مشاهدة النسخة كاملة : حسن البنا في ذكرى استشهاده
أبو محمد القلموني
11-02-2008, 04:58 PM
حسن البنا شخصية ساحرة ، فذة و غنية ! لذا كان لها الحظ الوافر من الألقاب التي يخلعها على الاقطاب ، عادة ، المريدون و التلاميذ و المحبون :
فهو الإمام العالم ، العامل ، العارف ، الزاهد ، القدوة ، أستاذ الجيل.
لكن لعل أقربها و أشملها و أعمقها هو : الداعية . فلقد ولد من رحم الدعوة الإسلامية ثم ولدت الصحوة المعاصرة من رحم دعوته.
بعد وفاة مؤسس المنار الإمام رشيد رضا رحمه الله تعالى ، تولى الإمام الشهيد إصدار مجلته المنار وفاء لعلامتنا القلموني.
أفلا يكون للإمام الشهيد حق علينا اليوم، نحن أهل القلمون ، أن نذكره في ذكرى رحيله بكلمات يسيرة نعبر بها في وفاء عن مكنون نفوسنا تجاهه ؟
فمن منا لم ينبض قلبه يوما بحب هذا الإمام العظيم؟
من منا لم يقرأ رسائله و لم يبحر مع مذكراته و لم تستوقفه ألفاظه العلمية التي تنضح بالأصالة و الدقة ؟
من منا لم يقرأ المأثورات ؟
من منا لا يحفظ ورد الرابطة؟
من منا لا يصدح صباح مساء بتلك الشعارات التي أطلقها فأحيت و تحيي فينا صورا تمتد عبر الزمن لتلامس الجيل الأول من أتباع حبيبنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم؟
" أنتم روح يسري في هذه الأمة فيحييها بالقرآن"
" كونوا كالشجر يرمى بالحجر فيرجع بالثمر"
" أخشى عليكم أمرين اثنين:أخشى عليكم أن تنسوا الله فيكلكم الى أنفسكم، أو أن تنسوا أخوتكم فيصير بأسكم بينكم شديد"
" الله غايتنا ، و الرسول قدوتنا ، و القرآن دستورنا ، و الجهاد سبيلنا ، و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا "
من منا لم يقرأ عن تلك الروح المشرقة المنجذبة إلى السماء تجوب القرى على أقدامها ، تجلس في آواخر الصفوف تناجي الله في صمت وهي تداري دموعها . ثم تتقدم لتخترقها بجرأة و تقف فيهم بشموخ ، تخاطبهم بساحر الألفاظ و المعاني.
حسن البنا الذي ملأ ذكره الخافقين كان أستاذا تخرج من مدرسته الأفذاذ الذين انتشروا في أصقاع العالم الإسلامي و في الغرب كذلك ، يدعون الناس إلى دين التوحيد مكمن عزتهم و سعادتهم في الدنيا و الآخرة.
فالحديث عن حسن البنا حديث طروب و لحن شجي يحرك الدموع حزنا على فقد علامة و مرب و داعية و أستاذ للجيل ، لكنه في الوقت عينه حديث عن دروب العزة الوضيئة التي يدعوا إليها القرآن ؛ إذ لم يكن ذلك الشاب الطموح الجريء المقتحم سوى صدى متقدم و استجابة حية لدعوة القرآن الخالدة.
و من عرف حسن البنا يدرك تماما حقيقة ما أسطره هنا. من عرفه و هضم دعوته و خبر سيرته يكاد لا يذكر أمامه إلا و يتحرك بين جوانبه حب تجريد الإتباع لحبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم ، و شوق إلى حياة الزهد و التجافي عن دار الغرور ، و عزيمة على العمل المتقن الدؤوب ، و لهفة إلى طلب العلم و مصادقة الكتب ، و تعطش لتدبر كتاب الله المحيي ، و احتراق وتحرق للدعوة و الأخذ بيد الناس إلى طريق الهدى و العزة...
مع حسن البنا نذكر ربعي بن عامر و هو يخاطب رستم ...
مع حسن البنا نذكر الفضيل بن عياض في زهده وورعه ...
مع حسن البنا نذكر محمد بن واسع وهو يردد سورة الغاشية ويبكي ...
مع حسن البنا نذكر العز بن عبد السلام في جهاده و جرأته أمام السلاطين ...
مع حسن البنا نذكر صلاح الدين و هو يرمي ببصره نحو بيت المقدس ...
مع حسن البنا نذكر كل هؤلاء دفعة واحدة تختلط معها الأصالة بالتجديد في صورة واقعية متألقة تنبض بمنهج الجيل الأول الذي أخذ بلب البنا و عقله و روحه.
فأرجو من جميع الإخوة و الأخوات هنا أن يساهموا في هذا الموضوع. فيطلعونا على مشاعرهم اتجاه هذا الإمام الكبير أو يذكروا لنا طرفا من أخباره و جهاده لتعم الفائدة ، و يستذكر الجميع أن السلوك إلى الله هو درب حقيقي و ليس مجرد وهم وأماني .
الشامي
11-02-2008, 05:56 PM
السلام عليكم :) .. كيفكم يا جماعة
جزاك الله خيراً أخونا أبو محمد على هذه الكلمات التي تُعبر بالقليل عن فضل هذا الإمام المعلم في تجديد وحمل لواء ديننا الحنيف في العصر الحديث...
والله إن الإنسان ليستشعر إخلاص هذا الرجل من خلال دعوته التي انتشرت في كل بقاع الأرض ... فلم أزر أرضا إلا وكان له فيها مصابيح تنير الدروب وتجلو الهم عن القلوب... حمل راية المعصوم صلى الله عليه وسلم وضحى لأجلها بوقته وماله وجهده ونفسه وربى معه رجالاً ساروا على خطا المصفطى رغم الإيذاء والجراح والإفتراء ...
أترككم مع بعض المواقف من حياة البنا عليه رحمة الله في هذا الرابط
إضغط هنا للإطلاع (http://daawa-info.net/books1.php?parts=139&au=محمد%20عبد%20الحليم%20حامد)
ولنا عودة إن شاء الله
أخوكم:rolleyes:
الزاهر
11-02-2008, 07:49 PM
بارك الله بكم............سأكون من المشاهدين إن شاء الله!!!!!
حُسَينْ ... !
12-02-2008, 12:02 AM
مشكور اخي ابو محمد موضوع مهم و مفيد، رحم الله الامام الشهيد حسن البنا.
احببت ان اشارك في هذا الموضوع من خلال كلام الأمام و هي الوصايا العشر
1 - قم للصلاة متى سمعت النداء مهما تكن الظروف.
2 - أُتْلُ القرآن وطالع أو استمع أو اذكر الله، ولا تصرف جزءا من وقتك في غير فائدة.
3 - اجتهد أن تتكلّم العربية الفصحى فإنّ ذلك من شعائر الإسلام.
4 - لا تكثر الجدل في أيّ شأن من الشؤون أيّا كان، فإنّ الهراء لا يأتي بخير.
5 - لا تكثر من الضحك فإنّ القلب الموصول بالله ساكن وقور.
6 - لا تمازح فإنّ الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد.
7 - لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة وإيذاء.
8 - تجنّب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلّم إلا بخير.
9 - تعرّف إلى من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب منك ذلك.
10 - الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته. وإن كان لك مهمة فأوجِز في قضائها.
Nader 3:16
12-02-2008, 12:12 AM
السلام عليكم...
رحمة الله على الامام البنا...
و بالفعل المتأمل لكلامه يلتمس مدى بعد التفكير عند هذا الانسان و خصوصاً الوصايا التي طرحها الاخ حسين..
نسأل الله ان نكون جميعاً ممن يحملون المبادئ و يطبقونها..
أبو محمد القلموني
12-02-2008, 08:14 PM
بارك الله بجميع من شارك . و لازلنا ننتظر المزيد من المداخلات المفيدة المثرية لهذا الموضوع.
اليوم أضع بين أيديكم نصا رائعا للإمام البنا فيه فائدة جمة للدعاة و طلبة العلم على السواء. أنقله لكم من كتاب ( نظرات في السيرة النبوية ) . والكتاب منتخب من أحاديث الثلاثاء الشهيرة التي كان الإمام البنا يلقيها كل أسبوع في المركز العام .
يقول الإمام الشهيد رحمه الله رحمة واسعة :
( وقد أعجبني من الأستاذ الغمراوي أننا أرسلنا إليه ذات يوم نسخة من رسالة (المنهاج الثقافي)، وفيها بعض الكتب التي يجب على الأخ المسلم أن يطلع عليها، فقال: أنا لا أري داعيًا للإكثارِ من الكتب والموضوعات، وحسب الأخ المسلم ليتثقف ثقافةً إسلاميةً وليتربى تربيةً إسلاميةً، حسبه أن يعكف على كتابِ الله وأن يكثر مطالعة السيرة النبوية، فإنه إن فعل هذا، اختصر الوقت، ووصل إلى الفائدة مع التلذذِ بما يقرأ، وسيعمد إلى محلِّ الفائدة من غيرِ التواءٍ )
فهذه كما ترى وصية ثمينة قل في الدعاة و العلماء من يتفطن لمثلها أو يلفت الناس إليها.
علي القلموني
14-02-2008, 02:48 PM
في مثل هذا اليوم تراودنا ذكرى أليمة تقض الخواطر والوجدان .
ذكرى استشهاد الامام العالم الداعية المفضال المرحوم حسن البنا تغمده الله بسحائب الرحمات ,
ذلكم الداعية المميز الهصور
الذي تمالأت عليه قوى الشر ومكائد الطغاة من شياطين الاستعمار وعملائهم فأردوه قتيلا ,
وذلك لما ايقنوا ان هذا الرجل الهمام ماض في استنهاض المسلمين كيما يتحدوا تحت راية القرآن
ولينفضوا عن اذهانهم وهممهم غواشي الضعف والاستكانة والهوان.
هذا الامام الشهيد الذي عز نظيره في الدعوة لدين الله بما جاهر به من دعوة عامة شاملة تتناول
كل مناحي الاسلام السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والتنظيمية ,سعيا للوصول الى
قيام دولة الاسلام المهيبة التي تحقق للمسلمين كرامتهم المضيعة ومجدهم التليد .
وها هي الدعوة الشامخة المهيبة توشك ان تحقق للمسلمين ما يصبون اليه من مجد وكرامة بعد
ان شاعت هذه الدعوة في سائر الآفاق حتى تنادى المسلمون في كل المناحي للالتئام من حول
هذه الدعوة الصادقة الشامخة مما يبشر في يقين ان الاسلام آت لا محالة
اللهم ثبت أتباعه أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق والدين برحمتك يا أرحم الراحمين
محمد أحمد الفلو
15-02-2008, 01:47 AM
.
بعد وفاة مؤسس المنار الإمام رشيد رضا رحمه الله تعالى ، تولى الإمام الشهيد إصدار مجلته المنار وفاء لعلامتنا القلموني.
.
في ذكرى وفاة هذا الإمام و من خلال هذه اللفتة الجميلة منك أخ أبو محمد ... لا بد من وقفة مع الدور العظيم الذي اضطلع به هذا الإمام .
لقد تخلفت الأمة الإسلامية ردها من الزمن عن ركب الحضارة و الحداثة حين تخلت عن دينها ، في حين كان الغرب يتقدم في مجالات التطور كافة بعد فصل الدين عن الدوله
فما كان من المستشرقين العرب وأساتذتهم في الغرب إلا أن انبروا ينظرون لأسباب التخلف في الأمة ... عازين كل مشاكل الشرق إلى تمسكهم العرب بدينهم ... و أعملوا عقولهم لإثبات عدم صلاحية تحكيم الشريعة في القرن العشرين !!!
في تلك الفترة انبرى علماء من الأمة للدفاع عن الإسلام ... فجعلوا يتولون دراسة نظريات الاجتماع و الاقتصاد والسياسة في الغرب ... مظهرين عيوبها ومشاكلها ... شارحين كيف يستطيع الإسلام أن يحل جميع المشاكل في المجتمع
ولكن هذه الكتب والأفكار ظلت متداولة بين نسبة قليلة من المثقفين الاسلاميين ..
الى أن بدأ حسن البنا رحمه الله دعوته ... فنقل هذه الأفكار من زمرة المثقفين والعلماء الى عامة الشعب ... فحول أفكار هذه الكتب الى أرض الواقع بعد أن وفقه الله في دعوته لإنشاء أجيال لم تع هذه الأفكار فقط وإنما أنشأ جيلا كاملا من الشباب طبقوا هذه المبادئ في أرض الواقع فصاروا مصاحف تمشي على الأرض
رحمة الله على هذا الامام الذي أكمل كتابة مجلة المنار في عقول الشباب وسوكهم
والى تعليق جديد بإذن الله
ملاحظه: فكرة هذا التعليق مستقاة من محاضرة كنت قد سمعتها للشيخ محمد الشريف على قناة اقرأ
محمد أحمد الفلو
15-02-2008, 07:37 PM
يقول الصحفي الأمريكي المعروف روبير جاكسون في كتابه: في شهر شباط سنة 1946م، كنت في زيارة للقاهرة. وقد رأيت أن أقابل الرجل الذي يتبعه نصف مليون شخص، وكتبت في النيويورك كرونيكل بالنص: «زرت هذا الأسبوع رجلاً قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ المعاصر، وقد يختفي اسمه إذا كانت الحوادث أكبر منه، ذلك هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان».
وقد صدقتني الأحداث في ما ذهبت إليه، فقد ذهب الرجل مبكراً.. وكان أمل الشرق يطمح إلى مصلح يضم صفوفه، ويرد له كيانه، غير أنه في اليوم الذي بات فيه مثل هذا الأمل قاب قوسين أو أدنى، انتهت حياة الرجل على وضع غير مألوف .. وبطريقة شاذة..
هكذا الشرق.. لا يستطيع أن يحتفظ طويلاً بالكنز الذي يقع في يده.. لقد لفت هذا الرجل نظري بصورته الفذة، عندما كنت أزور القاهرة بعد أن التقيت بطائفة كبرى من زعماء مصر، ورؤساء الأحزاب فيها.
لفت نظري إلى هذا الرجل سمته البسيط، ومظهره العادي، وثقته التي لا حد لها بنفسه، وإيمانه العجيب بفكرته.
كنت أتوقع أن يجيء اليوم الذي يسيطر فيه هذا الرجل على الزعامة الشعبية، لا في مصر وحدها، بل في الشرق كله.
وسافرت من مصر بعد أن حصلت على تقارير وافية ضافية عن الرجل وتاريخه، وأهدافه وحياته، وقد قرأتها جميعاً وأخذت أقارن بينه وبين جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده ومحمد أحمد المهدي، والسيد السنوسي ومحمد بن عبدالوهاب، فوصل بي البحث إلى أن الرجل قد أفاد من تجارب هؤلاء جميعاً، وأخذ خير ما عندهم، وأمكنه أن يتفادى ما وقعوا فيه من أخطاء. ومن أمثلة ذلك أنه جمع بين وسيلتين متعارضتين، جارى على إحداهما الأفغاني وارتضى الأخرى محمد عبده.
كان الأفغاني يرى الإصلاح عن طريق الحكم، ويراه محمد عبده عن طريق التربية.. وقد استطاع حسن البنا أن يدمج الوسيلتين معاً، وأن يأخذ بهما جميعاً، كما أنه وصل إلى ما لم يصلا إليه، وهو جمع صفوة المثقفين من الطبقات والثقافات المختلفة، إلى مذهب موحد، وهدف محدد.
وبالرغم من أنني كنت أسمع في القاهرة أن الرجل لم يعمل شيئاً حتى الآن، وأنه لم يزد على جمع مجموعات ضخمة من الشباب حوله، غير أن معركة فلسطين ومعركة التحرير الأخيرة في القناة، أثبتتا بوضوح أن الرجل صنع بطولات خارقة، قلّ أن تجد لها مثيلاً، إلا في تاريخ العهد الأول للدعوة الإسلامية.
كل ما أستطيع أن أقوله هنا، أن الرجل أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه، وهي المغريات الثلاث التي سلطها المستعمر على المجاهدين، وقد فشلت كل المحاولات التي بذلت في سبيل إغرائه.
وقد أعانه على ذلك صوفيته الصادقة، وزهده الطبيعي. فقد تزوج مبكراً، وعاش فقيراً، وجعل جاهه في ثقة أولئك الذين التفوا حوله، وأمضى حياته القصيرة العريضة مجانباً لميادين الشهرة الكاذبة، وأسباب الترف الرخيص.
وكان يترقب الأحداث في صبر ويلقاها في هدوء، ويتعرض لها في اطمئنان ويواجهها في جرأة.
لقد شاءت الأقدار أن يرتبط تاريخ ولادته، وتاريخ وفاته، بحادثين من أضخم الأحداث في الشرق ، فقد ولد في عام 1323ه (1906م) وهو عام دنشواي، ومات عام 1368ه (1949م)، وهو عام إسرائيل، التي قامت شكلياً عام 1948م وواقعياً عام 1949م.
وكان الرجل عجيباً في معاملة خصومه وأنصاره على السواء، كان لا يهاجم خصومه ولا يصارعهم، بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفه، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوة.
كان يؤمن بالخصومة الفكرية، لا يحولها إلى خصومة شخصية، ولكنه مع ذلك لم يسلم من إيذاء معاصريه، ومنافسيه، فقد أعلنت عليه الأحزاب حرباً عنيفة، كان الرجل يقتفي خطوات عمر وعلي، ويصارع في مثل بيئة الحسين، فمات مثلهم شهيداً.
لقد سمعت الكثير من خصومه، وكان هذا طبيعياً، بل كان من الضروري أن يختلف الناس في رجل استطاع أن يجمع حوله هذا الحشد الضخم من الناس، بسحر حديثه وجمال منطقه، وقد انصرف هؤلاء من حول الأحزاب، والجماعات والفرق الصوفية والمقاهي ودور اللهو.
وكان لا بد أن يصبح هذا مثار حقد بعض الناس الذين أدهشهم أن يستطيع هذا الرجل المتجرد الفقير، أن يجمع إليه هذا الشباب.
ومن الأمور التي لفتت نظري، أنه أخذ من عمر خصلة من أبرز خصاله، تلك هي إبعاد الأهل عن مغانم الدعوة، فقد ظل (عبدالرحمن ومحمد وعبدالباسط) وهم إخوته، بعيدين عن كُبريات المناصب، ولطالما كان يحاسبهم، كما كان عمر يحاسب أهله، ويضاعف لهم العقوبة إذا قصروا.
وأستطيع بناءً على دراساتي الواسعة أن أقول، إن حياة الرجل وتصرفاته كانت تطبيقاً صادقاً للمبادئ التي نادى بها، وقد منحه «الإسلام» كما كان يفهمه ويدعو إليه، حلة متألقة قوية الأثر في النفوس، لم تتح لزعماء السياسة ولا لرجال الدين!
كان مذهبه السياسي، أن يرد مادة الأخلاق إلى صميم السياسة، بعد أن نزعت منها، وبعد أن قيل: إن السياسة والأخلاق لا يجتمعان.
وكان يريد أن يكذب قول تاليران: «إن اللغة لا تستخدم إلا لإخفاء آرائنا الحقيقية»، فقد كان ينكر أن يضلل السياسي سامعيه أو أتباعه، وأمته. وكان يعمل على أن يسمو بالجماهير ورجل الشارع، فوق خداع السياسة، وتضليل رجال الأحزاب.
وقد سئل مرة بعد أن ترك عمله في الحكومة، ورفض راتب الجريدة الضخم، الذي كان يبلغ مائة جنيه. قالوا: مم تأكل؟
قال في بساطة: كان محمد يأكل من مال خديجة، وأنا آكل من مال «أخو خديجة»! (يقصد صهره).
وفي خلال هذه الزيارات .. كنت ترى الرجل بسيطاً غاية البساطة، ينام في الأكواخ أحياناً ويجلس على «المصاطب» ويأكل كل ما يقدم له.
وإنني على ثقة من أن حسن البنا رجل لا ضريب له في هذا العصر. وأنه قد مر في تاريخ مصر، مرور الطيف العابر.. الذي لا يتكرر.
لم يحنِ رأسه، ولم يتراجع ولم يتردد أمام المثبطات ولا المهددات.. وكان الرجل قذى في عيون بعض الناس، وحاول الكثيرون أن يفيدوا من القوة التي يسيطر عليها، فقال لهم إن أنصاره ليسوا عصا في يد أحد، وأنهم لله وحده.. وحاول البعض أن يضموه إليهم أو يطووه، فكان أصلب عوداً من أن يُخدع أو ينطوي.
وكان في بيته مثال الزهادة، وفي ملبسه مثال البساطة، وكنت تلقاه في تلك الحجرة المتواضعة الفراش ذات السجادة العتيقة، والمكتبة الكبيرة، فلا تراه يختلف عن أي إنسان عادي، إلا ذلك الإشعاع القوي والبريق اللامع الذي تبعثه عيناه، والذي لا يقوى الكثيرون على مواجهته، فإن تحدث سمعت من الكلمات القليلة المعدودة، موجزاً واضحاً للقضايا المطولة التي تحتويها المجلدات، وكان إلى هذه الثقافة الواسعة ، قديراً على فهم الأشخاص، لا يفاجئك بالرأي المعارض، ولا يصدمك بما يخالف مذهبك، وإنما يحتال عليك حتى يصل إلى قلبك، ويتصل بك في ما يتفق معك عليه.. ويعذرك في ما تختلفان فيه، وهو واسع الأفق إلى أبعد حد، يفتح النوافذ للهواء الطلق، يسوق الرأي الجديد إلى الجماهير، دون أن يصطدم بهم.. هذا الجديد الذي لو عرض بغير لباقة، لوقفوا ضده وحاربوه، لقد نقلهم من وراثياتهم وغيَّر فهمهم للدين، وحوَّل اتجاههم في الحياة وأعطاهم الهدف، وملأ صدورهم بالأمل، في الحرية والقوة.
وكنت قد التقيت الرجل في القاهرة سنة 1946م، ثم عدت إلى القاهرة عام 1949م بعد أن قتل، وحاولت أن أتصل ببعض الدوائر التي تعرفه، فسمعت الكثير مما صدق نظرتي الأولى إليه.
فقد علمت أنه كان في أيامه الأخيرة يحس بالموت، وكان الكثير من محبيه ينصحه بالهجرة، أو الفرار أو اللياذ بتقيّة، أو خفيّة، فكان يبتسم للذين يقصون عليه هذه القصة وينشد لهم شعراً قديماً:
أي يوميَّ من الموت أفرّ يوم لا قدّر أم يوم قدر
يوم لا قدّر لا أرهبه ومن المقدور لا ينجو الحذر
كان لا يني لحظة عن محاولة استخلاص أنصاره من الأسر، وكان يبلغ به الأمر مبلغه، فيستيقظ في الليل، ويضع كلتا يديه على أذنيه، ويقول:
إنني أسمع صياح الأطفال الذين غاب عنهم آباؤهم في المعتقلات.
وحدّثني الرجل القرآني عندما أخذت أراجعه رأيه في صبغة الإسلام للشرق: قال: أضرب لك مثلاً بتركيا، إنها ستعود إلى الإسلام، وإن عوامل ذلك العود قد تبدت منذ الآن. كان هذا الحديث بيني وبينه سنة 1946م، وقد لاحظت في السنوات التالية ما تحقق من قول حسن البنا عام 1950م، بعد أن مضى الرجل إلى ربه، حيث هُزم حزب مصطفى كمال، وانتصر الحزب الذي كان يقال عنه إنه رجعي.
وسألته عن الصوفية والتصوف، وهل هو من الإسلام؟ وكان ذلك على إثر ما نشرته بعض الصحف من أنه سلالة مغربية، تعتنق الطريق الشاذلية، فكان مما أفضى به إليّ، أن الصوفية النقية البعيدة عن التعقيد هي من لباب الإسلام، وأنها هي الدرجة التي يصل إليها الرجل الحق، وأن الصوفية بالمفهوم الأصيل، تمد الطبع بحب الجهاد والكفاح وافتداء الفكرة، وأنه يجب أن يرقى أتباعه إلى هذه الدرجة، وأنه لا بأس على الإخوان، من أن يأخذوا المعاني القوية الكامنة وراء مظاهر الصوفية، فينقلوها إلى دعوتهم، دون أن يتقيدوا بأثوابها القديمة، أو مظاهرها التي لا تتفق مع روح العصر.
ولما سألته عن الإسلام والسياسة وأنا أرى أنهما لا يتصلان بحال، قال لي: أترى أن الإسلام بغير السياسة، لا يكون إلا هذه الركعات، وتلك الألفاظ! وإن الإسلام في الحق عقيدة ووطن، وجنس وسياسة، وثقافة وقانون. ولو انفصل الإسلام عن السياسة لحصر نفسه في دائرة ضيقة، ولما ترك للمسلمين إلا القشور والمظهريات والأشكال. وقال لي في ما قال: إن سر انتصار الغرب وظفره هو الإسلام.
قلت مستغرباً: كيف؟ قال من ناحيتين: إنه حفظ التراث القديم، وزاد عليه حين أسلمه لأوروبا، عن طريق قرطبة والقسطنطينية، وإن الغرب انتصر بأخلاق الشرق ومبادئه، فقد عرف الغرب الحصيف، كيف وصل الشرق بهذه الأخلاق إلى الذروة، فأسس تلك الإمبراطورية الضخمة فاستعار هذه الأخلاق ونجح، حين غفل عنها الشرق، وهو صاحبها وتخلف.
إن الشرق يتهيأ لنهضة كبرى، ووثبة عظمى، وإن الغرب يقف له بالمرصاد، ولابد لنا من أن نتسلم راية الحضارة الإنسانية، لنسعد الناس، ونحررهم بعد أن فشل الغرب وتخبط.
وهم، أي الغرب، يريدون لهذه الأمة نظاماً اجتماعياً ممسوخاً، من تقليد الغرب في الحكم والسياسة والقضاء والتعليم والاقتصاد والثقافة، ونحن نريد لها وضعاً ربانياً سليماً، من تعاليم الإسلام وهديه وإرشاده.
وجملة القول في الرجل القرآني: إنه يفهم الإسلام فهماً واضحاً يسيرا
http://www.al-aman.com/subpage.asp?cid=6822
وسيم أحمد الفلو
16-02-2008, 12:06 AM
رحم الله الإمام البنا
في الحقيقة لو قدرت له الحياة وأتى إلى لبنان لمات كمداً مما يفعل من يدعون إلإنتساب إليه.
أبو محمد القلموني
13-02-2009, 12:49 PM
للرفع في ذكرى استشهاده السنوية و وفاء للنهج الأعمق و الأنفع المجافي للزبد الذاهب جفاء عن قريب إن شاء الله . و يومئذ ستفرح الأرض بما مكث في ترابها يلمع نظيفا تحت شمس الطهر و الصفاء لم تبدده العواصف ولم تفتته الأمواج ، لتنظر إليه القلوب الحالمة المتعطشة بدموع حنين لا ينضب .
إلى المعذبين في الأرض و الحيارى الذين تتخطفهم جوارح الشبهات لتلقي بهم يهيمون في كل واد . قفوا على أرجلكم ذات ذكرى عبق بها الكون فأزكم الأنوف عطرا ، و أعلنوا موقفكم من النتن و الجيف التي يلتف حولها صرعى الكؤوس ينهشونها بشبق الوحوش الكاسرة.
أما آن لكم أن تتنسموا عبير الحرية في منهج الحق و موكب النور و طريق الأحياء؟ إلى متى ستبقى أرواحكم في سجن الطاغية يرقبكم من سرير لذاته الآثمة يستعذب عذاباتكم و يرتعش سرورا بأناتكم المتواصلة ؟ متى تنغصون مرتعه و دعته و تكدرون عليه كأسه المترعة بالحقد ؟ !
هنا معين حب متدفق تعالوا إليه لتغتسلوا فيه من أدران ذلكم و غبش عماكم . و انهلوا منه لتتطهر قلوبكم و تنقى عقولكم و تصقل بالمشهد الحقيقي الذي أراد لكم المستكبرون أن تغضوا دونه أبصاركم لتلتصق بالوحل فتعشى به !
ارفعوا رؤوسكم و ولوا وجوهكم قبل الشمس و احجزوا لكم مقعدا في قطار العزة الهادر أبدا منذ فجر التاريخ و إلى أن يرث الله الأرض و من عليها . فلله وحده الأمر من قبل و من بعد .
بارك الله بكم أخ أبو محمد ...
ومشكور الأخ الشامي عالرابط .....
ومشكور الأخ حميطون عالقصة .....
ورح كون مع الأخ زاهر من المتابعين المتفرجين ......
كلما ارتفع الانسان تكاثفت حوله الغيوم والمحن
اعتراف عبدالحميدعبدالله شارك فى غتيال الامام البنا كلامة خطير جدا
http://www.ikhwantube.org/video/2968...ع-تراث-الاخوان (http://www.ikhwantube.org/video/2968/اعتراف-عبدالحميدعبدالله-شارك-فى-غتيال-الامام-البنا-من-موقع-تراث-الاخوان)
هادي شقرة
14-04-2009, 07:51 PM
رحم الله الامام العالم المجاهد الشهيد حسن البنا
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir