أبو محمد القلموني
31-03-2007, 06:23 PM
الحمد لله الذي شرفنا بمحمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم نبيا خاتما يدعونا إلى التوحيد، دين الحق و الحرية. فأقام على هذا طيلة عمره المجيد يتلو على الصحب الكرام ما يعتق الرقاب من أسر الذلة لغير الله ، و يحرر النفوس من شهوات تكبل العقول و تطفئ النور في الوجوه. فأهدى إلى العالمين بهديه و سنته و ما بلغه عن ربه ما إن تمسكت به سعدت سعادة أبدية في الدنيا و الآخرة.
اللهم قدرت في سابق علمك أنا لا نراه في الدنيا ، لنقطع عمرنا والشوق يقطع أوصالنا و يحرق بلهيب الحب مهجنا. اللهم اشتاقت قلوبنا إليه حتى انكسرت كسرا لا يجبر إلا برؤيته صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. اللهم إنك تعلم أننا نفديه بأرواحنا و أولادنا و أزواجنا و أمهاتنا و آبائنا اللهم فاجبر كسرنا فيه يا كريم وامنن علينا بمرافقته في الجنة .
وبعد :
حديثي إليكم أيها الإخوة في هذه السطور هو حديث العشق والشوق لسيدي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. وهو لن يكون حديث تعريف بشخصه الكريم ! كيف وهو النور الساطع الذي يستدل به لا عليه ؟! ولن يكون حديث المدافع المنافح عنه ! كيف وهو ، الذي يحتاج من تنكب صراطه و أعرض عن هديه ، أن يعتذر بين يديه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم!
ألا و إن قوما سبقونا إليه رؤية و تعلقا ، امتدح الله حالهم في محكم التنزيل و جعل طريقتهم وما كانوا عليه سبيل هداية للسالكين. فقال تعالى مزكيا إيمانهم ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) وقال متوعدا من أعرض عن سبيلهم : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا ).
فنحن إنما نأخذ بهذه الآيات الواضحات ، حين نستعرض حال الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم في جانب الحب والتعلق القلبي.
فإليكم هذه الآثار الجميلة التي تحكي طرفا من تعلق ذلك الجيل بمحمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. أضعها هنا بين أيديكم لنجدد ونحرك بها شوقنا إليه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم.
حديث الجذع :
جاء في مسند الإمام أحمد : حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَحَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
يا لله ! ما أسعد ذلك الجذع ! وما أهنأه ! إنه لفي عيش طيب و لذة غامرة مذ مسه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم محتضنا ! اللهم فأكرمنا بما أكرمت به الجذع ولا تحرمنا.اللهم إنا نشهد لك بالوحدانية و لنبيك بالرسالة اللهم فجد علينا بما جدت به على ذلك الجذع. اللهم آمين.
هذا و في رواية أخرى زيادة لطيفة رواها الإمام أحمد في المسند أيضا عن أبي جناب عن أبيه عن عبد الله بن عمر : (قَالَ فَخَارَ الْجِذْعُ كَمَا تَخُورُ الْبَقَرَةُ جَزَعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْتَزَمَهُ وَمَسَحَهُ حَتَّى سَكَنَ )
فإذا كان هذا حال الجذع الذي تشرف بأن داسته قدما رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم زمانا من الدهر ، ثم لما تحول عنه بأبي هو وأمي إلى مكان قريب و موضع غير بعيد خار كما تخور البقر ، فكيف إذا بمن جاء بعده بسنين طويلة فحرم فضل رؤيته و الإجتماع به ؟! فهل يلام إن قضى حياته كلها خائرا ملتاعا ؟! اللهم لطفك و عفوك يا كريم.
و كان الحسن البصري رحمه الله يحدث بقصة الجذع و يقول(يا معشر المسلمين.. الخشبة تحِنُ إلى رسول الله شوقاً إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه)
حديث سواد بن زرارة:
وقد رواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه ( معرفة الصحابة ) ، قال : ( حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا محمد بن يحيى المروزي ، ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن حبان بن واسع ، عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفي يده قدح يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار قال : وهو مستنتل من الصف ، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه ، وقال : « استو يا سواد » فقال : يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالعدل ، فأقدني قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « استقد » قال : يا رسول الله إنك طعنتني وليس علي قميص قال : فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه ، وقال : « استقد » قال : فاعتنقه ، وقبل بطنه ، وقال : « ما حملك على هذا يا سواد ؟ » قال : يا رسول الله ، حضرني ما ترى ، ولم آمن القتل ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير )
فهذا سواد يرى رسول الله صلى الله عليه و سلم صباح مساء تطرب أذناه بكلماته العذبة و تقر عينه بطلعته البهية ، وظل على هذا زمانا. ثم لما حضرت المعركة ، جعل يرى الموت أمامه فلا يخافه و لا يخشاه لكنه يخشى أن يحول الموت بينه و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد أن يكون آخر عهده بدنياه أن يمس جلده جلد رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. وكان له ما أراد رضي الله عنه.
فإلى سواد نقول بدموع أعيننا الحزينة و نبضات قلوبنا الملتاعة: هنيئا لك ما قسمه الله لك يا سواد ، ونسأل الله أن يجمعنا وإياك في الجنة مع رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم.
عبد الله بن الزبير في عجيبة من عجائب الحب لا نظير لها في تاريخ المحبين!
روى البيهقي في السنن الكبرى قال : أخبرنا أبو الحسن على بن احمد بن عبدان أنبأ احمد بن عبيد نا محمد بن غالب نا موسى بن اسمعيل أبو سلمة ثنا هنيد بن القاسم قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يحدث عن ابيه قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني دمه وقال : اذهب فواره لا يبحث عنه سبع أو كلب أو انسان. قال: فتنحيت عنه فشربته ، ثم أتيت النبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما صنعت ؟ قلت : صنعت الذى أمرتني ، قال : ما اراك الا قد شربته قلت: نعم قال: ماذا تلقى أمتى منك !.
قال أبو جعفر وزادني بعض أصحاب الحديث عن أبى سلمة قال فيرون ان القوة التى كانت في ابن الزبير من قوة دم النبي صلى الله عليه وسلم!
قلت : فأي حب هذا الذي كان يعتلج في صدر عبد الله بن الزبير والذي منعه أن يواري دم الحجامة في التراب ! فهل هي غيرة على دمه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم من التراب ؟! أم تراها معضلة لا يفقهها إلا العاشقون !
يتبع إن شاء الله
اللهم قدرت في سابق علمك أنا لا نراه في الدنيا ، لنقطع عمرنا والشوق يقطع أوصالنا و يحرق بلهيب الحب مهجنا. اللهم اشتاقت قلوبنا إليه حتى انكسرت كسرا لا يجبر إلا برؤيته صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. اللهم إنك تعلم أننا نفديه بأرواحنا و أولادنا و أزواجنا و أمهاتنا و آبائنا اللهم فاجبر كسرنا فيه يا كريم وامنن علينا بمرافقته في الجنة .
وبعد :
حديثي إليكم أيها الإخوة في هذه السطور هو حديث العشق والشوق لسيدي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. وهو لن يكون حديث تعريف بشخصه الكريم ! كيف وهو النور الساطع الذي يستدل به لا عليه ؟! ولن يكون حديث المدافع المنافح عنه ! كيف وهو ، الذي يحتاج من تنكب صراطه و أعرض عن هديه ، أن يعتذر بين يديه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم!
ألا و إن قوما سبقونا إليه رؤية و تعلقا ، امتدح الله حالهم في محكم التنزيل و جعل طريقتهم وما كانوا عليه سبيل هداية للسالكين. فقال تعالى مزكيا إيمانهم ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) وقال متوعدا من أعرض عن سبيلهم : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا ).
فنحن إنما نأخذ بهذه الآيات الواضحات ، حين نستعرض حال الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم في جانب الحب والتعلق القلبي.
فإليكم هذه الآثار الجميلة التي تحكي طرفا من تعلق ذلك الجيل بمحمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. أضعها هنا بين أيديكم لنجدد ونحرك بها شوقنا إليه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم.
حديث الجذع :
جاء في مسند الإمام أحمد : حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَحَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
يا لله ! ما أسعد ذلك الجذع ! وما أهنأه ! إنه لفي عيش طيب و لذة غامرة مذ مسه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم محتضنا ! اللهم فأكرمنا بما أكرمت به الجذع ولا تحرمنا.اللهم إنا نشهد لك بالوحدانية و لنبيك بالرسالة اللهم فجد علينا بما جدت به على ذلك الجذع. اللهم آمين.
هذا و في رواية أخرى زيادة لطيفة رواها الإمام أحمد في المسند أيضا عن أبي جناب عن أبيه عن عبد الله بن عمر : (قَالَ فَخَارَ الْجِذْعُ كَمَا تَخُورُ الْبَقَرَةُ جَزَعًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْتَزَمَهُ وَمَسَحَهُ حَتَّى سَكَنَ )
فإذا كان هذا حال الجذع الذي تشرف بأن داسته قدما رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم زمانا من الدهر ، ثم لما تحول عنه بأبي هو وأمي إلى مكان قريب و موضع غير بعيد خار كما تخور البقر ، فكيف إذا بمن جاء بعده بسنين طويلة فحرم فضل رؤيته و الإجتماع به ؟! فهل يلام إن قضى حياته كلها خائرا ملتاعا ؟! اللهم لطفك و عفوك يا كريم.
و كان الحسن البصري رحمه الله يحدث بقصة الجذع و يقول(يا معشر المسلمين.. الخشبة تحِنُ إلى رسول الله شوقاً إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه)
حديث سواد بن زرارة:
وقد رواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه ( معرفة الصحابة ) ، قال : ( حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا محمد بن يحيى المروزي ، ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن حبان بن واسع ، عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، وفي يده قدح يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار قال : وهو مستنتل من الصف ، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح في بطنه ، وقال : « استو يا سواد » فقال : يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالعدل ، فأقدني قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم « استقد » قال : يا رسول الله إنك طعنتني وليس علي قميص قال : فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه ، وقال : « استقد » قال : فاعتنقه ، وقبل بطنه ، وقال : « ما حملك على هذا يا سواد ؟ » قال : يا رسول الله ، حضرني ما ترى ، ولم آمن القتل ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بخير )
فهذا سواد يرى رسول الله صلى الله عليه و سلم صباح مساء تطرب أذناه بكلماته العذبة و تقر عينه بطلعته البهية ، وظل على هذا زمانا. ثم لما حضرت المعركة ، جعل يرى الموت أمامه فلا يخافه و لا يخشاه لكنه يخشى أن يحول الموت بينه و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد أن يكون آخر عهده بدنياه أن يمس جلده جلد رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. وكان له ما أراد رضي الله عنه.
فإلى سواد نقول بدموع أعيننا الحزينة و نبضات قلوبنا الملتاعة: هنيئا لك ما قسمه الله لك يا سواد ، ونسأل الله أن يجمعنا وإياك في الجنة مع رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم.
عبد الله بن الزبير في عجيبة من عجائب الحب لا نظير لها في تاريخ المحبين!
روى البيهقي في السنن الكبرى قال : أخبرنا أبو الحسن على بن احمد بن عبدان أنبأ احمد بن عبيد نا محمد بن غالب نا موسى بن اسمعيل أبو سلمة ثنا هنيد بن القاسم قال : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يحدث عن ابيه قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاني دمه وقال : اذهب فواره لا يبحث عنه سبع أو كلب أو انسان. قال: فتنحيت عنه فشربته ، ثم أتيت النبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما صنعت ؟ قلت : صنعت الذى أمرتني ، قال : ما اراك الا قد شربته قلت: نعم قال: ماذا تلقى أمتى منك !.
قال أبو جعفر وزادني بعض أصحاب الحديث عن أبى سلمة قال فيرون ان القوة التى كانت في ابن الزبير من قوة دم النبي صلى الله عليه وسلم!
قلت : فأي حب هذا الذي كان يعتلج في صدر عبد الله بن الزبير والذي منعه أن يواري دم الحجامة في التراب ! فهل هي غيرة على دمه صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم من التراب ؟! أم تراها معضلة لا يفقهها إلا العاشقون !
يتبع إن شاء الله