المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاوامر التشريعية والتعبدية



وسيم أحمد الفلو
22-11-2007, 04:14 PM
كلام جميل لأخي مازن خضر أحببت أن أورده كتكملة لما أشرت إليه في موضوع "بر الوالدين"

سبحانه وتعالى اوامر تشريعية للفرد والمجتمع والدولة: أي افعل ولا تفعل. مثلا: لا تشرب الخمر، لا تزني، صل، صم.. وللدولة: الذي شرب الخمر يجلد، الذي سرق تقطع يده. هذه الاوامر الغير متفق عليها بين الناس لا تطلب الا من المؤمن بالله سبحانه وتعالى لأنها ليست نابعة مباشرة من الفطرة الانسانية مع ان الفطرة لا تعارضها وبالتالي ممكن تدخل الشبهات فيها كثيرا. ونصل في النهاية ان الذي يطبقها لا يستطيع في تطبيقها الا الاعتماد على الإيمان فيمكن ان يطبق ولا يعلم ما الحكمة ولكن إيمانه بالله تعالى يدله على ان الخير كل الخير في تطبيق هذه الأوامر مثل عدم جواز أكل لحم الخنزير فالصحابة رضي الله عنهم رضخوا للأوامر دون ان يسألوا لماذا.

إذن فهذه الأحكام تطلب من المؤمنين وتبنى على أسس الإيمان وأكثر من ذلك على اليقين. قال تعالى : "يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام". هذا بيان ان الأحكام تطلب من المؤمنين. وأيضا "ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون"

اذن تطبيق هذه الأوامر والأحكام هو خيار الفرد في حالة الفرد والمجتمع في حالة المجتمع، أي ان هذه الأحكام لا تفرض بل هي مختارة من الذين يطبقونها بناء على إيمانهم بها.

لذلك يكفي للتعامل مع هذا النوع من الأحكام هو إعلام الناس بها ان الله حرم هذا وأمر بفعل هذا وهكذا والفرد والمجتمع بحسب ما عنده من إيمان يطبق او لا يطبق. لذلك فتنفيذ الأوامر هو في الحقيقة تحصيل حاصل وليس عملا او جهدا بحد ذاته.

فالصحابة عندما ارتفع إيمانهم وتعلقوا بالله تعلقا شديدا وأصبحوا مستعدين لتطبيق أوامره مهما كانت نزلت آية تحريم الخمر فأصبحت شوارع المدينة انهارا من خمر وقالت سيدتنا عائشة انه لو أمرهم بذلك في مكة لما استجابوا. والإنسان العلمي والعملي لا يريد إضاعة وقته لذلك ما كانت الفائدة من ان يأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم شرب الخمر وهم غير مستعدين لتطبيق هذا الأمر فعند ذلك سيحملهم ما لا يطيقون وسيكون ذلك إعاقة لهم في مسيرتهم الإيمانية.

اما في هذا الزمان فالمسلمون يعرفون هذه الأحكام وحتى غير المسلمين سمعوا بهذه الأحكام وحتى اعتبروها ذريعة لصعوبة هذا الدين وشدته، المهم من هذا ان هذه الأحكام كمعلومة هي معروفة فكل النساء يعلمن ان الله امرهن بالحجاب "طبعا هناك حالات شاذة جدا لها علاجها" ولكن كما قلنا إيمانهن لم يصل لدرجة تطبيقهن لهذا الأمر ولذلك فمن إضاعة الوقت وتحميل الإنسان ما لا يحتمل ان نأمرهم ونذكرهم بهذا الأمر لأن الهدف هو حل هذه المشكلة وليست المشكلة في المعلومة او الأمر ولكن المشكلة في ارتفاع الإيمان لذلك فن الحكمة هي التالية:

1- عدم ذكر هذه الأحكام ومطالبة الناس بها.

2- العمل على رفع مستوى الإيمان من خلال الكلام عن:

- توحيد الله والإيمان به والتوكل الكامل عليه.

- وصف الجنة وما اعد الله فيها للمؤمنين.

- وصف النار وما اعد الله فيها للعاصين.

- حال الطائع والعاصي في الدنيا.

- المطالبة بالتضحية وحمل الرسالة للناس.

ان ذكر هذه الأحكام ومطالبة الناس بها سيعيق مسيرتهم الإيمانية ولن يفيدهم شيء ولا يفيدنا نحن بشيء.

لذلك وكون هذه المعلومة موجودة إذن نحن نعمل بدعوة الأنبياء العامة ونترك للفرد والمجتمع ان يتفاعلوا لوحدهم مع هذه المعلومات من خلال تأرجحات إيمانهم وفي اللحظة المناسبة نرى بأعيننا كيف أنهم يبدأون بتطبيق هذه الأوامر لوحدهم ان شاء الله تعالى

moughtareb
22-11-2007, 06:35 PM
السلام عليكم

أنا لا أتفق مع هذا الكلام. الانسان قد يجمع انبل الصفات و انبل الاعمال مع ادنى الصفات او ادنى الاعمال.

على سبيل المثال، الذي لا يشرب خمرا ليس بالضرورة أنه قد اجتاز وعبر و انهى كامل النفق الايماني... فكم منهم يكذب مثلا

والذي يشرب الخمر ليس معنى ذلك انه لما يدخل بعد في النفق الايماني...فكم منهم يمد يد العون الانسانية الى اخيه الانسان المحتاج...

في جميع الاحوال الكمال لله و لله فقط و لست اعتقد انه يوجد على هذه الكرة الارضية انسان قد اتم اجتياز النفق الايماني و في جميع الاحوال ما من انسان سوف يأت يوم القيامة و كفة سيئاته في ميزانه فارغة. الرهان و كل الرهان هو ان تكون كفة حسناته أوزن...

ملاحظة: عندما اتكلم عن النفق الايماني، لا اعني طبعا انه مظلم فالانفاق في ايامنا هذه تملؤها الاضاءات الوهاجة...

وسيم أحمد الفلو
22-11-2007, 07:01 PM
السلام عليكم

بالتأكيد كلامك صحيح وإلا لما كانت المعصية والإستعغفار.

ولكن ليس هذا هو مقصد المقالة، فالمقصد أنه على الدعاة التركيز على رفع نسبة الإيمان عند الناس بدلاً من إضاعة الوقت بالكلام عن المنهيات والمحظورات.

والسلام عليكم

moughtareb
22-11-2007, 07:20 PM
اخي وسيم،

انا لا اتكلم هنا عن الاستغفار. انا تخيلت حال الانسان يوم القيامة من دون ان يؤخذ الاستغفار و التوبة بعين الاعتبار. المعصية بقيت من دون ان تغسل.

نقطة ثانية، أنا فهمت جيدا مقصد المقال. و اعود و اكرر اني لا اوافقه الرأي.

وسيم أحمد الفلو
23-11-2007, 12:19 PM
السلام عليكم

أخي الكريم لا أعرف ما الذي تختلف معه في المقال؟

إذا كان مسألة أن الإنسان لا يصل إلى الكمال في الإيمان فهذا صحيح والمقال لا يقول غير ذلك


المسألة هي في أسلوب الدعوة إلى الدين والتربية الدينية:

هل نتحدث مع الناس (ومع أنفسنا قبل الناس) بأمور الحلال والحرام أم نذكرهم بالله وبآلائه وبالجنة والنار؟

وهل تختلف مع هذه النقطة؟

وإلى لقاء قريب

وسيم أحمد الفلو
24-11-2007, 08:07 PM
هذه رسالة أوردتها كتعليق لأحد الإخوة في رسالة بالبريد الإلكتروني حول رأي الأخ مازن.

السلام عليكم
أخي سامر والإخوة جميعاً، ربما يمكنني شرح أفكار أخي مازن لأنني سمعتها منه مباشرة. والأخ مازن لم يأتي بجديد أو ببدعة بل هو ينهل من شيوخ أهل الدعوة المعتبرين (الشيخ محمد إلياس، والشيخ الكندهلوي وغيرهم).
الأخ مازن يقول أن هناك أموراً فطرية مشتركة عند جميع الناس، وهي بالإجمال الحاجة إلى الإستقرار النفسي وطلب الرزق، والتأمل في الكون، وإستنكار الأفكار الشنيعة كالقتل والظلم وغيرها، وحب أعمال الخير كالإحسان والرحمة، وهي أمور مشتركة عند كل الناس مهما إختلفقت أشكالهم وألوانهم.
وهناك أمور أخرى من المحرمات كالخمر والزنى وغيرها، هي لا تقع في خانة الأمور المستنكرة عند جميع الناس، وليست مما تدينه الفطرة بشكل عفوي.
فالخمر وبالرغم من مضارها العديدة، فإن الناس تستطيع أن تشربها من دون أن تسكر، ويمكن أن تقضي الساعات الطوال في مجادلة إنسان عن مضار الخمرة وفوائدها ولا تصل لنتيجة، والمعلوم أن الخمرة تدخل في ثقافة الكثير من الشعوب (الفرنسيين مثلاً).
والزنى (وخاصة عندما يكون بين شخصيين غير متزوجين) يحصل بالتراضي عادة، ولا يستنكره معظم الناس، وحتى أنك تجد من يدافع عنه بإسم الحب وما شاكل.
وهكذا فإنه ومن خلال الخبرة العملية، تجد الكثيرين ممن قيض الله لهم باب التوبة، يقلعون عن هذه الأمور من دون النظر في مضارها وفوائدها.
نفس الأمر بالنسبة للأمور المطلوبة من المؤمن، كالحجاب مثلاً، فالفتاة تستطيع أن تجادلك الساعات بأنها محتشمة ولا تقصد الإغراء، وأنها أفضل من كل المحجبات خلقاً ووووو ... بينما تراها تسرع إلى الحجاب إذا ترسخت معاني الإيمان في قلبها( يعني للأخ مازن رأي غريب في هذا الأمر، حيث يقول أنه لا يجب أن تتطرق مطلقاً لموضوع الحجاب مع أي فتاة عندما تدعوها إلى الدين).

المقصد الأخير من المقال حول "الأوامر التشريعية و التعبدية" أنه يجب الإكثار من الحديث مع الناس في الأمور الفطرية من قبيل التعريف بالخالق عز وجل، وصفاته ورحمته تعالى، وكونه هو الرزاق (وهذا المعنى قد غاب من قلوبنا واندثر) وهو الجبار (وهذا المعنى أيضاً قد اندثر)، والإكثار من الحديث عن حب الله لعباده من دون إغفال ذكر الجنة والنار، وهذا المنهج هو أجدى من الحديث عن المحرمات والواجبات.
والسلام عليكم

moughtareb
28-11-2007, 10:07 PM
اخي وسيم, أولا أود أن أعتذر منك لهذا الإنقطاع الغير مقصود......

لقد سبق أخي الكريم و أن طرحت موضوعا أعجبني كما أعجب أعضاء كثيرين ألا و هو موضوع "إستعلاء على الناس بالدين". بما أن الوقت يداهمني دائما دعني إذن أدخل فورا فيما يلوح في خاطري و أقول لك بأنك لم ترفق بهذه النصيحة الأسس و المبادئ و الطرق التي من شأنها أن تكبح جماح مثل هذه الصفة التي أدارها الشيطان و أدارتها النفس الأمارة بالسوء بشكل جيد. كنت كمن تطرق إلى مضار التدخين ولم يتطرق الى السبل الآيلة لتوقيفه و الابتعاد عنه.

بل على العكس من ذلك، كتبت اليوم أو نقلت عن أحدهم تصورا لكيفية التعاطي مع الناس لا أراها، هذه وجهة نظري على الأقل، تتلاءم مع ما كنت قد كتبته سابقا من المذكور أعلاه. كيف لإنسان أخي الكريم أن يوكل لنفسه رفع وزن ما من على الأرض دون أن يكون صاحب ثقة بطاقته و قوته التي بنظره هي بالتأكيد أكبر بكثير من القوة التي ستعاكسه. و بالتالي كيف لإنسان أن يوكل لنفسه رفع إيمان شخص ما دون أن يكون صاحب ثقة بأن إيمانه هو بالتأكيد أكبر بكثير من إيمان هذا الشخص! نعود إذن لقصة ال ستعلاء من دون أن نشعر....

أخي، تصور أنك قصدت على سبيل المثال إنسان يشرب الخمر بصورة روتينية لكي تطبق عليه الفكرة المعروضة من قبل الأخ صاحب المقالة، جلست على مقربة منه دون أن تشعره بأنه المقصود على الإطلاق وبدأت بقراءة آيات القرآن التي تتحدث فقط عن الجنة و النار و الخ دون أن تقرأ آيات الحلال و الحرام. وبقيت على ذلك فترة طويلةهل أنت جازم أنه سوف يقلع عن شرب الخمر بعد ذلك؟ أنتظر منك الجواب فأنا من ناحيتي لا أعلم.

سؤال ثاني على وجه السرعة(ربما أطرحه بشكل أوسع في المرة القادمة) ماذا عن الشبهات حول الإسلام و المسلمين التي تعشعش في رأس هذا الإنسان. هل تمحى أيضا منه بنفس الطريقة؟

أليس من الأجدر بنا أن ننظر لأي شخص كان بطريقة تجعلنا نراه كليا أي بالإقتراب الفعلي منه و التعرف عليه من قرب فننظر إلى بريق عينيه و ينظر إلى شموخ تواضعنا (الصادق) من أن نتسلق عامودا لنرى من أعلاه صغر الناس وهم لا يرونا.

و للحديث تتمة إن شاء الله....

وسيم أحمد الفلو
29-11-2007, 02:33 AM
أخي الكريم

شكراً على ردك الجميل.

ربما صيغت هذه المقالة بأسلوب لم يوضح المقصد منها.

المقصد ليس التعالي على الناس بالإيمان ، ومن ثم محاولة تلقينهم هذا الإيمان، بل العكس المقصد أن تشعر الناس عندما تتكلم معهم أنك حريص عليهم حرصك على نفسك وربما أكثر.

والمقصد هو أن تهتم بتعريف الناس بأسس الدين بدل أن تحاول إدانتهم بسبب معاصيهم.

أما بالنسبة بأنني لم أفصل "موضوع الإستعلاء على الناس بالدين" فذلك لأنني لست أملك تصوراً كاملاً ولهذا السبب فأنا طرحت الموضوع لكي نتناقش به، وطرحته لكي أحذر من ممارسات أراها خاطئة في أسلوب الدعوة.

ولذلك فأنا أتمنى أن يحدث حوار جدي حول هذه المواضيع لنصل إلى تصورات مشتركة تعيننا في دنيانا وفي دعوة غيرنا.

والسلام عليكم