المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة الموت



وسيم أحمد الفلو
24-02-2008, 09:24 PM
ثقافة الموت


د. عائض القرني




أكثرنا من ثقافة الموت قراءةً وتطبيقاً ومحاضرات ودروسا، نحن خُلقنا للحياة ولكننا حوّلنا حياتنا إلى الموت، فغالب الخطب والدروس تتحدث عن الموت وتهمل الحياة. وأنا أعلم أن الموت لا بد منه والاستعداد له واجب. ولكن قبل أن نموت علينا أن نعيش وقبل أن نرحل علينا أن نبني وأن نعمر، وقبل أن نودّع الحياة علينا أن نترك أثرا جميلا وذكرا حسنا من عمل صالح وخُلُق نبيل ومشروع نافع وذرية طيّبة ومؤسسة رائدة وكتاب مفيد ونحو ذلك من صنوف البر والإحسان.

إن الحياة في سبيل الله أعظم من الموت في سبيله؛ لأن الحياة في سبيله، سبحانه، طويلة وجميلة فيها علم وعمل، ومعتقد وأخلاق، وأخذ وعطاء، ودنيا وآخرة، وحقوق وواجبات. أما الموت فهو لحظة انتقال من الدنيا إلى الآخرة. إن كثيراً من الخطب تدعونا إلى ترك الدنيا واليأس والقنوط والإحباط فأصبح الناس لا يفكرون إلا في طريق التخلص من الحياة، وصار عندهم قناعة بأن هذه الحياة لا تستحق الاحتفاء والاهتمام بها. وتكونت لدى الكثير فكرة أنه لا داعي أن نعيش طويلا وأن الأفضل اختصار هذه الحياة والانتقال للآخرة.



إن الأبرار، وعلى رأسهم رسول الهدى (صلى الله عليه وسلم)، بنوا الحياة وشادوا الحضارة وأسسوا القيم الراشدة وبنوا صروح المعرفة، أما أرسل جيوش الفتوح تنشر العدل والأمن والإيمان في العالم؟ أما سار الخلفاء بعده يواصلون مسيرة الإعمار والبناء ونشر ثقافة الحب والسلام؟ فخلف من بعدهم خلف ضاقوا بالحياة وبأهلها لأمراضهم النفسية وعقدهم الروحية، فزهّدوا العالم في علمه، والمهندس في آلته، والنجار في فأسه، والمزارع في حقله، والطبيب في مشرطه، وأرادوا من الجميع أن يتركوا دورهم في الحياة ويلبسوا الأكفان استعداداً للموت. لا وألف لا.. سوف تكون الحياة أكثر جمالا من دون هؤلاء المنفرين القانطين المحبطين.



إن الحياة في سبيل الله رسالة عظيمة ربّانيّة يتحول بها الإنسان من صفر لا قيمة له إلى رقم صعب له قيمته، فيصبح التاجر فرحاً مسروراً بتجارته المباركة حيث يأخذها من حلال ويصرفها في حلال، ويصبح الفلاح مغرداً منشداً في حقله؛ لأنه يعلم أنه مأجور من الله ومشكور من خلقه، ويصبح الأستاذ مستبشراً بفضل الله وهو يعلم أنه يُعلِّم جيلا ويثقف أمة ويهدي قلوباً، ويصبح الجندي مطمئناً لمهنته وهو يحمل بندقيّته يحرس بها الأمة ويحمي بها الوطن ويدافع عن المكاسب. أيها العلماء حببوا الحياة في سبيل الله للناس، ليشعر الإنسان أن لوجوده معنى، ولخلقه حكمة، ولحياته هدفا. حينها نترك حياةً جميلة وحضارةً مباركة كما تركها أجدادنا لنا. إن الذي يفكر كيف يموت سوف يقف نتاجه وينتهي إبداعه ويموت نفعه، أما الذي يفكر كيف يعيش فسوف يشرق كما تشرق الشمس، ويسطع كما يسطع الفجر، وينفع كما ينفع الغيث. والقرآن دعا إلى حياتين ومشهدين ومرحلتين للحياة في سبيل الله والموت في سبيل الله «من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون». صدق الله العظيم.

محمد أحمد الفلو
24-02-2008, 11:50 PM
بارك الله بالشيخ عائض وبك أخي على هذا الكلام الجميل

وأنا أحببت أن أورد في هذا المقام قصة حصلت معي منذ عامين

كنا في محاضرة عامة في قاعة مسجد الصديق في طرابلس ، في دورة للطلاب الجامعيين , وكنا على موعد مع محاضرة للأخ المجاهد أسامة حمدان... وغصت القاعة بالحضور الطلابي حتى وصل العدد إلى 400 طالب وطالبه
وعندما حان وقت المحاضرة و دخل الأخ أسامة إلى القاعة بدأ الشباب بالتكبير فرحا بقدومه ... وقاموا بترديد الهتافات الجهاديه وكان من بينها الهتاف المشهور

( أوالوا الله أولوا الله .... أحنا جنود الحق والله
أحنا خلقنا لأجل الموت ... لنحارب أعداء الله)

ثم ابتدأ الأخ أسامة محاضرته بالتعليق حول معنى هذا الهتاف فقال:

( بارك الله بكم على هذا الترحيب وهذا الحماس ... ولكن بالنسبة لهتافكم (أحنا خلقنا لأجل الموت) فأنا لاأوافق على الهتاف ، فإنا قد خلقنا لأجل الحياة السعيدة العزيزة ، ولا مشكلة لدينا بأن نضحي بحياتنا في سبيل أنا نحيى هذه الحياة أو يحياها أهلونا من بعدنا)

وسيم أحمد الفلو
28-02-2008, 09:52 PM
على فكرة حميطون

أنا لا أوافق على كلما ورد في هذا المقال، الفكرة فيها شيء من الصحة ولكن كل الاحاديث والآيات تمجد الإستشهاد في سبيل الله.

الموضوع بحاجة إلى تفصيل ونقاش معمق

محمد أحمد الفلو
29-02-2008, 01:07 AM
أنا أحسست بأن الغاية الأساس من المقال هي أن لا نعزي أنفسنا بفشلنا في شتى الميادين بأن نسهب في تحقير الدنيا و نجاحاتها , وأن نتمنى الإستشهاد في سبيل الله ليأسنا من الدنبا. وأنا أؤيد هذه الفكره

أما بالنسبة للآيات التي تحض على الإستشهاد في سبيل الله فأنا أستشهد لتبرير خلفية كلمة الأخ أسامه بقول الله تعالى ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و المسضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ) .

لا شك بأن الا ستشهاد في سبيل الله هو غاية في حد ذاته و لكن ليس لتبرير الفشل و الفرار من المسؤوليات ,,, إنما لإبصال دعوة الله إلى عباده في أرضة يعمروها وفق شرعه