صلاح الفلو
10-10-2007, 02:21 PM
نقوش على "بـاب الحـارة"
نسيبة مشوح 28/9/1428
10/10/2007
على الرغم من اعتراضي الشديد على جعل هذا الشهر الفضيل، الشهر الذي تتصل الأرض فيه بالسماء بأمداد نورانية يشف فيها القلب فيسمو.. وتتقد فيها الروح فتضيء. مضماراً تُعرض فيه عشرات المسلسلات والبرامج التي تضيق بها الأيـام العادية.. فضلاً عن أيام معدودات جعلها الله زاداً للبشرية في رحلتها إليه.. رمضان.. سُقيا هذه الأمة وزمزمها الذي لا ينضب أبداً!!
والذي يدهش ويؤلم، أن العدو علم أن اتصال المسلم بربه في تلك الليالي الباهيات هو أحد أسرار انتصاره، وأبهى صورة لسنائه، يقبس منه الحيارى والتائهون.
فعمد إلى كل السبل فيحاول قطع ذلك التواصل، وإخماد أنواره، إطفاء جذوة العشق المتقدة للنصر.. للتمكين.. للخير.. للسلام، فكان الفضاء المشحون بالكثير مما يلهي ويثقل الأرواح فلا ترقى، ويزرع دروبها بالمعاصي فتشقى هو أهم وسائله..
على الرغم من ذلك.. فإنه مما أثار انتباهي.. من متابعتي للإنترنت وبعض الصحف وممن حولي التفاف الناس حول نوع من الدراما السورية، المتمثلة في مسلسل "باب الحارة".. والذي يحكي عن الحياة الدمشقية في القرن الماضي.. وصـراع أهل الشـام ضد الاحتلال والاستعمار ومناصرتهم لفلسطين وجهادها ضد الكيان الصهيوني، وداعميه من الدول الغربية..
أدهشني التفاف الكثير من شرائح مختلفة من الناس.. وبعد متابعة لهذه القضية.. اجتمعت لدي بعض الملاحظات:
1- أن الأمة وجموعها وحتى العصاة فيها يملؤها حنين متقد إلى الحميمية، إلى دفء التواصل الاجتماعي الذي كاد يندثر مع طغيان المدنية على جوانب مهمة من حياتنا، وأن الإباحية وصورها المتمثلة في الأفلام الهابطة والأغاني الماجنة.. ليس لها مكان في أمتنا إذا توفر العمل الجيد الذي يدعو إلى قيم .. هي في الأصل جزء أصيل من فطرة الإنسان وتركيبته النفسية متى ما أزيح عن قلبه ذلك الركام البشع من الماديات، ومتى ما نوشدت الأنوار في كيانه.. وليس حقيقياً أن الشباب يبحث عن المرأة العارية .. إنما يبحث عمن توقظ الصبح في دروبه .. فلا يتعثر ولا يتباطأ!!
2- أن الحركـات الإسلامية وجموع العاملين والمفكرين مدعوون إلى وضع الدراما التي تخدم قضايانا الفكرية والجهادية والاجتماعية والسياسية ضمن أجندتها المستقبلية. فما يفعله فيلم أو مسلسل من بضع حلقات يحمل همومنا وأحلامنا وتصوراتنا ربما كان أكبر من بكثير من فعل عشرات المحاضرات والخطب المباشرة، لأن النفس مجبولة على المحاكاة والتأثر بالأفعال التي تراها... والخير والحب والشجاعة والمروءة معاني باردة حتى تتمثل في رجل شجاع.. أو امرأة مجاهدة.. أو جموع ثائرة تبحث لنفسها عن العزة والكرامة، فمهما كُتب عن عمر المختار لا يوازي ذلك الفيلم الذي يحكي قصة جهاده وأثره الممتد للملايين ممن رأوه. أنا واثقة أن أمجاد أمتنا فيها لو حُكيت بفيلم أو مسلسل لأوقعت من الآثار الإيجابية في نصرة قضايانا والتبشير بها، مالا يوازيه أي كلام يُنشر، أو خطب تُلقى. أرامل أفغانستان.. لو حكيت.. صراع القوقازيين.. السنـوات الرهيبة وأوضاع المسلمين.. انتفاضة مخيم جنين .. حياة الشيخ أحمد ياسين ..كثيرة هي القصص والحكايا في جعبتنا مما يملأ العالم قيماً ومثلاً وخيراً، ينقذه من التيه الذي يتخبط فيه..
3- لا بد من إنشاء كليات ومعاهد يُدرّس فيها التمثيل والإخراج والسيناريو وكل الفنون القادرة على إخراج قضايانا إلى النور، ونشرها للبشرية كلها. وريثما يتم ذلك لابد من إيفاد البعوث لدراسة هذا النوع من الفنون من خلال منظومة قيمية تتناسب وثوابتنا.
4- دعوة العلماء والمفتين إلى وضع الضوابط الفقهية لهذا النوع من الأعمال والخروج بفتاوى تناسب الواقع وتنضبط بالشرع، فلا خير ولا بركة في عمل لا تظلله مظلة الشريعة.
5- يجب أن تضطلع كليات العمارة والهندسة المعمارية الإسلامية والمعماريين الإسلاميين إلى محاولة العودة في إنشاء المدينة الإسلامية بما يناسب المجتمع المسلم.. وتراثه وقيمه.. وما البيت الدمشقي وتركيبته المعمارية الفريدة.. إلاّ أنموذج مضيء لذلك التراث والتقريب والتسديد هو الأسلوب الأمثل ، فمن المؤكد أنه من الصعب أن نعود بصناعة البيت الشرقي إلى مئة عام خلت، ولكننا يقيناً نستطيع الاقتباس والمحاكاة.
هـي الحكمة دوماً ضالتنا.. ننشدها حيث كانت.
نسيبة مشوح 28/9/1428
10/10/2007
على الرغم من اعتراضي الشديد على جعل هذا الشهر الفضيل، الشهر الذي تتصل الأرض فيه بالسماء بأمداد نورانية يشف فيها القلب فيسمو.. وتتقد فيها الروح فتضيء. مضماراً تُعرض فيه عشرات المسلسلات والبرامج التي تضيق بها الأيـام العادية.. فضلاً عن أيام معدودات جعلها الله زاداً للبشرية في رحلتها إليه.. رمضان.. سُقيا هذه الأمة وزمزمها الذي لا ينضب أبداً!!
والذي يدهش ويؤلم، أن العدو علم أن اتصال المسلم بربه في تلك الليالي الباهيات هو أحد أسرار انتصاره، وأبهى صورة لسنائه، يقبس منه الحيارى والتائهون.
فعمد إلى كل السبل فيحاول قطع ذلك التواصل، وإخماد أنواره، إطفاء جذوة العشق المتقدة للنصر.. للتمكين.. للخير.. للسلام، فكان الفضاء المشحون بالكثير مما يلهي ويثقل الأرواح فلا ترقى، ويزرع دروبها بالمعاصي فتشقى هو أهم وسائله..
على الرغم من ذلك.. فإنه مما أثار انتباهي.. من متابعتي للإنترنت وبعض الصحف وممن حولي التفاف الناس حول نوع من الدراما السورية، المتمثلة في مسلسل "باب الحارة".. والذي يحكي عن الحياة الدمشقية في القرن الماضي.. وصـراع أهل الشـام ضد الاحتلال والاستعمار ومناصرتهم لفلسطين وجهادها ضد الكيان الصهيوني، وداعميه من الدول الغربية..
أدهشني التفاف الكثير من شرائح مختلفة من الناس.. وبعد متابعة لهذه القضية.. اجتمعت لدي بعض الملاحظات:
1- أن الأمة وجموعها وحتى العصاة فيها يملؤها حنين متقد إلى الحميمية، إلى دفء التواصل الاجتماعي الذي كاد يندثر مع طغيان المدنية على جوانب مهمة من حياتنا، وأن الإباحية وصورها المتمثلة في الأفلام الهابطة والأغاني الماجنة.. ليس لها مكان في أمتنا إذا توفر العمل الجيد الذي يدعو إلى قيم .. هي في الأصل جزء أصيل من فطرة الإنسان وتركيبته النفسية متى ما أزيح عن قلبه ذلك الركام البشع من الماديات، ومتى ما نوشدت الأنوار في كيانه.. وليس حقيقياً أن الشباب يبحث عن المرأة العارية .. إنما يبحث عمن توقظ الصبح في دروبه .. فلا يتعثر ولا يتباطأ!!
2- أن الحركـات الإسلامية وجموع العاملين والمفكرين مدعوون إلى وضع الدراما التي تخدم قضايانا الفكرية والجهادية والاجتماعية والسياسية ضمن أجندتها المستقبلية. فما يفعله فيلم أو مسلسل من بضع حلقات يحمل همومنا وأحلامنا وتصوراتنا ربما كان أكبر من بكثير من فعل عشرات المحاضرات والخطب المباشرة، لأن النفس مجبولة على المحاكاة والتأثر بالأفعال التي تراها... والخير والحب والشجاعة والمروءة معاني باردة حتى تتمثل في رجل شجاع.. أو امرأة مجاهدة.. أو جموع ثائرة تبحث لنفسها عن العزة والكرامة، فمهما كُتب عن عمر المختار لا يوازي ذلك الفيلم الذي يحكي قصة جهاده وأثره الممتد للملايين ممن رأوه. أنا واثقة أن أمجاد أمتنا فيها لو حُكيت بفيلم أو مسلسل لأوقعت من الآثار الإيجابية في نصرة قضايانا والتبشير بها، مالا يوازيه أي كلام يُنشر، أو خطب تُلقى. أرامل أفغانستان.. لو حكيت.. صراع القوقازيين.. السنـوات الرهيبة وأوضاع المسلمين.. انتفاضة مخيم جنين .. حياة الشيخ أحمد ياسين ..كثيرة هي القصص والحكايا في جعبتنا مما يملأ العالم قيماً ومثلاً وخيراً، ينقذه من التيه الذي يتخبط فيه..
3- لا بد من إنشاء كليات ومعاهد يُدرّس فيها التمثيل والإخراج والسيناريو وكل الفنون القادرة على إخراج قضايانا إلى النور، ونشرها للبشرية كلها. وريثما يتم ذلك لابد من إيفاد البعوث لدراسة هذا النوع من الفنون من خلال منظومة قيمية تتناسب وثوابتنا.
4- دعوة العلماء والمفتين إلى وضع الضوابط الفقهية لهذا النوع من الأعمال والخروج بفتاوى تناسب الواقع وتنضبط بالشرع، فلا خير ولا بركة في عمل لا تظلله مظلة الشريعة.
5- يجب أن تضطلع كليات العمارة والهندسة المعمارية الإسلامية والمعماريين الإسلاميين إلى محاولة العودة في إنشاء المدينة الإسلامية بما يناسب المجتمع المسلم.. وتراثه وقيمه.. وما البيت الدمشقي وتركيبته المعمارية الفريدة.. إلاّ أنموذج مضيء لذلك التراث والتقريب والتسديد هو الأسلوب الأمثل ، فمن المؤكد أنه من الصعب أن نعود بصناعة البيت الشرقي إلى مئة عام خلت، ولكننا يقيناً نستطيع الاقتباس والمحاكاة.
هـي الحكمة دوماً ضالتنا.. ننشدها حيث كانت.