المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات في صوم رمضان - الشيخ العلامة محمد رشيد رضا القلموني رحمه الله



أبو حسن
10-09-2007, 08:24 AM
حكمة الصيام

من باب تفسير القرآن العزيز

{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }}

لا نذكر الآن ملخص ما أحصيناه من كلام مولانا مفتي الديار المصرية في تفسير هذه الآية وسائر آيات الصوم , بل ندع ذلك حتى يجيء وقته في الترتيب إذا أمهلنا الزمان , وإنما نذكر بعض الفوائد مما ذكره في حكمة الصيام التي تضمنها قوله تعالى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة : 21 ) قال حفظه الله تعالى ما مثاله ملخصًا

كان الوثنيون يصومون ؛ لتسكين غضب آلهتم إذا عملوا ما يغضبهم , أولإرضائهم واستمالتهم إلى مساعدتهم في بعض الشئون والأغراض , وكانوا يعتقدون أن إرضاء الآلهة والتزلف إليها يكون بتعذيب النفس وإماتة الجسد , وانتشر هذا الاعتقاد في أهل الكتاب , وجاء الإسلام يعلمنا أن الصوم ونحوه يعدنا للسعادة بالتقوى , وأن الله غني عنَّا

قلنا : إن معنى ( لعل ) الإعداد والتهيئة , وإعداد الصيام نفوس الصائمين لتقوى الله تعالى يظهر من وجوه كثيرة أعظمها شأنًا , وأنصعها برهانًا , وأظهرها أثرًا , وأعلاها خطرًا ( شرفًا ) أنه أمر موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه فيه إلا الله تعالى , وسرٌّ بين العبد وربه لا يشرف عليه أحد غيره سبحانه وتعالى , فإذا ترك الإنسان شهواته ولذاته التي تعرض له في عامة الأوقات لمجرد الامتثال لأمر ربه , والخضوع لإرشاد دينه مدة شهر كامل في السنة ملاحظًا عند عروض كل رغيبة له من أكل نفيس وشراب عذب بارد وفاكهة يانعة وغير ذلك أنه لولا اطلاع الله تعالى عليه ومراقبته له ؛ لما صبر عن تناولها وهو في أشد التوق لها

لا جرم أنه يحصل له من تكرار هذه الملاحظة المصاحبة للعمل ملكة المراقبة لله تعالى والحياء منه سبحانه وتعالى أن يراه حيث نهاه . وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله تعالى , والاستغراق في تعظيمه وتقديسه أكبر معد للنفوس ومؤهل لها لسعادة الروح في الآخرة

كما تؤهل هذه المراقبة النفوس المتحلية بها لسعادة الآخرة تؤهلها لسعادة الدنيا أيضًا

انظر هل يقدم من تلابس هذه المراقبة قلبه على غش الناس ومخادعتهم ؟ هل يسهل عليه أن يراه الله آكلاً لأموالهم بالباطل ؟ هل يحتال على الله في منع الزكاة وهدم هذا الركن الركين من أركان دينه ؟ هل يحتال على أكل الربا ؟ هل يقترف المنكرات جهارًا ؟ هل يجترح السيئات ويسدل بينه وبين الله أستارًا ؟

كلا إن صاحب هذه المراقبة لا يسترسل في المعاصي إذ لا يطول أمد غفلته عن الله تعالى ، وإذا نسي وألمَّ بشيء منها يكون سريع التذكر قريب الفيء والرجوع بالتوبة الصحيحة { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }( الأعراف : 201 ) ا

إنما روح الصوم وسره في هذا القصد والملاحظة التي تُحدث هذه المراقبة , وهذا هو معنى كون العمل لوجه الله تعالى وقد لاحظه من أوجب من الأئمة تبييت النية في كل ليلة [1]ا

ثم شرح الأستاذ حال أولئك الغافلين عن الله وعن أنفسهم الذين يفطرون في رمضان عمدًا , وذكر بعض حيل الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله كالأدنياء الذين يأكلون ولو في بيوت الأخلية حيث تأكل الجرذ , والذين يغطون في الجداول والأنهار ويشربون في أثناء ذلك . وما قذف بهؤلاء وأمثالهم ومن هم شر منهم كالمجاهرين بالفطر إلا تلقينهم العبادة جافة خالية من الروح الذي ذكرناه ,والسر الذي أفشيناه فحسبوها عقوبةً كما كان يحسبها الوثنيون من قبل , وما كل إنسان يتحمل العقوبة راضيًا مختارًا

وههنا شيء ذكره بعضهم ويشمئز الإنسان من شرحه وبيانه وهو أن الصوم يكسر الشهوة فتضعف النفوس ويعجز الإنسان عن الشهوات والمعاصي . وفيه من معنى العقوبة والإعنات ما كان يفهمه الكثيرون من جميع مطالب الدين وراثة عن آبائهم الأولين من أهل الديانات الأخرى

وإذا طبقنا هذا القول على ما نعهده وجودًا ووقوعًا ؛ لا نجد له واقعًا لأن المعروف أن الإنسان إذا جاع يحصل له ضراوة بالشهوات , وتقوى نهمته ويشتد قرمه , وآثار هذا ظاهرة في صوم أكثر المسلمين فإنهم في رمضان أكثر تمتعًا بالشهوات منهم في عامة السنة , فما سبب هذا وما مثاره ؟

ومن وجوه إعداد الصوم للتقوى أن الصائم عندما يجوع يتذكر من لا يجد قوتًا فيحمله التذكر على الرأفة والمرحمة الداعيتين إلى البذل والصدقة وقد وصف الله تعالى نبيه بأنه رءوف رحيم ويرتضي لعباده المؤمنين ما ارتضاه لنبيه صلى الله عليه وسلم ولذلك أمرهم بالتأسي به

مهما تعددت وجوه فائدة الصوم فلا يبلغ شيء منها مبلغ الوجه الأول , وهو إنما يكون لمن يصوم لوجه الله تعالى كما هو الملاحظ في النية على ما قدمناه [2] ،ومن آية الصيام بهذه النيّة والملاحظة التحلي بتقوى الله تعالى وما يتبعها من أحاسن الصفات والخلال وفضائل الأعمال

قال : أنا لا أشك في أن من يصوم على الوجه الذي أقوله يكون راضيًا مَرْضيًّا مطمئنًا بحيث لا تجد في نفسه اضطرابًا ولا انزعاجًا . نعم ربما يوجد عنده شيء من الفتور الجسماني وأما الروحاني فلا أعرف رجلاً لا يغضب في رمضان مما يغضب له في غيره , ولا يمل من حديث الناس ما كان يمله في أيام الفطر وذلك لأنه صائم لوجه الله تعالى [3]

أين هذا كله من الصوم الذي عليه أكثر الناس وهو ما تراهم متفقين على أن من آثاره السخط والحمق وشدة الغضب لأدنى سبب , واشتهر هذا بينهم وأخذوه بالتسليم حتى صاروا يعتقدون أنه أثر طبيعي للصوم , وهو وهم استحوذ على النفوس فحل منها محل الحقيقة وكان له أثرها

ومتى رسخ الوهم في النفس يصعب انتزاعه على العقلاء الذين يتعاهدون أنفسهم بالتربية الحقيقية دائمًا فكيف حال الغافلين عن أنفسهم المنحدرين في تيار العادات والتقاليد الشائعة لا يتفكرون في مصيرهم ولا يشعرون في أية لجة يقذفون

قال الأستاذ : إن عندي وهمًا من أوهام الصوم , وإنني لعلمي به أجتهد في مصارعته ولا أقدر على صرعه وإزالته إلا بعد مضي أيام من أول رمضان

منشأ ذلك الوهم أن من عادتي أن لا أعمل شيئًا في صبيحة كل يوم إلا بعد تناول طعام الفطور , فإذا كان رمضان آخذ القلم في الصباح لأكتب مثلاً فلا أدري ماذا أكتب ويتعاصى القلم أن يجري بسهولة , حتى إنني لولا معرفة السبب لتركته , ولكنني أزال أعالجه حتى يجري ويغلب سلطان الحقيقة على سلطان الوهم

إن أكثر الناس يلاحظون في صومهم حفظ رسم الدين الظاهر وموافقة الناس فيما هم فيه حتى إن الحائض تصوم وترى الفطر في نهار رمضان عارًا ومأثمًا

ولا بأس بهذا الصوم من غير الحائض لحفظ ظاهر الإسلام وإقامة هيكل شعائره ولكنه لا يفيد المسلمين شيئًا في دينهم ولا في دنياهم لخلوّه من الروح الذي يُعدهم للتقوى ويؤهلهم لسعادة الآخرة والدنيا

ثم شرح ما عليه الناس من الاستعداد لأكل رمضان وشربه بحيث ينفقون فيه على ذلك ما يكاد يساوي نفقة سائر السنة

قال : حتى كأنه موسم أكل , وكأن الإمساك عن الطعام في النهار إنما هو لأجل الاستكثار منه في الليل . وهذا هو الصوم المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ( كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ) رواه النسائي وابن ماجه , ولا نطيل بشرح ما عليه الناس فهم يعلمونه علمًا تامًّا , وفيما كتب كفاية لمن يريد معرفة حقه من باطله , والله الموفق

تنبيه: لا ينافي ما ذكرناه هنا عن الأستاذ في كسر الشهوة بالصوم ما ذكرناه في رمضان الماضي من أن من فوائد الصوم تأديب الشهوة وكسر سورتها ؛ لأننا بنيناه على أن ترك الشهوات لأجل الدين يطبع في النفس ملكة الترك فيكون زمام النفس بيد صاحبها , وذكرنا قبل هذا أن الصوم يقوي البدن , وأنه كتضمير الخيل فليرجع إليه من أراد يجده موافقًا لقول الأستاذ

________________________

(*) ( البقرة : 183 )

(1) يؤيد ما قرره الأستاذ الأحاديث المتفق عليها كقوله صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) قالوا أي من الصغائر وقوله في الحديث القدسي : (يدع شهوته وطعامه من أجلي)ا

(2) يؤيده مع الأحاديث التي أشرنا إليها في الحاشية الأولى ما يذكرونه في صيغة النية وهو : (نويت صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة إيمانًا واحتسابًا لوجه الله الكريم)ا

(3) يؤيد هذا حديث : (وإنما الصوم جُنَّة فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل) إلخ رواه البخاري ومسلم .

المصدر:

(( المنار - المجلد [‌ 3 ] الجزء [‌ 29 ] صــ ‌ 721 ‌ غرة رمضان 1318هـ ـ 23ديسمبر 1900م ))

أبو حسن
31-08-2008, 12:17 PM
مجلد المنار، المجلد الرابع والثلاثون، عدد شعبان 1353هـ، الموافق ديسمبر 1934م


شهر رمضان موسم العبادة الروحية البدنية الاجتماعية

كتبنا في السنين الخالية، ونشرنا في مجلدات المنار الخالدة، مقالات كثيرة في أحكام الصيام وحكمه وفوائده الصحية المتفق عليها عند الأطباء، والاجتماعية التي تتفق فيها العادات في مواعيد الطعام والدعوات عليها بين الأقران، والصدقات على الفقراء، والاجتماع على بعض العبادات الخاصة بهذا الشهر كصلاة التراويح ومجالس الوعظ وتلاوة القرآن، ولكل من هذه العبادات والعادات الإسلامية تأثير في النفس وشعور روحي خاص يزيد المؤمنين إيمانًا بربهم، ومودة بينهم، وقوة في رابطتهم، والذين لا يصومون محرومون من حلاوة هذا الشعور الشريف، وإن شاركوا المؤمنين في بعض ظواهره.

وشر هؤلاء المفطرين من لا يشعر بألم حرمانه من هذه الحلاوة الروحية والعاطفة الملية، كأنهم من الحيوانات أو الحشرات ذات الحياة الفردية، فإني أظن أن ما يعيش عيشة الاجتماع منها كالنمل والنحل تشعر أفراده بلذة خاصة في تعاونها الاجتماعي فوق اللذة بتوفية أبدانها ما فيه قوام حياتها الشخصية والنوعية، وأعتقد أن جميع البهائم خير لأنفسها من فساق البشر المجرمين، وأن الصيام خير مانع للفسق وجناية الإنسان على نفسه وعلى غيره، لا في أثناء صيامه فقط بل في كل آن إذا كان صيامه عبادة لا عادة. والفرق بين الصيامين أن من يترك الشهوات البدنية في النهار مجاراة لأهل ملته في أيام معدودات، هي أيام شهر رمضان لا يعدو عمله أن يكون تغيير عادة من العادات بتحويل ما كان يفعله في النهار إلى الليل، وهو لا يخلو من الفوائد البدنية والاجتماعية، وإنما صيام العبادة بالنية والاحتساب؛ أي: رجاء ثواب الله ومرضاته، وآيته، أي علامته الظاهرة، زيادة الطاعة ولا سيما الصلاة واجتناب الآثام كصيانة اللسان من فحش القول والغيبة والنميمة والكذب، ولا شيء أدل على صيام العادة كترك الصلاة، وكذا تأخيرها عن وقتها، كالذين يسهرون ثلثي الليل في اللغو المنهي عنه ليؤدوا سنة السحور في الثلث الأخير ثلث التهجد والاستغفار في الأسحار، فيتسحرون وينامون، وأكبر ما يخسرونه جماعة صلاة الفجر التي يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار ويشهدون لصاحبها عند الله تعالى كما ورد في تفسير {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} (الإسراء: 78).

وقد ورد في الحديث عند الإمام أحمد وغيره (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) أي كالغنيمة التي ينالها الجيش من الأعداء بدون حرب ولا قتال، من حيث إنه لا يجوع الصائم فيه ولا يعطش في الغالب؛ لقصر النهار وعدم الحر، ويفسره حديث (الشتاء ربيع المؤمن) رواه أحمد وأبو يعلى من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم بسند حسن ورواه البيهقي بزيادة (قَصُرَ نهاره فصام، وطال ليله فقام) أي قام فيه لتهجده بغير مشقة كصيامه، وهو بهذه الزيادة ضعيف السند، قوي المتن؛ لأنه مفسر للمراد منه فكل منهما يقوي الآخر.

وإن أهم ما أبغي في هذه الذكرى أن من يستحل الإفطار في نهار رمضان كله بغير عذر شرعي من مرض أو سفر يكون كافرًا مرتدًّا عن الإسلام، فيبطل عقد زواجه إن كان متزوجًا، ويحرم على زوجه أن تعامله معاملة زوجية، وإذا مات في هذه الحالة أي قبل أن يموت لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وهو كذلك لا يرث ولا يورث، وحكم هذه الردة مجمع عليه لا خلاف فيه بين المذاهب الإسلامية، ولكن من الناس من لا يعرف معنى الاستحلال المخرج لصاحبه من دين الإسلام في هذه المسألة وغيرها كاستحلال ترك الصلاة والزكاة وفعل الزنا والسرقة والسكر وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فيظن أن معناه أن يعتقد أن ذلك حلال وهو غلط؛ فإن اعتقاد حله ينافي كونه معلومًا من الدين بالضرورة؛ وإنما استحلال ذلك عدم الإذعان لحكم الشرع فيه، وعده بالعمل كالمباحات من الشرب والأكل في نهار رمضان أو في لياليه، أو عد شرب الخمر كشرب الماء والاستمتاع بالأجنبية كالاستمتاع بالزوجة، لا شعور معه بحرمة الأوامر والنواهي الإلهية ولا موجب للتوبة والاستغفار.

فمن أجل هذا لا يعقل أن يقع من مؤمن بالله ورسله وشرعه بخلاف من يشتد عليه الجوع أم العطش، فتغلبه شهوته على الأكل والشرب وهو يشعر بذنبه واستغفار ربه فهذا عاص لا كافر؛ لأنه غير مستحل، وقلما يقع لمسلم في صيام مثل هذه الأيام من فصل الشتاء الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة الباردة.

أبو حسن
31-08-2008, 12:47 PM
مجلد المنار، المجلد الخامس، عدد رمضان 1320هـ، الموافق ديسمبر 1902م


أيصومون ولا يصلون وهم مؤمنون؟

إذا كان الله تعالى قد منحنا الدين ليهدينا به إلى سعادة الدارين ومنافع الحياتين فلا غرو أن يكون لكل عبادة فيه وجهان: أحدهما روحاني ينظر إلى توثيق عقدة الإيمان وتهذيب الأخلاق، والآخر اجتماعي دنيوي ينظر في إحكام عُرى الارتباط بين المؤمنين العابدين لتتأكد أخوّتهم. وتُبرم جامعتهم، وتتحقق وحدتهم، وقد اهتدى علماء الاجتماع في هذه العصور إلى وجوب توحيد عادات الأمة؛ لأن الوفاق كلما كثر وتعدد ما به يكون اشتدت الأواخي وأمنت التراخي حتى يكون مجموع الأفراد كالشخص الواحد. فتراهم قد اتفقوا في أنواع العادات فهم يلبسون زيًّا واحدًا ويأكلون في وقت واحد ويتنزهون في وقت واحد كما يتعلمون على طريقة واحدة ويتربون على مثال واحد، وبهذا صاروا كأنهم أهلُ بيت واحد يتعاطفون ويتعاضدون؛ بل صاروا في مجموعهم كالجسد الواحد كما ورد الحديث في وصف المؤمنين.

الصوم والصلاة عبادتان علَّمَتَا المسلمين الأولين مراقبة الله تعالى والتوجه إليه وطلب مرضاته فصلحت نفوسهم وسمت هممهم وتهذبت أخلاقهم وعَلَّمَتَاهُمُ الاجتماعَ في أوقات معينة والأكل في أوقات متفقة فأرشدتهم إلى النظام وطرق الوحدة فصلحت أحوالهم باطنًا وظاهرًا فكانوا كما قال الله تعالى في خطابهم: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92) أو كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا كما ورد في الحديث. مضت سُنّة الأولين من أهل الملل أن الدين يضعف فيهم ويَضْمَحِلّ على هذا النحو؛ تزول حقيقته المعنوية أولاً ثم تزول بعدها صورته الظاهرة بال تدريج.

الجسد الحيّ بقاؤه ببقاء روحه فإذا أُزْهِقَتِ الروحُ منه أسرع إليه الفساد ثم التلاشي والاضمحلال. وإنما تَزْهَقُ روح الدين بأمراض تُعُرِّضَ لها بعد فَقْدِ الأطباء الروحانيين أو إهمال خواص الأمة لهم وتركهم طبَّهم لأرواحهم عند مرضها. والسبب في رغبة هؤلاء عن مداواة نفوسهم هو أن الأمراض التي تلّم بهم مستلذة؛ بل هي لا تعدو الإفراط في اللذة مع الجهل بالعافية وما وظيفة الدين إلا هداية الإنسان إلى موقف الاعتدال في استعمال قواه الفكرية والنفسية لتبقى فطرته سليمة معتدلة.

الصلاة أفضل من الصيام؛ لأن سلطانها على الروح أعلى، وجذبها إياه إلى عالم القدس أقوى، ولأن تأثيرها في جمع القلوب والتأليف بين الأفراد أبلغ، وإشعارها نفوس الطبقات المختلفة معنى المساواة أشد. الصيام يُذكّر النفس بالسلطان الإلهي عندما تُعْرَضُ لها الطيبات في النهار فترى أنها ممنوعة منها بأمر الله تعالى شأنه وعند الفطر والسَّحُور إذا تذكّرت أن تغيير مواقيت الأكل إنما كان لتحقيق هذه العبادة التي فرضها البارئ جل جلاله على عباده ترويضًا لأرواحهم وجسومهم وتعويدًا لهم على حكم قواهم النفسية كيلا تَفْرُطَ عليهم وتطغى ليستعدوا بذلك كله لتقواه جلّ وعَلا.

وأما الصلاة فكل قول من أقوالها وكل عمل من أعمالها فهو ينفخ هذا الروح الحي فيمن يُقيم الصلاة لا في كل مَن يُصلي؛ لأن فصلاً بعيدًا بين إقامة الشيء على وجهه وبين الإتيان بصورته كالفصل بين خَلْق الإنسان وبين رَسم صورته على لوح أو جدار. إذا قال مقيم الصلاة: الله أكبر، أعطته هذه الكلمة من تجريد التفضيل في التكبير أن الله تعالى أكبر مِن كل ما يوجد ويُتصور فيطمئن قلبه بالتنزيه وتستولي عليه هيبة الكبرياء والعظمة، ثم إذا قال: وجهت وجهيَ للذي فطر السموات والأرض (وهو مستحضرٌ أنه يعبر عن توجه قلبه، إلى حضرة معرفة ربه) فإن نفسه تسمو عن الالتفات إلى الدنايا، وتسمو عن الاشتغال بالخسائس، حسبك من الصلاة ما تعطيه هاتان الكلمتان، فكيف بك إذا تدبرت سائر الأذكار والتلاوة وفقهت أثر ذلك القيام والقعود، والركوع والسجود ؟ كأني ببعض المكابرين الذين يحكمون على الدين وتأثيره بما يجدون في أنفسهم وما يعرفون من حال معاشريهم والعائشين معهم يقولون: إنْ هذه إلا معاني مخترعة، وأسرار مبتدعة، وخواطر سانحة، وموازين غير راجحة. وعذرهم في ذلك: الحرمانُ، وعدم تدبر سيرة الذين سبقونا بالإيمان، ومن ذاق عرف، ومن عرف وصف، ولست واقفًا هنا موقف المناظر، ولم أقصد بهذا القول إقناع المكابر، وقد سبق للمنار القول في بيان فوائد الصوم النفسيّة والبدنية والاجتماعية (فليراجع في المجلدين الثاني والرابع) وكذلك القول في فوائد الصلاة، إنما نريد الآن أنْ نذكُر أمرًا غريبًا في التصور ولكنه واقع شائع وهو أن كثيرًا من الناس يصومون رمضان ولا يصلون إلا في رمضان أو لا يصلون مطلقًا.

الصوم من آيات الإيمان فلا يجامع الكفر والجحود، ولكن كيف يكون المرء مؤمنًا بدين ثم هو يستبيح ترْك أفضل عباداته وآكد فرائضه وأعظم شعائره، وما هي علة هذا الترك المطلق، والإهمال المستغرق إذا كان الإيمان هو الذي بعث ذلك الصائم على الصوم، فلماذا لم يَدُعُّهُ دَعًّا إلى الصلاة التي تلي الإيمان في المرتبة ؟ أيتصور أن يكون لعلة واحدة معلولات فتوجد ويتخلّف عنها أول تلك المعلولات وأَوْلاها، ثم يوجد أضعفها وأقصاها، هذا موطن مِن مواطن العجب، ولا بد من بيان السبب.

قد يقال: إذا كان ترك الصلاة لا يجامع الإيمان وترك الصيام لا يجامع الكفر فلا بد أن يكون مَن يصوم ولا يصلي في مرتبة بين المؤمن الصادق والكافر المارق، وهو ما كانوا يدعونه المنافق، فهو مرتاب يصوم لاحتمال صحة الدين، ولا يصلي لفقد اليقين، ويمكن أن يقال: إن صوم مثل هذا ليس من ثمرات الإيمان، وإنما هو مجاراة للأهل والجيران، فهو عادة لا عبادة. ولو تركه المعاشرون والأقران، لما بعث عليه القرآن، ولذلك ترى الذين لا يبالون بالعادات لقوة عزائمهم في العمل بما يعتقدون قد تركوا الصوم فهم يحاربون الدين جهرًا ولا يحترمون أهله ولا يجاملونهم مِن حيث هم به مستمسكون. ويصحّ أن يقال: إن مِن تاركي الصلاة المارق، ومنهم المنافق، ومنهم مَن يتركها لمرض الجهل والكسل لا لمرض الارتياب أو الجحود. ولذلك يصوم هذا صومًا حقيقيًّا يفيده تقوى الله تعالى في أمور كثيرة فهو يظمأ ويَصْدَى ولا يشرب في خلوته لعلمه بأن الله تعالى يراه ولا يرضى له أن يكون ضعيف النفس مغلوبًا لشهوة الماء يعصي الله لأجلها. فإن لم يلاحظ مثل هذا بالتفصيل فلا أقل مِن الإجمال. أما الجهل الذي يساعد الكسل على ترك الصلاة فهو ذو شعب كثيرة يوجد بعضها عند أبناء العصر العتيق.

يقول أبناء العصر الجديد: إن الله تعالى لا يُعَذِّبُ الناس إذا قصّروا في عبادته؛ لأن الدين لا يصح أن يكون عقوبة للبشر وإنما فرضت الصلاة لتعين على تهذيب النفس ونحن قد تهذبت نفوسنا فلا نرضى لأنفسنا أخلاق هؤلاء المصلين الذين فشا فيهم الكذب والغش والزور والطمع والدناءة. إلخ. قول اشتبه حقه بباطله ومسلك الجهل فيه دقيق، ولنا أن نقول لهم صدقتم في قولكم: إن الدين لا يصح أن يكون عقوبة بل هو رحمة من الله تعالى، قال تعالى لنبيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107) وقال في خطاب المتكلفين: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ} (البقرة: 220) ولكنه لم يشأ فله الحمد والشكر. وقال جل ثناؤه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} (البقرة: 185) وفي معناه قوله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج: 78) ولكن العقوبة على ترك لصلاة ليست من الحرج وإنما هي من الرحمة، فإن الصلاة منفعة وترك المنفعة ضارّ؛ لأنه وقوع في الضد وهي واقعة في الدنيا ومعقولة فمن الجهل الارتياب فيها، ألا ينظر هؤلاء القائلون في صنفهم والذين تعلموا وتربوا مثلهم كيف تفتك فيهم الفواحش المنكرات فتذهب بمالهم وبصحتهم وتُكَبِّلُ بلادهم بالسلاسل والأغلال وتسلمها إلى الأجانب. وإذا وجد فيهم أفراد ساعدهم الاستعداد الفطري وما يسمونه (الظروف) والوراثة الطبيعية لسلفهم المصلّين على تهذيب نفوسهم فهل استغنوا بهذا التهذيب الذي امتازوا به على العدد الكثير مِن أمتهم المريضة عن تكميل نفوسهم بمناجاة الله تعالى ؟ أليس لكل واحد منهم أمراض نفسية لو أقام الصلاة لوجد فيها شفاءها ؟ منهم الهَلُوعُ الذي يَجْزَعُ لكلّ شر يصيبه حتى كأنه امرأة ضعيفة أو طفل صغير، والذي إذا أصابه الخير أمسكه عن إعانة الضعيف وإغاثة للهيف، بل الذي لا يخرج منه الحق الثابت عليه إلا نكدًا. وإذا فرضنا أن جهله بحقيقة نفسه وحقيقة الصلاة زيّن له عدم حاجته إليها ولو لِشُكْرِ اللهِ تعالى وحِفْظِ شعارِ الدين الذي ينتمي إليه فهل يُزينُ له أيضًا أنّ أهله مِن زوجة وبنينَ وبناتٍ في غنى عن هذه الصلاة ؟ وإذا لم يكونوا في غنًى عنها، فهل يرى أن إقامتهم إيّاها من الأمور السهلة إذا كان هو لا يصلي، أما صلاة فاسدي الأخلاق الذين يتمثل بهم هؤلاء فهي شبيهة بصيامهم أي إنها محاكاة وتمثيل لهيأة الصلاة الظاهرة.

وجملة القول في جواب هؤلاء أن اعتذارهم بعدم العقوبة على ترك الصلاة غير سديد وأنهم لم يفهموا معنى العقوبة على تركها، ولو فقهوا تأثيرها في النهي عن الفحشاء والمنكر لفقهوا معنى كونها رحمة تزكي النفس فتفلح في الدنيا والآخرة. وكونِ تركها نقمة تُدَسِّي النفس وتسهل لها سبل الفواحش والمنكرات فتسلكها فتخسر في الدنيا والآخرة. لو تأمل المتأمل المؤمن بالله معناها وما وصفها به الكتاب العزيز لفقه ذلك ولو علم أنها الآية الكبرى في انقلاب أحوال مسلمي الصدر الأول وتبدل أخلاقهم وسجاياهم لَفَقِهَ ذلك، ولو كان عندنا اليوم عدد من مقيمي الصلاة لاستغنينا عن هذا وذاك في تعليم الجاهل وتنبيه الغافل وإقناع المجادل. هذا ما يقول لنا أبناء العصر الجديد وما نقول لهم الآن بالإيجاز وإنَّ لنا لعودة نفصِّل فيها القول تفصيلاً إن شاء الله.

وأما أبناء العصر العتيق فإنّ لهم مِن الضلال في فهم الشفاعات والمكفرات والانتساب إلى أصحاب الأضرحة والمقامات ما يصرفهم عن إقامة الصلاة، ويغلّ أيديهم عن أداء الزكاة، فكيف إذا أضافوا إلى ذلك الغرور بالله والتشدق بذكر الرحمة والمغفرة. وقد كشفنا من قبل جميع هذه الشبهات وأنَّ أكبرَ آية على ضلالهم في فهمهما سوء تأثير هذا الفهم فيهم حتى انتهى بهَدْمِ أركان الإسلام وتَرْكِ شعائرِهِ فكاد ينطمسُ مَبناه بعدما جهل معناه؛ ولكن خطباء الفتنة وعلماء السوء هم الذين يروّجون هذه الأضاليل فهم قادة المقلدين، وعونهم على إضاعة الدنيا والدين، وكأنك بغربانهم تنعق على أعواد المنابر بهذه المكفرات ومنها المكذوب على الله ورسوله كقولهم: (إن الله يعتق في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق مِن النار، فإذا كان آخر ليلة منه أعتق بقدر ما مضى). وأمثال ذلك، وفي أقوالهم ما تصح روايته ولكن الفساد في جهل معناه، لذلك نرى أكثر العامة يصومون ولا يصلون ولا يزكّون، ومنهم الذين لا يحلّون ولا يُحرمون.

الصوم أسهل على النفس مِن المحافظة على الصلاة ومِن إيتاء الزكاة فهو الرسم الباقي عند أكثر المسلمين فإذا دَرَسَ (والعياذُ بالله تعالى) كان دروسه خطرًا كبيرًا على الرابطة الإسلامية؛ لهذا نرى أن الذين يجاهرون بالإفطار في رمضان مِن المسلمين الجغرافيين أشد فتكًا بالإسلام والمسلمين مِن كل مخالف يطعن بعقائدهم أو يستأثر بسياستهم؛ ومن العجيب أن يوجد فيهم من يتشدّق بكلمة الوطن أو الأمة، وأعجب العجب أن بعضهم يذكر الإسلام ويُظهر أنه يتمنى عزته ويحاول خدمته. إذا كان تارك الصلاة إنما يتركها تثاقلاً من مقدماتها وشروطها وتكرارها فأنا أدلّه على ما يذهب بثقل هذه الأمور كلها ويُسهِّل عليه ما عَسَّره اختلاف الفقهاء، وإنما يكون ذلك بالرجوع إلى أصل الدين، والعمل بما اتفق عليه جميع المسلمين، فأما الطهارة فالغرض منها النظافة وهي مما يرغب فيه كل كريم النفس ويتحراه بحسب استطاعته، وأما كون التنزه عن القليل مِن النجاسة والكثير شرطًا لصحة الصلاة فما اختلف فيه السلف الصالح والأئمة المجتهدون فليتحرَ الإنسانُ التنزه احتياطًا إلا إذا عسر عليه، ولهذا يحتاط لقول بعض الفقهاء حتى يترك الصلاة احتياطًا ولا يعمل بقول مَن لا يرى الشرطية ويقيم ركن الدين الركين احتياطًا؛ بل إن الذين اشترطوا طهارة الثوب والبدن للصلاة قالوا: إن المشقة تجلب التيسير ولا حرج في الدين فمن صعب عليه الاحتراز من شيء فله رخصة فيه.

وأما الوضوء فهو أسهل شيء إذا روعيت السنة ونبذت الوسوسة فقد ورد أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم توضأ ولم يقع شيء من ماء وضوئه على الأرض فيسهل على العارف بالسنة أن يتوضأ من كوب ماء (كوباية) وهو واقف أو قاعد لا سيما إذا كان يمسح على ما يستر رجله ولو جَوْربًا مِن قطن أو صوف فإن ذلك جائز عند كثير من الصحابة والتابعين وعليه الإمام أحمد.

وأما تعدّد الصلاة فخير لصاحب الشغل الكثير من الترك أنْ يأخذ بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه والشافعي في سننه وغيرهما وهو أن النبي صلّى بالصحابة الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء في وقت واحد من غير مرض ولا سفر. وقد أوَّل أكثر الفقهاء الحديث فحمله الشافعية على وقت المطر والمالكية على تأخير الأولى والتعجيل بالثانية ولكن في بعض رواياته عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تعليل ذلك بقوله (لئلا يحرج أمته). فدل هذا على أن هذا الجمع رخصة والعزيمة في أداء الصلاة في وقتها أفضل ولكن الرخصة أولى من الترك كما هو واقع.

كل واحد مِن هؤلاء المترفين الذين يتثاقلون عن أداء الصلاة يغسل أطرافه عند القيام من النوم، فإذا جعل ذلك الغسل موافقًا للوضوء الشرعي وصلى ركعتين شكرًا لله تعالى وحفظًا لأفضل شعار يربطه بأمته وتعليمًا لمن يعيش معهم للدين بالعلم أو حملاً لهم على التأسي به فأي ثقل عليه ؟ ثم إذا فعل مثل ذلك في وقت الظهيرة؛ إذ يسكن إلى الراحة أو وقت الأصيل إذا شغل وقت الظهيرة، فأي تعب في ذلك وهو عمل لا يستغرق ربع ساعة ؟ وكذلك وقت العشيّ عندما يستريح مِن عمل النهار.

أختم القول بتذكير أبناء العصر الجديد بمسألة هم أعرف بتفصيلها من سواهم. وهي أن الأمم الحية تحافظ على عاداتها القومية وشعائرها المِلّية وإن كانت تعتقد أنها وضعية فلا يرضى أهل الرأي منهم بترك شيء من ذلك إلا إذا تبين لهم أنه ضارٌّ ضررًا كبيرًا لا يشفع فيه حفظ الرابطة العامة بالثبات عليه، ثم إنهم يتروّوْن في ذلك التروّي الواجب، فما بالكم وأنتم تقلدونهم في الزي والحركة في الطريق (لا في العمل) وفي الماعون والأثاث لا تقلدونهم في الثبات على شعائركم والمحافظة على روابط جامعتكم ؟ تعلمون أنهم ما تركوا شيئًا إلا بعد أن استبدلوا به ما رأوه خيرًا منه، فماذا استبدلتم بهذه الشعائر الإسلامية النافعة، والروابط المِلّية الجامعة، التي تتركونها بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ؟ ألا إنكم تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، تحلون عُرى جامعتكم التي فيها عزكم وشرفكم في الدنيا وسعادتكم في الآخرة وأنتم لا تشعرون، فتوبوا إلى الله لعلكم تفلحون.