nour
28-03-2007, 10:29 AM
أتت هند بنت عتبة النبي -صلى الله عليه وسلم- تبايعه، فلما قال: "ولا يزنين"، قالت: أوَتزني الحرة؟ لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية؛ فكيف بالإسلام؟ والحرّ عند العرب شريف القوم وكريمهم.
فأعجب من حياء الجاهليين الأُول! قوم أميون لا ضابط يردعهم لولا الحياء، الذي فطر الله عليه النفس السويّة.
وهذا الشنفرى من شعراء الجاهلية ، يقول مادحاً زوجته:
لقد أعجبتني لا سَقوطاً قناعها
إذا ما مشت، ولا بذات تلفّتِ
كأنّ لها في الأرض نِسْياً تقُصّه
على أَمَّها، وإن تكلّمكَ تبْلتِ
فهي حييّة عفّة، لا يسقط قناعها، ولا تتلفّت أثناء مَشْيها، بل تنظر إلى الأرض كأنما تبحث عن ضائع، فإن كلّمها أحد أوجزت في الجواب وقصدت.
وهذا عنترة العبد يتّصف بصفات الكرام والشرفاء، ويقول مفاخراً:
وأغضُّ طرفي ما بدت ليَ جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وقال آخر:
وإني لأُغضي الطّرف عنها تستّراً
ولي نظرٌ لولا الحــــــــياء شديدُ
ثمّ أعجب بالقدر نفسه، من جراءة الجاهلية الحديثة التي تحرّرت من ضابط الحياء فإذا هي تستعبدها شهواتها!!
وبات الحرّ من لا يستحي ويصنع ما يشاء.
وهكذا صار للعبوديّة وجه جديد واسم جديد، في عصر شُوّهت فيه المفاهيم، ومُسِخت الفِطر، فباتت الرذيلة تحرّراً، والحياء تخلّفاً. وعمّ الفساد؛
فتقوّضت بيوت وشقيت مجتمعات.
وأعجب من ذلك كلّه، أن ترى بين المسلمين (المتحرّرين) سمّاعين لصوت الجاهلين، فإذا النساء يخلعن جلابيب الحياء، سفوراً، وخضوعاً بالقول، لا يتحرّزن من شبهة، ولا يمتنعن من ريبة.
وليس حراً من لم ينعتق من سلطان رغباته وأهواء نفسه أن تستعبده، فيأخذ بناصيتها، ويوجّهها إلى حيث الفضيلةُ ومكارمُ الأخلاق.
إنك في الجاهلية الحديثة تعيش ( هاجس الحرية) في زمن ( العبودية).
تلك العبودية التي تُلقي بك في مهاوي الشقاء؛ حيث تعتقد أنك واجد السعادة.
عبودية تجعلك عاجزاً عن الإحجام أوالإقدام متى أردت، تجعلك مسيّراً في حين تريد أن تكون حراً مخيّراً.
والحياء –بلا شك – جامع الفضائل، وشرف الدنيا، وفوز الآخرة، ذلك أن الحيِيَّ ينأى بنفسه عما يعرّضها لقالة السوء أويخدش وقارها، ويمسّ هيبتها، وهوأشد حياء من الله، وامتناعاً عن المعاصي. لذلك اقترن الحياء بالإيمان. وفي الحديث:
(الحياء والعيّ شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق).
قال الترمذي (راوي الحديث): وإنما جُعِل الحياء – وهوغريزة – من الإيمان – وهواكتساب –لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه.
ومع كون الحياء غريزة إلا أنه يمكن اكتسابه ككل فضيلة بتعهده حتى ينموويثمر سعادة في الدنيا والآخرة، وبممارسة الرياضة السلوكية. ومن هذه الرياضات:
-حفظ اللسان عن المعائب وفضول الكلام.
- الاحتراس من مواطن الشبهات وضبط التعامل مع الجنس الآخر.
- تعويد النفس غضّ البصر وصمّ الأذنين دون المحرّمات.
- الطفولة وعاء الأدب؛ فعلينا تعويد أبنائنا حسن السلوك منذ طفولتهم في كل حركاتهم وأقوالهم.
والمرء رهينة عادته؛ فمن يتعود المنكر يألفه ويأنس إليه، ومن يحمل نفسه على المكرمات تصبح شيمته.
رزقنا الله من الصفات أحسنها، ومن الفضائل أجمعها، ونعوذ بالله من شقاوة الجاهلين وتدبير الكائدين.
سنا محمد طوط
فأعجب من حياء الجاهليين الأُول! قوم أميون لا ضابط يردعهم لولا الحياء، الذي فطر الله عليه النفس السويّة.
وهذا الشنفرى من شعراء الجاهلية ، يقول مادحاً زوجته:
لقد أعجبتني لا سَقوطاً قناعها
إذا ما مشت، ولا بذات تلفّتِ
كأنّ لها في الأرض نِسْياً تقُصّه
على أَمَّها، وإن تكلّمكَ تبْلتِ
فهي حييّة عفّة، لا يسقط قناعها، ولا تتلفّت أثناء مَشْيها، بل تنظر إلى الأرض كأنما تبحث عن ضائع، فإن كلّمها أحد أوجزت في الجواب وقصدت.
وهذا عنترة العبد يتّصف بصفات الكرام والشرفاء، ويقول مفاخراً:
وأغضُّ طرفي ما بدت ليَ جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وقال آخر:
وإني لأُغضي الطّرف عنها تستّراً
ولي نظرٌ لولا الحــــــــياء شديدُ
ثمّ أعجب بالقدر نفسه، من جراءة الجاهلية الحديثة التي تحرّرت من ضابط الحياء فإذا هي تستعبدها شهواتها!!
وبات الحرّ من لا يستحي ويصنع ما يشاء.
وهكذا صار للعبوديّة وجه جديد واسم جديد، في عصر شُوّهت فيه المفاهيم، ومُسِخت الفِطر، فباتت الرذيلة تحرّراً، والحياء تخلّفاً. وعمّ الفساد؛
فتقوّضت بيوت وشقيت مجتمعات.
وأعجب من ذلك كلّه، أن ترى بين المسلمين (المتحرّرين) سمّاعين لصوت الجاهلين، فإذا النساء يخلعن جلابيب الحياء، سفوراً، وخضوعاً بالقول، لا يتحرّزن من شبهة، ولا يمتنعن من ريبة.
وليس حراً من لم ينعتق من سلطان رغباته وأهواء نفسه أن تستعبده، فيأخذ بناصيتها، ويوجّهها إلى حيث الفضيلةُ ومكارمُ الأخلاق.
إنك في الجاهلية الحديثة تعيش ( هاجس الحرية) في زمن ( العبودية).
تلك العبودية التي تُلقي بك في مهاوي الشقاء؛ حيث تعتقد أنك واجد السعادة.
عبودية تجعلك عاجزاً عن الإحجام أوالإقدام متى أردت، تجعلك مسيّراً في حين تريد أن تكون حراً مخيّراً.
والحياء –بلا شك – جامع الفضائل، وشرف الدنيا، وفوز الآخرة، ذلك أن الحيِيَّ ينأى بنفسه عما يعرّضها لقالة السوء أويخدش وقارها، ويمسّ هيبتها، وهوأشد حياء من الله، وامتناعاً عن المعاصي. لذلك اقترن الحياء بالإيمان. وفي الحديث:
(الحياء والعيّ شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق).
قال الترمذي (راوي الحديث): وإنما جُعِل الحياء – وهوغريزة – من الإيمان – وهواكتساب –لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه.
ومع كون الحياء غريزة إلا أنه يمكن اكتسابه ككل فضيلة بتعهده حتى ينموويثمر سعادة في الدنيا والآخرة، وبممارسة الرياضة السلوكية. ومن هذه الرياضات:
-حفظ اللسان عن المعائب وفضول الكلام.
- الاحتراس من مواطن الشبهات وضبط التعامل مع الجنس الآخر.
- تعويد النفس غضّ البصر وصمّ الأذنين دون المحرّمات.
- الطفولة وعاء الأدب؛ فعلينا تعويد أبنائنا حسن السلوك منذ طفولتهم في كل حركاتهم وأقوالهم.
والمرء رهينة عادته؛ فمن يتعود المنكر يألفه ويأنس إليه، ومن يحمل نفسه على المكرمات تصبح شيمته.
رزقنا الله من الصفات أحسنها، ومن الفضائل أجمعها، ونعوذ بالله من شقاوة الجاهلين وتدبير الكائدين.
سنا محمد طوط