تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في يوم المرأة



روعة
08-03-2008, 09:17 PM
أحببت أن أنقل لكم هذا الموضوع من إسلام أونلاين تباعاً

في يوم المرأة العالمي 2008

أرامل الشهداء..حارسات الحلم الفلسطيني


قدرها أن تكون ظهيرا للرجل في معركته لمواجهة الاحتلال، وقدرها أن تقاوم وتتحمل تبعات ذلك.. تتحمّل غياب الزوج في الأسر أو الشهادة، يتركها وحيدة تصارع الغربة والشوق، وتتحمل عذاب الفراق.

ترقب سنوات شبابها وحيدة، فلا تملك سوى الصبر والدعاء.. ترى أحلامها التي نسجتها مع حبيبها "مغتالة"، وتجد نفسها فجأة رب الأسرة فتعاني وتجتهد في تغطية النقص الحاصل من فراق وغياب الزوج والأب في حياتها وحياة صغارها.

ورغم "الغياب" و"وحشة الطريق" فإن أرملة الشهيد تظل على العهد، ترفض الفراق وتعض على الجرح، وتصنع ملحمة؛ مفرداتها من معاني "الوفاء"، و"الإخلاص"، فتصبح "فعلا" شريكة الرجل في "معركة التحرير"، تقاسمه المعركة وتكاتفه التضحية.

في يوم المرأة العالمي 2008 ..نقدم هذا الملف تكريما لأرامل الشهداء في فلسطين..لنشد على أيديهن في ظل محنتهن الحالية.

روعة
08-03-2008, 09:22 PM
أسرة الشهيد: الرنتيسي لم يمت!

بالأمس أغمض الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عينيه، وفتح ذراعيه للفراق ورحل... رحل كأجمل ما يكون الرحيل، ودع الحياة ليعانق حياة أجمل وأبقى وأبهى.. بالأمس تغيرت وجوه أفراد أسرته، وتبدلت أصواتهم وعلا بكاء الألم على الفراق.

ورغم أن كريمات الرنتيسي وزوجته يعلمن يقينا "أن هذه هي نهاية طريق المقاومة"، فإن رحيل الرنتيسي الزوج والأب الحاني، أبكى عيونهن لوعة على فراقه، فلطالما جمعتهن اللحظات السعيدة برفقته.

شبكة "إسلام أون لاين.نت"، اخترقت صفوف مئات النساء، اللاتي قدمن لأداء واجب التهنئة باستشهاد الدكتور الرنتيسي، والتقت بكريمات الرنتيسي وزوجته، وتحدثت معهن، عن الدكتور عبد العزيز الأب والزوج والإنسان.

وكانت قوات الاحتلال قد اغتالت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مساء السبت 17-4-2004 حينما قصفت السيارة التي كان يستقلها في مدينة غزة؛ وهو ما أدى إلى استشهاده مع اثنين من مرافقيه.

"بمشقة وصعوبة شديدة".. جملة لا يمكن لها أن تعبر عن حجم معاناة الوصول إلى زوجة الدكتورعبد العزيز الرنتيسي، فالمكان مزدحم جدا بالسيدات والفتيات، وبكثير من الكاميرات التي تتسابق نحو هذه السيدة للفوز بلقاء صحفي، وبعد ساعات من الانتظار والمحاولة استطعت الدخول إلى منزله، وصعدت الدرجات ورائحة المسك التي تفوح من كل مكان تسبقني، وهناك في غرفة الاستقبال كان لقائي الأول مع سمر الرنتيسي الابنة الثانية له، وهي متزوجة وتقطن في مدينة خان يونس وسط قطاع غزة.


إنسان آخر

تقول سمر بنت عبد العزيز الرنتيسي: "نال أبي ما يتمنى، لقد تلقيت الخبر وأنا في بيتي في مدينة خان يونس، ولم أتفاجأ بالخبر كون نفسيتي مهيأة لاستقبال هذا الحدث".

وأكملت القول والابتسامة ترتسم على شفتيها: "أبي كان شخصية حنونة يعاملنا بمنتهى الرقة والدلال... صحيح أنه يبدو على الفضائيات شخصية قوية، لكنه في البيت إنسان آخر".

وكانت آخر مرة تشاهده فيها "سمر" قبل شهرين، حيث كانت ابنتها مريضة، ولم يستطع الأطباء في مدينة خان يونس تشخيص مرضها، فجاءت إلى غزة حيث الأب الطبيب علها تجد عنده الدواء، وبالفعل وصف لها الطبيب الرنتيسي ما تعانيه طفلتها بدقة، وقال لها: إن طفلتها تعاني من انسداد في الأمعاء.

ولم تكد تكمل سمر كلامها "نعم الطبيب أبي"، حتى قطع حوارنا صوت طفل لم يتجاوز السادسة من عمره، وبكل براءة الأطفال قال: "سيدو راح على الجنة"، وعندما سألت: من يكون هذا الطفل؟ أجابوني أنه ابن إيناس الابنة الكبرى للدكتور عبد العزيز.

وأكمل الطفل قوله: "اسمي أمير الإسلام"، رغم أن اسمه أمير فقط، ولكنه أضاف إليها عبارة "الإسلام"، وأصر على أن يتحدث معي وبنبرة حزينة قال: "كنت بدي أبوس سيدو.. ماخلوني (لم يتيحوا لي الفرصة)... كان في ناس كتير... خلي سيدو يجي (اجعل جدي يعود) ويرجع بدي سيدو... بدي سيدو"، وغادر أمير الغرفة مخلفا وراءه الكثير من الصمت والكثير من الدموع.


أن تدخلني ربي الجنة

أما آسيا الابنة الثالثة للرنتيسي -وهي الأخرى تقطن مدينة خان يونس، ولم تره منذ شهرين- فحدثتنا قائلة: "كان أبي مثاليا في التعامل معنا، فقد كان يساوي بين البنت والولد، وكان يحب أحفاده كثيرا، ويخصص وقتا للعب مع الأطفال ومداعبتهم، وإن شاء الله سأربي أولادي على نهج جدهم".

وكانت أسماء صغرى بنات الرنتيسي محظوظة كثيرا؛ إذ إنها آخر من شاهدت والدها، وعايشت لحظاته الأخيرة، حيث أخبرتنا عن تلك اللحظات قائلة: "كانت أروع لحظات حياتي هي الجلوس مع أبي، ومن أجمل الأوقات التي يسودها الفرح والسرور أوقات تواجده في البيت، فلقد أعطانا من الحنان الكثير".

وعندما سألتها: "يقولون إن الشهيد يشعر بقرب الشهادة، فهل لاحظت على والدك ما يدل على أنه يودع الحياة؟" فأجابتني: "صحيح لقد كان أبي طوال النهار ينشد أن تدخلني ربي الجنة.. هذا أقصى ما أتمنى، وقد كانت تخرج الكلمات من قلبه، ولما خرج لاحظت أنه لبس أجمل ثيابه وخرج وهو سعيد".

وتكمل أسماء حديثها عن اللحظات الأخيرة مع والدها، موضحة أنها استوقفته قبل خروجه من المنزل، وقالت له: "أبي لماذا تريد الخروج؟... ابق معنا... فلقد اشتقنا إليك كثيرا... فرد علي: ورائي مشاغل كثيرة كثيرة".

وتضيف أسماء: "بعد خروج والدي بدقائق فقط سمعت دوي الانفجار فقلت استشهد أبي، وبعد استشهاده تأكد لي صحة المقولة: الصبر ينزل بعد المصيبة".

وتؤكد كريمة الرنتيسي الصغرى "أفتخر بأبي وبقلم أبي، فأنا أحببت دوما كتاباته، وأذكر عندما زرته أول مرة أنا ووالدتي في السجن تأثر برؤيتي، فكتب لي قصيدة أحفظ مطلعها الذي يقول فيها: لكأنها نجم الضحى لألأ... لما تبسمت ثغرها أسماء".


أحب بناتي إلي

وذكرت أسماء أنه "بعدما شغل أبي منصب قيادة حركة حماس، كان يبدو عليه أنه يحمل هموما تفوق الهموم التي كانت يحملها بألف مرة، فقد كان نومه قليلا جدا، ولما كنا ننصحه بأخذ الحيطة والحذر، كان يرد: ما دام الأجل آتٍ لا محالة فحبذا لو كانت شهادة".

وعن كيفية تلقي أمها لهذا النبأ قالت أسماء: "الحمد لله كانت صابرة ومتماسكة وهي التي حثتنا على الصبر رغم تغير ملامحها وارتسام الحزن عليها، لكنها كانت ثابتة وتلقت الصدمة بكل صبر.. كنا نسمع أن الصبر ينزله الله مع المصيبة وتأكد لي هذا البارحة عندما سمعت نبأ استشهاد أبي".

وختمت أسماء حديثها عن أبيها بالقول: "أبي كان يحترم المرأة، ويقول إنها نصف المجتمع، وهي مربية الأجيال"، وتبتسم أسماء وكأنها تتذكر حدثا جميلا عن أبيها، قبل أن تواصل حديثها: "كلما ذهبت واحدة منا نحن الأربعة إلى زيارته في السجن داعبها قائلا: أنت أحب البنات إليّ، ولما تعود للبيت تفتخر وتتباهى بهذه العبارة لنكتشف في النهاية أنه قالها لنا نحن الأربعة".

"كان نعم الأب".. هذه العبارة ليست لابنة الرنتيسي هذه المرة، بل لزوجة ابنه البكر محمد "دينا النفار"، وهي حامل في شهرها الثامن، فقالت عن الرنتيسي والد زوجها: "مهما قلت ومهما تحدثت فلن أوفيه حقه، لقد كان يعاملني كأنني ابنة من بناته، وحزنت جدا؛ لأنني كنت أتمنى أن يرى حفيده، فلطالما قال لي: هانت أيام وسأرى عبد العزيز وسأعزّه كما لن يعزه أحد، كان يعامل زوجته وأولاده معامله رائعة، وخاصة من نوعها".

ولما شعرت دينا بالتعب استأذنت وغادرتنا، وهي تقول: "بإذن الله سيكون عبد العزيز الرنتيسي الحفيد القادم كما كان عبد العزيز الرنتيسي الجد، وأتمنى أن يجمعنا الله معه في الفردوس الأعلى".


نِعم الزوج

كان لا بد أن تكون زوجة عبد العزيز محطتنا الأولى في هذا التقرير، ولكن صعوبة اللقاء معها والتحدث إليها حالت دون ذلك، إلا أن القدر جعل "ختامها مسكا".

وبعد طول صبر وانتظار، تحدثت أخيرا إلينا زوجته "رشا الرنتيسي" قائلة: "لقد عشت معه، وأنجبت منه أربع بنات (إيناس وسمر وآسيا وأسماء)، وولدين (محمد وأحمد)، وكان دوري في حياته دور المرأة المسلمة التي وعت رسالتها جيدا، والرسالة من خلال الإسلام ومن خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الرسالة هي التي جعلتني أقف بقوة خلف الدكتور عبد العزيز".

وتضيف زوجة الرنتيسي: "أنا لم أره إلا أمس منذ توليه قيادة حركة حماس، فهو لم يكن يتواجد في البيت، وقبل ذلك لم أكن أشاهده إلا على شاشات الفضائيات، وأسمعه عبر وسائل الإعلام".

وعن الرنتيسي الزوج، تقول: "كان خلقه يتمثل في خلق رسول الله صلى لله عليه وسلم الذي كان يقول خيركم لأهله، وأنا أشهد بأن أبا محمد كان نعم الزوج، ونعم الأب، ونعم الجد، ونعم القائد، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يطأ موقعا إلا أغاظ به الأعداء".

وأشارت الزوجة الصابرة إلى أنها وطنت نفسها لاستقبال نبأ استشهاد زوجها الرنتيسي، مضيفة: "أود أن أقول إنني وطنت نفسي على كل شيء، فحياتنا كلها قدر... نعم بكيت، ومثلي في ذلك رسولنا صلى لله علية وسلم، ولكني لم أقل إلا ما يرضي الله عز وجل".

وحالت هتافات النساء القادمات للتهنئة، والتي علت تطالب زوجة الرنتيسي بالنزول إلى خيمة العزاء دون مواصلة الحديث عن الفارس الذي ترجل، لكنها ختمت حديثها معنا قائلة: "حماس كلها لا تتجزأ، وإذا ذهب عبد العزيز الرنتيسي، فهناك ألف عبد العزيز الرنتيسي".

ثم توجهت زوجة الرنتيسي إلى جموع الفلسطينيات اللاتي أتين للمشاركة في بيت عزاء الشهيد في حي الشيخ رضوان وتحدثت فيهن قائلة: إنه والله لموقف فخر واعتزاز أقف فيه في هذا اليوم.. في عرس زوجي حين يزف إلى 72 حورية من الحور العين... أسأل الله العلي القدير أن يهنأ بهن".

وأضافت الزوجة التي بدى واضحا عليها ملامح الصمود والصبر والحزن: "إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع، وأنا على فراقك يا أبا محمد لحزينة، لكنني أسال الله العلي القدير أن يلهمني الصبر أنا وأولادي وبناتي وكل الشعب الفلسطيني والمسلم"، وتابعت الزوجة تتحدث بعبارات قوية متلاحقة: "لا أستطيع أن أقول إلا اللهم اؤجر حركة المقاومة الإسلامية حماس في مصيبتها هذه وأبدلها خيرا منها.. فإن كان عبد العزيز مصدر قوة لها فإنه حين يكتب الله نهاية أجله فوالله لن تضيع الحركة.. لن يضيعها الله العلي القدير.. فإن ذهب عبد العزيز وقبله الشيخ أحمد ياسين فهناك آلاف أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي"، وختمت أم محمد كلمتها بالقول: "لن يثأر القساميون للرنتيسي، بل الشعب الفلسطيني بأكلمه، فلم يبق أمامنا إلا خيار المقاومة... بارك الله في هذا الشعب".

لم يكن عبد العزيز الرنتيسي سوى رجل منح زوجته القوة والصبر لتمنح هي أبناءها الصمود والثبات يوم استشهاده، ولم تكن المرأة التي شاركت عبد العزيز الرنتيسي حياته سوى زوجة وأم أوفت بمتطلبات مسئولية أولاها إياها هذا الرجل الذي جند حياته للجهاد في سبيل الله.

وفي حديث خاص لـ"إسلام أون لاين.نت" قالت أم محمد: "لا أستطيع أن أقول أكثر من أن أبا محمد تمنى الشهادة ونالها فهنيئا له.. كم تمنيت أن أستشهد معه ولكن الله لم يكتب لنا نهاية الأجل في وقت واحد.. أراد له أن ينال الشهادة قبلي وما أقول إلا الحمد لله الذي قدر لنا هذا، وأدعوه لأن يلحقني بزوجي وأبي أبنائي".

أم محمد -الطالبة في الجامعة الإسلامية كلية أصول الدين- أوضحت أن الشهيد كان المشجع الأول لها على استكمال دراستها وهو الذي كان دائما مع تواجد المرأة في غمار المعركة، وفي أن يكون لها دور فعال في الجهاد ضد المحتل الإسرائيلي

روعة
24-03-2008, 01:07 AM
أمية جحا رسامة الكاريكاتير الأولى في فلسطين

الوطن والزوج.. جراح لا تندمل

حوار - هداية شمعون

جاء استشهاد المناضل الفلسطيني رامي سعد أوائل هذا الشهر مكملا لآلام لا تنتهي، ومجسدا لمأساة شعب كتب على أبنائه اليتم عَنوة، وعلى الأمهات الحسرة حتى الموت، وعلى الزوجات الترمل دون تمهيد.

قبل استشهاده كانت الفنانة الفلسطينية "أمية جحا" تخط بريشتها رسوما من مداد الوجع الفلسطيني؛ فتبهر العيون بقوة أفكارها وجمالها.. ترشق ألوانها بلوحتها الصغيرة؛ فتدب فيها الحياة لتصرخ بمعاناة الطفل الفلسطيني، وأوجاع المرأة الفلسطينية، والحلم الفلسطيني بالعودة، وتسخر من الاحتلال والقهر والظلم، وتقول كلمتها دون وجل.. تصرخ خطوطها بالفقر المتربع على عرش المخيمات، وبالفرح للأمل القادم من بعيد..

أما الآن فالألم جاء قاسيا بطعم المر.. والصدمة مروعة بفداحة فقد الحبيب الغالي.. وفقد العون على صعوبة الطريق.. آه يا رامي يا رفيق الدرب.. آه يا أبا نور.


دم بارد

قتلوك الأوغاد بدم بارد.. يقول شهود عيان عن حادثة استشهاده: إن رامي شهد اجتياح حي الشجاعية منذ اللحظة الأولى؛ حيث شوهد يمتشق الـ"بي سفن" إضافة إلى بندقية من طراز إم 16؛ حيث كان يقاتل من شارع لشارع بشجاعة وإقدام منقطع النظير، بل ويجزم عدد كبير من شهود العيان أنه استطاع إعطاب ثلاث دبابات قبل أن يستشهد برصاصة في بطنه أثناء محاولته قتل مجموعة من قوات الاحتلال ترجلت من إحدى الدبابات المعطوبة ظل على إثرها ينزف حتى الموت، بعد أن فشلت سيارات الإسعاف في الوصول إلى مكانه المتقدم بفعل غزارة إطلاق النار.


قتلوك يا أبا نور بدم بارد

رحل رامي أخيرا، وحقق حلمه بالشهادة في سبيل وطنه، تاركا خلفه طفلته نور التي رزق بها قبل أقل من عام من رفيقة دربه وشريكة حياته الفنانة التشكيلية المعروفة "أمية جحا" التي طالما جاهرت بأن الكثير من رسوماتها الكاريكاتيرية المميزة كانت من وحي أفكاره.

تقول رسامة الكاريكاتير الفلسطينية الأولى "أمية جحا": زوجي الشهيد رامي سعد -27 عاما- برز في صفوف الحركة الإسلامية كداعية وقائد منذ بدأ حياته الجامعية؛ حيث تتلمذ في الجامعة الإسلامية على يد الشهيد القائد صلاح شحادة الذي رأي فيه نموذجا لجيل طالما راهن الشهيد عليه، إلى أن انتُخب عضوا في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية، فاشتهر هناك بتفوقه العلمي في تخصص الهندسة إلى جانب موهبة الخطابة.


معالم الطريق

وعن لغتها التي اختارتها لتذيب الحواجز، ولتوصل قضيتها إلى العالم بإنسانية بحتة.. تقول "أمية جحا": إن كثيرا من رسوماتي كانت من وحي أفكار ونضال زوجي "الشهيد رامي سعد"؛ فمعه تعلمت الكثير، وتشاركنا سويا هموم الوطن؛ وهو ما انعكس جليا في رسوماتي.

قبل استشهاد الزوج رامي سعد بوقت قصير كان لـ"إسلام أون لاين.نت" حوار مع الفنانة الفلسطينية، حكت من خلاله طريقها الذي اختارته لنشر قضيتها والتركيز على معاناة شعبها الذي يقبع تحت وطأة الاحتلال والقهر.

تقول أمية: "أنا بالأصل من بلدة اسمها المحرقة، وهي تبعد حوالي 13 كيلومترا عن مدينة غزة؛ فقد هاجر أهلي في 48 مع أهل القرية رغما عنهم، وقد حولها الاحتلال الآن لمستوطنة تدعى "تيقوما"، وقد تأثرت مثل باقي أطفال وشباب فلسطين بالتهجير ورحلة العذاب التي عاناها أهلنا، وانعكس عليّ تحديدا في قضية اللاجئين وحق العودة؛ حيث عُرفت من خلال رسوماتي بالمفتاح المتواجد في رسومي التي تخص اللاجئين؛ فكما كان ناجي العلي معروفا بحنظلة عُرفت بالمفتاح بين الجمهور، وهذا شرف لي".

بابتسامة بريئة تبادرنا أمية بقولها: "رغم صوتي المنخفض وصمتي فإنني لست هادئة على الإطلاق، لقد كان لي اهتمام كبير بالرسم والفنون منذ نعومة أظافري، ولم يتبق جدار بالبيت إلا تركت معالمي فيه؛ وهو ما كان يعرضني دوما لتقريع الوالدة بما أفعل، كان لدي ميل شديد لمشاهدة الرسوم المتحركة في التلفاز، ومتابعة قصص بطوط وعم ذهب وميكي، وربما هذا أثّر في توجهي فيما بعد للفن الكاريكاتيري؛ فقد كنت أقوم بالعديد من المقالب في إخوتي الصغار وأخوالي؛ حيث أرسل رسومي لصفحة براعم بصحيفة القدس الخاصة بالأطفال، وأنشر الرسوم باسمهم".

وتكمل عن بداياتها: "أنهيت دراستي الابتدائية في مدينة الشجاعية، وبعد الثانوية توجهت إلى الشارقة بدولة الإمارات العربية؛ لأن والدي كان مقيما هناك، وقد حصلت على 92%؛ وهو ما جعلني أرغب بدخول كلية الهندسة، إلا أن الاجتياح العراقي في تلك الفترة منعني من ذلك، وظللت سنة كاملة لم أدرس فيها؛ نظرا للظروف السابقة".


ظروف صعبة

تكمل وطيف ملائكي يحملها عبر الكلمات لتقول: "أجبرتنا الظروف مرة أخرى لأن نعود إلى غزة بعد أن بقينا ثلاث سنوات، ودخلت قسم الرياضيات بجامعة الأزهر، وحصلت على المرتبة الأولى بامتياز مع مرتبة الشرف، غير أن أملي بدخول قسم فنون لم يكن يغيب عن مخيلتي. لقد لمست مشاكل الطلاب، وكانت وسيلتي لإيصال صوت الطالب بالرسم الكاريكاتيري على لوحات الحائط، وهي رسوم قوية ومعبرة عن معاناة الطلبة الذين كانوا شريحتي الأولى، وكان عمري في ذلك الوقت 21 عاما، وقد تبنيت قضاياهم، وكنت أعتمد على ذاتي بعمل معرض؛ فقد كان مجلس الطلبة ما زال حديثا لحداثة فرع جامعة الأزهر بفلسطين؛ وهو ما جعلني أقود نشاطي بنفسي وبشكل شخصي، فكنت أعد الفكرة وأقوم برسمها ثم تلوينها وإلصاقها على لوحات الحائط، وأفاجأ في الأيام التي تليها أنها سرقت؛ فكنت أشعر بسعادة غامرة؛ حيث جال بذهني أن اللوحات جميلة جدا للحد الذي جعل الطلبة يحتفظون بها ويأخذونها؛ فقد كنت أرقب الطلبة الذين يتجمهرون نحو الرسم، وأسمع تعليقاتهم وإعجابهم".


رسالة وهدف


وتضيف أمية وخطوط مستقبلها الفني يشهد مزيدا من التقدم والنضوج: "لكل إنسان رسالة وهدف في حياته، وقد وجدت من خلال رسم الكاريكاتير وسيلتي لإيصال الصوت الفلسطيني للخارج، ولفضح الممارسات الصهيونية، ولأسمع صوت الطفل الفلسطيني.

فن الكاريكاتير فن قوي جدا، ويلعب دورا خطيرا في المجتمعات؛ فمن خلال الرسم أعبر عن فكرة قد يعجز كاتب مقال عن التعبير عنها؛ فالصورة أو الرسمة أقوى من ألف كلمة، وذلك لبساطة فن الكاريكاتير، ولقربه من النفس، وجذبه لآلاف الناس: المثقف والبسيط والأمي. فقد بات سلاحنا الذي يمكن به محاربة الأعداء وقول لا".


المرأة صاحبة القرار

وعن اقتحام مجال الكاريكاتير بالنسبة لأمية كفتاة تقول: "إن المرأة هي صاحبة القرار؛ فحين أقدمت بموهبتي لم يسخر مني أحد.. بل رحبوا بي وبقدراتي، وبت فخرا للجميع؛ فالمرأة هي التي يجب أن تفرض نفسها وموهبتها، لا أن تنتظر الآخرين. لقد عملت في صحيفة القدس، وكانت قد أعلنت عن حاجتها لرسام، فتقدم العديد من الرسامين من داخل وخارج فلسطين، ورغم أنتي فتاة قاموا باختياري، وذلك بناء على كفاءتي وموهبتي في الرسم، وليس لكوني فتاة أو شابا، وبالتالي يجب المبادرة دائما والتأكيد على قدراتنا.

فالمرأة الفلسطينية جبارة، ولولا قوتها ونضالها ما وصل شعبنا الفلسطيني لذلك، فهي رمز للعطاء والفداء؛ هي أم الشهيد والجريح والمعتقل. فالمرأة الفلسطينية من خلال رسوماتي هي المرأة الصابرة الأسيرة والمقدامة، ورغم حياتها الصعبة فإنها قوية، وتقف جانب الرجل الفلسطيني حتى يكتمل الحلم بالعودة".

وعن ناجي العلي تقول: "تأثرت كثيرا بناجي العلي وطبيعة رسوماته التي تحكي قصة المقهورين والمعذبين من الاحتلال؛ لذا جاءت رسوماتي بلمحة حزن خفية على ما يعانيه شعبنا الفلسطيني، وكانت بدايات نجاحي هي ملامستي لهموم الشعب الفلسطيني الذي يعاني أبناؤه الأَسر والقتل والتشريد، وأكثر لوحاتي التي تؤثر في الجمهور هي تلك التي لا يوجد فيها تعليق. فالرسم هو الذي ينطق بالحكاية وحده".


موقع على الإنترنت

وعن موقعها الإلكتروني على صفحة الإنترنت تقول أمية: جاء الموقع في محاولة مني لإيصال صوتنا إلى العالم أجمع؛ فلغة الرسم تذيب حواجز اللغة، وتتعامل مع القضية بإنسانية بحتة، وهذا ما حاولت جاهدة قوله من خلال موقعي على الإنترنت.

وعن أمنياتها للمستقبل تقول: "أتمنى أن أكون عند حسن ظن كل فلسطيني وفلسطينية في الوطن أو الخارج، وكل عربي في العالم. وأتمنى أن أتابع تقدمي وطموحي، وأن أحقق ما أريده، كما أتمنى أن يكون للمرأة الفلسطينية دور أكبر، وأن تتجه لإبراز مواهبها وتهتم بذلك، وأطمح أن أكون ممثلة أشرّف بلادي في هذا المجال".

هذا وقد أصدرت أمية جحا كتابها الكاريكاتيري الأول الذي يضم كل ما نشر لها في الصحف منذ بدايتها، ويعد مرجعا توثيقيا مهما؛ نظرا لتمثيله لفترة خصبة من فترات الفنانة الكاريكاتيرية الأولى في فلسطين.

وبعد.. ترى أي واقع ستعيشه رسامة الكاريكاتير الفلسطينية الأولى "أمية جحا" بعد استشهاد رفيق النضال والحياة؟ وهل ستشهد أعمالها منحى جديدا بعد تلك التجربة الصعبة التي مرت بها؟... أسئلة كثيرة سترد عليها الأيام القادمة.

روعة
26-03-2008, 12:07 AM
فصول في حياة زوجة شهيد


"وقبل استشهاده بأسبوع اشترى لجميع أطفاله ملابس العيد وفوانيس شهر رمضان؛ ليفرحوا بالعيد من بعده؛ لأنه يتوقع أنه لن يقضي شهر رمضان بيننا؛ حيث كان ينوي القيام بعملية تفجير كبيرة".

هكذا وصفت آخر ما قدمه زوجها الشهيد لأسرته، زوجة عاشت حياة زوجية غير عادية؛ إذ الحياة الزوجية حياة استقرار، ولكن كيف بها مع زوج مطارَد من قبل جيش لاحتلال الصهيوني وحياته مهددة بالموت، وتتوقع زوجته في كل لحظة أن يُؤتى به أشلاء متناثرة، وجيش الاحتلال لا ينفك عن ممارسة ضغوطاته عليها ليحصل على معلومات حول زوجها الذي تلتقي به سرًّا، وتحمل رسائله إلى قياديّيه وأعضاء تنظيمه وتُؤوي في منزلها عددًا من المطاردين، وتعتم أخبارهم، فلا أحد يدري ما تقوم به من دور بارز في حماية المجاهدين.

للوقوف على أبعاد هذه الحياة الزوجية المحفوفة بالمخاطر التقينا بهناء أبو دية (28 عامًا) زوجة الشهيد عوض سلمي أحد قادة الجناح العسكري لحركة حماس "كتائب عزِّ الدِّين القسَّام" والذي استشهد بـ 3/12/2000 أثناء محاولته زرع عبوة ناسفة على طريق دوريات الاحتلال الإسرائيلي شرقي مدينة غزة، وبعد سبع سنوات حافلة بالعطاء ومطاردة جيش الاحتلال له.


بداية المطاردة

قالت "أبو دية": حاصرت مجموعة كبيرة من جيش الاحتلال الصهيوني المنزل للقبض على عوض بعدما تأكدت المخابرات الصهيونية من انتمائه إلى الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وذلك في 13/10/1993، وبعد مرور عام واحد على زواجي منه، وبمجرد أن سمعت طرق الباب أسرعت إليه، وفتحت له نافذة المنزل الصغيرة التي تطل على مسجد صلاح الدين ليهرب، وأحكمت إغلاقها، واستطاع أن يهرب منهم ونجحت بتضليلهم عنه؛ حيث مكث عوض فترة غير قصيرة مختبئًا منهم بين الحائطين، وفي الصباح الباكر عاد إلى المنزل، وكنت قلقة جدًّا عليه، ولا أخفي أنه انتابني خوف شديد عليه مثل كل النساء التي ترغب أن تشعر بالأمان على مستقبل زوجها؛ لذلك طلبت منه أن يسلم نفسه للمخابرات الإسرائيلية بدل أن يحيا خارج السجن طريدًا خائفًا، ولكن كلماتي وقعت عليه أقوى من الصاعقة، ولم يتصور يومًا من زوجته أن تثبطه؛ فصفعني على وجهي، وكانت المرة الوحيدة الذي يلجأ فيها إلى العنف معي وصرخ في وجهي: "أتريدين أن يقضي زوجك حياته في السجن؟"، وودعني وخرج بسرعة، ومكثت ما يزيد عن سبعة أشهر دون أن أراه، ولكنه كان دائمًا يرسل إليّ مع أصدقائه الرسائل ليطمئنني على أخباره.


أحرقت سفني

وأكملت "أبو دية" وبعدها أيقنت أن حياة زوجي في خطر، وأن عليّ أن أتوقع في كل لحظة أن يؤتى إليّ بزوجي أشلاء، فأعددت نفسي لذلك وعلَّمتها الصبر والجلد وأحرقت سفني؛ لأنه لا يوجد خيار أمامي سوى مساعدة زوجي على الوصول إلى هدفه الذي نشأ من أجله وهو مقارعة جيش الصهاينة وقتالهم.

أضافت "أبو دية" وقد اعتلت على وجهها ابتسامة رغم آلامها وجراحها "رغم أن سنوات ملاحقة جيش الاحتلال له صعبة جدًّا؛ فإنها كانت جميلة وشعرت فيها بأني لست مجرد زوجة لعوض، بل مساعدة له وحافظة سره، وكان لديّ استعداد لأن أقدم نفسي في سبيل الحفاظ عليه هو وإخوانه المجاهدين الذين لم ينقطعوا عن المنزل أقدم لهم كل ما يحتاجونه من مأكل ومشرب ومأوى دون أن يعلم بخبرهم أحد حتى أهل زوجي، وعندما يشتد الحصار والمراقبة على المنزل من جيش الاحتلال كنت أغادره وأخفي كل ما يدل على زوجي في المنزل حتى صوره، وكم تحملت إهانات قائد منطقة غزة الصهيوني الذي كان يتفنن في إيذائي؛ ليحصل على أدنى معلومات عن زوجي بعدما ينقب المنزل دون أن يحصل منه على شيء، وكان يقول لي: "سآتي بزوجك ولو كنت في وسط تل أبيب سأحضره لك قطعًا"، وكان عليّ أن أتحمل وأظهر الصبر والجلد والقوة له، ولأبين له أن زوجة عوض لن تكون في يوم من الأيام أقل من زوجها.


أدفن سرَّ مجيئه

حول كيفية اتصالها به خلال هذه الفترة قالت "أبو دية" وهي تشير إلى شباك صغير حديد وعليه أربعة أقفال كبيرة يطل على مسجد صلاح الدين "لقد اتفقت مع عوض على علامة معينة أعرف منها قرب مجيئه إلى المنزل، فأفتح له النافذة ومجرد أن يدخل أحكم إغلاقها وإغلاق جميع منافذ المنزل، وأبقى مستيقظة طوال الليل أحرسه خوفًا من أن يحاصر جيش الاحتلال المنزل فجأة، وأدفن سر مجيئه في صدري، فلا أحد يدري به حتى أهلي وأهله، وأحيانًا أضطر إلى الذهاب إليه، فكنت أتلقى منه رسالة صغيرة يخبرني فيها بموعد ذهابي إليه ولون وشكل السيارة التي ستحملني إليه؛ حيث كنت أنتقل في المشوار الواحد بين ما يزيد على أربع سيارات، خوفًا من أن أكون خاضعة لمراقبة المخابرات الإسرائيلية، وأقضي معه أسبوعًا تقريبًا دون أن يعلم بأمري أهلي الذين يعتقدون أني في منزلي أو أهل زوجي وأعود بنفس الطريقة، وأنا أحمل بعض الرسائل لقيادة الحركة.


بارع في التنكر

لقد تعلمت في سنوات مطاردته الكثير من الأمور الأمنية للحفاظ على حياة زوجي، فلا أحتفظ بأي ورقة تأتيني منه، ولا أسأل كثيرًا عن الأمور التي كان يفعلها زوجي؛ لأن معرفتي بها حتمًا ستجلب الضرر لزوجي، وأن الرسائل يجب أن أوصلها إلى أهلها بأكبر سرعة ممكنة حتى لا يتمكن جيش الاحتلال من الحصول عليها.

لقد كان عوض بارع في التنكر، ففي كل مرة أراه بصورة مختلفة مثل صورة شاب مستهتر يشرب الدخان، وأنجبت خلال هذه الفترة طفلتي إسلام وإسراء.


بجوار شجرة الشهداء

أكملت زوجة الشهيد عوض سلمي "ومع قدوم السلطة الوطنية وجلاء جيش الاحتلال الصهيوني عن مدينة غزة بدأت أتنفس الصعداء وأزيح الخوف على زوجي عن صدري، ودبَّ الأمان في عروقي وعدت لمنزلي الجديد لأعيش مع زوجي مثل كافة نساء العالم، وأخرجت ما دفنته من صور لعوض واحتياجاته، وخاصة صورته التي طالما أوصاني عليها وهو في الجامعة الإسلامية بجانب نخلة صغيرة أطلق عليها اسم شجرة الشهداء؛ لأن عددًا كبيرًا من الشهداء تصوروا بجوارها، لعله يحقق أمنيته بالشهادة، والتحق بجهاز المخابرات الفلسطينية وظل محتفظًا بسلاحه الذي احتفظ به طوال سنوات مطاردته لجيش الاحتلال؛ ليحمي به نفسه من أي عملية اغتيال يمكن أن يتعرض لها، ولم يمنعه التحاقه بالمخابرات الفلسطينية من الكفِّ عن ملاحقة جيش الاحتلال وإيواء المجاهدين في منزله كما كان قبل مجيء السلطة الفلسطينية، ونجح في قتل أحد ضباط جيش الاحتلال، مما عرضه للاعتقال على يد السلطة الفلسطينية بتاريخ 21-3-96.


بين السجون

وأضافت بعد اعتقاله بدأت فصلاً جديدًا من العذاب والبحث عنه بين المعتقلات؛ حيث اعتقل في البداية بسجن الأمن الوقائي "تل الهوى"، ثم نقل إلى السرايا وهكذا دواليك حتى منتصف هذا العام، وكل أسبوعين أذهب لزيارته بعدما أُعِدُّ له كل ما يحتاجه، وبالتالي تحملت مسؤولية تربية الأطفال بمفردي، فكنت لهم الأب والأم معًا.

ولم يسمح له في البداية بزيارتنا مثل باقي السجناء في سجون السلطة؛ لأنه استطاع الهرب من السجن رغم الرقابة الشديدة عليه حتى عام 99، وأنجبت خلال هذه الفترة ابنتي إيمان وهند.

وأكملت "أبو دية": ولم يستطع السجن منعه عن الاتصال

بقيادات أفراد تنظيمه؛ حيث كنت أنقل لهم رسائله لهم من داخل السجن.


يقف أمامي

وأكدت "أبو دية" أنها لم تتوقف عن البحث عن مؤسسة تدافع عن زوجها لعلها تفلح في استصدار قرار ببراءة زوجها أو الذهاب إلى عدد من المسؤولين في السلطة الوطنية، لعل أحدًا ينجدها، وبالفعل نجح المحامي إبراهيم الصوراني من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان باستصدار قرار من محكمة أمن الدولة ببراءته بتاريخ 13/6/2000، وفي صباح اليوم الثاني تفاجأت به يقف أمامي، ويالها من لحظة سعادة يعجز كل الكلام عن وصفها! وعدت لأتنفس الصعداء من جديد وأعيش حياة هانئة آمنة، ولكن من أين نأتي بالأمان وجيش الاحتلال الصهيوني يلاحقنا حتى داخل منازلنا، وعاد عوض يحمل سلاح "إم 16" من جديد ليحمي نفسه من أي عملية اغتيال قد يتعرض لها.


واكتملت الأسرة

أضافت "أبو دية" بنبرة حزينة وهي تحاول أن تتمالك قواها "في الأشهر الستة الأخيرة عاشت أسرته حياة هادئة آمنة ينعم أطفالي بحنين أبيهم وعطفه، وخصص جزءًا من وقته لمداعبتهم، ولكن حبه للشهادة كان أقوى من حبه لأطفاله، فكان دائمًا يقول لي: "إن إصبعي يَحِنُّ للضغط على الزناد لقتل الصهاينة"، ولا أخفي أني كنت أنهاه عن ذلك مثل أي زوجة تريد أن تحتفظ بزوجها "ألا يكفيك ما قتلته من الصهاينة تفرغ لتربية أولادك، ولكن جوابه لي أقوى من عاطفتي تجاه زوجي وأولادي" أنا وأولادي فداء للقدس، ومن خلقهم لن يضيعهم وسيرزقهم من بعدي". وقبل استشهاده بأسبوع اشترى لجميع أطفاله ملابس العيد وفوانيس شهر رمضان؛ ليفرحوا بالعيد من بعده؛ لأنه يتوقع أنه لن يقضي شهر رمضان بيننا؛ حيث كان ينوي القيام بعملية تفجير كبيرة.


آخر ليلة

وحول كيفية إحساس الزوجة بزوجها ساعة استشهاده تقول "أبو دية": "بعد خروجه من السجن عاد إلى حياته الأولى في إيواء المجاهدين من كتائب القسَّام؛ حيث مكث عندنا قبل استشهاده أحد المجاهدين وأوصاني زوجي بأن أوفر له الهدوء والراحة حتى ينال هو وضيفه أكبر قسط من الراحة، فأيقنت أنه يخطط لعملية تفجير كبيرة، وأحكم إغلاق الغرفة التي يمكث بها هو وزميله، ومنعت أطفالي من الدخول في غرفته التي أحكم إغلاقها، وأوصاني بألا ألمس شيئًا من الغرفة، وبعد تناوله طعام الإفطار أخذ يداعب أطفاله ويلاعبهم، ثم عاد إلى غرفته يصلي ويقرأ القرآن، وقد كان يطيل كثيرًا في صلاته، وسمعته وهو يدعو الله عز وجل ويتوسل إليه وهو يبكي ويقول: "اللهم تقبلني عندك شهيدًا".


عصفور في مقلاة

ولم أستطع في هذه الليلة أن أغمض عيني رغم أنني كنت أعاني من مرض الأنفلونزا ومكثت طوال الليل أتقلب في الفراش وكأني عصفور في مقلاة، وفي السحور شعرت أن شيئًا نزعني من فراشي لأكوي له ملابسه، وبعد أن صلَّى الفجر لبس قميصًا جديدًا وتعطَّر على غير عادته في الصباح، وودَّع أطفاله الذين استيقظوا جميعًا مع السحر على غير عادتهم، ثم خرج من المنزل بعدما حمل أحد رفاقه احتياجاتهما من الغرفة، وهو يقول لي: خمس دقائق ثم أعود، ولكنه لم يَعُد كما وعدني، فحاولت عدة مرات أن أتصل به عبر الهاتف النقّال، ولكن لا أحد يجيب وبدأت أسمع الأقاويل من الجيران حول زوجي، وأنه قد أصيب بمكروه.


رؤيته.. كحل عيني

وحاولت "أبو دية" أن تجمع ما تبقى من قوتها بعدما أفاقت من إغماء أصابها لتكمل حديثها معنا "انتظرت عوض ليأتي كما وعدني أو يتصل ليخبرني عن مكانه كعادته، ومرت علي 24 ساعة كسنوات عجاف تراءت لي فيها صور فظيعة لعوض وهو يسبح بدمه وتناثرت أشلاؤه، وفي المساء اتصل بي أحد أفراد قادة الأمن الوطني ليسأل عني وعن عوض ولون ملابسه، فأيقنت أن عوض أصيب بمكروه، وبعدها بلحظات اتصل أحد قيادي حماس وبعدها سمعت أنباء متضاربة عما أصاب عوض. آه لتلك اللحظات ما أصعبها! لقد سقطت مغشيًّا عليَّ رغم أني عشت معه ثماني سنوات كنت أتوقع في كل لحظة بهن أن يأتيني خبر استشهاده. أضافت بعدما ضمت ابنها مجاهد الذي كان يحمل صورة أبيه إلى صدرها حتى أبكت جميع من كان حولها "كم تمنيت أن أكحل عيني برؤيته مثل كافة زوجات الشهداء؛ لأخفف عن نفسي وحشة فراقه، آه للآلام التي ألمت بي عندما سمعت أن جسده قُطِّع أشلاء متناثرة، بل إن بعض أشلائه ما زالت متناثرة ولم تُدفن بعد".

أكملت وهي تمسح دموعها "يكفي أنه حقق أمنيته، وهنيئًا له الشهادة، وسألملم جراحي وسأدوس على جراحي؛ لأحسن تربية أطفالي الذين تحملت مسئوليتهم وحدي لأكمل المشوار بعد أبيهم

روعة
26-03-2008, 12:16 AM
القصة الـأخيرة أثرت في كثيراً

حقاً ما أعظمهن من نساء

لله درهن...

الزاهر
26-03-2008, 04:38 AM
حقاً ما أعظمهن من نساء



بل ما أعظمها من أسرة..........من حياة............من سيرة............من من من من!!!!

روعة
27-03-2008, 12:24 AM
خنساء فلسطين.. قوة المبادئ وعاطفة الأمومة


عندما تسمع عنها يخيل إليك أنها أتت من زمان غير زماننا، أو أن عاطفة الأمومة نُزعت من قلبها، وغُرس بدلا منها حب المقاومة والوطن، كيف بها تطلب من ابنها إيواء مطارَدين لجيش الاحتلال في بيتها رغم معرفتها أنها يمكن أن تفقد أولادها الستة لهذا السبب؟ وكيف تدفع بابنها "محمد" ليتسابق في نيل شرف مقاومة جيش الاحتلال، وتوصيه بالثبات حتى يلقى ربه شهيدا؟!

أثارت هذه التساؤلات فضولنا، فاتجهنا إلى أحد أحياء مدينة غزة وهو حي الشجاعية وبالتحديد منطقة التركمان "نسبة إلى تركمان الشجاع أحد قادة الحملة العثمانية". وفي بيت لفه التواضع وعلى ما يبدو لم ينته أهله من بنائه، استأْذَنَّا ودخلنا وانتظرنا في ساحة المنزل تحت شجرة التين وبجوارنا على الشمال كانت شجرة ليمون، وذلك حتى يُسمح لنا بلقاء والدة الشهيد محمد فرحات التي لم تفارقها النسوة، وعندما دخلنا المنزل من الداخل احتار أهله أين نجلس؟ فقد أخلوا المنزل من كل أثاثه؛ لأنهم كانوا يتوقعون أن تقوم قوات الاحتلال بالتوغل في الحي بهدف هدم المنزل، كان ذلك ظهر اليوم الثاني من استشهاده السبت 9-3-2002 التقينا بالفعل مع السيدة "أم نضال فرحات" والدة الشهيد "محمد" والمطارَد "نضال" والمعتقل "وسام" -رغم المرض الذي ألمّ بها- لتضرب لنا أروع مثل في صور جهاد المرأة الفلسطينية التي تدفع أولادها ثمنا لتحرير الوطن.


وداع الحبيب

استقبلتنا "أم نضال" في غرفة الجلوس التي أفرغت من كافة محتوياتها استعدادا للقصف على يد جيش الاحتلال؛ انتقاما من قبل قوات الاحتلال بسبب حجم الخسائر التي حلت بهم من العملية البطولية التي نفذها ابنها محمد -ابن التسعة عشر ربيعا- في مستوطنة غوش قطيف في يوم 7-3-2002، وفي تمام الساعة الحادية عشرة والربع مساء، وهي العملية التي أدت إلى مقتل أحد عشر جنديا إسرائيليا وإصابة أكثر من سبعة عشر آخرين بجراح.

وفي لحظة دخولنا للمنزل كانت السيدة -أم نضال في العقد الخامس من العمر ويبدو عليها أنها نالت قسطا لا بأس به من العلم- تتابع مع زائراتها مشاهد وداعها ابنها محمد على شاشة التلفاز، حيث كانت تحضنه وتقبله بحنان قبل أن يفارقها وهي تعلم علم اليقين أنه لن يعود إليها وسيغيب عنها إلى الأبد. خيّم الهدوء على الجميع وكأن على رؤوسهن الطير، يحاولن أن يمسحن دموعهن التي كانت تذرف على استحياء وخجل من أم نضال التي كانت تبدو أكثر صبرا وجلدا منهن، حتى إنها كانت تبتسم وهي تواسي من جاء لمواساتها.


قاوم ولا تفزع


لقد سجلت فرحات أروع الصور لجهاد المرأة الفلسطينية، وضربت مثلا بدفعها ابنها محمد للمشاركة في اقتحام مستوطنة صهيونية وقتل العشرات من مستوطنيها رغم صغر سنه، بعد أن نمّت الجرأة في قلبه وهي تقول له: "أريدك أن تقاتل بالسلاح لا بالحجر"؛ لذلك سرعان ما فكر في البحث عن عمل ليدخر منه ثمن السلاح الذي لا تستطيع هذه الأسرة أن توفره لولدها. حثته أمه على العمل والكد حتى يستطيع أن يمتلك السلاح، ويحافظ عليه لأنه عرف مدى صعوبة الحصول عليه. وتضيف أم نضال: "كان من أجمل أيام حياتي عندما امتلك محمد السلاح فأحضره لي ليسعد قلبي به، ويؤكد لي أنه أصبح رجلا يمكن أن يسير في طريق الجهاد".

ليس ذلك فحسب، يا لها من امرأة صلبة قوية ملكت زمام الأمور وجوامع الكلم، عندما سألناها ألم تترددي ولو قليلا؟ ابتسمت وقالت: كيف أمنع الخير عن ابني؟ لقد علمته من البداية أن يكون صادقا معي ولا يخفى عني سر جهاده حتى أشجعه وأقويه، ومع حلول شهر رمضان بشرني بالتحاقه بكتائب القسام وأنه يستعد لخوض عملية استشهادية قريبا.

وتضيف بقلب صابر محتسب: "لا أنكر أني جزعت في البداية لأنني أيقنت أني أعد الأيام الأخيرة لولدي الحبيب، ولكن ما كان يزيد من فزعي أن يفشل في المعركة أو أن يتم القبض عليه قبل أن ينفذها كما حدث مع أخيه وسام الذي اعتقل قبل عشر سنوات، عندما كان يسعى لتنفيذ عملية استشهادية في مدينة بئر السبع عام 1993 فدعوت الله أن يقبله عنده شهيدا بعد أن يشفي صدور قوم مؤمنين".


لا تصدق دموعي

وتضيف: ورغم ذلك نجحت بإيمان وعزيمة في كبح جماح مشاعر الأمومة بداخلي فمن أراد طريق الله والفوز بالجنان فلا بد أن يدفع أغلى ما يملك، وابني محمد أغلى ما أملكه، ولن أبخل به.

وتصف فرحات الساعات الأخيرة قبل استشهاد ولدها فقالت: أخبرني بأن موعد تنفيذ العملية قد تحدد حتى لا أجزع عند سماع خبر استشهاده، ولم أستطع عندها أن أتمالك دموعي، وغلبتني عاطفة الأمومة، وبكيت أمامه، ولكني قلت له: إياك أن تصدق دموعي فإنها دموع أمّ تزف ابنها إلى الحور العين فأطع ربك، وجاهد، واثبت حتى تلقى ربك. ودعته وخرج إلى جنوب غزة بعد أن ودّع جميع إخوانه وقلبي يدعو له بالسداد وكان هذا آخر عهدنا به.

وتضيف بنبرة حزينة: وبدأت أخوض الامتحان الحقيقي الذي هو صراع بين المبادئ وعاطفة الأمومة، ست ساعات كأنها دهر طويل أعد خلالها أنفاس أحبِ أبنائي إلى قلبي كأمٍّ تشاهد الموت البطيء لابنها، وقلبي يخفق حتى أوشك على التوقف لشدة خوفي أن يتم القبض عليه، وأخذت أدعو الله أن ينعم عليه بالشهادة ويسدد رميته، وجاء فرج الله بخبر نجاح العملية وفوزه بالجنان فهنأت نفسي وتنفست الصعداء.


بيت الحمائم


لم تبدأ فصول مقارعة السيدة فرحات للعدو الصهيوني بدفع ابنها "محمد" للجهاد، بل في عام 1992 حيث آوت في بيتها المتواضع المناضل الذي وصفه اليهود "بذي الأرواح السبعة".. إنه "عماد عقل" قائد الجناح العسكري لحركة "حماس" الذي قال عبارته المشهورة: "إن قتل اليهود عبادة أتقرب بها إلى الله" والذي استشهد في منزلها بتاريخ 24-2-1993 بعد أن تحول إلى جبهة حرب بينه وبين ما يزيد عن مائتي جندي صهيوني قبل اقتحامهم المنزل واستشهاد عقل.

قالت: "كنت كثيرا ما أسمع عن وضع الشباب المطارَدين من قبل جيش الاحتلال، وكيف لا يشعرون بالأمن في بيوت مستضيفيهم؛ فصممت أن أفوز بشرف إيوائهم فاقترحت على ابني الأكبر نضال أن نحفر خندقا خلف المنزل، تحت حظيرة الحمام ليصبح مأوى للشباب المطاردين، وفعلا لاقت هذه الفكرة ترحيبا من زوجي وابني فأعددنا الخندق، وعرضت الأمر على شباب المقاومة الذين كان يعرفهم ليكرمنا الله بشرف خدمة المجاهد عماد عقل.

تؤكد أم نضال: "كنت أشعر بقمة السعادة وأنا أشرف على خدمة عقل، وأتمنى أن يمكث أكبر قدر من الوقت في المنزل، ولكن في بعض اللحظات كنت أشعر بالقلق؛ لأن وجوده في المنزل يشكل خطرا كبيرا على أبنائي ففي أي لحظة يمكن أن يتعرض المنزل للاقتحام وبالتالي ربما أفقد أبنائي الستة، وكنت سرعان ما أهذب نفسي وأنهرها، فإن كان عقل حمل روحه على كفه ليقاوم جيش الاحتلال ويصرعهم ويشكل بؤرة خطر على أعدائه فنحن كذلك على استعداد أن نضحي بأرواحنا من أجل أن نحميه ونحمي وطننا".


أولادي فداء للوطن

وكثيرا ما تعرض منزلها للاقتحام من قبل جيش الاحتلال وعماد مختبئ به حيث كان ينفذ عمليات المقاومة ثم يعود إليها بملابسه وعليها دماء الجنود، حيث ينجو بنفسه من دوامة الاعتقال في الخندق الذي أُعدَّ له بعد أن تهيئ له الطريق. وحول هذا تقول: "في يوم عاد عماد من عمليته البطولية في حي الزيتون وقد اتسخ بنطاله بدم أحد الجنود وما كاد يخلعه لأغسله حتى حاصر جيش الاحتلال المنزل فخرجت أجري إلى عماد ليهرب من باب المطبخ إلى الخندق الخلفي وعدت إلى الغرفة لتفقدها فربما نسي سلاحه أو بعض الرصاص، فتدور الشبهات حول المنزل، وفعلا فقد نسي عماد مع السرعة سلاحه الشخصي على الأرض وبعض الرصاصات"، تابعت فرحات بصوت يحن إلى تلك الأيام: "ولا أدري كيف نجا جميع أولادي في ذلك اليوم من موت محقق؟".

وليس غريبا على مثل هذه الأم أن تتمنى أن يرزق الله جميع أولادها الشهادة وحب الاستشهاد ليسيروا على درب عقل، لتختم قولها: "من يحب الله والوطن فلا يتوانى عن تقديم أبنائه فداء له، والأم التي تحب ولدها تطلب له النجاة في الدنيا والآخرة وتدفعه للجهاد ولا تجزع عند فوزه بها، ولا تشمت الأعداء بشعبنا بدموعها على شاشات التلفاز

روعة
29-03-2008, 12:12 AM
زوجة الشهيد جمال منصور: زوجي فتح لنا طريق الجنة

حينما يكون الحديث عن العظماء تبدو الكتابة مغامرة؛ إذ كيف يكتب اللاعظماء عن العظماء.. هكذا يكون الحديث عن عائلة التحمت بلوحة ثابتة إطارها جدول من الشهداء وبحر من البطولة.

هكذا هي عائلة "جمال منصور" القائد الذي سقط شهيدا بصواريخ إسرائيلية ليترك خلفه زوجة وأولادا لم تزحزحهم المصيبة قيد أنملة عن الهدف الذي نذروا حياتهم له.. هذه هي الحقيقة التي تكتشفها في طيات الحديث مع زوجة الشهيد جمال منصور- أم بكر- التي لم تعرف يوما معنى للتراجع أو الملل، بل إنها- كما تقول- تستمد من جمال الصبر والإصرار والإخلاص في مماته كما في حياته.

وتقول أم بكر: إن الإخلاص خاصية فسيولوجية وسيكولوجية من هيكل الفكر عند زوجها جمال.. تبكي ولم تمتص قسمات الوجه دمعات الحرقة، فلا مندوحة من ثمر لكن جمالا لم يمت- كما تقول- بل إنه كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، لن تستطيع أن تنهشها الصواريخ ولا الطائرات.

وتضيف أم بكر: زوجي كان شاهدا على العصر وعلى تاريخ القضية الفلسطينية.. وتتابع: "آه أيتها القوافل المحتشدة على أبواب الجنة! من يسقي أبا بكر شربة لا يظمأ بعدها أبدا..".

وتتابع قائلة: رصيف الجنة مزدحم بوجوه عرض السماوات والأرض أعدت للاستشهاديين.. يفرح الشهداء ويحزن الباقون…


لم أصدق إنني سأكون رفيقة دربه...

"لم أصدق أنني سأكون رفيقة دربه…"، بهذه الجملة بدأت "أم بكر" زوجة الشهيد جمال منصور حديثها حول شخصية زوجها الذي تعرفت عليه أثناء دراستها الجامعية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس.

وأضافت: "شخصيته مؤثرة، وحديثه يأسر الألباب، ولم أكن أتوقع أن أرتبط بشخص يحمل مواصفاته؛ حيث كان واسع الاطلاع وشديد الحساسية.. تعرفت عليه في السنة الأولى من دراستي عندما جاء يقدم لي التهنئة بمناسبة ارتدائي للحجاب، وكانت فرحتي بهذا اللقاء كبيرة، وبعد عودتي من عمان في إجازتي السنوية تقدم جمال لخطبتي فكانت فرحتي كبيرة وغمرتني السعادة ولم أصدق أن شخصا مثله سأكون رفيقة دربه".

صمتت قليلا حينما سألناها عن شعورها بعد استشهاد زوجها ثم قالت: "أحمد الله أن اختاره شهيدا".


الشهداء مشتاقون إليه..

وحدثتنا عن حوار قصير تم بينها وبين زوجها صباح يوم الاستشهاد:

أم بكر..

نعم يا أبا بكر.

أتدرين من اتصل بي الليلة؟

لا، من ؟

إنه الشهيد صلاح الدين دروزة، لقد زارني في المنام متصلا هاتفيا وقال : إنني مشتاق إليك..

وكانت هذه المحادثة آخر الكلمات التي تحدث بها المجاهد جمال منصور، الناطق بلسان حركة "حماس" قبل خروجه من منزله مودعا زوجته وأولاده الخمسة.

الحديث طويل والأشجان كثيرة، ولعل المقابلة التالية تضيف بعض الشيء إلى زوايا حياة امتلأت صفحاته بالجهاد.

وفيما يلي نص المقابلة التي أجريناها مع أم بكر:

* ما شعورك كزوجة شهيد وصفه الجميع بأنه مدرسة في شكل رجل؟

- رغم الفراغ الكبير الذي تركه استشهاد زوجي البطل باستشهاده فإنني أشعر بالفخر والاعتزاز، وأن الله سبحانه وتعالى اختاره شهيداً.

فأحمد الله تعالى أن أختار زوجي شهيداً ليفتح لنا طريقاً إلى الجنة؛ حيث إن الشهيد يشفع لسبعين من أهله وأقاربه، وقد نجح أبو بكر في مدرسته في تعليم الزوجة والابنة والولد التربية الصحيحة، وأسأل الله أن يعينني على السير على دربه وتربية أطفالي الخمسة على طريق والدهم والبقاء على عهده.

* كيف باعتقادك ينبغي أن تستقبل المرأة المسلمة خبر الشهادة؟

- باعتقادي أنه على المرأة المسلمة أن ترضى بما قدر الله سبحانه لها، وعليها أن تصبر وتحتسب، وأن تدعو الله سبحانه وتعالى وتقول: "اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها".

فقدر الله نافذ ولا راد لقضائه، والله سبحانه هو الذي أعطى وهو الذي أخذ، وعليها أن تحمد الله أن زوجها أو ابنها أو أخاها هو من بين الناس الذين يجرهم الله بالشهادة حيث قال سبحانه: "ويتخذ منكم شهداء".

* ما الفراغ الذي تركه أبو بكر في حياتك وحياة أولادك؟

- لقد كان أبو بكر وسيبقى- إن شاء الله- كل شيء في حياتي، لقد فقدت الزوج الوفي الذي كان أوفى مَنْ أُحبّ وأَحب من أوفى، وفقدت الأب الغالي والأم الحنون… لقد فقدت شريك عمري ورفيق دربي في السراء والضراء، لقد فقدت الصديق الصدوق..

أعتبر أنني فقدت الجمال والحنان باستشهاده في الدنيا، ولكني أسأل الله أن يعوضني في أولادي خيراً، وأن يلحقني وصغاري بزوجي الغالي في جنات الخلد، وأن يعينني لمجيء ذلك اليوم على تعويض أولادي ما فقدوه باستشهاد والدهم؛ حيث إنه كان يتفنن في أساليب إدخال السعادة إلى قلوبنا جميعا. فقد كان الفرحة والنسمة بالنسبة لهم، وقد كان بالنسبة لنا جميعاً القدوة، وقدوته يستمدها من الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم).

* ما هي الأعباء التي تركها أستشهاد جمال عليك؟

- استشهاده ترك المسؤولية كاملة علي حيث أن والدي ووالدتي وكذلك والدته ووالده أختارهم الله منذ سنوات فالمطلوب مني الآن أن أكون الأم الحنونة ورب الأسرة القدوة بالنسبة لأولادي فعلي القيام بدور الرجل والمرآة في أن واحد.

* ماذا اخذت وتعلمت من مدرسة جمال؟

- لقد تعلمت الكثير الكثير من مدرسة جمال. وقد ذكرت أن قدوة أبو بكر هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لقد تعلمت منه اتباع القول بالعمل، والصبر والاحتساب عند المصائب، والشجاعة في قول الحق، وعدم الخوف عند الشدائد والحكمة في التعامل مع المواقف البسيطة والصعبة، ووضع الأمور في حجمها الطبيعي أي عدم تضخيم الأمر الصغير وعدم تصغير الأمر الكبير.

كما تعلمت الرضى بما كتب الله، وان الحياة لا تنتهي باستشهاد إنسان أو وفاته وانه لكل زمان دولة ورجال ……الخ.

حقيقة لا أستطيع ذكر الجوانب التي تعلمتها من مدرسة أبى بكر حيث انه لا يمكن إحصاؤها ومن احب أن يعلم ما تعلمت من أبي بكر فليرجع إلى سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.

* هل ستدفعي اولادك لسلوك نفس الطريق الذي سلكه والدهم؟

- اسأل الله أن يعينني على ذلك. فطريق أبو بكر هي طريق الجنة المحفوفة بالصعاب والأشواك وليست محفوفة بالورود والرياحين.. وان فعلت أن شاء الله سألحق به مع أولادي إلى الجنة و أنا مستعدة أن أدافع حياتي وحياة أبنائي ثمنا لها فالجنة عروس مهرها النفوس.

* ماهي الزوايا الخفية في حياة جمال منصور كما تابعتها عن قرب؟

- أن أبا بكر الداعية المسلم المجاهد، الجريء القوي، الشجاع هو نفسه الإنسان الحنون العطوف الرؤوف في بيته فهو على استعداد للقيام بأعمال البيت كاملة من اجل مساعدتي ومساعدة أبنائي رغم انشغاله الدائم في الليل والنهار.

أبا بكر يمتلك روحانية غالية جدا وقرب من الله سبحانه لا يوصف. فقد كان في شهر رمضان وخاصة أيام الاعتقال يختتم القرآن الكريم يوميا، ولا ينام إلا بعد أن يدعو الله ويقرأ القرآن ويعالج نكد الصغار بالقرآن ويسهر إلى ساعات متأخرة من الليل ليتابع ما ضاع عليه في النهار من متابعة أخبار العالم ورغم ذلك يوقظنا لصلاة الفجر.

أبا بكر إنسان مرهف الحس وفنان. فبالإضافة إلى حنكته السياسة وقدراته الأدبية فهو رسام شعارات غريبة وكان يقوم برسم لوحات للصغار لمدارسهم والتي تنال إعجاب كل من يقع نظره عليها.

من يتعامل مع أبا بكر وأنا زوجته اعترف أن من يخطئ معه يخجل من نفسه لانه يعالج الأمور بطريقة غريبة تجعل الإنسان يعترف بذنبه ويتوب ولا يعود لنفس الخطأ.

* ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه المرأة المسلمة في ظل انتفاضة الأقصى؟

- على المرأة المسلمة أن لا تستهين بدورها في كل الأوقات. فدورها في ظل انتفاضة الأقصى مضاعف.. فعليها أن تشجع أبناءها على محاربة اليهود أعداء الله و أعداء الدين ومغتصبي أراضينا، وعليها أن تقف جنبا إلى جنب مع ذوي الشهداء والجرحى والمنكوبين ومع الذين هدمت بيوتهم ودمرت منازلهم وفقدوا أعمالهم وان تصبر على زوجها إن ضاقت ذات اليد بالنسبة إليه وان تعينه قدر إمكانها وان تبذل الغالي والنفيس من اجل دعم الانتفاضة ودحر الاحتلال.

* ما هي الرسالة التي توجهينها لنساء فلسطين في ظل هذه الاوضاع؟

- أقول لهن ما قاله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز" اصبروا و صابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" فالصبر يا نساء فلسطين فان الصبر مفتاح الفرج" وان النصر صبر ساعة "فان مع العسر يسرا أن مع العسر يسرا".

كونوا يا اخوتي على ثقة بنصر الله وان الله سبحانه لن يترك الظالمين" ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء".

أقول لهن: إذا كنتن قد تعبتن وتألمتن فاعلمن أن الجنة لكن جزاء صبركن فان شهداءنا في الجنة وقتلى اليهود في النار وقال سبحانه:" إن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مما لا يرجون" وليكن شعارنا دائما ما قاله الشاعر قولا وتطبيقا:

اقتلوني مزقوني اغرقوني في دمائي

لن تعيشوا فوق ارضي لن تطيروا في سمائي

أيمن غ القلموني
29-03-2008, 12:37 AM
والله قصص مؤثرة ، مشكورة؛ بس من هو جمال منصور ؟ هل بالإمكان أن تقولي لنا من هو يا روعة؟
لأن بالمقال مفي شي بعرّف عنو .

روعة
29-03-2008, 12:44 AM
أعرف أن الكثيرين ربما لا يعرفونه.

أذكر أني قرأت قصة حياته لكني لا أذكر أين.

إن كنت تملكها هلا وضعتها لنا هنا أو في موضوع مستقل؟

أيمن غ القلموني
29-03-2008, 02:46 AM
لو بعرف ما كنت سألتك .
على كل هالقصص إللي بيقريا بفكرا من نسج الخيال ، ولكن بتطلع من نسيج الواقع .

روعة
06-04-2008, 12:47 AM
عندما ينتهي هذا الموضوع إن شاء الله

وها هو الختام لأني كنت قد نقلت الملف ما قبل الأخير على المنتدى.


فلسطين ومذاق خاص ليوم المرأة


تستقبل المرأة الفلسطينية يوم الثامن من آذار/ مارس بحزن ومرارة؛ فلهذا اليوم في حياتها طعم آخر يترجم لحظات الألم القاسية التي تعايشها جراء فقدان الابن والأب والزوج. فنساء فلسطين لسن بحاجة إلى تحضير الكلمات ووصفها بشكل إنشائي للتعبير عما يتمنينه في يوم المرأة لهذا العام، فهن كما يقلن يصنعن من صبرهن ومواصلة تربية أبنائهن على ذات الدرب خطة عمل لتسير عليها جميع الشعوب المقهورة وليس فقط نساء فلسطين.

لم تجد "آمنة الصباغ" -التي تعرض منزلها في جنين للتدمير عدة مرات واستشهد أحد أبنائها دون أن يرى ابنه البكر الذي ولد حديثا خلال اجتياح المخيم، فيما يقبع ابنها الثاني في سجون الاحتلال الإسرائيلي- للتضامن مع نساء شعبها في إحيائهن لهذه المناسبة سوى التوجه مع غيرها من الأمهات الثكلى إلى مقبرة الشهداء، وكل منهن تقاوم حزنها بتوجيه صرخة من قلب أمهات المخيم إلى كل شعوب الأرض ليخلصوا الفلسطينيين من المأساة المستمرة في حياتهم منذ النكبة بأشكالها المتعددة.. من تشريد وقتل وسجن وملاحقة واغتيال.

أما الطفلة "روند" التي لم يتجاوز عمرها 10 سنوات فلم تجد من هدية تقدمها لوالدتها في مثل هذا اليوم سوى قصيدة جديدة عن ملحمة مخيم جنين والمجزرة التي وقعت فيه.

ووالدة الشهيد محمود طوالبة (أحد أبطال مخيم جنين) تقول: إن كل المناسبات أصبحت لديها بلا معنى أو أهمية بسبب الأوضاع القاسية التي ألقت بظلالها عليها وعلى أسرتها عندما بدأت باستشهاد ابنها محمود وغياب أبنائها الأربعة الأسرى في سجون الاحتلال.


للمعتقلات قسط آخر

وللمعتقلات وذويهن في سجون الاحتلال قصة أخرى مع الاحتفاء بيوم المرأة العالمي.. فهناك عائلة المعتقل جمال أبو الهيجا من ذات المخيم.. مخيم جنين، والذي انضمت زوجته لقائمة الاعتقال بعده وبعد نجلها البكر لتصبح ابنتها الكبرى "بيان" ابنة السادسة عشرة هي المسئولة عن رعاية بيت بأكمله يقيم فيه خمسة من الأطفال الصغار.

وتتساءل بيان: "كيف لنا أن نتحدث عن يوم المرأة العالمي والاحتفاء به كبقية نساء العالم وأمي التي أعياها المرض ترقد خلف قضبان السجون دون أن نعلم عنها شيئا؛ لأن قوات الاحتلال منعت زيارتها رغم أنها تعاني من مرض السرطان.

وتقول بيان التي زارتها العديد من ممثلات المؤسسات النسوية في فلسطين: إنها لا تريد هدايا أو زهورًا ولا خطابات وبيانات في هذا اليوم، ولكنها تأمل بطلب واحد هو ألا تحرم والدتها من العلاج والدواء وإن ُحرم إخوتها الاستمتاع كبقية أطفال العالم بالعيش بين والديهم.

"وائل" الطفل الصغير الذي قدر له أن يولد في سجن الرملة، له قصة عجيبة مع ذكرى الثامن من آذار؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 2002 ولد وائل وتفتحت عيناه على فضاء مظلم مغلق اسمه السجن، وأي سجن؛ فأمه شابة تدعى "ميرفت طه" معتقلة منذ عام ونصف تقريبا، أنجبت وائل الذي لم يولد كبقية الأطفال، فلا حليب ولا هدايا ولا عيد ميلاد ولا أب ولا جدة ولا هواء.

وبمناسبة هذا اليوم أصدر نادي الأسير الفلسطيني تقريرًا مفصلاً حول تجربة المرأة الفلسطينية في سجون الاحتلال، حيث أكد التقرير أن تجربة الحركة النسوية الأسيرة تكتسب صفة مميزة مع مجمل التجربة الجماعية للأسرى، حيث بلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات منذ بداية الاحتلال ما يقارب 5000 امرأة فلسطينية، وشمل الاعتقال الفتيات الصغار وكبيرات السن منهن، وكثيرًا ما كان بين الأسيرات أمهات قضين فترات طويلة.

شهدت الفترة الواقعة بين 1968- 1976 أكبر حملة اعتقالات للنساء وكذلك فترة الانتفاضة الأولى، حيث تعرضت الأسيرات للكثير من حملات التعذيب أثناء الاعتقال. كما خاضت الأسيرات منذ بداية تجربة الاعتقال العديد من النضالات والخطوات الاحتجاجية والإضراب المفتوح عن الطعام في سبيل تحسين شروط حياتهن المعيشية، وقد سجل تاريخ الحركة النسوية مواقف بطولية كما حصل في عام 1996 حينما رفضت الأسيرات الإفراج المجزوء عنهن إثر اتفاق طابا، وطالبن بالإفراج الجماعي عن جميع الأسيرات في بداية عام 1997.

وبعد اتفاق أوسلو خاضت الأسيرات معركة الحرية وشاركن في الخطوات النضالية إلى جانب بقية الأسرى في كافة السجون.

وخلال انتفاضة الأقصى الراهنة تصاعدت عمليات اعتقال النساء الفلسطينيات بشكل لم يسبق له مثيل حيث بلغت حالات اعتقال النساء خلال الانتفاضة حوالي 150 فتاة فلسطينية بقي محتجزًا منهن حاليًا 55 أسيرة. وتعرضت النساء خلال انتفاضة الأقصى للتعذيب والتنكيل، وأثناء التحقيق إلى اعتداءات أكثر من مرة داخل السجن حيث فرضت عليهن إجراءات قاسية تمس حقوقهن الإنسانية والمعيشية، كما استخدمت القوات الإسرائيلية أسلوب اعتقال الزوجات للضغط على الأسرى في التحقيق، كما تم اعتقال العديد من الفتيات القاصرات وتحويل عدد آخر منهن إلى الاعتقال الإداري لمدد مختلفة ومفتوحة.


استهداف للحوامل

وقد ورد في بيان لوزارة الصحة الفلسطينية صدر بمناسبة الثامن من آذار أن المرأة الفلسطينية أصبحت الوحيدة في العالم التي تعاني من آلام المخاض وتلد عند الحواجز الإسرائيلية المنصوبة على مداخل جميع المدن والقرى والمخيمات وأمام أعين الجنود دون أن يتحركوا، بل يتمادون في منعها من الوصول إلى المستشفى حتى تزهق روحها وروح جنينها.

وأشار البيان إلى أن المرأة تتعرض للاعتداءات الإسرائيلية وترتكب بحقها مجازر وعمليات قتل مثلما حدث للسيدة "نهى سويدان" -33 عامًا- الحامل في شهرها التاسع حيث استشهدت خلال مجزرة مخيم البريج وسط قطاع غزة مطلع شهر آذار الجاري (2003). وبيّن البيان أن حادثة قتل المرأة الحامل وطفلها غير المولود التي خلفت وراءها 10 أطفال مجروحين دون مأوى ودون حنان الأم هو أبسط دليل على القتل الإسرائيلي المتعمد للمدنيين الفلسطينيين، واستهداف قتل النساء وهن حوامل والأطفال الرضع بل الأجنة في بطون أمهاتهم.

كما أجهضت "رسمية مزهر بشارات" من قرية جبع في محافظة القدس في 13-1-2003 إثر استنشاقها غازات سامة أطلقها جنود الاحتلال على الطريق الالتفافية قرب بلدة عناتا شمال شرق القدس عندما كانت متوجهة إلى القدس للولادة، إلا أن جنود الاحتلال أطلقوا وابلاً من القنابل الغازية السامة نحو المواطنين الذين يريدون الوصول إلى أعمالهم أو إلى المستشفيات بعد منعهم، وهو ما أدى إلى إصابة السيدة بشارات بالإغماء واختناق الجنين ووفاته.

وفي حالات أخرى قتلت إسرائيل الزوج الذي رافق زوجته إلى المستشفى للولادة كما في حالة "ميسون الشورطي" -21 عامًا- الحامل في شهرها التاسع والتي كانت برفقة زوجها محمد عبد الله الحايك من قرية زيتا جماعين الذي استشهد، وكذلك أصيب حموها.

هكذا هو حال نساء فلسطين.. الاحتفاء بالمناسبات العامة والخاصة لهن له رونق آخر ومذاق مر بطعم الاحتلال.. ولكنهن يدركن أن هذه التضحيات لن تكون هباء منثورًا وإنما ستكون الجسر الذي ستمر عليه سعادة نساء فلسطين لتتحول الاحتفالات بكل المناسبات إلى ابتسامات على الوجوه وليس دموعًا تسيل على الخدود.