أبو محمد القلموني
02-09-2007, 04:18 PM
على أبواب رمضان فلنقف دقيقة صمت و تأمل نستعيد فيها ذاكرتنا ، نستشف مواقع أرواحنا و نكشف االثام عن تفاصيل رغباتنا و انتماءاتنا اليومية.
قبل أربعين سنة ربما لم يكن أحد من رواد هذا المنتدى في عالم الشهود وكانت الدنيا كما هي اليوم مستعرة بالأحداث و متقدة بالجديد من التعقيدات و التطورات . ثم شاءت إرادة العلي القدير أن نكون شيئا يذكر فجئنا إلى هذا العالم و دخلناه أطفالا لا ندرك علما و لا نفقه حقيقة . ومرت الأيام و نحن نتقلب في نعم الله و رعايته إلى أن نضج وعينا و اكتملت أدوات علمنا فصرنا بها أحرارا نرصد و نحلل و نفقه.
وجاء دور السؤال الكبير : ما الهدف من وجودنا في هذا العالم؟ هذا السؤال الذي يلاحقنا في أحلامنا و يقظتنا يتطلب جوابا صريحا نبرمج على ضوئه توجهاتنا و أفكارنا و الكثير الكثير من مشاعرنا .
لكن شهواتنا المادية و المعنوية التي جبلنا عليها من طينة خلقنا منها ، لتشكل اختبارا تواجهه أرواحنا ، كان لها الغلبة في أغلب المواطن و الأوقات ؛ تهزم إراداتنا و تشل عزائمنا و تحول بيننا و بين القضية الأسمى التي كان يجب أن تشغلنا.
تلك الشهوات صرفتنا عن أوقاتنا و أهدرت قيمة أزماننا فجعلتنا نقطع ساعاتها الطويلة نلهث وراء ظل الطين فينا ! نعدو خلفه وأنفاسنا تكاد أن تنقطع وأحلامنا توشك أن تتبخر ، و مع ذلك لا نكل و لا نمل بل نمضي وراءه لنسكت فينا صراخ طفل لا يسكته شيء!
ثم في غمرة هذا السباق المحموم و في غفلة قطعنا مفاوزها بامتياز يأتي الماكرون في خلسة يضرمون النار في البقية الباقية من إنسانيتنا ؛ في المواقع الخلفية التي يفترض أن نرجع إليها يوما لكي نستعيد ذاكرتنا فنستهدي ببوصلتها من جديد!
يتسللون في مكر و دهاء يصبون الزيت على تلك الذاكرة يزعمون أنهم إنما يسعون في تلميعها و إكسابها البريق و الرونق ، ثم شيئا فشيئا يضرمون فيها النار التي نصطلي بها ! فإذا بنا في أتون مظلم لا نهتدي فيه إلى ركن شديد نأوي إليه.
و فجأة على حين غرة يجيء هؤلاء في مسوح رهبان الليالي الكاذبين ليدلونا على ريع بنوا فيه صروحا مزينة مضللة تدرس الأكاذيب و تصد عن السبيل! فإذا بنا نفقد أنفسنا بالكلية لنغدو بلا ذاكرة و بلا هوية و بلا قضية عبيدا أذلاء عند طواغيت متألهين! فمنا القومي المسرور بقطيعه ومرعاه ! ومنا المنتمي إلى طائفته و حقده ! ولكل منا زعيم أو حزب يوجهه و يسوقه بعصا التحضر الكاذب و سوط الحرية اللاذع!
ثم هذا رمضان شهر العتق و الإنعتاق و التحرر على مسافة أيام منا . نخرج في كل مساء نرصد قافلته ، نترقب طلائعه في المغيب و نستشنق عبيره الساحر من بعيد ! نستعجله بالقدوم فقد آن أوان الجد بعد الإسترخاء الطويل ، و هفت أرواحنا أخيرا للإنطلاق من أسرها المهين. هيا يا شهر الحرية فلتسرع في المسير فإنا عقدنا العزم على تحطيم قيودنا مع أول شعاع أمل يصلنا من محياك المستنير. لننطلق في مضاء و عشق نطهر أرواحنا و نحرر عقولنا من التبعية الخادعة الماكرة ومن رجس شهوات مكبلة و مثبطة.
إنا على موعد معك يا رمضان لنفجر في أعماقنا ينابيع الحب فنكرع من مناهلها كؤوسا رطبة تعيد الرشد إلى عقولنا و الحياة كل الحياة إلى نفوسنا و أوقاتنا .
في شهر القرآن سنقرأ بخشوع و ننصت بخشوع و نبكي بخشوع و ندعو بخشوع ونأبى بخشوع و ننازل بخشوع و نخشع بخشوع بعد زمان من الغفلة قضيناه في الخنوع !
في شهر القرآن سنستعيد ذاكرتنا أخيرا فنتوجه بانكسار وذلة ما أجملهما إلى خالق عظيم جليل متفضل ، نغسل قلوبنا بين يديه من دنس التعلق بغيره و التوجه إلى سواه لتفنى نفوسنا في حبه و طاعته . نعم إنه الفناء الذي تحدث عنه العارفون إكسير الحياة و طعمها الحقيقي ! كم يحرم منه أناس مساكين يأتون إلى الدنيا ليخرجوا منها و لم يتذوقوا أجمل ما فيها!
اللهم اجعلنا ممن تصطفيهم للمقامات العلية و خصنا برحمتك بمقام الفضل الأعظم الذي تشهد فيه قلوبنا ما يجعلها تفنى في التعلق بك و تتفانى في طاعتك. اللهم بارك لنا في شعبان و بلغنا رمضان.
قبل أربعين سنة ربما لم يكن أحد من رواد هذا المنتدى في عالم الشهود وكانت الدنيا كما هي اليوم مستعرة بالأحداث و متقدة بالجديد من التعقيدات و التطورات . ثم شاءت إرادة العلي القدير أن نكون شيئا يذكر فجئنا إلى هذا العالم و دخلناه أطفالا لا ندرك علما و لا نفقه حقيقة . ومرت الأيام و نحن نتقلب في نعم الله و رعايته إلى أن نضج وعينا و اكتملت أدوات علمنا فصرنا بها أحرارا نرصد و نحلل و نفقه.
وجاء دور السؤال الكبير : ما الهدف من وجودنا في هذا العالم؟ هذا السؤال الذي يلاحقنا في أحلامنا و يقظتنا يتطلب جوابا صريحا نبرمج على ضوئه توجهاتنا و أفكارنا و الكثير الكثير من مشاعرنا .
لكن شهواتنا المادية و المعنوية التي جبلنا عليها من طينة خلقنا منها ، لتشكل اختبارا تواجهه أرواحنا ، كان لها الغلبة في أغلب المواطن و الأوقات ؛ تهزم إراداتنا و تشل عزائمنا و تحول بيننا و بين القضية الأسمى التي كان يجب أن تشغلنا.
تلك الشهوات صرفتنا عن أوقاتنا و أهدرت قيمة أزماننا فجعلتنا نقطع ساعاتها الطويلة نلهث وراء ظل الطين فينا ! نعدو خلفه وأنفاسنا تكاد أن تنقطع وأحلامنا توشك أن تتبخر ، و مع ذلك لا نكل و لا نمل بل نمضي وراءه لنسكت فينا صراخ طفل لا يسكته شيء!
ثم في غمرة هذا السباق المحموم و في غفلة قطعنا مفاوزها بامتياز يأتي الماكرون في خلسة يضرمون النار في البقية الباقية من إنسانيتنا ؛ في المواقع الخلفية التي يفترض أن نرجع إليها يوما لكي نستعيد ذاكرتنا فنستهدي ببوصلتها من جديد!
يتسللون في مكر و دهاء يصبون الزيت على تلك الذاكرة يزعمون أنهم إنما يسعون في تلميعها و إكسابها البريق و الرونق ، ثم شيئا فشيئا يضرمون فيها النار التي نصطلي بها ! فإذا بنا في أتون مظلم لا نهتدي فيه إلى ركن شديد نأوي إليه.
و فجأة على حين غرة يجيء هؤلاء في مسوح رهبان الليالي الكاذبين ليدلونا على ريع بنوا فيه صروحا مزينة مضللة تدرس الأكاذيب و تصد عن السبيل! فإذا بنا نفقد أنفسنا بالكلية لنغدو بلا ذاكرة و بلا هوية و بلا قضية عبيدا أذلاء عند طواغيت متألهين! فمنا القومي المسرور بقطيعه ومرعاه ! ومنا المنتمي إلى طائفته و حقده ! ولكل منا زعيم أو حزب يوجهه و يسوقه بعصا التحضر الكاذب و سوط الحرية اللاذع!
ثم هذا رمضان شهر العتق و الإنعتاق و التحرر على مسافة أيام منا . نخرج في كل مساء نرصد قافلته ، نترقب طلائعه في المغيب و نستشنق عبيره الساحر من بعيد ! نستعجله بالقدوم فقد آن أوان الجد بعد الإسترخاء الطويل ، و هفت أرواحنا أخيرا للإنطلاق من أسرها المهين. هيا يا شهر الحرية فلتسرع في المسير فإنا عقدنا العزم على تحطيم قيودنا مع أول شعاع أمل يصلنا من محياك المستنير. لننطلق في مضاء و عشق نطهر أرواحنا و نحرر عقولنا من التبعية الخادعة الماكرة ومن رجس شهوات مكبلة و مثبطة.
إنا على موعد معك يا رمضان لنفجر في أعماقنا ينابيع الحب فنكرع من مناهلها كؤوسا رطبة تعيد الرشد إلى عقولنا و الحياة كل الحياة إلى نفوسنا و أوقاتنا .
في شهر القرآن سنقرأ بخشوع و ننصت بخشوع و نبكي بخشوع و ندعو بخشوع ونأبى بخشوع و ننازل بخشوع و نخشع بخشوع بعد زمان من الغفلة قضيناه في الخنوع !
في شهر القرآن سنستعيد ذاكرتنا أخيرا فنتوجه بانكسار وذلة ما أجملهما إلى خالق عظيم جليل متفضل ، نغسل قلوبنا بين يديه من دنس التعلق بغيره و التوجه إلى سواه لتفنى نفوسنا في حبه و طاعته . نعم إنه الفناء الذي تحدث عنه العارفون إكسير الحياة و طعمها الحقيقي ! كم يحرم منه أناس مساكين يأتون إلى الدنيا ليخرجوا منها و لم يتذوقوا أجمل ما فيها!
اللهم اجعلنا ممن تصطفيهم للمقامات العلية و خصنا برحمتك بمقام الفضل الأعظم الذي تشهد فيه قلوبنا ما يجعلها تفنى في التعلق بك و تتفانى في طاعتك. اللهم بارك لنا في شعبان و بلغنا رمضان.