تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التدرج في تطبيق الشريعة... المفهوم والرؤية



أبو حسن
09-04-2012, 11:10 PM
التدرج في تطبيق الشريعة... المفهوم والرؤية



أحمد سالم (أبو فهر السلفي)


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن السعي لضبط الأفراد والجماعات والمؤسسات وسائر النشاطات الإنسانية بمرجعية الوحي فيُحل الجميع ما أحل الله ويحرمون ما حرم الله ويجتهدون في تقدير حكم ما سكت الوحي عنه وَفْق المصلحة والمفسدة والموازين الخاصة بكل باب: هو عين ما يعبَّر عنه بتطبيق أو تحكيم الشريعة.

ولما كان كثير من ذلك يحتاج إلى سلطان، كان طلب حيازة السلطان المُمَكِّن من تحكيم الشريعة واجباً بالتبعية لوجوب تحكيم هذه الشريعة الإلهية.

ولاعتبارات سياسية واجتماعية، وداخلية وخارجية، فإن حيازة هذا السلطان ظلت في أغلب الأحيان متعذرة على حَمَلَة المرجعية الإسلامية، بل صارت معرفة خصومهم بمكان حيازة السلطان من مشروعهم هي نفسها حجة استضعافهم والتسلط عليهم، وهو ما حدا ببعضهم إلى التخلي عن حيازة السلطان هدفاً لحَمَلَة المرجعية الإسلامية، وحتى صار عنده من السياسة ترك السياسة.

وبعد الثورات العربية توفر مجال صحي - وإن بصورة نسبية - لكي يعرض الإسلاميون مشروعهم الإصلاحي، ومنذ لحظة عرض المشروع وحتى توسد بعضهم للسلطة بالفعل مروراً بكل مراحل الوصول للسلطة من خطاب إعلامي ومسار انتخابي، كان السؤال الأبرز هو سؤال التدرج؟

ويطرح هذا السؤال عادة للإجابة عن سؤال آخر يتم طرحه وَفْق خلفيتين فكريتين:

الأولى:تسأل عن الطريق الذي سيسلكه الإسلاميون لتطبيق الشريعة، وهل سيحملون الناس عليها قسراً ولو لم يرضها الناس منقلبين على الديمقراطية التي كانت وسيلة توسدهم للسلطة؟

الثانية:تسأل عن الطريق الذي سيسلكه الإسلاميون لتطبيق الشـريعة وهل سيعطلون شريعة الله استسلاماً لضغوط الشعب وتسليماً بمقتضيات الديمقراطية رغم مصادمة هذه المقتضيات للمرجعية الإسلامية، وهو ما يخالف التقييد الذي على أساسه توسل الإسلاميون بالديمقراطية.

فالمجموعة الأولى تسأل عن صورة تحكيم الشـريعة خوفاً من أن يتم الانقلاب على الديمقراطية لحساب تحكيم الشريعة، والمجموعة الثانية تسأل عن صورة تحكيم الشـريعة خوفاً من الاستسلام للديمقراطية على حساب تحكيم الشريعة.

وهنا يجيب الإسلاميون - غالباً - بأنهم سيستعملون آليـة التـدرُّج ليبـرز سؤال التدرج ما هو وما هي حدوده ومعاييره ومجالاته؟

وتحاول هذه الورقة استكشاف بعض معالـم الجواب عن هذا السؤال، فأقول وبالله التوفيق:

أولاً: التدرج لغة:قال ابن فارس: «الدَّالُ وَالرَّاءُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُضِيِّ الشَّيْءِ وَالْمُضِيِّ فِي الشَّيْءِ»[1].

فلفظ (درج) دال على المشي والمضي.

وأما (درَّج) بالتشديد فقال في اللسان: «وَيُقَالُ: دَرَّجْتُ الْعَلِيلَ تَدْريجاً إِذا أَطعمته شَيْئاً قَلِيلاً، وَذَلِكَ إِذا نَقِهَ، حَتَّى يَتَدَرَّجَ إِلى غَايَةِ أَكله، كَمَا كَانَ قَبْلَ الْعِلَّةِ، دَرَجَةً دَرَجَة»[2].

فهو دال على التأني في تناول الشيء أو بلوغه، و (تدرج) مُطَاوع دَرَجه وَإِلَيْهِ تقدم شَيْئاً فَشَيْئاً وَفِيه تصعد دَرَجَة دَرَجَة[3].

فجماع دلالات التدرج: أنه أَخْذ الأمر شيئاً فشيئاً لا دفعة واحدة.

ثانياً: أنواع التدرج:

التدرج ينقسم إلى ثلاثة أنواع:

النوع الأول:التدرج في التشريع، ومعناه: أن يكون مقصود المشرِّع تشريع صورة معينة لكن يتوسل إليها بتشريع مؤقت قاصر عن الصورة المقصودة ثم يتدرج المشرِّع حتى يصل إلى صورة المنع التي كانت مقصودة له أول الأمر.

ومن أشهر أمثلته التدرج في تشريع الخمر على أربع مراحل.

النوع الثاني: التدرج في إبلاغ الصورة التشـريعية، ومعناه: بيان بعض الدين والحق والسكوت عن بيان بعضه إلى أن يحين وقته.

ومن أشهر أمثلته حديث معاذ المشهور لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم أهل كتاب.

النوع الثالث:التدرج في التنفيذ: وفيه تكون الصورة التشـريعية معلومة بينة ولكن يُسكت عن إنفاذها وتحقيق مقتضياتها.

ومن أشهر أمثلته ما وقع من الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ فَإِنَّهُ جَاءَ إلى الحُكْمِ بعدَ مظالِـمَ اقترفَهَا بعضُ الذينَ سبقُوهُ، فتدرَّجَ في الإصلاحِ ولَـمْ يتعجلْ في التغييرِ، فدخلَ عليه ولدُهُ عبدُ الملِكِ، فَقَالَ لَهُ: «يَا أَبَتِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَمْضِيَ لِـمَا تُرِيدُهُ مِنَ الْعَدْلِ؟ فَوَاللهِ! مَا كُنْتُ أُبَالِي لَوْ غَلَتْ بِي وَبِكَ الْقُدُورُ فِي ذَلِكَ».

قَالَ: «يَا بُنَيَّ ! إِني إِنَّمَا أُرَوِّضُ النَّاسَ رِيَاضَةَ الصَّعْبِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُحْيِيَ الْأَمْرَ مِنَ الْعَدْلِ، فَأُؤَخِّرَ ذَلِكَ حَتَّى أخرجَ مَعَهُ طَمَعاً مِنْ طَمَعِ الدُّنْيَا، فَيَنْفِرُوا مِنْ هَذِهِ وَيَسْكُنُوا لِهَذِهِ»[4].

ثالثاً: دواعي التدرج والتحديات الموجبة لاستعماله عند من يستعمله:

تدور دواعي التدرج على ثلاثة أشياء:

1- العجز عن إنفاذ الشريعة والإلزام بها.

2 - القدرة على إنفاذ الشريعة، ولكن مع غلبة مفسدة ترك التدرُّج على مصلحة الإلزام بالشريعة.

3 - القدرة وقلة المفسدة، ولكن إرادة صاحب السلطان الرفق بالناس وتهيئتهم وحُسْن سياستهم.
هذه ثلاث علل يتم التعلُّل بها عند إرادة التدرج، والمقصود أنها علل ممكنة لدعوى التدرج، وقد صلحت بالفعل للقول بالتدرج في حالات معينة، وليس المقصود صلاحيتها للقول بجواز التدرج شرعاً من غير اعتبار للموازنة بين الدواعي والموانع في الحالات المخصوصة.

رابعاً: رؤية التيارات الإسلامية حول التدرج:

سأكتفي هنا لضيق المقام بذكر ما يمثل رأي جماعة الإخوان المسلمين في مصـر، ثم ما يمثل رأي الدعوة السلفية بالإسكندرية، ثم رأي الدكتور حازم أبو إسماعيل مرشح الرئاسة في مصر.

1- الإخوان المسلمون:

• نشر الدكتور عطية فياض على موقع جماعة الإخوان المسلمين بحثاً حول التدرج، قرر فيه منع تدرج التشريع وجواز استعمال التدرج في البلاغ والتدرج في التطبيق والتنفيذ مع ذكر قواعد حاكمة[5].

• في تصريحات للدكتور محمد سعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشعب بعد ذلك قال فيها: «في حال وصول الحزب لسُدَّة الحكم في البلاد؛ فلن يمنع الخمور بالمنازل أو الفنادق، ولن يحجب المواقع الإباحية، ولن يطبق الحدود، ولن يتدخل في تصرفات السائحين على الشواطئ».

ونفى الكتاتني سعي الجماعة لتطبيق الحدود فور وصولها للحكم، وأن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن هذه النقطة؛ مستشهداً بتصرُّف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما أوقف تطبيق الحدود في عام المجاعة[6].

2 - الدعوة السلفية بالإسكندرية:

يقول الشيخ ياسر برهامي: «... فالتدرج المبني على القدرة والعجز مشروع، فما عجزنا عنه لا نؤمر بتطبيقه، وما قدرنا عليه وجب علينا تطبيقه. والتدرج المبني على مراعاة المصلحة والمفسدة مشروع أيضاً، مثل: النهي الوارد عن قطع الأيدي في الغزو، وأما التدرج الراجع إلى أهواء الناس؛ فلا شك أنه تضييع للحق وللشرع»[7].

وينص الشيخ عبد المنعم الشحات على أن الفرق بين تصورهم للتدرج وتصور الإخوان يكمن في حرص الدعوة السلفية على بيان الحق كاملاً ثم تنفيذ ما يستطيعونه ويطيقه الناس، أما الإخوان - وَفْق تصوره - فلا يذكرون سوى أنهم لن يفعلوا كذا أو سيفعلون كذا فقط فيظن الناس أن هذا القدر المكتفى به هو الدين كله[8].

3- المرشح الرئاسي في مصر الدكتور حازم أبو إسماعيل:

يفرق الدكتور بين التدرج الذي يحصره في التدرج التشريعي ويرى أنه انقطع بانقطاع الوحي، وبين الاستطاعة التي يذكر في حدها نفس ما يذكر في النوعين التاليين من التدرج، وإن كان يخص ما يؤذن بها بالضرورة فقط، فيقول: «التدرج غير حد الاستطاعة تماماً، ده حكم فقهي، وده حكم فقهي آخر تماماً، التدرج حرام، يعني إيه حرام؟ يعني خلاص الشرع اكتمل... تطبيق الشريعة فريضة الآن، مش تدرُّج، لأ هي فريضة بأكملها الآن.

كل ما في الأمر أنني عندما جئت أطبق وجدت الذين ستطبق عليهم الشريعة ليسوا سلسين، فعاينت أنني ربما - مثلاً - أجبرتهم على شيء فانتقضوا على الإسلام كله، فأصبح هذا يمثل بالنسبة للحاكم حالة ضرورة، اللي هو تخلف الاستطاعة»[9].

خامساً: المرتكزات الشرعية لتأصيل التدرج:

المراد بالمرتكزات هي الأسس والأصول الشرعية التي يتم بناء القول بالتدرج عليها، وهي أعم من الأدلة؛ إذ تشمل الأدلة وكلام أهل العلم.

المرتكزات ها هنا ثلاثة أنواع:

النوع الأول:ما فيه ممارسة للتدرج في الوحي أو عمل السلف، كما في دلالة خبر معاذ على التدرج في البيان، وتَرْك النبي صلى الله عليه وسلم للكعبة رفقاً بالناس ومراعاة للمفسدة المتوقعة، وما في ترك النبي صلى الله عليه وسلم لعقوبة المنافقين من تدرج بترك إنفاذ الحكم فيهم للمفسدة الغالبة، وما في قصة يوسف - عليه السلام - وخبر النجاشي - رضي الله عنه - ودلالة ممارسة عمر بن عبد العزيز على التدرج في التنفيذ.

النوع الثاني: المرتكزات التي تُستعمَل كمناط يؤذن بالتدرج فتكون بمثابة العلل في قياس التدرج الذي يمارسه صاحب السلطة على التدرج الذي في الممارسة النبوية أو السلفية.

فمن معاقد الإجماع في هذه المسألة أن في التدرج خروجاً عن الأصل الذي هو وجوب التحاكم والتحكيم والاستجابة والإنفاذ لأمر الله ورسوله: {وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 46] .

يقولُ الدكتورُ القرضاويُّ تحت عنوان: «الأصلُ عدمُ المشاركةِ»: «لا ريبَ أنَّ الأصلَ في هذه القضيةِ ألَّا يُشاركَ المسلمُ، إلَّا في حكمٍ يستطيعُ فيه أن ينفذَ شرعَ اللهِ في ما يوكلُ إليه من مهامِ الولايةِ أو الوزارةِ، وألَّا يخالفَ أمرَ اللهِ - تعالى - ورسولِه»[10].

وهو ما يعني أن الخروج عن هذا الأصل بالتدرج سواء بالتشـريع - إن وجد من يجيزه - أو بالسكوت عن البلاغ أو بالسكوت عن الإنفاذ والإلزام، كل ذلك محوج إلى ما يؤذن به من الشريعة ويخرج المكلف عن رِبقَة الإثم الذي يحل به إن هو خالف أمر الله في ما ذكر.

بحيث يقول صاحب السلطة: سأتدرج ها هنا ولن أبلغ أو لن أنفذ وألزم بشرع الله لوجود علة شرعية يراعيها الشرع فتؤذن بهذا.

من هنا كان القول بالتدرج مؤسَّساً على المرتكزات التالية:

1- نصوص الشرع الدالة على إيذان الإكراه بارتكاب بعض المحرمات وترك بعض الواجبات.

2 - نصوص الشرع الدالة على إيذان حالة الضرورة بارتكاب بعض المحرمات وترك بعض الواجبات.

3 - نصوص الشرع الدالة على أن الوجوب منوط بالاستطاعة والقدرة.

4 - نصوص الشرع الدالة على أن الحاجة تؤذن بارتكاب بعض المنهيات وترك بعض الواجبات.

5 - نصوص الشرع وقواعده الدالة على الموازنة بين المصالح والمفاسد ودرء المفسدة الغالبة ولو بترك بعض الواجبات وفعل بعض المنهيات التي دونها في المفسدة.

6 - نصوص الشرع الدالة على الرفق بالناس[11].

النوع الثالث:نصوص بعض أهل العلم في تقرير جواز التدرج:

وأسوق لها مثالاً واحداً، وهو قول شيخ الإسلام: «فَأَمَّا إذَا كَانَ الْـمَأْمُورُ وَالْـمَنْهِيُّ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْـمُمْكِنِ: إمَّا لِجَهْلِهِ، وَإِمَّا لِظُلْمِهِ، وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ جَهْلِهِ وَظُلْمِهِ، فَرُبَّمَا كَانَ الْأَصْلَحُ الْكَفَّ وَالْإِمْسَاكَ عَنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ... فَالْعَالِـمُ فِي الْبَيَانِ وَالْبَلَاغِ كَذَلِكَ؛ قَدْ يُؤَخِّرُ الْبَيَانَ وَالْبَلَاغَ لِأَشْيَاءَ إلَى وَقْتِ التَّمَكُّنِ، فَإِذَا حَصَلَ مَنْ يَقُومُ بِالدِّينِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أَوِ الْأُمَرَاءِ أَوْ مَجْمُوعِهِمَا؛ كَانَ بَيَانُهُ لِـمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ شَيْئاً فَشَيْئاً بِمَنْزِلَةِ بَيَانِ الرَّسُولِ لِمَا بُعِثَ بِهِ شَيْئاً فَشَيْئاً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُبَلِّغُ إلَّا مَا أَمْكَنَ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَلَـمْ تَأْتِ الشَّرِيعَةُ جُمْلَةً... فَكَذَلِكَ الْـمُجَدِّدُ لِدِينِهِ، وَالْـمُحْيِي لِسُنَّتِهِ لَا يُبَلِّغُ إلَّا مَا أَمْكَنَ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ... وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْـمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ وَالتَّحْرِيمَ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَقَدْ فَرَضْنَا انْتِفَاءَ هَذَا الشَّرْطِ، فَتَدَبَّرْ هَذَا الْأَصْلَ فَإِنَّهُ نَافِعٌ»[12].

سادساً: صفة التدرج المأذون فيه وَفْق رؤية الباحث:

من الجلي أنه من الناحية التنظيرية فإنا لا نعلم أحداً من التيارات الإسلامية يقول بالتدرج في التشريع؛ وإنما غاية كلامهم هو استعمال نوعَي التدرج (البلاغي - التنفيذي)، ولذلك فالذي سأبسطه هنا هو تأكيد بطلان استعمال التدرج التشريعي، مع ذكر صور خفية منه، ثم ذكر بعض الإشارات المهمة لضبط نوعي التدرج الباقيين، ولعلِّي ألخِّص رؤيتي حول هذه القضية في النقاط التالية:

1 - مدار البحث في التدرج بأنواعه إنما هو على قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد، وعلى الأصل المقرر أن «الشَّـرِيعَة جَمِيعهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْـمَفْسَدَةَ الْـمُقْتَضِيَةَ لِلتَّحْرِيمِ إذَا عَارَضَتْهَا حَاجَةٌ رَاجِحَةٌ أُبِيحَ الْـمُحَرَّمُ»[13]؛ حيث إن ترك بعض المأمور به وفعل بعض المنهي عنه هذا الترك الذي ينتج عن التدرج لا بد أن يكون لتحصيل مصلحة أعظم من مصلحة فعل وإنفاذ المأمور المعيَّن أو لدرء مفسدة أعظم من مفسدة فعل المنهي المعيَّن. ومتى اختل هذا الميزان - كأن يمكن البلاغ أو إنفاذ الشريعة والإلزام بها من غير مفسدة راجحة - لـم يجز التدرج، مع الإقرار بوجود مساحات للاجتهاد في تقرير غلبة المفسدة والمصلحة.

2 - استعمال التدرج في محاله الصحيحة هو نفسه تطبيق للشريعة.

3 - مما يُوسع دائرة الشريعة المطبقة من غير تدرج، الإلحاحُ على بيان الأساس الشرعي لمحاربة الفساد المالي والإداري وطلب صلاح البلاد والعباد وطلب النهوض والرقي بالأفراد والأمم ونحوه من المطالب المتفق على تحصيلها بين الإسلاميين وغيرهم فتكون المطالبة بها وتحصيلها تطبيق للشريعة لا يحوج إلى تدرج.

4 - التدرج التشريعي بمعنى أن يُشرِّع صاحب السلطة تشريعاً جديداً فيه تحليل ما حرم أو تحريم ما أحل الله بدعوى التدرج، حرام ليس في الشرع ما يُسوِّغه، والتشريع حق لله - عز وجل - لا يشركه فيه غيره، ولا يؤذن بارتكابه إلا إكراه محقَّق، وهذا لا يوجد في بابنا لإمكان الانحياز عن السلطة وتركها أصلاً، أو الانعزال عن الحقيبة التشريعية في هذا القطاع براءة لله - عز وجل - ومن الصور الخفية للتدرج التشريعي أن يأتي صاحب السلطة من الإسلاميين إلى جريمة حرَّمها الشرع وعاقب عليها بعقوبة معيَّنة بينما القانون يبيحها أو يخفف عقوبتها فيريد صاحب السلطة أن يضع لها عقوبة مدنية غير العقوبة المنصوصة في الشرع يزعم أنه يتدرج نحو العقوبة الشرعية، وهذا باطل وهو من منازعة الله في التشريع، ويؤدي إلى توطين مبدأ العقوبات المدنية واستبدالها بعقوبات الشـرع، وترك العلمانية صلعاء مقبحة للناس هكذا أحسن من تخفيفها بما يُضِل عن الوحي والشـرع، ومصلحة فرض عقوبة مدنية على الزانية - مثلاً - تنغمر في مفسدة التشريع من دون الله، وفي مفسدة ترقيق استبدال الشريعة في قلوب الناس.

5 - التدرج في البلاغ والتدرج في التنفيذ جائزان، تدل عليهما أدلة الشـرع العامة والخاصة، مع التنبيه إلى أنهما بمنزلة العفو والسكوت لا بمنزلة التحليل والتشـريع، ولذلك يقول شيخ الإسلام في حد هذا التدرج: «الْعَفْوَ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ؛ لَا التَّحْلِيلَ وَالْإِسْقَاطَ».

6 - ترك الإلزام بالشريعة في زماننا والسكوت عن القوانين الوضعية وعدم السعي المباشر لتغييرها أكثره بسبب المفسدة المتوقَّعة من مثل هذا السعي سواء من نفرة داخلية أو ضغط دولي خارجي، ومراعاة غلبة المفسدة في ذلك نص عليها العلماء، فيقول شيخ الإسلام: «والأصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه. فمتى أمكن إقامتها مِن أمير لم يُحتَج إلى اثنين، ومتى لم يقم إلا بعدد ومِن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها، فإنها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن كان في ذلك من فساد ولاة الأمر أو الرعية ما يزيد على إضاعتها لم يدفع فساد بأفسد منه»[14].

7 - إلا أن عدم السعي المباشر لا ينفي السعي التدريجي فما لا يدرك كلُّه لا يترك جلُّه والميسور لا يسقط بالمعسور، واستعمال آليات الديمقراطية والتشريع البرلماني في ذلك جائز من باب الحاجة والضرورة على أن تكون صياغة ذلك هي المطالبة بإنفاذ شرع الله في ذلك تحاكماً للمادة الدستورية القاضية بمصدرية الشريعة، ولا يصاغ ذلك في صورة مدنية تُخضِع الشريعةَ فيه للتصويت من جانب المطالب مع جواز التصويت إن طرحها غيرنا.

8 - التأمل في كيف ترك النبيصلى الله عليه وسلم الكعبة على حالها مراعاة لحال قريش، وكيف ترك عقوبة المنافقين لغلبة المفسدة، ثم حرصه على أن تُحدَّ المرأة المخزومية يدل على وجوب النظر في كل حكم شرعي بحسبه وألا يجعل التدرج وقانونه وأصوله قواعد كلية تطبَّق على فترة زمنية شاملة أو نظام حكم بأكمله؛ وإنما يجب على المجتهد النظر في كل حكم يريد أن يترك بلاغه أو إنفاذه بدعوى التدرج، وأن يكون هذا النظر في كل حكم على حدة، وأن يوزن كل حكم وما يقترن به من دواعٍ للتدرج وموانعٍ منه وزناً خاصاً ليُخرَج بحكم تبرأ الذمة به ويستحق صاحبه أجر الاجتهاد أصاب أم أخطأ. أما غير ذلك من الأقوال المطلقة في ترك إنفاذ شريعة الله أو إبلاغها بدعوى التدرج ومن غير اجتهاد خاص متأنٍّ؛ بل بعضها باجتهاد على الهواء لم تستغرق مدته سوى ما بين انتهاء سؤال المذيع التليفزيوني إلى بداية الإجابة... كل ذلك عبث بالشريعة وتلاعب بها.

9 - التدرج في البيان لا يعني النطق بالباطل، ولا يجوز ذلك إلا في حدود ضيقة وأكثر المأذون فيه هو السكوت. أما عبارات من نوع لن نمنع كذا، ولن نمنع كذا كما ورد في عبارة الدكتور الكتاتني فلا بد من اقترانها ببيان ما يعتقده من تحريم الله لذلك وأن هذا الترك للمنع إنما هو تنفيذي وليس إقراراً لحق.

10 - أن الحاجة للتدرُّج في حكم من الأحكام أو بعض الأحكام يحتاج حاجة ماسَّة إلى معرفة تامَّة بالواقع الذي تتشابك فيه العلاقات من شؤون اجتماعية واقتصادية وسياسية داخلية وخارجية؛ لأن هذه المعرفة هي وحدَها التي ستمكِّننا من تقدير المفاسد المترتبة على ترك التدرُّج أو على التدرُّج والحاجة إليه، لمعرفة ما إذا كان التدرُّج واجباً أو غير جائز. وهذا يبيِّن الضرورة القصوى لمعرفة العالم الشرعي بالواقع؛ لأن جزءاً من أحكامه لا يتم تصوُّر مسائلها إلا بإدراكٍ كاملٍ للواقع محلِّ الحكم[15].

11 - حد المفسدة الغالبة التي تؤذن بترك الإلزام بالشريعة، هو أن يؤدي الإلزام لنفرة شعبية تفسد أمور البلاد وتعظم فتنتها. أما إن كان مَن في السلطة غالباً مسيطراً فلن تحصل هذه النفرة سوى بصورة لا تؤثر ولا تعظم مفسدتها، فيجب عليه الإلزام بالشـريعة مع الرفق في هذا الإلزام وليس الرفق الذي يؤدي لترك الإلزام. يقول شيخ الإسلام: «فليس حُسن النية بالرعية والإحسان إليهم أن يفعل ما يهوونه ويترك ما يكرهونه، فقد قال الله: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْـحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71]، وقال - تعالى - للصحابة: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] ، وإنما الإحسان إليهم فعل ما ينفعهم في الدين والدنيا ولو كرهه من كرهه؛ لكن ينبغي له أن يرفق بهم في ما يكرهونه؛ ففي الصحيحين عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا كان العنف في شيء إلا شانه»[16].

(http://www.albayan.co.uk/AuthorPage.aspx?authorid=4536) :: مجلة البيان عدد 297 شهر جمادى الأولى 1433هـ (http://www.albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?ID=1875)

[1] معجم مقاييس اللغة، لأحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ): (2/275)، وانظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصـر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (ت 393هـ): (1/313).
وانظر: كتاب العين، لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت170هـ): (6/77).
وتهذيب اللغة، لمحمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (ت 370هـ): (10/338).

[2] لسان العرب، لمحمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعي الإفريقي (ت 711هـ): (2/267).

[3] المعجم الوسيط، لمجمع اللغة العربية بالقاهرة: (ص277).

[4] صحيح: أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص37) تحقيق الشيخ مشهور حسن والشيخ هشام السقا - ط/المكتب الإسلامي دار عمار (1990م).

[5]http://www.ikhwanonline.com/new/Article.aspx?ArtID=94868&SecID=360

[6] في حواره مع جريدة الأهرام اليومية، في عددها الصادر صباح يوم (السبت) (10/ 12/ 2011 م).

[7] موقع أنا السلفي (1/ 12/ 2001 م)
http://anasalafy.com/play.php?catsmktba=31219

[8] حلقة على قناة الناس (يوتيوب)
http://www.youtube.com/watch?v=wcD_3W-F9ks

[9] درس في مسجد (يوتيوب).
http://www.youtube.com/watch?v=wwmLocZXC1k

[10] من فقه الدولة في الإسلام، ص178.

[11] انظر تفصيل هذه الأدلة في بحثي: «واقع المسلمين بين فقه الاستضعاف وفقه التمكين».

[12] انظر: مجموع الفتاوى: (20/57 - 61). وقد سقت كلام الشيخ تاماً ونصوصه في هذا كاملة في كتابي سابق الذكر.

[13] انظر: مجموع الفتاوى: (29/49).

[14] مجموع الفتاوى: (34 / 176).

[15] بتصرف من مقال قصير للشيخ الشريف حاتم العوني بعنوان: «تطبيق الأحكام بين التدرج والهجوم».

[16] مجموع الفتاوى: (28/364).

ASLAN
10-04-2012, 05:30 PM
السلام عليكم

وبارك الله بالكاتب والناقل..

لا شك في أن "الغربة" واضحة جلية في هذا العصر، خصوصاً بعد "إنهيار" الدولة الإسلامية التي تحكم بشريعة الله في أرضه، اثر سقوط ملك بني عثمان..فالإسلام بدأ غريباً أول الأمر، وكان المشركون الأوائل يعارضون شرع الله ويتهكمون به ويحاربونه، لأن أهواءهم لم ترتضه، و كانوا يعطون الحجج بمخالفته لما تركهم عليه آباءهم و غير ذلك من الباطل...كان لا بد من إستعراضٍ تاريخي بادئ ذي بدء، لكي يفهم القارئ المبتدئ كيف كان الحال أول الأمر، ثم في وسطه وصولاً إلى يومنا هذا..ولماذا يخاف الكثيرون من كلمة تطبيق الشريعة، وما ذلك إلا لما رضعه الكثيرون من لبان الغرب وأفكاره، فأثمر إنحرافاً في طريقة التفكير وضياعاً مستمراً، نسأل الله الهداية..

{"إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، هذا أثر معروف عن عثمان -رضي الله عنه-، وثابت عن عثمان بن عفان الخليفة الراشد الثالث -رضي الله عنه-، ويروى عن عمر أيضاً -رضي الله عنه-: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، معناه يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن؛ لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن، بل يقدم على المحارم ولا يبالي، لكن متى علم أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدع، خاف من العقوبة السلطانية، فالله يزع بالسلطان يعني عقوبات السلطان، يزع بها بعض المجرمين أكثر مما يزعهم بالقرآن لضعف إيمانهم، وقلة خوفهم من الله -سبحانه وتعالى-، ولكنهم يخافون من السلطان لئلا يفتنهم، أو يضربهم، أو ينسَّلهم أموالاً، أو ينفيهم من البلاد، فهم يخافون ذلك، فينزجرون من بعض المنكرات التي يخشون عقوبة السلطان فيها، وإيمانهم ضعيف، فلا ينزجرون بزواجر القرآن ونواهي القرآن؛ لضعف الإيمان وقلة البصيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله"} (منقول عن موقع إبن باز)


فلو كان للمسلمين قوةً مادية، وكان يحكمهم السلطان القوي، لخضع الجميع بلا إستثناء، خوفاً ورهبةً من العقاب..لكن اليوم الوضع مختلف، فالمسلمون يعانون من ضعفٍ على جميع الأصعدة، وابرزها العسكري (بسبب تركهم فريضة الإعداد والجهاد)، لذلك نجد حتى سفلة القوم من العلمانيين واليساريين والليبراليين يتهجمون على دين الإسلام بشكل واضح وصراحة لا خوف فيها، وما ذلك إلا لاطمئنانهم بأنهم غير محاسبين، ومحميين من قوى الأمر الواقع المجرمة أي الغرب بكل ما يعنيه من طغيانٍ إقتصادي وإعلامي وعسكري..وهنا مربط الفرس..

ولعل أبرز ما شدني في هذا المقال، قول الأخ الكاتب " ترك الإلزام بالشريعة في زماننا والسكوت عن القوانين الوضعية وعدم السعي المباشر لتغييرها أكثره بسبب المفسدة المتوقَّعة من مثل هذا السعي سواء من نفرة داخلية أو ضغط دولي خارجي"، وهنا الكلام في الصميم، فالنفرة الداخلية من المنحرفين بكافة اطيافهم تحميها (أي النفرة) الضغوط الدولية، فالمجتمع الدولي وقانونه الطاغوتي لا يسمح بتطبيق شريعة الله الكاملة، ويقبل بذلك في بعض الأحكام فقط دون غيرها، كبعض القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية (زواج، طلاق، إلخ)..أما محاكمة الذين يشتمون الإله أو الدين أو مرتكبي الفواحش، ولو بأحكام زاجرة مخالفة للشريعة، فممنوع تحت مسمى الحرية الشخصية وحرية التعبير..وإن كنا نرى بعض الاستثناءت من بعض الدول "المدللة أمريكياً" كدولة آل سعود والتي تطبق فيها بعض الأحكام الشرعية على "الشعب حصراً" ويستثنى من ذلك حاشية ملكهم، تماماً كما كان يفعل بنوا إسرائيل، وليس ذلك لأن أمريكا أو الغرب راضون بذلك في جزأٍ من جزيرة العرب، لا أبداً، بل لأن الأمريكان يعملون بقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" ويزيدون عليها "من أجل النفط"..

وبما أن الأخ أورد الأمثلة الواقعية في بداية مقاله، أحببت أن أعطي مثلاً واقعياً حدث منذ بضعة أيام..فقد تم إنفصال مالي الشمالية عن مالي الجنوبية، وأعلن الأزواد (قبائل، منطقة ازواد تمتد على مساحة توازي مساحة فرنسا وبلجيكا مجتمعتين، هي مهد الطوارق في شمالي مالي) إستقلال الشمال..وأعلنت مجموعات تطلق على نفسها إسم أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد بدء تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق المحررة، وبدأ بالفعل التطبيق "المتدرج" (بمعنى الابلاغ ثم التنفيذ)، ورأينا فيما بعد رمي الخمور وإلزام المسلمات بالحجاب وغيره، وقبل ذلك كله "معركة" كسب قلوب الناس..لكن المفاجئ كان خروج وزير خارجية فرنسا وإعلانه التحذير من الخطر الاسلامي !! طبعاً لأنه يعرف جيداً أن الاسلام إذا أعيد احيائه في قلوب المسلمين فسيؤدي ذلك إلى تحرير الكثير من البلدان التابعة سياسياً له ولدولته..

أقول: الخطر الحقيقي الذي يواجه المسلمين اليوم بعد هذه الثورات، هو خطر بعض الجماعات المنتسبة للإسلام، وبعض المصطلحات والمفاهيم التي يحاولون نشرها و "شرعنتها" بين الناس..وأخطر تلك المصطلحات مصطلح "الديمقراطية"، التي تتعارض مع الاسلام ولا تلتقي معه، لأنها تساوي بين التشريعات الإسلامية و الغير إسلامية، بل تجعل التشريع للبشر، وأيضاً تجعله عرضةً للمناقشة !! وهنا الخطر على أمة الإسلام (أعزها الله)، فكم وكم التقي بكثير من الشباب المسلم المثقف ممن يستعمل هذه الكلمة كأنها من الوحي!! وإذا أنكرت عليه غضب وكشر واتهمك بالغلو، وضرب لك أمثالاً وأسماءً ممن يستعملونها !! نعوذ بالله من الضلال..وأيضاً نجد مصطلح الوحدة الوطنية، وكم أغوت من مفكرين ومنظرين، وجعلتهم يطلقون على "العلماني والليبرالي والشيوعي" صفة الشريك والأخ وووو!!!!!! فكم نحن اليوم بحاجةٍ لإصلاح المفاهيم في معركة من أهم المعارك، ألا وهي معركة البلاغ، من أجل أن لا تصبح هذه المصطلحات أمراً واقعاً سيحيجنا فيما بعد لثورات جديدة، بل أخطر من ذلك، ربما مواجهة داخلية في وقت نحتاج فيه إلى اللحمة والاعتصام كي نعيد أمجادنا وعزتنا..فنحن قومٌ أعزنا الله بالإسلام..

وختاماً، لا بد أن نعرف أن الكفار والمشركين من قوى الطغيان العالمي، لن يقبلوا أبداً بتطبيق شرع الله...وإن قبلوا بتطبيق بعض الأحكام فما ذلك إلا لمصلحة ظرفية أو مكانية، أما التطبيق الكامل أي "الدين كله لله" فلن يقبلوا بذلك أبداً، وعندما أقول "الدين كله لله" أعني شمولية ذلك في كل مناحي الحياة (إجتماعياً،سياسياً،عسكرياً،إقتصادياً...) فذلك من المحال عندهم (أخزاهم الله)..ولكن كلٌ يريد، والله يفعل ما يريد، فإن الله ناصر دينه وكتابه ورسوله...

والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد..

أبو حسن
11-04-2012, 11:56 PM
..وأعلنت مجموعات تطلق على نفسها إسم أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد بدء تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق المحررة، وبدأ بالفعل التطبيق "المتدرج" (بمعنى الابلاغ ثم التنفيذ)، ورأينا فيما بعد رمي الخمور وإلزام المسلمات بالحجاب وغيره، وقبل ذلك كله "معركة" كسب قلوب الناس..

هلا فصلت لنا أخي أكثر عن ("معركة" كسب قلوب الناس)

ASLAN
12-04-2012, 02:45 PM
[/center]

هلا فصلت لنا أخي أكثر عن ("معركة" كسب قلوب الناس)


السلام عليكم

ليس الأمر بحاجة إلى تفصيل، انما إنطلاقاً من قوله تعالى "وقولوا للناس حسناً"، وقال سبحانه "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" (الأية)..فلا بد لمن يريد حكم طائفةٍ من الناس أن يكسب قلوبهم بالمودة والرحمة، وأن يظهر لهم أحسن الأخلاق، بل أقول عليه أن يبالغ في إظهار أحسن ما عنده، وهكذا هم أصحاب الدعوات، ولولا ذلك لما إتبع أحدٌ أحداً !! وهنا تجدر الإشارة إلى أن تتبع أخبار المجاهدين في سبيل الله يجب أن يكون مما يصدروه هم أنفسهم، فكثيرٌ من القنوات تكيل بمكيالين، بل أكثرها يحاول تشويه صورة المجاهد في سبيل الله، و إلصاق تهم لا شأن لهم بها لا من قريب و لا من بعيد!!!..وخذوا سورية على سبيل المثال، فمن يتابع الفايسبوك والأخبار من الداخل التي تأتي من الكتائب المقاتلة على الأرض والشهود العيان، ليجد إختلافاً كثيراً عن ما يطرح في قنوات الإعلام والذي يظهر جزءًا يسيراً من الحقائق، بل يشوه الهدف الحقيقي من المعركة، ويحشو عقول الناس بأفكارٍ بعيدة عن الواقع على الأرض، والله المستعان..

أبو حسن
12-04-2012, 10:04 PM
وعليكم السلام أخي أصلان
لم تجب على سؤالي
سألتك عن أمر مخصوص، ألا وهو "معركة كسب القلوب" في مالي... فهل من جواب لديك ؟

ASLAN
18-04-2012, 06:46 PM
وعليكم السلام أخي أصلان
لم تجب على سؤالي
سألتك عن أمر مخصوص، ألا وهو "معركة كسب القلوب" في مالي... فهل من جواب لديك ؟



السلام عليكم

اعذرني أخي، لم استطع الرد في حينها..لقد أجبتك حينما ذكرت لك الأية الكريمة "وقولوا للناس حسناً"، أتذكر جيداً انني شاهدتهم على قناة الجزيرة والناس مجتمعة حولهم بعد طرد الجيش المالي، والناس فرحة والكثير يطالب بتطبيق الشريعة وإلغاء الأحكام المخالفة لها، وظهر في الفيديو المسؤول الشرعي للجماعة (الشيخ) وهو يخاطب الناس ويبين لهم من هي هذه الجماعة وما اهدافها..طبعاً معركة كسب القلوب هو حسن الخلق والإحسان إلى الناس، إضافةً إلى إلغاء الضرائب الجائرة عليهم، والأهم من ذلك كله بدء تطبيق الأحكام الشرعية..والله أعلم..


لكن أخي، كنت أريد سؤالك عن ما جاء على لسان الكتاتني "ونفى الكتاتني سعي الجماعة لتطبيق الحدود فور وصولها للحكم، وأن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن هذه النقطة؛ مستشهداً بتصرُّف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما أوقف تطبيق الحدود في عام المجاعة[6]" هل ورد ذلك عن سيدنا عمر، لأنني سمعت أن ذلك الأثر لم يثبت عن عمر أصلاً، فقد رواه إبن شيبة في مصنفه بإسنادٍ فيه مجهولان كما بين الشيخ الألباني في ارواء الغليل !! فما رأيك في ذلك؟؟

أبو حسن
19-04-2012, 12:09 AM
وعليكم السلام أخي أصلان،

إسمح لي بداية أن أؤخر الجواب على سؤالك، لأني كمتابع لمشاركاتك في المنتدى وأسلوبك في الكتابة، أرى أن المشكلة لديك ليست في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أيثبت عنه أم لا؟ وليس في مسألة حدّ السرقة، أيُدرأ بالشبهة أم لا؟ وهل الجوع شبهة يُدرأ بها الحد أم لا؟

المشكلة الأساسية لديك هي في فهمك للدولة الإسلامية... أولا في مفهومك للدولة ومقوماتها، ثم في فهمك لتطبيق الشريعة وكيفيته

أقول، هي مشكلتك بـ"نظري"، ولا أدعي أني مصيب، بل لعلي أكون مخطئا، لذا لن أقوم بتقديم رؤيتي لهذه الأمور أو مناقشتها، وإنما أطلب منك لو تركز في قراءاتك ومطالعاتك على ما يعينك في فهم أفضل للإسلام كدولة وشريعة ونظام حكم، ولو تبتعد قليلا عن وجهة النظر الأحادية التي تتبناها في رؤية الأمور واتخاذ موقف منها، فبدون الإنفتاح على رأي آخر، قد تراه الآن خطأ أو مجانبا للصواب، لن تستطيع تدعيم فكرتك: سواء بتصحيح ما فيها من زلل، وليس منا أحد معصوم، أو بتحصينها من الشبهات التي قد ترد عليها

ولا أقصد بالآخر هنا غير المسلم أو من يحارب الفكر الإسلامي، وإنما المسلم المتبني للفكر الإسلامي لكنه المخالف لرؤيتك ووجهة نظرك

سائلا الله أن يهديني وإياكم سواء السبيل

أما بالنسبة لسؤالك عما روي عن عمر رضي الله عنه وتعطيله لحد السرقة في عام الرمادة، فلست في موضع يسمح لي حاليا بتتبع سنده، وإنما أحيلك على ما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه "إعلام الموقعين" حول هذا الأثر تحت "فصل في تغيير الفتوى ، واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد" > "الشريعة مبنية على مصالح العباد" > "من أسباب سقوط الحد عام المجاعة":

(المثال الثالث : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسقط القطع عن السارق في عام المجاعة

قال السعدي : حدثنا هارون بن إسماعيل الخزاز ثناعلي بن المبارك ثنا يحيى بن أبي كثير حدثني حسان بن زاهر أن ابن حدير حدثه عن عمر قال : لا تقطع اليد في عذق ولا عام سنة .

قال السعدي : سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال : العذق النخلة ، وعام سنة : المجاعة ، فقلت لأحمد : تقول به ؟ فقال : إي لعمري ، قلت : إن سرق في مجاعة لا تقطعه ؟ فقال : لا ، إذا حملته الحاجة على ذلك والناس في مجاعة وشدة.)

إلى أن قال:

(وقد وافق أحمد على سقوط القطع في المجاعة الأوزاعي ، وهذا محض القياس ، ومقتضى قواعد الشرع ; فإن السنة إذا كانت سنة مجاعة وشدة غلب على الناس الحاجة والضرورة ، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه ، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له ، إما بالثمن أو مجانا ، على الخلاف في ذلك ; والصحيح وجوب بذله مجانا ; لوجوب المواساة وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج ، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج ، وهي أقوى من كثير من الشبه التي يذكرها كثير من الفقهاء ، بل إذا وازنت بين هذه الشبهة وبين ما يذكرونه ظهر لك التفاوت ، فأين شبهة كون المسروق مما يسرع إليه الفساد ، وكون أصله على الإباحة كالماء ، وشبهة القطع به مرة ، وشبهة دعوى ملكه بلا بينة ، وشبهة إتلافه في الحرز بأكل أو احتلاب من الضرع ، وشبهة نقصان ماليته في الحرز بذبح أو تحريق ثم إخراجه ، وغير ذلك من الشبه الضعيفة جدا إلى هذه الشبهة القوية ؟ لا سيما وهو مأذون له في مغالبة صاحب المال على أخذ ما يسد رمقه .

وعام المجاعة يكثر فيه المحاويج والمضطرون ، ولا يتميز المستغني منهم والسارق لغير حاجة من غيره ، فاشتبه من يجب عليه الحد بمن لا يجب عليه ، فدرئ . نعم إذا بان أن السارق لا حاجة به وهو مستغن عن السرقة قطع .)

إنتهى كلامه رحمه الله، فتأمله هداني الله وإياك إلى الحق ...

ASLAN
19-04-2012, 05:56 PM
السلام عليكم

أخي العزيز، انما كان سؤالي لك عن مدى صحة هذا الأثر، رغم قناعتي بأن الجوع (المفضي إلى الهلكة) شبهةٌ يدرأ بها الحد، و الله أعلم، ولذلك ما فعله عمر -إن كان صحيحاً- انما كان أيضاً تطبيقاً للشريعة وهو لم يخالفها..

بالنسبة ل"مشكلتي" في فهم الدولة الاسلامية، والله أعلم ليس عندي مشكلة في فهمها بالمعنى العام، ولكن اسمح لي أن أقول انكم في المنتدى تعودتم على الاراء التي تصدر بمعظمها عن أناسٍ يتبعون جماعات أو مناهج إسلامية محددة، أما إن جاءكم رجلٌ بما لم تعهدوه من نقول وآراء فوجئتم، وحاولتم "للأسف الشديد" متابعته علكم تصلون إلى فكره أو جماعته التي ينتمي إليها ! ولكنني قلتها لكم من قبل، أني بفضل الله لا انتمي لأي جماعة محددة، ليس لأنني أكره الجماعات أو ما شابه، ولكن بكل بساطة لأنني لست انتمي إلى أية جماعة، و الحمد لله هذا لا يجعلني متعصباً لجماعة معينة كما هو حال بعض أعضاء المنتدى..وقد تجدني يوماً أمدح التحرير لموقفٍ شجاع، أو انقل عن الاخوان لرأيٍ سديد، أو اتبنى فكرة سلفية إذا كانت مهمة، ...

أما يا أخي "كثرة الحديث" عن الشريعة وتطبيق الشريعة الاسلامية، فذلك لأنه هو الموضة اليوم في معظم البلاد المتحررة من حكم الطواغيت، وهناك الكثير من الجماعات على الساحة التي تطرح نفسها بديلاً للحكم السابق، وأكثرها إسلامية أو ما يسمى اليوم بذات الصبغة أو الخلفية أو ما شابه..أي ما حصل اليوم يا أخي، هو إنتقال أفكار الأحزاب الإسلامية من الخيال والنظريات إلى الواقع التطبيقي، وهذا بحد ذاته تحدٍ عظيم، وأكثر المنتمين إلى تلك الجماعات يحلمون بما يحلم به كل مسلم، دولة إسلامية تحكم بالكتاب وألسنة على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين..ولكن المفاجأة كانت أن أكثر هذه الجماعات اصطدمت بواقع الهيمنة الغربية على بلاد المسلمين، والتي "لن" تسمح للمسلمين بإقامة حكم إسلامي، لأن ذلك بطبيعة الحال يهدد نفوذها في المنطقة ويعيد ألحق إلى أصحابه..هذا يا أخي هو الجانب العملي من تصوري لمشروع إقامة حكم الله في الأرض أو ما يسمى بالدولة الاسلامية، أما النظريات أو ما اسميه بالدولة النظرية فهي كانت موجودة في عقول كثير من المشايخ والدعاة وغيرهم، لكن عبء اقامتها على الأرض لم يجرأ عليه إلا فتية الاسلام الذين "آمنوا بربهم وزدناهم هدى"، هذا بإختصار..أما يا أخي، كلامك عن وجهة النظر الأحادية فلا ضير بها إن كانت هي ألحق (ولا أتكلم هنا عن نفسي)، ومن المحال يا أخي أن نقبل ببعض الطروحات التي يطرحها كائناً من كان وفيها مخالفات صريحة لشرع الله أو لقضايا المسلمين وحقوقهم المسلوبة، وإن دافع عن هذا الباطل من دافع أو أزبد و أرغى..

بارك الله بك على التوضيح من كلام العلماء، وأسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، انه سميعٌ مجيب..والحمد لله رب العالمين..

محمد أحمد الفلو
19-04-2012, 07:08 PM
وبما أن الأخ أورد الأمثلة الواقعية في بداية مقاله، أحببت أن أعطي مثلاً واقعياً حدث منذ بضعة أيام..فقد تم إنفصال مالي الشمالية عن مالي الجنوبية، وأعلن الأزواد (قبائل، منطقة ازواد تمتد على مساحة توازي مساحة فرنسا وبلجيكا مجتمعتين، هي مهد الطوارق في شمالي مالي) إستقلال الشمال..وأعلنت مجموعات تطلق على نفسها إسم أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد بدء تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق المحررة، وبدأ بالفعل التطبيق "المتدرج" (بمعنى الابلاغ ثم التنفيذ)، ورأينا فيما بعد رمي الخمور وإلزام المسلمات بالحجاب وغيره، وقبل ذلك كله "معركة" كسب قلوب الناس..لكن المفاجئ كان خروج وزير خارجية فرنسا وإعلانه التحذير من الخطر الاسلامي !! طبعاً لأنه يعرف جيداً أن الاسلام إذا أعيد احيائه في قلوب المسلمين فسيؤدي ذلك إلى تحرير الكثير من البلدان التابعة سياسياً له ولدولته..




تعليق على الهامش :

أنا عندي رفقه من السنغال، مثل اخواني ، متلزمين وواعيين و عيكفك، ولا ازكيهم على الله ،
ما حدا كسب قلوبن إلا الخوف على أهلهم وشكر ربهم انهم منهم بالجزء يلي متخيلو إنت خلافة أبو بكر وعمر رضي الله عنهم

ASLAN
19-04-2012, 07:43 PM
تعليق على الهامش :

أنا عندي رفقه من السنغال، مثل اخواني ، متلزمين وواعيين و عيكفك، ولا ازكيهم على الله ،
ما حدا كسب قلوبن إلا الخوف على أهلهم وشكر ربهم انهم منهم بالجزء يلي متخيلو إنت خلافة أبو بكر وعمر رضي الله عنهم


السلام عليكم

الله يسامحك أخي محمد، ومن قال انني أتخيل أنها خلافة أبو بكر أو عمر رضوان الله عليهم !! ثم يا أخي هدانا الله وإياك، ألا تفرق بين "السنغال و مالي" !!! الكلام عن "مالي"..للمعلومات المنطقة تبعد عن السنغال بحوالي 1000 كم، لذا قل لإخوانك أن يطمئنوا فما زالت السنغال تحت حكم عملاء فرنسا !!!

أبو حسن
19-04-2012, 10:17 PM
أخي أصلان،

إسمح لي أن أتكلم عن نفسي: لا أظن أن أحدا، لا في الواقع ولا من خلال مشاركاتي في المنتدى، يستطيع أن ينسبني إلى جماعة أو حزب أو تيار. وإنما أنا أعبر عن آرائي وقناعاتي. فاقتضى التنبيه...

أما قولك:



..أي ما حصل اليوم يا أخي، هو إنتقال أفكار الأحزاب الإسلامية من الخيال والنظريات إلى الواقع التطبيقي، وهذا بحد ذاته تحدٍ عظيم، وأكثر المنتمين إلى تلك الجماعات يحلمون بما يحلم به كل مسلم، دولة إسلامية تحكم بالكتاب وألسنة على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين..ولكن المفاجأة كانت أن أكثر هذه الجماعات اصطدمت بواقع الهيمنة الغربية على بلاد المسلمين، والتي "لن" تسمح للمسلمين بإقامة حكم إسلامي، لأن ذلك بطبيعة الحال يهدد نفوذها في المنطقة ويعيد ألحق إلى أصحابه..



فهو برأيي دليل على أنك لم تفهم بعد مقومات الدولة وأسسها، أعني الدولة بالمفهوم العام لا الإسلامية بشكل خاص (وهذه تحتاج لفهم أعمق وأدقّ)، والتحديات والمعوقات التي تحول دون قيامها

الدولة لا تقوم على الأحلام، ولا على الأماني... ولا تقوم بالقوة ولا بالسلاح... كما أنها لا تقوم على المصادمة والعداء... ولا يقيمها شباب متحمس وثائر مهما بلغ صفاء نيته أو استعداده للتضحية بالنفس إن كان لا يمتلك الحد الأدنى من المقومات والمؤهلات والفهم المقاصدي للشرع لا الفقه السطحي الظاهري... والنماذج والتجارب التي تؤكد كلامي كثيرة لا داعي لسردها

لا أعتقد أن الشباب الملتزم في هذا العصر هم فقط من يحلمون بقيام دولة إسلامية على منهاج النبوة والخلافة الراشدة، بل هو حلم راود من قبلهم منذ انتهاء الخلافة الراشدة، فليتنا نتأمل في التاريخ الإسلامي وسير أحداثه لنعي أسباب عدم نجاح قيام هذه الدولة حتى نتعلم من أخطاء من سبقنا...

ASLAN
19-04-2012, 10:57 PM
أخي العزيز أبو حسن، أولاً أرجو منك أن لا تخاطبني على أساس انني قائد أو رئيس، انما أخوك رجل عادي من المسلمين يتحاور مع اخوانه و ينصحهم أو ينصحوه..

بشكل عام، الدول تقوم على فكرة معينة دينية أو قومية، أحياناً تجمع الإثنين معاً، وأخرى كل على حدة، ثم يدعى إليها (أي الفكرة أو سمها الدعوة إن شئت)، ثم تواجه أعداءً وتضطر غالباً إلى مواجهتهم عسكرياً، وطبعاً كل ذلك بحاجة إلى قيادة حكيمة، جماعية أحياناً وفردية غالباً..هذا بإختصار لكيفية نشوء الدول..أما قولك أن "الدولة لا تقوم على الأحلام، ولا على الأماني... ولا تقوم بالقوة ولا بالسلاح... كما أنها لا تقوم على المصادمة والعداء... ولا يقيمها شباب متحمس وثائر مهما بلغ صفاء نيته أو استعداده للتضحية بالنفس إن كان لا يمتلك الحد الأدنى من المقومات والمؤهلات والفهم المقاصدي للشرع لا الفقه السطحي الظاهري.."، فأقول لك أنها تقوم على ذلك كله، والله أعلم..

أما الدول بعد نهاية الخلافة، فهي تتفاوت، بعضها كان قريباً جداً من الحكم الراشد، وغيرها بعيد، لكنها بشكلٍ عام كانت تقر بحاكمية الشريعة ومرجعية الاسلام رغم بعض الحالات الشاذة من حين إلى آخر..

أما بالنسبة إلى الوضع اليوم، فعلى المسلمين العمل على الدعوة والتوعية مع عدم إهمال فريضة الإعداد و الجهاد، و قوام هذا الدين كتابٍ يهدي وسيفٍ ينصر، كما جاء عن شيخ الاسلام..

ومن ظن أن التمكين يأتي عبر الحوار مع الامم المتحدة (الملحدة) أو الخضوع للأعداء أو كتابة المقالات أو...، فهو واهم، التمكين لا يأتي إلا بالإعداد على جميع الأصعدة، ويبقى الصعيد العسكري من ابرزها، فهو يرد العدو الصائل و يخيف العدو البعيد..

والله أعلم

محمد أحمد الفلو
19-04-2012, 11:34 PM
السلام عليكم

الله يسامحك أخي محمد، ومن قال انني أتخيل أنها خلافة أبو بكر أو عمر رضوان الله عليهم !! ثم يا أخي هدانا الله وإياك، ألا تفرق بين "السنغال و مالي" !!! الكلام عن "مالي"..للمعلومات المنطقة تبعد عن السنغال بحوالي 1000 كم، لذا قل لإخوانك أن يطمئنوا فما زالت السنغال تحت حكم عملاء فرنسا !!!





أمين، وإياك أخي أصلان
وأنا كان قصدي اكتب مالي، ولكن طلع السنغال : خطأ مطبعي

مبينه ولو
اسمن : Daouda, Cheikhna Keita
...

ASLAN
20-04-2012, 06:45 PM
السلام عليكم أخي محمد

بارك الله فيك، وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظ المسلمين في كل مكان..لعلك أخي تتابع الأزمة في مالي، فشمال مالي يشكل مساحةً كبيرة، ويستوطنها اخواننا من قبائل الأزواد المسلمة، وفيها حركات إنفصالية منها "حركة تحرير أزواد" التي يغلب عليها الطابع القومي، وحركات أخرى إسلامية منها "أنصار الدين" و"التوحيد والجهاد"، وكانت كل هذه الحركات تقاتل الحكومة المركزية المالية..فأما حركة تحرير أزواد فكان هدفهم إقتطاع الجزء الشمالي كونه وطناً لقبائل الأزواد، وأما الحركات الاخرى الاسلامية فكانت تقاتل أيضاً لطرد الجيش المالي من مناطق الأزواد ولكن بهدف إقامة دولة تحكم بالشريعة..هذا بإختصار والله أعلم..

أما بالنسبة للخطأ فليس مطبعياً، بل جغرافي...صدقني عندما رأيت مشاركتك صدمت وظننت أنهم وصلوا إلى السنغال !!! على كل أسأل الله أن يمكن للمجاهدين الصادقين من كل أفريقيا و ان يخرجوها من هذا الإستعباد و الإستعمار السياسي و الإقتصادي، و العسكري في بعض الدول....

و أسأله سبحانه في يوم الجمعة المبارك، أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان وأن يمكن لهم في الأرض، وأن يجمع المسلمين تحت رايةٍ واحدة..آمين

محمد أحمد الفلو
25-06-2012, 06:38 PM
رأي جديد من أخ أفريقي ثالث بخصوص ما يحصل في مالي :

Djibril Amadou (http://www.facebook.com/djibril.ak)
Pour les touaregs et compagnies : une tenue vestimentaire n'est jamais un programme politique ni un projet de société.
Pour les "ansars dine" : retourner en Algérie et Libye ou d'ou vous venez. L'Afrique noir est musulmane depuis Omar Al Khatab.
Et purée, laissez les maliens tranquilles.