المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التهاون بالمواعيد



fadi
02-11-2007, 10:49 PM
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، والصلاة والسلام على من أرسله ربه هادياً ومبشراً ونذيرا، ، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا، أما بعد:

إن الدين الإسلامي العظيم جاء بجملة من الآداب الاجتماعية هي نسيج واحد ملتئم ومتماسك، لا يمكن الأخذ بطرف منه وترك سائره، بل لابد من التحلي به جملة وتفصيلاً حتى يسود المجتمع ويرتقي في سلم المجد والعز.

فمن الآداب الاجتماعية المؤثرة في المجتمع أدب الوفاء بالمواعيد المضروبة وعدم التخلف عنها إلا بعذر قاهر صحيح مقبول، حتى يطمئن الناس بعضهم إلى بعض، ويثق بعضهم بوعد البعض الآخر، وكلامه، وميثاقه وعهده، والتزامه الذي التزمه، والوعد المضروب الذي ارتضاه وقبله.

أيها الأحبة: إن الله سبحانه وتعالى مدح نبياً كريماً بالصدق في الوعد، والالتزام به، فقال-سبحانه-:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً} مريم:54، قال الإمام القرطبي- رحمه الله- عند هذه الآية: "صدق الوعد من خلق النبيين والمرسلين، وضده-وهو الخلف-مذموم، وذلك من أخلاق الفاسقين والمنافقين...1 .

أما النبي-صلى الله عليه وسلم- فقد حث على الوفاء بالوعد، وجعل من يخلف الوعد قد اتصف بصفة المنافق، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "آية المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كذب، وإذا ائتمن خان، وإذا وعد أخلف"2, قال الحافظ السخاوي-رحمه الله تعالى-في قول النبي-صلى الله عليه وسلم-:"إذا وعد أخلف": أنه محمول على مَن وعد وهو على عزم الخلف أو ترك الوفاء من غير عذر، فأما مَن عزم على الوفاء ومَن له عذر منعه من الوفاء لم يكن منافقاً وإن جرى عليه ما هو صورة النفاق، ولكن يحترز من صورة النفاق كما يحترز من حقيقته.. ولا ينبغي أن يجعل نفسه معذوراً من غير ضرورة..3.

ومما جاء في الأحاديث يفيد أهمية الوفاء بالوعد والصدق فيه ما جاء في حديث هرقل المشهور لما قال لأبي سفيان:" سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه أمركم بالصلاة، والصدق, والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، قال: وهذه صفة نبي"4. فالوفاء بالوعد والعهد من صفة الأنبياء، ومن صفة أتباعهم ومن جرى على سنتهم.

أمثلة من وفاء السلف في مواعيدهم:

كان السلف الصالح-رضوان الله عليهم- يحرصون كل الحرص على إنجاز ما يوعدون به, فهذا ابن مسعود –رضي الله عنه-كان يقول أصحابه أنه إذا وعد فقال: إن شاء الله لم يخلف"5. وهذا محمد بن سيرين-رحمه الله تعالى-يواعده ابن عبد ربه القَصَّاب فيقول: "واعدت محمد بن سيرين أن أشتري له أضاحي فنسيت موعده لشغل ثم ذكرت بعدُ، فأتيته قريباً من نصف النهار، وإذا محمد ينتظرني ، فسلمت عليه فرفع رأسه فقال: أما أنه قد يقبل أهون ذنب منك، فقلت: شُغِلتُ، وعنفني أصحابي في المجيء إليك وقالوا: قد ذهب ولم يقعد إلى الساعة، فقال: لو لم تجئ حتى تغرب الشمس ما قمت من مقعدي هذا إلا للصلاة أو الحاجة لا بد منها"6ولا ريب أن صنيعه هذا-رحمه الله تعالى- يدل على حرصه الشديد على الوفاء بوعده وإعذار الآخرين المتأخرين.

أهمية الالتزام بالمواعيد المضروبة وعدم الإخلال بها:

إن الالتزام بالمواعيد المضروبة، صفة من صفات الأنبياء والمرسلين، وخلق من أخلاق العلماء والدعاة المخلصين، وأدب من آداب الرجال الصادقين، فالالتزام بالمواعيد يحفظ الأوقات من الضياع، فتحصل المصالح، وتعم الفائدة، ويتصف صاحب الوفاء بصفة حميدة يحبه عليها الله والناس.

قال عبد الرحمن بن أَبْزى-رضي الله عنه-: كان داود-عليه السلام-يقول:" لاتَعِدنَّ أخاك شيئاً لا تنجزه له، فإن ذلك يورث بينك وبينه عداوة"7.

أولئك قوم أدبتهم الحكمة، وأحكمتهم التجارب، ولم تغررهم السلامة المنطوية على الهَلَكة، ورحل عنهم التسويف الذي قطع الناس به مسافة آجالهم، فقالت ألسنتهم بالوعد, وانبسطت أيديهم بالإنجاز، فأحسنوا المقال وشفعوه بالفعال"8

يقول أبو تمام:

إذا قلت في شيء : نعم فأتمه فإن نعم دَين على الحرِّ واجب

وإلا فقل : لا تسترح وترح بها لئلا يقول الناس : إنك كاذب

ويقول العقيلي في هذا المعنى:

ابدأ بقولك لا من قبل قول نعم يا صاح بعد نعم ما أقبح العللا

واعلم بأن نعم إن قالها أحد عند المواعيد لم يترك له جدلا

fadi
02-11-2007, 10:49 PM
أسباب التهاون بالمواعيد:

أيها الأحبة: إن هناك جملة من الأسباب التي قد تؤدي- مجتمعة أو منفردة- إلى الإخلال بالمواعيد والتخلف عنها والتهاون بها، وبعض هذه الأسباب أخطر من بعض؛ لكنها كلها مؤشر على خلل في الشخصية لا بد أن يتداركه المرء، فمن تلك الأسباب ما يلي:

1- ضعف الالتزام بالأحكام الشرعية: وذلك ؛ لأن الموعد المضروب المتفق عليه لا يصح شرعاً أن يُتأخر عنه إلا بعذر شرعي؛ وذلك لأن النبي-صلى الله عليه وسلم-عد من علامات النفاق العملي إخلاف الموعد.

2- عدم إدراك أن الموعد المضروب المتفق عليه لا يجوز الإخلال به إلا بعذر، وهذا قد يكون عند بعض الناس عذراً قائماً يعتذرون به، إذ يظنون أنه لا شيء في إخلاف الموعد ولا بأس فيه، فهؤلاء ينبغي أن يُعلَّموا ويبين لهم حتى يزول جهلهم وينتفي عذرهم.

3- عدم المبالاة: وهذه صفة قائمة في بعض النفوس، حيث صار أصحابها لا يبالون بأمور كثيرة، ولا يرون أهميتها، ومن جملة تلك الأمور قضية الالتزام بالموعد، ولأن عدم المبالاة صارت صفة لبعض الناس فإنك تراهم لا يأبهون ولا يبالون أحضروا في الوقت أم لم يحضروا، أو أنك تراهم يتخلفون عن الحضور تماماً ثم لا يتكلف الواحد منهم مشقة الاعتذار ولو مهاتفة!! وهذا الصنف لا يعتمد عليه ولا ينبغي أن يعتمد عليه في شيء ذي بال فإنه ضائع مضياع، لم يُربَّ التربية الإيمانية الجادة القوية.

4- عدم الالتفات إلى الدقائق أو إلى أجزاء الساعة: وهذا في الحقيقة جزء من السبب السابق-عدم المبالاة- إذ تجد الشخص لا يعد الدقائق أو أجزاء الساعة شيئاً، فالموعد المضروب في الساعة السابعة والنصف لا يرى شيئاً في تأخيره إلى الثامنة، والموعد المضروب في الساعة السابعة والربع يؤخره إلى السابعة والنصف أو الثامنة أيضاً وهكذا، وكل ذلك نابع من عدم مبالاته.

5- عدم تقدير أهمية ما يراد الحضور إليه: هناك من الناس من يتخلف عن الحضور إلى المواعيد المضروبة؛ لأنه لا يرى أهمية لحضوره، أو يراه في أحسن الأحوال مرجوحاً في حقه، فهذا لا عذر له على الحقيقة، وذلك لأنه كان ينبغي له الاعتذار المبكر عن عدم الحضور لئلا ينتظره من يتوقع حضوره، لكن بعض الناس يخجل من الاعتذار، أو يخاف إن اعتذر ألا يُقبل عذره، أو يُساء الظن به، أو غير ذلك من الأسباب التي هي ليست في الحقيقة أسباباً وجيهة يقدم بها بين يدي غيابه.

6- عدم مراعاة الأولويات: إن مراعاة الأولويات أمر مهم، فيكون قد وعد الطلاب بدرس في الساعة التاسعة، ثم يتأخر عنهم إلى العاشر لأسباب قد لا تكون أسباب في الحقيقة فمثلاً يقول لك:

تأخرت بسبب أني كنت مع زوجتي في السوق.

تأخرت لأن زوجتي أصرت أن أوصلها إلى بيت أهلها أو صويحباتها.

تأخرت لأن عندي موعداً آخر، فيكون قد وقع في خطأ أخر وهو أنه ربط أكثر من موعد في وقت واحد. هذه وغيرها من الأعذار والأسباب الواهية.

7- عدم اتخاذ الوسائل المناسبة للتذكير بالموعد: فبعض الناس يريد الحضور في الموعد الذي التزمه، ويأنف من التخلف عنه أنفة تامة، لكنه لم يتخذ من الوسائل ما يكفل له ذلك؛ خاصة إن كان الموعد المضروب بعد أسابيع أو شهور فهذا يحسن به أن يتخذ مذكرة, أو مفكرة, ينظر فيها كل يوم ليتذكر بها مواعيده، أو إن كان قد اتخذ مساعداً في عمله فليذكره المساعد بما التزمه من المواعيد، أو يتفق مع آخرين يخضرون معه موعده أن يذكروه، وينبهوه، وكل تلك الوسائل ناجعة في تحقيق الالتزام المطلوب خاصة لمن كان مصاباً بمرض النسيان.

fadi
02-11-2007, 10:50 PM
الآثار المترتبة على إخلاف المواعيد:

إن قضية الخلف بالمواعيد ليست قضية سهلة أو هينة حتى تتجاوز، بل هي مشكلة إيمانية تربوية اجتماعية ينبغي النظر في أسبابها والآثار الكبيرة التي تتركها في الأفراد والمجتمعات.فمن هذه الآثار السيئة ما يلي:

1- عدم الاعتماد على من يتخلف عن موعده وعيب صنيعه: وهذا أمر خطير إذا انتشر بين الناس أن فلاناً ليس بجادّ، ولا هو ممن يعتمد عليه، ولا ينبغي الالتزام معه بموعد مضروب، إذ نتيجة ذلك أن يعرض الناس عن هذا الشخص فلا يشارك في أمر ذي بال.

2- عدم الثقة بما يُضرب من مواعيد: وهذه مشكلة شائعة، إذ ينتشر بين الناس ألاَّ سبيل إلى الحضور في الموعد المضروب فإذا لم يكن الموعد في الثامنة فلا بأس أن يكون في التاسعة أو العاشرة.

3- تفلت الجادين من الالتزام بمواعيد العابثين: فإذا رأى الشخص الجاد أن المجموعة التي التزمت بالموعد قد اعتادت أن تتخلف عنه وألا تعيره الاهتمام اللائق، فإنه قد ينصرف عن الالتزام معهم في أي موعد يضربونه، بل قد يعتذر عن عدم حضوره واستمراره مع تلك المجموعة، فإذا انسحب الشخص الجاد وبقي الضعاف، فهل يُرجى لهذا العمل أي تقدم وإنتاج؟! وهل يُعقل أن يبقى شخص جاد مع أولئك العابثين اللاهين؟!.

4- تعطل إنجاز الأعمال: فإذا انتشر في الناس التخلف عن المواعيد أو التأخر عنها فإن ذلك يؤدي في المنظور المتوسط والبعيد إلى تعطيل إنجاز أعمال كثيرة، أو التأخر في إنجازها تأخراً يُعد أخاً للتعطيل، وينبني على ذلك عدم الوفاء بكل ما أريد تنفيذه من خطط وأهداف، وفي ذلك خسارة كبيرة للجهود وتضييع للأعمال.

5- عدم الفهم الكلي أو الجزئي لما يجري في اللقاء: وهذا يكون عندما يتأخر القادم تأخراً يؤدي به إلى أن يفقد المتابعة المؤثرة الصحيحة لما يجري بسبب تأخره وعدم فهمه للنقاش الدائر9.

6- إلغاء أو تأجيل اجتماعات هي غاية في الأهمية, قد يترتب عليها خسارات مادية واعتبارات شخصية .. وخلل اجتماعي ...

7- اتصاف هذا الشخص أو ذاك بأنه كذاب وأنه يخلف الوعود .. وهذه صفة من صفات المنافقين.

العلاج:

إذا كنا قد شخصنا المرض فما علينا بعده إلا أن نكتب العلاج لهذا المرض الخطير والداء العضال الذي يتفشى في أوساط المجتمعات بمختلف شرائحها وتوجهاتها حتى الملتزمين منها فالعلاج هو كالتالي:

1- التربية الإيمانية الجادة: وهذه التربية كفيلة- بإذن الله- أن تقضي على هذه الظاهرة كليّاً أو تخفف من آثارها تخفيفاً كبيراً. فالمرء عندما يتربا على التربية الإيمانية الجادة يجد دافعاً إيمانياً يدفعه للوفاء بالوعد، وللدقة في الحضور.

2- المصارحة وعدم المواربة والمجاملة والمداهنة: فإن مواجهة أولئك الذين يضيعون أوقات الآخرين، ولا يأبهون لأمر حتمٍ لازمٍ، لا تنفع معهم المواربة والمجاملة، ولا يليق فيه إلا المصارحة وعدم المداهنة.

3- تكرم وتشجيع من يلتزم الموعد تكريماً معنوياً أو مادياً مناسباً: وهذا سهل التحقق في الشباب الصغار والناشئة الأحداث حيث يقوم مربوهم والمسئولون عنهم في شتى المجالات الرياضية, والتربوية, والدينية, والعلمية بتكريمهم. وهذا يغري الآخرين ويشجعهم على الوفاء بالمواعيد، والحضور في الوقت المحدد.

4- التزام القدوات بالمواعيد المضروبة: ليس أنجع في حل هذه المشكلة ولا أعظم أثراً من أن يضرب القدوة المثل بنفسه، فيسارع في الحضور والالتزام بالموعد المضروب التزاماً يغني عن أي كلام، ويقوم مقام توجيهات شفهية كثيرة.

5- الالتزام بالبدء في الموعد وعدم انتظار المتأخر: وهذا علاج ناجح لأنه يحقق عدة أمور منها:

أ‌- شعور المتأخر بالخجل من تأخره.

ب‌- إشعار المتأخر أن القوم ليسوا في حاجة ماسة إليه، وأنهم يمكن أن ينصرفوا إلى ما جاءوا له دون انتظار حضوره، وهذا يشعره بنقص يلازمه لا ينفك عنه إلا بحضوره في الوقت المقرر سلفاً.

ت‌- يشعر الآخرين بأهمية ما جاءوا له، وأن الموعد محترم.

6- تحديد ساعة معينة للبدء10.

حكم الإخلال بالوعد:

اختلف العلماء في حكم الوفاء بالوعد، فقد قال النووي:"قد أجمع العلماء على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهي عنه فينبغي له أن يفي بوعده، وهل ذلك واجب أو مستحب؟ فيه خلاف بينهم، فذهب الشافعي، وأبو حنيفة، والجمهور على أنه مستحب، فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم.. وذهب جماعة إلى أنه واجب"11وحكى الخطابي عن الإمام أحمد القول بالوجوب، وذكر النووي أن ابن العربي ذكر قولاً ثالثاً للمالكية إلى أنه ارتبط الوعد بسبب كقوله: تزوج ولك كذا، وجب الوفاء بالوعد، ونحو ذلك، وإن كان وعداً مطلقاً لم يجب. انتهى12. فيتبين من هذا الكلام المتقدم أن الخلف بالوعد أقل أحواله عند الفقهاء الكراهة الشديدة، وأن القول بحرمة إخلاف الوعد ووجوب الوفاء به للمستطيع قول وجيه وله أدلته الوجيهة، فينبغي للعاقل والحالة هذه أن يفي بوعده ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وألا يعزم على الإخلاف والنكث فإنه في أقل أحوال مذهب للمروءة.

تَيَمَّمْتُ ما أرجوه من حسن وعدكم فكنت كمن يرجو منال الفراقد13

هَبُونيَ14 لم أستأهل العُرفَ منكمُ أما كنتمُ أهلاً لصدق المواعدِ 15.

وأخيراً: أخي الكريم :إنك إذا وعدت صديقاً لك قال أوعد عربي أم إنكليزي، لأن الموعد العربي-حسب زعمهم- متصف دوماً بالتأخير واللامبالاة والاستهتار، بل والإخلاف بالوعد على نقيض الموعد الإنكليزي الذي يعني دوماً دقة الموعد وضبطه .. حتى صار مجالاً للمدح والإطراء ...

إنه لمؤسف جداً أن يتسم أعداء الإسلام ببعض صفات الخلق الاجتماعي, كالوفاء بالوعد, والالتزام بالاتفاق, ونتسم نحن المسلمين بعدم الوفاء بالوعد، والالتزام بالاتفاق.

إن كثيراً من أبناء المسلمين نسوا أن الوقت ليس ملكهم خاصة .. وأن المواعيد ملك للمتعلقين بهذا الوعد .. فيترتب عليها مفسدة بل مفاسد وأضرار كما قدمناه.

وإنه لجديرٌ بنا ونحن أمة القرآن وأمة الإسلام أن نسترد عزيمتنا ونقوم سلوكنا ونربي أنفسنا ونغير منهجنا ووفق منهج الحق ، والصلاح, والاستقامة, وأن ننشئ الجيل القادم على الفضيلة والصدق والوفاء, وأن نمتثل ذلك فينا لنكون قدوة حسنة وأسوة طيبة16. قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الرعد: من الآية11.

أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يعلي شأنهم، وأن ينصرهم على عدوه وعدوهم إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين،،،



1 - الجامع لأحكام القرآن (11/115).

2 - البخاري ، كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد وفعله المحسن.

3 - التماس السعد83-84.

4 - البخاري، كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد وفعله الحسن.

5 - المصدر السابق.(74).س

6 - راجع:" التماس السعد ص(70-71).

7 - المنتقى من مكارم الأخلاق" ص(55).

8 - المصدر السابق ص(54).

9 - راجع: كتاب ظاهرة التهاون بالمواعيد محمد الشريف بتصرف يسير. ص(78-80).

10 - راجع: ظاهرة التهاون بالمواعيد محمد الشريف ص(82)وما بعدها بتصرف يسير.

11 - النووي في الأذكار.

12 - راجع: التماس السعد ص(53)وما بعدها.

13 - تيممت: أي قصدت وطلبت: والفراقد: نجوم السماء.

14 - هبوني أي: عُدُّوني فرضاً وجدلاً

15 - راجع : المنتقى من مكارم الأخلاق ص(54).

16 - راجع مجلة البيان رقم (40)، مقال "مفارات المواعيد"، خالد الموسى. بتصرف.

fadi
02-11-2007, 10:51 PM
يذكِّرني السالف من الأبيات بأسلوب يتكرر في حياتنا اليومية ، ويرتكبه الكثير من الناس غير آبهين لما يسببه من إحن ومحن ، إنه ( التهاون بالوفاء المواعيد المضروبة ) ، و إنها لخلَّة كرهتها العرب في الجاهلية ورسخ كرهها الإسلام بتعاليمه المشرقة ؛ ولذا فإن العرب تهيب بالوفاء بالوعد فتقول : ( أنجز حرٌّ ماوعد ) ، وضربت مثلاً للرجل الذي يعد ولايفي بقولها : ( برقٌ خُلَّب ) فهو كالبرق الذي لايأتي بالمطر، وإذا كانت تلك العادة منبوذة عندالجاهليين العرب ، وعدُّوا التحلي بالوفاء بالوعد من كمال المروءة ، فما بالنا نحن المسلمين لانكون أجدر الناس اتصافاً بها ، ونلوم بعضنا عند عدم الوفاء بالوعد أو مجرد التأخر فيه ؟ !

ومما يجرح مشاعر المرء أن الكثير يركب موجة هذه العادة ولايرى أن فيها تفريطاً أو تقصيراً ، بل ولايرون أنهم تلبسوا بصفة من صفات النفاق ، فما فتئوا يرتكبونها حتى صار الخلف ديدنهم،وهذا – لعمر الله - من الهوان والضعة ، يضرب بعضهم مع أخيه موعداً في ساعة من نهار، فيجلس صاحبه بانتظاره - وما أقبح الانتظار وإن قلَّ ! – ليأتي بعده بساعة أو بنصف بكل بجاحة وصفاقة ، دون أن يقدِّم كلمة واحدة من اعتذار ، وما علم هذا أنه نهب من صاحبه وقتاً ضاع منه ضحية ذاك الموعد المخلَف ، ولو عاتبه صاحبه بكلمة واحدة لأصبح في نظر المتأخر مخطئاً ، ولو رتَّب الواحد منا وقته لما وقع في مأزق إخلاف الوعد أو مجرد التأخر ، وما أحوجنا إلى تربية عملية تعلمنا احترام المواعيد وإعطاءها الدرجة الأولى من الممارسة ! ولنا في علمائنا قدوة وأيُّ قدوة! يذكر الشيخ أحمد الحمدان أن سماحة والدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – كان ممن عرف عنه الحفاظ على الوقت ، والدقة في التزام الوعد ، مع أنه كان كفيفاً لايحمل ساعة تضبط له وقته لكنه لفرط حرصه على الوقت ودقته في المواعيد يحس باقتراب الموعد أو حلوله دون أن يخبره بذلك أحد ، فتجده إذا حان وقت الصلاة قال لمن بجواره : هل أذن للصلاة ؟ فما يكاد يسأل هذا السؤال إلا ويسمع صوت الأذان ، وكان في أكثر الأحيان هو الذي يذكر المكلف بحفظ مواعيده باقتراب الموعد ، وهذا يدل على حرصه الشديد على القيام بما يجب عليه في وقته ، وبأنه يحمل همَّ مايريد القيام به ، وأنه يخشى أن يتصف يخلق مَن إذا وعد أخلف.

وأما فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - فقد كان مثالاً في الحرص على الالتزام بالموعد والدقة فيه دقة متناهية ، يذكرعنه الشيخ أحمد الحمدان مواقف عديدة تدل على دقته في الميعاد ، وشدة حرصه على المحافظة عليه ، يقول : كان الشيخ – رحمه الله – دقيقاً في مواعيده ، ولم يكن يجامل أحداً في ذلك ، بل كان يؤنب من يخلف الميعاد ، ويحمِّله نتائج إخلافه الوعد ، وكلما وجد فرصة يذكره بها بإخلافه الوعد يفعل.

ويذكر : أن الشيخ كان يحرص على شراء أدق الساعات ضبطاً للوقت ، ويحملها معه في كل مكان يذهب إليه ، وإذا اختلفنا في الوقت كان الفيصل في ضبطه ساعة الشيخ ، فقد كان يتأكد منها عن طريق المذياع حال سماعه نشرات الأخبار

ويقول : أذكر أنه كان لنا موعد معه في درسه الذي كان يلقيه عن طريق الهاتف ، وكان موعد الدرس في تمام الساعة التاسعة والنصف مساءً ، بعد أن يعود من مسجده ، فاتصلت به قبل الوقت بخمس دقائق تحسباً بسبب سوء خطوط الهاتف في فصل الشتاء، وقدر الله تعالى أن يتم الاتصال بسهولة ،وأجاب الشيخ قائلاً : كم هي الساعة الآن ؟ قلت : ونصف إلا خمس دقائق ، قال : الموعد في أي ساعة هو ؟ قلت : التاسعة والنصف . قال : اتصل بعد خمس دقائق ، وأغلق السماعة.

ويذكر الشيخ أحمد : أنه اتصل به مرة متأخراً بسبب سوء خطوط الهاتف ، فقال لي: تأخرتم ثلاث عشرة دقيقة ، قلت : ياشيخ خطوط الهاتف كانت السبب ، فقال : تحسم عليكم ثلاث عشرة دقيقة من آخر الدرس ، وفعل ذلك .

ومما يدل على حرصه الشديد – رحمه الله – على الالتزام بالمواعيد المضروبة ، وإعطاء الآخرين دروساً عملية في ذلك ، ماذكره تلميذه فضيلة الشيخ : د . عبدالله بن محمد الطيار ، بقوله : دعاني الشيخ – رحمه الله تعالى – للغداء سنة 1403هـ ، وكانت الدعوة خاصة لي ، فقال – رحمه الله - : هل تريد أن تحضر معك أحداً ؟ فقلت: وكيل الكلية فقط ، فقال الشيخ : إذن يحسن حضور عميد كلية الشريعة ووكيله ، وقال لي الشيخ : الحضور الساعة الثانية ظهراً ؛ لأني قلت: إن دوامنا يستمر إلى الواحدة والنصف . وقال لي : انتبه لاتتأخر عن الموعد ، فقلت له : إن شاء الله.

ثم خرجت من مكتبي الساعة الواحدة والربع ، وذهبت لمكتب فضيلة عميد كليه الشريعة وألححت عليه بالذهاب للشيخ وعدم التأخر ، وكانت معه معاملات كثيرة ، فلم يخرج من مكتبه إلا الساعة الثانية إلا ثلثاً ، وكانت الجامعة شرق بريدة ، وأمامنا مسافة تحتاج إلى نصف ساعة على الأقل ، وانطلقنا إلى بيت شيخنا ووصلنا الساعة الثانية وعشر دقائق ، فلما وصلنا تفاجأنا بأن الشيخ راكب سيارته ، فنزلت ، وقلت له : أين تذهب ياشيخ ؟ فقال : الأولاد بالداخل عندكم تغدوا ، فقلت : ماجئنا من أجل الغداء ، جئنا لنجلس معك ، ووالله إن ذهبت لن ندخل ، فضحك الشيخ ، وقال : لابأس بشرط ألا تتأخر مرة أخرى ، فقلت : إن شاء الله ، ولكن السبب كذا وكذا ، فأعطانا الشيخ درساً عملياً في دقة المواعيد والاهتمام بها ، والحرص عليها .

ولو أدرنا المسبار إلى حياة العلماء المجربين ، لوجدنا أن الشيخ الأديب علي الطنطاوي – رحمه الله- يصف لنا موقفاً مرَّ به ، لينطلق من بعده إلى وصف تلك الممارسات الخاطئة بأسلوب فكهٍ ساخر ، محذراً منها ومن التلبس بها ، يقول في كتابه ( مع الناس ) : ركبت مرة الطائرة من مطار ألماظة في مصر ، فتأخرت عن القيام بنصف ساعة انتظارَ راكب موصىً به من أحد أصحاب المعالي.

ولما ثُرنا معشر الركاب وصخبنا طاربنا ، فلم يسر – والله – ربع ساعة حتى عاد فهبط ، فارتعنا وفزعنا وحسبنا أن قد جرى شي ء ، وإذا العودة من أجل الراكب المدلل صديق صاحب المعالي ، وقد تأخر لأنه لم يحب أن يسافر قبل أن يدخل الحمام ،ويستريح بعد الخروج كي لا يلفحه ( اسم الله عليه ) الهواء البارد ، وكنت يومئذٍ عائداً من رحلة رسمية ، فلما وصلت إلى مطار المزَة في دمشق وجدت أكثر من مئتي إنسان بينهم مندوب وزير العدل ، ينتظرون قدومي في الشمس منذ ساعة كاملة

والسيارات مثل الطيارات ، والدكاكين والدواوين ، والمقاهي والملاهي ، كل ذلك يقوم على تبديل المواعيد وإخلافها ، حتى لم يبق لشيء موعد معروف ، فيا أيها القراء خبروني – سألتكم بالله-:أي طبقة من الناس تفي بالموعد ، وتحرص عليه وتصدق فيه، تدقق في إنجازه ؟ الموظفون ؟ المشايخ ؟ الأطباء ؟ المحامون ؟ الخياطون والحذاؤون ؟ سائقو السيارات ؟ من ؟ من يا أيها القراء؟

ويكون لك موعد مع الشيخ ، فيجيئك بعد نصف ساعة ، ويعتذر لك ، فيكون لاعتذاره متن وحاشية ، فيضيع عليك في محاضرة الاعتذار نصف ساعة أخرى ، وإن دعوته الساعة الثانية جاء في الثالثة ، وإن كان مدرساً لم يأتِ درسه إلا متأخراً

والطبيب يعلن أن العيادة في الساعة الثامنة ولايخرج من داره إلا العاشرة ،وتجيئه في الموعد فتجده قد وعد خمسة من المرضى مثل موعدك ، واختلى بضيف يحدثه حديث السياسة والجو والكلام الفارغ ، وتركهم على مثل الجمر ، أو على رؤوس الإبر ، ينتظرون فرج الله ،حتى يملوا فيلعنوا الساعة التي وقفوا بها على باب الطبيب ، ويذهبون يفضلون آلام المرض على آلام الانتظار ، ويؤثرون الموت العاجل المفاجئ على هذا الموت البطيء المضني .

أما الخياطون والخطاطون ، والحذاؤون والبناؤون ، وأرباب السيارات ،وعامة أصحاب الصناعات ، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنهم من أكذب خلق الله ، وأخلفهم للوعد . الكذب لهم دين ، والحلف عادة ، ولطالما لقيت منهم ، ولقوا مني ، وماخِطْتُ قميصاً ولا حُلَّة ، ولاصنعت حذاء ، ولاسافرت في سيارة عامة سفرة ، ولابعثت ثوباً إلى مصبغة ( مغسلة ) لكيه أو غسله أو تنظيفه ، إلا كووا أعصابي بفعلهم ، وشويتهم بلساني ، وإن كان أكثرهم لايبالي ولو هجاه الحطيئة أو جرير أو دعبل الخزاعي ، بل إنهم ليفخرون بهذه البراعة في إخلاف المواعيد ، والتلاعب بالناس ، ويعدونها مهارة وحذقاً

فمتى يجيء اليوم الذي نتكلم فيه كلام الشرف ، ونعد وعد الصدق ، وتقوم حياتنا فيه على التواصي بالحق ، لايعد فيه الصانع بإنجاز العمل إلا إذا كان قادراً على إنجازه، والموظفون يأتون من أول وقت الدوام ويذهبون من آخره ، والأطباء لايفارقون المكان ساعات العيادة ، والخياط لايتعهد بخياطة عشرة أثواب إن كان لايستطيع أن يخيط إلا تسعة ، وتُمحى من قاموسنا هذه الأكاذيب . تقول لأجير الحلاق : أين معلمك؟ فيقول : إنه هنا ، سيحضر بعد دقيقة ، ويكون نائماً في الدار لايحضر إلا بعد ساعتين.

متى تقوم حياتنا على ضبط المواعيد وتحديدها تحديداً صادقاً دقيقاً ، فلا يتأخر موعد موعده ؟ إن إخلاف ا

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته أجمعين .

Nader 3:16
02-11-2007, 11:02 PM
شباك نازل سفق مواضيع عالطالعة والنازلة!!!!!!
اي ما عم لحق اقرأ!!!!

القلموني
02-11-2007, 11:07 PM
هيدا كلو لأنو ما شفتو اليوم عند قدور

Nader 3:16
03-11-2007, 09:51 PM
بس منو رفيقك يا فادي ...اصحا حدا يقول هيك

لأنو فادي معود كل ما واحد اشترك جديد بالمنتدى يتفق معو للقاء جنب قدور تحتا يعزموا!!!!:D

fadi
05-11-2007, 01:31 AM
بس منو رفيقك يا فادي ...اصحا حدا يقول هيك

لأنو فادي معود كل ما واحد اشترك جديد بالمنتدى يتفق معو للقاء جنب قدور تحتا يعزموا!!!!:D

شو رأيكن نروح الثلاثاء شي مشوار
بس من دون القلمونيakideman

Nader 3:16
05-11-2007, 02:32 PM
منروح ما عنا مشكلة

عمار الفلو
05-11-2007, 08:49 PM
فادي بتقرا مواضيعك و لا بس منقووووووووووووووووووووول

fadi
05-11-2007, 09:30 PM
فادي بتقرا مواضيعك و لا بس منقووووووووووووووووووووول


سؤال وجيه فيه وجهة نظر
و انشالله بس افضالك من قللك شو الجواب