المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهروب من الواقع؟!



shanzimer6
28-02-2008, 10:37 PM
الهروب من الواقع.... كلمة باتت رائجة في أيامنا هذه... فقد اعتبرها البعض وسيلة للدفاع عن النفس... فيما اعتبرها آخرون خيانة عظمى... إهمال وتقصير... تخلي عن الذات... تخلي عن فعل الواجبات وتحمّل المسؤوليات....


إلا أنها واقعياً... ليست إلا هروباً من المشاكل والهموم... سعياً إلى وجود عالم أكثر أماناً وهدوءاً وطمأنينة...


عالم لا تشوبه شائبة....

لا يحظره أوهام الناس...

لا تتعدّاه ولا تصل إليه أفكار وتطلعات الحالمين من البشر...

لا تكثر فيه الانتقادات والتعليقات....

عالم بناه هذا الانسان من وحي وضعه الذي يعيشه _ أو يحلم بوجوده_

عالم بدأ يتخيّل وجوده , وينسج تخيّلاته على أوراق الزمن... ولكنه بات حلماً لا أكثر.. لا يخلو من نسمات الأمل.. ذلك الأمل بالتحقق, وهو ليس بالمستحيل!

ولكنه يستوجب وجود إرادة لحبّ التغيير, وعزيمة قوية, ومجهود مضاعف, وتطبيق أكثر من مجرد التفكير...


الواقع ! كلمة تحمل في طيّاتها أفكار وتوجّهات عديدة.... كلمة تنبع منها أسرار الشخصية الانسانية...


كلمة تعبّر عن نفسيّة كل إنسان.... هو أشبه بالمرآة التي تعكس الواقع الذي يعيشه كل فرد منا...


فمتى كان هذا الواقع أليماً... كانت الشخصية خجولة.. لها جوانب مظلمة... وأسرار مخفية.. تطمح إلى الاستقلالية...

إلا أنها لا تستطيع أن تخفي ملامح الحزن عن الوجه, أو في التصرفات والسلوكيّات...


وغالباً ما تخفي طيبة قلب تكسر الحجر, ولمسة حنان تدفىء السّهر!


أما إذا كان الواقع رضيّاً, فيعكس بدوره شخصية صادقة, صريحة, مندفعة, مبادرة ومساعدة, ...


أنّى وجدت مرآةً لها تعكس صفاتها... بادرت هي أيضاً إلى سرد واقع شموخها, وعزتها وكرامتها...

شخصية تتعلم من أخطاءها.... تتلقى ضربات في الصميم.. ولكنها تبقى صامدة... لا تهان!

لا بل تستمدّ قوتها من قصص ماضيها ومجد حاضرها...

تتلقى.. لا بل تستقبل آراء الآخرين برحابة صدر, خاصةً إذا ما توجّهوا إليها بعين الناصح الأمين..


في الخلاصة... هي نفسية طيّبة وخيّرة !


كيف نهرب من الواقع؟


كلّ منا عنده أساليبه الخاصة بالتعبير ( والهروب هو إحدى اساليب التعبير)..


وليس منّا من يقاوم الواقع, ويستطيع أن يمشي دوماً معاكساً للتيار... ولكن هذا لا يعني الانكسار, بل قد يعني ضعفاً في الشخصية... ومن منّا لا يضعف!


فالطالب مثلاً يهرب من واقعه بالنوم, وترك واجباته ودروسه... ومجرد التفكير بتراكم هذه الأعمال والواجبات وكثرة الانشغال يدفع الفرد للمحاولة مرة أخرى الهروب من هذا الواقع الجديد... الذي نشأ نتيجة هروبه من الأول..

وقد قيل:" لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد, فإن للغد عمل آخر".


مظاهر / أساليب/ ونتائج الهروب:


- النوم (أسلوب).

- الاحساس بالكآبة واليأس والاحباط (مظهر).

- ترك كل ما يتعلق بالمشكلة (أسلوب/ مظهر).

- السقوط (نتيجة) _ وليس الفشل _.


كيف نواجه الهرب؟


- تجديد النفسية والرغبة في التغيير... قال تعالى:" لا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

- معرفة المشكلة هو نصف الحل.

- أما النصف الآخر فهو المعالجة ومحاولة استئصالها من جذورها.

- تلافي الوقوع فيها مرة أخرى ( من يقع مرة أخرى هو إنسان قليل الخبرة).

- حسن اختيار الانسان الصادق , المصدوق, الناصح, الذي نحسّ بجانبه بالراحة النفسية, ونرغب دوماً بالتواجد والحديث معه.... الذي يراعي الظروف, ويحسب ألف حساب...


أخي الكريم / أختي الكريمة:


كل منا يعيش هذا الواقع, ولا يستطيع أن يهرب منه....


لذلك.. ليعمل جاهداً أن يتخلص منه بأقل خسائر ممكنة, وسينضم هذا الصمود إلى لائحة خبراته.... وقد يكون تجربة يتعلم ويستفيد منها الآخرون...


ودمتم سالمين...

روعة
28-02-2008, 10:52 PM
موضوع هام جداً إسراء يلامس كبد الحياة

الزاهر
29-02-2008, 12:04 PM
موضوع رائع...............معاني جميلة..................


هذه الحالة الإيجابية من الهروب هي ذاتها حالة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بدء الوحي..............تأملو معي هذا المقتطف من "فقه السيرة النبوية" للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.........وتأملو العبرة والحكمة التي خرج بها!!!!


يقول في الصفحة الستين في فصل "اختلاؤه في غار حراء" :

لما أخذت سن الرسول- صلى الله عليه وسلم- تدنو نحو الأربعين، نشأ لديه حب للعزلة بين الفترة والأخرى، وحبب لديه الاختلاء في غار حراء –وحراء جبل يقع في جانب الشمال الغربي من مكة –فكان يخلو فيه ، ويتعبد الليالي ذوات العدد ،فتارة عشرة وتارة أكثر من ذلك إلى شهر ثم يعود إلي بيته.

فلا يكاد يمكث فيه إلا قليلاً حتى يتزود من جديد لخلوة أخري ويعود الكرة إلى غار حراء،وهكذا إلى أن جاءه الوحي وهو في إحدى خلواته تلك .

العبرة…

إن لهذه الخلوة التي حببت إلى قلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبيل البعثة دلالة عظيمة جداً ،لها أهمية كبري في حياة المسلمين عامة والداعين إلي الله بصورة خاصة .فهي توضح أن المسلم لا يكمل إسلامه مهما كان متحليا بالفضائل، قائماً بألوان العبادات، حتى يجمع إلي ذلك ساعات من العزلة والخلوة، يحاسب فيها النفس ، ويراقب فيها الله تعالى ، ويفكر في مظاهر الكون ، ودلائل ذلك على عظمة الله .

هذا في حق أي مسلم يريد لنفسه الإسلام الصحيح، فكيف بمن يريد أن يضع نفسه في موضع الداعي إلى الله والمرشد إلى الطريق الحق .

وحكمة ذلك أن للنفس الإنسانية آفات، لا يقطع شرها إلا دواء العزلة عن الناس ،ومحاسبتها في نجوة من ضجيج الدنيا ومظاهرها.

فالكبر والعجب والحسد والرياء وحب الدنيا -كلها آفات منشأها أن تتحكم في النفس وتتغلغل إلي أعماق القلب ، وتعمل عملها التهديمي في باطن الإنسان رغم ما قد يتحلي به ظاهره من الأعمال الصالحة والعبادات المبرورة ورغم ما قد ينشغل به من القيام بشئون الدعوة والإرشاد وموعظة الناس .

وليس لهذه الآفات من دواء إلا أن يختلي صاحبها بين كل فترة وأخرى مع نفسه، ليتأمل في حقيقتها ومنشئها ومدى حاجتها إلى عناية الله وتوفيقه في كل لحظة من لحظات الحياة، ثم ليتأمل في الناس ومدى ضعفهم أمام الخالق-عز وجل- وفي عدم أي فائدة لمدحهم أو قدحهم ،ثم ليتفكر في مظاهر عظمة الله وفي اليوم الآخر وفي الحساب وطوله ،وفي عظيم رحمة الله وعظيم عقابه .

فعند التفكير الطويل المتكرر في هذه الأمور تتساقط تلك الآفات اللاحقة بالنفس ويحيى القلب بنور العرفان والصفاء، فلا يبقى لعكر الدنيا من سبيل إلى تكدير مرآته .

وشئ آخر له بالغ الأهمية في حياة المسلمين وأرباب الدعوة خاصة: هو تربية محبة الله- عز وجل- في القلب .

فهو منبع التضحية والجهاد،وأساس كل دعوة متأججة صحيحة.

ومحبة الله لا تأتي من مجرد الإيمان العقلي به، فالأمور العقلانية وحدها ما كانت يوماً ما لتؤثر في العواطف والقلوب .ولو كان كذلك لكان المستشرقون في مقدمة المؤمنين بالله ورسوله ،ولكانت أفئدتهم من أشد الأفئدة حباً لله ورسوله ..

أو سمعت بأحد من العلماء ضحى بروحه إيماناً منه بقاعدة رياضية أو مسألة من مسائل الجبر؟!

وأما الوسيلة إلى محبة الله تعالي –بعد الإيمان به- كثرة التفكير في آلائه ونعمه، والتأمل في مدى جلالته وعظمته، ثم الإكثار من ذكره سبحانه وتعالى بالقلب واللسان وإنما يتم كل ذلك بالعزلة والخلوة والابتعاد عن شواغل الدنيا وضوضائها في فترات متقطعة متكررة مع الزمن .

فإذا قام المسلم بذلك وتهيأ له أداء هذه الوظيفة، نبتت له من ذلك في قلبه محبة إلهية عارمة ،تجعله يستصغر كل عظيم ،احتقر كل مغرية من المغريات ،ويستهين بكل إيذاء وعذاب ،وستعلي فوق كل إيذاء واستهزاء .فتلك هي العدة التي ينبغي أن يتسلح بها الدعاة إلى الله

وتلك هي العدة التي جهز الله بها حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم للقيام بأعباء الدعوة الإسلامية.



ما أجملها من لحظات تحت الصنوبرات..........آعد وحدك ما في شي يزعجك.........أو هيك مشوار بالفلوكة تشلح الحجر بنص البحر وتتلئح عالسئالة وتعد تفكر!!!.........لا ضجة ولا ملهيات ولاشي!!!.........رواااااااء!!!!



السلام عليكم

shanzimer6
09-03-2008, 02:28 PM
السلام عليكم:

فقد اعتبرها البعض وسيلة للدفاع عن النفس... فيما اعتبرها آخرون خيانة عظمى... إهمال وتقصير... تخلي عن الذات... تخلي عن فعل الواجبات وتحمّل المسؤوليات....



كيف يكون الهروب من الواقع وسيلة للدفاع عن النفس؟


الهروب من الواقع له فوائد عديدة.. أولاها بأنه " خلوة مع الذات ".. لمحاسبتها على تقصيرها أو غفلتها... وللتفكر...

فعندما يختلي المرء بنفسه ليقوّمها ويحسّن من تصرفاتها....
كي يختار الكلام المناسب ويتعلم من أخطاءه السابقة...

فعندها يتمكن في موقف مشابه من الدفاع عن نفسه.... لأنه مرّ بمثل هذه التجربة... واستخلص منها العِبر....


كيف يكون الهروب من الواقع خيانة عظمى؟


إجمالاً... عندما يهرب المرء من واقعه.. إنما يهرب من الناس.... حقيقة الوجود .... الذين لا يسلم من انتقاداتهم وتعليقاتهم....

والهروب هنا... يكون خوفاً من تكرار للموقف... الذي حدث معه....

فالموقف المحرج ... لا يتمناه أحد... لا بل يكره تكراره....
فإذا تكرر... سمح لنفسه بالهروب... خشية " المواجهة "...

وقد يعتبر البعض " عدم المواجهة " هو " خيانة عظمى " ....


كيف يكون الهروب من الواقع إهمالاً وتقصيراً وتخلياً عن الواجبات والمسؤوليات ؟


حيث يهرب الانسان من واقعه... فيترك واجباته.. التي ما تلبث أن تتراكم... هذا التراكم هو بحدّ ذاته " تقصيراً عن أداء الواجبات وإهمالاً للمسؤوليات "...


كيف يكون الهروب من الواقع تخلياً عن الذات؟


مجرد فكرة الهروب تعني التخلي.... وهو في البداية _ وقبل الهروب من الناس _ هو هروب من واقع الذات الانسانية...

فالرغبة في التغيير يصحبها " هروب" ... وبعد الهروب " تفكر وخلوة"... وبعد التفكر والخلوة " إرادة قوية وعزيمة أشدّ للتغيير"...