يكون قد انتهى..!

ومثل هذا النوع من الناس، يستحقون الغضب والعذاب من الله العزيز القهار.

وهم أهل النار ..



وإما أن تقول بحثتُ ونظرتُ فلم أجد دليلا على أنه رسول الله.

فنقول لك : وهل وجدتَ دليلا على أن نبوّة عيسى أو على أنه كما يدّعي قومك : ابن الله؟ تعالى الله عن ذلك.!

إن أي دليل يمكن أن تثبتَ به نبوّة أي نبيّ من الأنبياء الذين تؤمن بهم، فمحمدٌ صلى الله عليه وسلم أولى به وأحرى.

سل نفسك مثلا : هل تثبت نبوة نوحٍ أو إبراهيم أو موسى أو داود أو سليمان أو عيسى؟ وكيف أثبتّها؟ فإن أثبتّها، فنقول لك : نفس هذا الدليل يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى.



ثم نقول لك : انظر في الأدلة والبراهين على أنه رسول الله حقا، وابحث وادرس إذا كان الأمر يهمك، وإذا كنت ممن تبحث عن فلاحك ونجاحك في الحياة الحقيقية : انظر في معجزته الخالدة وهي القرآن واقرأه وافهم ما فيه من الهداية والنور، وأجب بعدها على السؤال هل هذا كلام بشر؟ هل يمكن أن يضع هذا إنسان؟ وانظر إلى هذه الشريعة التي جاء بها، انظر إليه بأي شيء يأمر وعن أي شيء ينهى، انظر إلى الحكمة والخير والعدل والصلاح في دينه وشريعته، انظر إلى توافقها مع العقل السليم والمنطق ومع ما تعرفه النفوس السوية غير المنحرفة ومع ما جاء به الأنبياء قبله، انظر إلى تاريخه وتاريخ أمته وما فيهم من الخير والصلاح والطهارة والعلم والحكمة والبرّ والفضيلة....!





لبُّ القضية :



إن الإسلام يقول للناس : إن هذه الحياة التي نحياها (يسميها الحياة الدنيا، والدار الأولى) هي دار فناء وزوال وليست دار بقاء، بمعنى إننا لم نخلق لنبقى فيها، بل خُلقنا لنمر فيها مرورا ونعبُــرها عبوراً، وأما الدار التي هي دار البقاء الأبدي غير المنتهي فهي الدار الآخرة، وهي التي تكون بعد الموت والبعث، فالناس فيها إما في نعيم مقيم وإما في عذاب أليم دائم..

إنها حقيقة الاختبار والامتحان والتكليف..

نحن خلقنا الله وأوجدنا في هذه الدنيا وأوجدها لنا ليمتحننا : مَن الذي يعبده وحده لا شريك له، ويطيعه ويتبع رسله وكتبه، ومن الذي لا يهتم لذلك ولا كأنه يعنيه.!

هذه هي الحقيقة الكبرى.



فأنت إذا فهمت ذلك سترتاح وستعرف حقيقة الأمر..

لن تتعب كثيرا في الوصول إلى حقيقة الدين الحق الذي يحبه الله ويرضاه.

ولن تغرّك هذه الدار، ولن تخدعك هذه الدنيا وما فيها من متع.

ستعرف مثلا الآتي :

عند الله تعالى، وعند العقلاء المؤمنين من خلقه أجمعين أن إنساناً مسلماً فقيرا يعيش في صحاري أفريقيا، متخلف بكل معايير التخلف في عالمنا اليوم، يموت هناك جراء المجاعة والعوز والمرض، يموت وهو على دين الحق، هو خيرٌ من مليونير كافر بمحمدٍ لا يؤمن بدين الإسلام يعيش في اسكندنافيا أو في لوس أنجلوس يملك من الدنيا كل لذة يعرفها البشر، ثم يموت على غير دين الحق..!



ومع ذلك فالإسلام لا يقول لك كن متخلفا ولا فقيرا ولا متْ من المجاعة والمرض، بل يقول لك كن قويّـا كاملاً سليما... ولا يطلب منك أن تتنحّى عن مالك أو مُـكِك..!



إن العبرة بالباقي المستمر، وأما الزائل فهو في الحقيقة كالقيمة المهمة في الحساب.

إن المقياس هو ما يرضي الله تعالى، لا ما نقترحه نحن بعقولنا..

إن عقولنا هي نعمة من الله أعطانا إياها لنصل بها إلى الصلاح والخير ونعرف بها ما يريد الله عز وجل منا، فإذا نحن استعملناها لنعارض ما أمرنا الله به صريحا، فقد استعملناها استعمالا غير مشروع، ويؤدي إلى نتيجة غير صحيحة.

ASLAN
10-03-2012, 08:07 PM
ما الذي يمنعك من الدخول في دين الإسلام ؟



أحدهم يقول : أنا على دينٍ ، وهو دين آبائي وأجدادي وهو ديننا نحن منذ قرون...!

فيقول لك الإسلام : ما رأيك لو جئناك بشيء أهدى وأحسن وأفضل وأصلح من الدين الذي أنت عليه والذي وجدت عليه آباءك وقومك منذ عصور؟

هل أنت تبحث عن الحق، وعن الأفضل والأحسن، وعن الذي تفوز به وتربح وتنجح، أو أنت تراها قضية هذا لنا، وهذه هويّتنا، فقط لا غير؟!

يمكن أن يكون آباؤك وقومك كانوا مخطئين..!

نعم ، هذا ممكن وإلا لماذا تقول أنت عن المسلمين إنهم كلهم مخطئون؟

ولماذا بعث الله الرسل وأهلك أقواما كثيرين في التاريخ؟

دعك من شيء اسمه "دين آبائي وأجدادي وقومي وشعبي" .. تحرّر من هذا كله، وانطلق وابحث وستجد.!



وآخر يقول : الإسلام دين تخلف..!

وهذا بنى كلامه على ما يراه من حال المسلمين، وهذا البناء خطأ، فإن المسلمين كانوا حاملي مشعل الحضارة والمدنية والتقدم العمراني والتكنولوجي عندما كانوا متمسّكين بدينهم، لأن دين الإسلام يحثّهم على العلم والتعليم والتعلم وكل حكمة ونشاط وبحث مفيد، والأخذ بكل الأسباب الممكنة للقوة والرفعة والكرامة، ويحذرهم من الكسل والجهل والتضييع.

كيف يمكن لمنصفٍ باحثٍ عن الحقيقة أن يقول إن الإسلام دين تخلّفٍ، إذا عرفَ أن أوروبا التي كانت ترزح تحت أثقال الجهل والقهر والظلم المطبق وجبروت الملوك والإقطاعيين والقساوسة في عصورها المظلمة، إنما تنوّرت بما وصل إليها من أشعة دين الإسلام وحضارة الإسلام عبر نقاط التماس الجغرافية والثقافية في أسبانيا والمغرب وصقلية والأنضول والشام وغيرها؟!

هل عرفت أوروبا التشريع والقانون وطرائق البحث والرصد والتحليل إلا مما وصل إليها من العرب المسلمين عبر تلك النقاط؟

الباحثون لا يزالون إلى اليوم يقولون إن القوانين والتشريعات الفرنسية والإسبانية والسويسرية فيها بصمات الفقه المالكيّ الإسلامي الذي كان هو المدرسة الإسلامية السائدة في الأندلس والمغرب العربي أيام نهضة المسلمين.!!

عندما كان المسلمون يقيمون حضارة عملاقة في التاريخ على أرض الأندلس (أسبانيا) هل كانوا متخلّفين؟

هذا هو القريب منك في أوروبا..

وأما غيرها فكثير.



نعم .. الإسلام لا يقول للناس اجعلوا همكم شهوتكم وملذاتكم، واجتهدوا في اللعب مدى حياتكم وفي استغلال كل وقتكم في المتعة قدر ما تستطيعون..!

الإسلام لا يقول ذلك..

ولكن يقول : خذوا من شهوتكم ومن المتعة ما أباح الله لكم وهو خير كثير وفيه كفاية، واجعلوا منها مُـعينا لكم على الوصول إلى هدفكم ، واجعلوا الوصول إلى ذلك الهدف أكبر همكم والأولوية عندكم، وهو أن تعبدوا الله وتطيعوه وتستعدوا للقدوم إليه يوم البعث وأنتم مطيعون له، فيكون عنكم راضيا.

فيا من تريد الخير لنفسك دعك من تخلف المسلمين، واهتمّ بنفسك، أين أنت من الحق والحقيقة ؟

لماذا أنتَ موجود؟

ومن الذي خلقك؟ ولماذا؟

وإلى أين ستذهب بعد الموت؟

أنت في النهاية تستطيع أن تكون مسلما وتكون متقدما إن شئتَ..

فكن أنت المسلم المتقدّم مادمتَ لا تحب التخلف الذي عليه المسلمون..!





وأخرى تقول : الإسلام عدوّ المرأة وحقوقها وحريتها..!



أولا - يقول لها الإسلام : إما أن تؤمني بالله تعالى وكتبه ورسله.

وهذا معناه الخضوع لكل ما جاء به رسول الله.

وإما أن تقولي لا أريد ما جاء به رسل الله وتريحينا..!

إذا كانت المسألة هي معرفة ما أمر الله به وما أجازه لنا وحدود شرائعه، فنتلزم بها، فهذا سهل.

وأما إن كنتِ لا تريدين إلا شهوتك ومتعتك وما تعوّدتِ عليه من أوضاعٍ، وما اكتسبتيه من ميزات كلها من قبيل الشهوة والمتعة، وتريدين أن تفرضي ذلك على دين الله، فلن تستفيدي شيئا، وستتعبين نفسك..!

ستغوين الكثيرات من بني جنسك فيتبعْـنَكِ ..!

هذا ممكن ..

لكن بعد ذلك : أنت إلى أين تذهبين ؟

أين فلانة وفلانة وفلانة؟

اسألي نفسك وتدبّري..

وهل ما تسعين إليه مما تسمينه حرية المرأة وحقوقها هل هو صلاح للمرأة وللجنس البشريّ؟ هل هو الصلاح والحكمة والخير؟

أم أن الصلاح والخير شيء آخر..؟



وثانيا – هذا فهم خاطئ للإسلام، فالإسلام ليس عدواً للمرأة كما إنه ليس عدواً للرجل، بل جاء لصلاحهما وسعادتهما في الدنيا والآخرة، وأعطى كلاً منها ما هو خير له وصلاح من الحقوق وكلف كلاً منهما بما يستطيعه ويناسبه وينصلح به هو ومجتمعه من الواجبات.

فعن أي عداوة تتكلمين..؟

هذا ظلم وجهل..!

أليس الإسلام هو الذي كرّم المرأة وصانها وحفظها وحررها كما حرر الرجل من ظلمات الشرك والجهل والخرافة والهوى وتحكم المخلوقين وقهرهم؟

أليس الإسلام هو الذي جعلها شقيقة الرجال، وأعلى مقامها ونوّه بذكرها..

انظري نماذج النساء في الإسلام لتعلمي عن أي إسلام وعن اي امرأة تتكلمين.



وثالثا – هل أنت بحثتِ عن الدين الحق ونظرتِ وتفكرتِ وتأملتِ، فوجدتِ الإسلام هو دين الحق، وإنما أشكل عليك موضوع المرأة فقط؟

هل هي هذا المسألة الوحيدة التي لم تعجبكِ..؟

أو أنه الدين كله..؟

اطرحي على نفسك هذا السؤال فإنه مفيد.



فإن كانت هذه هي المسألة الوحيدة، فالعقل والحكمة يقولان لك : لا تردّي هذا الدين وتكفري به بسبب مسألة واحدة أشكلت عليك ولم تعجبك، ولعل لها جواباً أنت لم تصلي إليه بعد، ولعلك فهمتِها بشكل خاطئ، ولعلك لم تقتنعي بها بأسباب أخرى ذاتية مؤثرة فيك مثل ما تعوّدتِ عليه وما تطبّعت عليه من الموروثات والمواضعات وما شابه ذلك، ولعله استصعاب مخالفة ما عليه الناس مهما كان، ولعله ولعله... فمن العدل أن تتمسكي بهذا الدين مادمتِ قد اهتديتِ إليه وعرفتِ أنه دين الله الحق، وانتظري لعل هذا الإشكال في تلك المسألة ينحل مع الزمن.

واضرعي إلى الله أن يفتح عليك ويهديكِ.







نداء إلى الغافلين..

يا هؤلاء : من أراد منكم أن يسمع فليسمع :



إنكم في عماية وغِشاوة بسبب ما أنتم فيه من الترف وبسبب عيشكم في دول قوية وأنظمة اجتماعية وسياسية واقتصادية متماسكة... وبسبب رؤيتكم لضعف المسلمين وتخلفهم الحياتي، وبسبب نظرتكم القاصرة للوجود، واقتصاركم فقط على هذه الحياة الدنيا.

ولكن هذا ليس كل شيء!!

اخرجوا من هذا القفص، وأفيقوا من هذه السكرة وستجدون الحقيقة.

واسألوا أنفسكم : لو كان للإسلام دولة قوية متفوقة غنيّــة مترفّهة مسيطرة على العالم، هل ستدخلون الإسلام؟

نعم، كثيرون منكم كذلك سيفعلون..!

فلا تجعلوا ذلك ميزانكم ومقياسكم ، بل عليكم بالحق، فإنه هو الباقي، وصاحبه هو الفائز السعيد في النهاية.



نسأل الله لكم الهداية.





الشيخ ابراهيم اشتيوي المصراتي- المعروف ب "عطية الله الليبي"

العالم العامل المجاهد بنفسه وماله، الشهيد كما نحسبه، رحمه الله وغفر له

27/ 1/2006