مشاهدة النسخة كاملة : من التراث - مناظرات بين مسلمين وأهل الكتاب
أبو حسن
06-03-2008, 12:58 PM
منقول عن الشبكة بتصرف:
هذه سلسلة من المناظرات وردت في مصادر تراثية مختلفة أجمعها هنا كي يرجع إليها كل من شاء الإطلاع على مستوى الحوار الجدلي الذي كان سائدا بين المسلمين وأهل الكتاب.
وإليكم النصوص وهي تدور حول مسائل شتى لا زالت تثار إلى يومنا بين كلا الطرفين:
أبو حسن
06-03-2008, 01:03 PM
مناظرة بين فقيه ونصراني
قدم بعض الفقهاء ممن قدم لتوزر من مصر قال: حضرت سماعا بمصر وحضره والي البلد وأميرها, وكان مع الأمير نصراني يخدمه, فقال النصراني: يا مولاي أريد أن أناظر رجلا من أعيان هؤلاء الفقهاء وأعلمهم في هذا الموكب العظيم, فإن غلبني أعطيته ثلاثمائة دينار, وإن غلبته دخل في ديني.
فذكر الوالي ذلك لمن حضر.
فخرج له رجل من الفقهاء وقال: أنا أناظرك فيما تريد, فقل ما تشاء.
فقال له النصراني: إنكم تقولون خزائن الله لا تنفد أبدا, فأريد منك أن تذكر لي مثالا يقرب لي الفهم والمثال, ويزيل عني الإشكال, وأدركه بحسي.
فقال له الفقيه: نعم, هذه مسألةٌ الصبيانُ يغلبون بها عندنا, وقام إلى وسط المسجد وأوقد شمعة بين يدي الوالي ثم قال: "ناد أيها الأمير على من في هذه المدينة كل يوقد شمعته من هذه الشمعة, وإن لم يكفهم فأنا أغرم لهم, وكذلك خزائن الملك تكفي جميع الخلائق ولا ينقص منها شيء, وخزائن الله كل الخلائق تأخذ منها ولا ينقصها شيء".
قال النصراني: وقولكم في الجنة شجرة تظل أهل الجنة كلهم, وما في الجنة بيت إلا دخله غصن منها, فأريد أن تريني مثالا في هذا المعنى, كيف يكون؟
فقال الفقيه: "نعم, ألم تر إلى الشمس إذا طلعت وعلت, تدور على الأرض كلها, ولا يبقى بيت ولا محل إلا وتدخله".
فقال النصراني: إنكم تقولون إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون, فأرني مثالا من ذلك في عالمنا.
فقال الفقيه: نعم, ألم تر إلى الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولا يتغوط ولا يتبول.
ثم قال له الفقيه: أيها النصراني إنكم تقولون إن الجنة لكم, وإذا كانت كذلك فهي داركم, وكل من له دار فهو عارف بأوصافها, فأريد أن تُعَرفني بما هو مكتوب على باب الجنة.
فأمسك النصراني وانقطع, ولم يجد جوابا ...
فلما انقطع قال له الفقيه: "أما عليها مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم), وطالبه بالدخول في دين الإسلام, فلم يزل النصراني يرغب حتى افتدى بمال كثير.
نقلا عن كتاب: التُرجُمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا. تأليف أبي القاسم الزَّيَانِي[ المغربي] (1147- 1249هـ/ 1734- 1809م). صفحات 524- 525.
أبو حسن
06-03-2008, 01:10 PM
مناظرة العتابي الشاعر وأبي قرة الملكي النصراني
قال العتابي لأبي قرة النصراني (ت 209هـ/825م) عند المأمون: "ما تقول في المسيح؟"
قال: "من الله".
قال العتابي: "البعض من الكل على سبيل التجزيء, والولد من الوالد على طريق التناسل, والخل من الخمر على وجه الاستحالة, والخلق من الخالق على جهة الصنعة, فهل من معنى خامس؟"
قال: "لا, ولكن لو قلت بواحد منها ما كنت تقول؟".
قال العتابي: "الباري لا يتجزأ, ولو جاز عليه ولد لجاز له ثان وثالث وهلم جرا, ولو استحال فسد, والرابع مذهبنا, وهو الحق."
التعريف بالعتابي:
قال ابن النديم:
"أبو عمرو كلثوم بن عمرو بن أيوب الثعلبي العتابي, شامي ينزل قنسرين.
شاعر كاتب حسن الترسل وكان يصحب البرامكة و يختص بهم ثم صحب طاهر بن الحسين وعلي بن هشام, فيقال إن الرشيد لقيه بعد قتل جعفر بن يحيى و زوال نعمة البرامكة فقال: ما أحدثت بعدي يا عتابي؟ فارتجل أبياتا حسنة المعنى(...).
وكان أحسن الناس اعتدادا في رسائله و شعره يسلك طريقة النابغة, وتوفي العتابي وله من الكتب: كتاب المنطق, كتاب الآداب, كتاب فنون الحكم, كتاب الخيل, لطيف, كتاب الألفاظ رواه أبو عمرو الزاهد عن المبرد, و هذا طريف, كتاب الأجواد".
أبو حسن
06-03-2008, 01:12 PM
مناظرة لإياس بن معاوية (ت122هـ) ويهودي
قال المقري:
سمع إياس يهوديا يقول: "ما أحمق المسلمين, يزعمون أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوطون".
فقال إياس: " أَوَ كُلّ ما تأكله تُحْدِثُه؟".
قال: "لا, لأن الله تعالى يجعل أكثره غذاء".
قال: "فما تُنكر أن يجعل [الله] جميع ما يأكل أهل الجنة غذاء؟".
أبو حسن
04-06-2010, 10:32 PM
مناظرة ابن القيم لأحد علماء اليهود
ذكرها في عدد من كتبه، و السياق من الصواعق المرسلة.
قال العلامة الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
جرى لي مع بعض علماء أهل الكتاب. فإنه جمعني وإياه مجلس خلوة أفضى بيننا الكلام إلى أن جرى ذكر مسبة النصارى لرب العالمين مسبة ما سبه إياها أحد من البشر. فقلت له: وأنتم بإنكاركم نبوة محمد قد سببتم الرب تعالى أعظم مسبة!
قال: وكيف ذلك ؟
[وفي هداية الحيارى : وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة، فقلت: له في أثناء الكلام أنتم بتكذيبكم محمدا صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله أعظم شتيمة فعجب من ذلك، وقال: مثلك يقول: هذا الكلام ؟! فقلت له: اسمع الآن تقريره]
قلت: لأنكم تزعمون أن محمدا ملك ظالم ليس برسول صادق، وأنه خرج يستعرض الناس بسيفه، فيستبيح أموالهم ونساءهم وذراريهم، ولا يقتصر على ذلك حتى يكذب على الله، ويقول الله أمرني بهذا، وأباحه لي، ولم يأمره الله، ولا أباح له ذلك، ويقول أوحى إلي، ولم يوح إليه شيء، وينسخ شرائع الأنبياء من عنده، ويبطل منها ما يشاء، ويبقي منها ما يشاء، وينسب ذلك كله إلى الله، ويقتل أولياءه، وأتباع رسله، ويسترق نساءهم، وذرياتهم؛ فإما أن يكون الله سبحانه رائيا لذلك كله، عالما به، مطلعا عليه أو لا.
فإن قلتم: إن ذلك بغير علمه، واطلاعه؛ نسبتموه إلى الجهل، والغباوة، وذلك من أقبح السب.
وإن كان عالما به رائيا له مشاهدا لما يفعله؛ فإما أن يقدر على الأخذ على يديه، ومنعه من ذلك أو لا.
فإن قلتم: إنه غير قادر على منعه، والأخذ على يده؛ نسبتموه إلى العجز، والضعف.
وإن قلتم: بل هو قادر على منعه، ولم يفعل؛ نسبتموه إلى السفه، والظلم، والجور!
هذا، وهو من حين ظهر إلى أن توفاه ربه يجيب دعواته، ويقضي حاجاته، ولا يسأله حاجة إلا قضاها له، ولا يدعوه بدعوة إلا أجابها له، ولا يقوم له عدو إلا ظفر به، ولا تقوم له راية إلا نصرها، ولا لواء إلا رفعه، ولا من يناوئه، ويعاديه إلا بتره، ووضعه، فكان أمره من حين ظهر إلى أن توفي يزداد على الأيام، والليالي ظهورا، وعلوا، ورفعة، وأمر مخالفيه لا يزداد إلا سفولا،واضمحلالا، ومحبته في قلوب الخلق تزيد على ممر الأوقات، وربه تعالى يؤيده بأنواع التأييد، ويرفع ذكره غاية الرفع.
هذا، وهو عندكم من أعظم أعدائه، وأشدهم ضررا على الناس!
فأي قدح في رب العالمين ؟ وأي مسبة له ؟ وأي طعن فيه أعظم من ذلك ؟!
فأخذ الكلام منه مأخذا ظهر عليه، وقال: حاش لله أن نقول فيه هذه المقالة؛ بل هو نبي صادق كل من اتبعه؛ فهو سعيد، وكل منصف منا يقر بذلك، ويقول: أتباعه سعداء في الدارين.
قلت له: فما يمنعك من الظفر بهذه السعادة ؟
فقال: وأتباع كل نبي من الأنبياء كذلك، فأتباع موسى أيضا سعداء!
قلت له: فإذا أقررت أنه نبي صادق، فقد كفر من لم يتبعه، واستباح دمه، وماله، وحكم له بالنار، فإن صدقته في هذا؛ وجب عليك اتباعه، وإن كذبته فيه لم يكن نبيا، فكيف يكون أتباعه سعداء ؟!
فلم يحر جوابا!
وقال: حدثنا في غير هذا ! ا. هـ.
أنظر: الصواعق المرسلة 1/327 وزاد المعاد 3/639 وهداية الحيارى ص. 87
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir