المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص خيالية للاطفال



الصفحات : 1 [2]

Nadine
19-06-2007, 04:02 AM
قالتِ القطَّةُ للعصفورةِ:‏

ـ أنا أجمل منكِ، لأن لي أذنين طويلتين.‏

قالتِ العصفورةُ:‏

ـ أنا لي جناحان، أطيرُ بهما إلى البعيدِ...‏

قالتِ القطَّةُ:‏

ـ أنا لي أنيابٌ حادَّةٌ! وأنتِ بلا أسنان.‏

قالت العصفورة:‏

ـ أنا لي منقارٌ حادٌّ وجميلٌ.‏

قالتِ القطَّةُ:‏

ـ موائي عذبٌ.‏

قالتِ العصفورةُ:‏

ـ تغريدي أعذبُ.‏

قالتِ القطَّةُ:‏

ـ لي أربعٌ قوائم، وليس لكِ سوى قائمتين.‏

قالتِ العصفورةُ ضاحكةً:‏

ـ الكرسيُّ له أربعُ قوائمٍ...‏

Nadine
19-06-2007, 04:03 AM
نهضتُ هذا الصباحَ نشيطاً.‏

غسلتُ وجهي.‏

نظَّفْتُ أسناني.‏

سرَّحتُ شعري... ثم حملتُ حقيبتي وسرتُ نحوَ بابِ المنزلِ، لكني توقفتُ فجأةً...‏

ـ آه... لقد تذكرتُ!..‏

عدتُ إلى أمي مسرعاً.‏

رفعتُ رأسي إليها. فطبعت قبلةً على خدِّي...‏

عندئذٍ اتجهتُ إلى المدرسةِ، تغمرُني السعادةُ...‏

Nadine
19-06-2007, 04:04 AM
اشترى (عادلٌ) وأُختهُ (منالٌ) كميَّةً من البطاطا.‏

قالَ عادلٌ:‏

ـ هيَّا. احملي الكيسَ إلى البيتِ.‏

نظرتْ إليه (منالُ) منزعجةً، وقالتْ:‏

ـ اِحلْمهُ أنتَ؟‏

ـ لا... أنتِ... يدي تؤلمني... لقد اصطدمتْ بعارضةِ الملعبِ في حصَّةِ ا لرياضةِ.‏

حملتْ (منالُ) الكيسَ، وسارتْ خلفَهُ، وقد ظنَّتْ أنه سيحملُهُ عنها بعدَ مسافةٍ قصيرةٍ، لكنه لم يفعلْ، فقالتْ برجاءٍ:‏

ـ عادلْ. احملِ الكيسَ. لقد تعبتُ!‏

ـ إنه ليس ثقيلاً...‏

تابعتْ (منالُ) طريقَها، وقد (زعلتْ) من أخيها.....‏

فجأةً. انطلقَ (عادلٌ) راكضاً. تساءَلَتْ منالٌ:‏

ـ "ما الذي جرى لعادلٍ اليومَ!؟!... سأشكو أمرَهُ إلى أبي عندَ المساءِ...‏

لكنَّها شاهدتهُ يتوقَّفُ بجانبِ امرأةٍ عجوزٍ، تحملُ بيديها كيسينِ... يتقدَّمُ منها.‏

يتحدَّثُ معها.... ثم يأخذُ الكيسين منها ويحملهما. ويتابع سيرَهُ إلى جانبها...‏

تأملتْ (منال) المنظَر، فظهرتْ على وجهها علاماتُ السرورِ، ثم همستْ لنفسها:‏

"عادل إنسانٌ رائعٌ!!..".‏

Nadine
19-06-2007, 04:04 AM
قالَ جدِّي:‏

ـ في العالم كثيرٌ من البلادِ الجميلةِ....‏

ثم صمتَ لحظةً، وسألَ:‏

ـ أيُّ البلادِ أجملُ؟‏

في تلكِ الأثناءِ، كان أبي قد عادَ من المدرسةِ، ووضعَ الدفاترَ التي يحملُها على المنضدة، جانبَ القلمِ الأحمرِ، فاتَّجَه إلى جدِّي، وقالَ:‏

ـ جميعُ البلادَ جميلةٌ. هذا صحيحٌ. لكنَّ الأجملَ هي التي يكتبُ حولها التلاميذُ موضوعاتِ الإنشاءِ والتعبيرِ.‏

Nadine
19-06-2007, 04:05 AM
وقفَ طفلٌ جائعٌ أمامَ البركةِ الصغيرةِ في الحديقةِ العامَةِ....‏

في البِركةِ الصغيرةِ بَطَّاتٌ جميلاتٌ يسبحنَ، ويُغَنِّينَ: واق... واق...‏

جاءتْ امرأةٌ تسحبُ طفلاً...‏

الطفلُ بيدهِ كعكةٌ كبيرةٌ....‏

بدأ الطفلُ يقطعُ من الكعكةِ جزءاً جزءاً، ويرميه إلى البطَّاتِ الجميلاتِ، فتمنَّى الطفلُ الجائعُ أن تقعَ قطعةٌ من الكعكِ خارجَ البركةِ.‏

لكنَّ الكعكةَ انتهتْ...‏

والأُمُّ سحبتْ طفلها بهدوءٍ..‏

بينما ظلَّ الطفلُ الجائعُ في مكانهِ...‏

ينظرُ إلى البطَّاتِ الجميلاتِ، ويستمعُ إلى غنائهن:‏

واق... واق...‏

Nadine
19-06-2007, 04:05 AM
قالتْ (ليلى) لأصدقائها:‏

ـ تعالوا نتسلَّ بلُعبةٍ جديدةٍ.‏

هتفَ الأصدقاءُ والصديقاتُ فرحين:‏

ـ حسناً... حسناً... أيُّ لُعبةٍ سنلعبُ؟‏

قالتْ ليلى:‏

ـ لُعبةُ (القطيعِ).... أنا سأكونُ الرَّاعيةَ. و(سلوى) و(رندةُ) و(أحمدُ) سيكونون النعجاتِ.. أما أنتَ يا (عامر) فستكونُ الذئبَ.‏

قفزَ الجميعُ فرحينَ، وابتدأتِ اللعبةُ....‏

عزفتْ ليلى بمزمارها...‏

وابتدأتِ النعجاتُ تثغو حولَها...‏

وعندما اقتربَ الذئبُ، هجموا عليه بالعصيِّ...‏

عندئذٍّ وقفَ (عامرٌ) رافعاً يديهِ، مستسلماً، وقال:‏

ـ سامحوني. لن أرضى أن أكون ذئباً بعدَ اليومِ....‏

Nadine
19-06-2007, 04:06 AM
كانتْ (ليلى) تجلسُ في الشرفةِ، فسمعتْ بائعَ الحلوى المتجوِّلَ ينادي بصوتهِ العذبِ:‏

ـ "بالمسكِ والعنبر، يا حلو يا سكر"...‏

نظرتْ إليهِ، وهو يجرُّ عربتهُ، فابتسمتْ...‏

بعد قليلٍ...‏

شاهدتِ الشرطيَّ يُلقي القبضَ عليه، ويقودهُ أمامَهُ مع عربتهِ...‏

حزنتْ ليلى كثيراً، وكرهتِ الشرطيَّ، وأقسمتْ أنها لن تحبَّ الشرطةَ بعد اليوم!...‏

لكنَّها تناسَتْ قَسَمَها عندما علمتْ أن طفلاً نُقِلَ إلى المستشفى، بعد أن تناولَ قطعةً من تلك الحلوى... وقالت متأسفةً:‏

ـ كم كنتُ مخطئةً!...‏

Nadine
19-06-2007, 04:06 AM
في الليلِ جلستُ أكتبُ واجباتي المدرسيةَ... أجبتُ عن جميعِ الأسئلةِ، ثم رسمتُ خارطةَ الوطنِ العربيِ. لَوَّنْتُ السهولَ بالأخضرِ، والبحرَ والأنهارَ بالأزرقِ، والجبالَ والهضابَ بالبُنيّ والأصفرِ... وعندما انتهيتُ، نظرتُ إلى الخارطةِ نظرةً أخيرةً، فارتسمتْ على شفتيَّ بسمةُ السعادةِ والرضى.‏

قالَ جدِّي:‏

ـ هاتِ الورقةَ والقلمَ.‏

ثم ثَبَّتَ النظارتين السميكتين على مقدِّمةِ أنفِهِ...‏

بدأ جدي يرسمُ... ملأ الورقةَ خطوطاً متداخلةً. لكنه فجأةً مزَّقَ الورقةَ، ورمى القلمَ، وقال بعصبيةٍ:‏

ـ القلمُ رديءُ الخطِّ؟!..‏

قلتُ ضاحكاً:‏

ـ ما ذنبُ القلمِ يا جدِّي، إذا كنتَ أنتَ لم تتعلمْ في مدرسة؟!..

Nadine
19-06-2007, 04:07 AM
أنا تلميذةٌ (شاطرة)‏

تحبُّني المعلِّمةُ... مع أنني لا أسمعُ نصائحها...‏

تقولُ لنا في الصفِّ دائماً:‏

"على الإنسان أن يعتمد على نفسهِ...".‏

وأنا لا أعتمدُ على نفسي... كنتُ أعتمدُ على أُختي (سميرة) في البيتِ، وعلى صديقتي (عائشة) في المدرسةِ...‏

كلما طلبتْ منا المعلِّمةُ الإجابةَ عن أسئلةِ الواجباتِ المنزليةِ، أمدّ يدي، وأرفعُ إصبعي قبل الجميعِ، لأقرأ الإجاباتِ من دفتري، فأنالَ إعجابَ المعلِّمةِ، ورضاها، وكثيرا ًما تطلبُ إلى التلميذاتِ أن يصفِّقنَ لـ(الشاطرةِ).‏

ولكن!!!....‏

آهِ... كم أنا حزينةٌ هذا اليوم!‏

نحن الآن في غرفةِ الامتحانِ...‏

ألْتَفِتُ يميناً ويساراً، فأرى الجميعَ يكتبون... أمّا أنا...‏

فلم أُجبْ إلاّ عن سؤالٍ واحدٍ!...‏

تأتي المعلِّمةُ... تقتربُ منّي... تنظرُ إلى ورقةِ إجابتي...تسألني مندهشةً:‏

ـ مابكِ يا شاطرة!؟!...‏

أُسندُ رأسي على يدي، وأشعرُ بالندمِ الشديد!...‏

هاهي (حنان) تُسلِّمُ ورقتَها وتخرجُ...ثم تخرجُ بعدَها (عائشةُ) فـ... (ليلى........).‏

أقولُ لنفسي: "أينَ أنتِ الآنَ يا سميرةُ؟!".....‏

أحسستُ برغبةٍ في البكاءِ...!!..‏

الآن، فهمتُ معنى قولِ المعلِّمةِ:‏

"ـ على الإنسانِ أن يعتمدَ على نفسهِ"!....‏

ازدادَ حزني... قلت في نفسي من جديدٍ: ..‏

"يا ليتني عملتُ بنصائحها... ياليت!!!...".‏

Nadine
19-06-2007, 04:07 AM
بعد أن انتهى من اللعب بالكرة، جلسَ والعرقُ يتصبَّبُ من جبينه...‏

اقتربَ منه صديقُه، وسألَه:‏

ـ هل نجحتَ؟‏

ـ لا..‏

ـ آهِ.. يا صديقي.. لو ذقتَ لذَّةَ النجاحِ. إنَّه يملأ النفسَ سعادةً وفرحاً.‏

ـ هل نجحتَ ـ أنتَ ـ؟!..‏

ـ لا.. لم أنجحْ، ولكنّي شاهدتُ جارَتَنا أُمَّ سعيدٍ تزغردُ، وترقصُ، وتغنِّي عندما علمتْ أن سعيداً قد نجحَ...‏

Nadine
19-06-2007, 04:08 AM
حملتْ جدَّتي دجاجتها، ونظرتْ إليَّ غاضبةً من غير أن تتكلَّمَ....‏

ـ لماذا انزعجتْ جدَّتي؟!‏

ـ هل فعلتُ ما يُغضبُ جدَّتي؟!‏

تنظرُ إليَّ، وهي تحملُ دجاجتَها، ثم تقولُ غاضبةً:‏

ـ أنا ذاهبةٌ إلى الطبيب البيطريّ!‏

ـ عفواً.. جدَّتي... كانتْ غايتي أن ترتاحي. كلُّ ما فعلتُهُ أنني سقيتُ الدجاجة ماءً مغلياً، كي لا تتعبي في سلْقِ البيضِ...‏

ـ فلماذا أنتِ غاضبة؟!..‏

Nadine
19-06-2007, 04:08 AM
شاهدتِ التلميذةُ الصغيرةُ عصفورةً صغيرةً، تقفُ على شبَّاكِ غرفةِ الصفِّ.‏

سألتِ التلميذةُ الصغيرةُ المعلِّمَةَ:‏

ـ آنسة. من أين أتت العصفورةُ الصغيرة؟‏

ـ فكرت المعلمة قليلاً، ثم قالت:‏

ـ مِنَ البيضةِ.‏

ـ ومِنْ أينَ أتتِ البيضةُ؟..‏

ـ مِنَ العصفورةِ.‏

احتارتِ التلميذةُ الصغيرةُ في الأمرِ. وقالتْ:‏

ـ هذه مسألةُ صعبةٌ الحلِّ. عندما أعودُ إلى البيتِ. سأطلبُ من أمي مساعدتي على حلِّها....‏

Nadine
19-06-2007, 04:09 AM
سألتْ "ليلى أُختَها التي نجحتْ إلى الصفِّ الخامسِ:‏

ـ هل تعلمينَ ما الاسمُ الأوَّلُ "لابن العاص" الذي فتحَ مِصْرَ؟‏

ردَّتْ أُختَها مبتسمةً:‏

ـ اسمُهُ (عمرْو).‏

كتبتْ ليلى في الدفتر(عمرْو)..‏

ثم سألتها:‏

ـ ما اسمُ النبي الذي أُنْزِلَ عليه (الزبورُ)؟‏

ـ (داودُ) عليهِ السلامِ.‏

كتبتْ (ليلى) في الدفترِ: (داودُ).‏

لكن أختَها سرعانَ ما سأَلَتْها:‏

ـ لماذا كتبتِ اسمَ (داودَ) بواوٍ واحدةٍ؟!‏

فابتسمتْ ليلى، وقالت:‏

ـ لأن (عمرْو) يا عزيزتي، قد استعارَ (الواوَ) من (داود) ووضعَها في نهايةِ اسمه.‏

Nadine
19-06-2007, 04:09 AM
قالَ سميرٌ لأختهِ:‏

ـ سميرةُ. أرجو أن تعيريني قلمَكِ.‏

قالتْ سميرةُ:‏

ـ ولكنّي الآنَ أكتبُ واجباتي... أين قلمُكَ؟‏

ـ ضاعَ!..‏

ـ حسناً.. سأعطيكَ قلمي.. عندما أنتهي من الكتابة.‏

ـ ولكنْ لديَّ واجباتٌ كثيرةٌ. هاتي القلمَ!..‏

ـ لن أعطيَهُ قبلَ أن أنتهيَ من كتابةِ واجباتي.‏

ـ سآخذُهُ!!...‏

أمسكتْ سميرةُ القلمَ جيِّداً ، لكنَّ سميراً. أمسكَ به أيضاً. وشدَّهُ من يدها بقوّةٍ.‏

شدَّتْ سميرةُ، وشدَّ سميرٌ...‏

عندئذٍ تألَّمَ القلمُ، وحزنَ كثيراً، وانكسرَ!!!‏

Nadine
19-06-2007, 04:10 AM
سألتِ المعلِّمةُ ليلى:‏

ـ هل تحبينَ الوردَ؟‏

ردَّتْ ليلى:‏

ـ أحبُّ الوردَ، لكنِّي أحبُّ سنابلَ القمحِ أكثرَ.‏

ـ وهل تحبينَ مشاهدةَ "التلفازِ"؟‏

ـ أحبُّ مشاهدةَ "التلفاز" ولكنِّي أحبُّ المدرسةَ أكثرَ.‏

ـ هل تحبينَ زيارةَ الأصدقاءِ؟‏

ـ أحبُّ زيارةَ الأصدقاءِ، لكنّي أحبُّ المطالعةَ أكثرَ.‏

ـ وهل تحبينَ المعلِّمةَ؟‏

صمتتْ ليلى، ولم تردَّ...‏

سأَلَتَهَا المعلِّمَةُ :‏

ـ ألا تحبينَ المعلِّمةَ؟‏

ـ أحبُّها كثيراً..‏

ـ ولكنْ . ألا تحبينَ أُمَّكِ أكثرَ؟‏

فضحكتْ ليلى، وقالت:‏

ـ أحبُّها مثلَ أمي، لأنها أمي الثانية.‏

Nadine
19-06-2007, 04:11 AM
شعرتْ ليلى بالحزن، لأنها بقيتْ وحيدةً في المنزل. تلفتتْ حولها. شاهدت طفلةً في المرآة. حسبتْ أنها تناديها:‏

ـ تعاليْ يا صديقتي. أنا أعلمُ أن أمِّكِ ذهبتْ لزيارة جارتِها المريضةِ..‏

ـ ماذا تريدينِ؟‏

ـ نتسلَّى معاً. ونقضي وقتاً ممتعاً.‏

ـ كيف؟!...‏

ـ انظري إليَّ جيِّداً.. تريْ طفلةً جميلةً مثلكِ. لها وجهٌ نظيفٌ، وشعرٌ جميلٌ، تزّينهُ شريطةٌ بيضاءُ.‏

نظرتْ ليلى، فأعجبتْها صورتُها..‏

قالت المرآةِ:‏

ـ مدّي لسانَكِ..‏

مَدّتْ ليلى لسانَها، فشعرتْ بالخجلِ.‏

ـ إذا كنتِ تخجلينَ من مدِّ اللسانِ، فأدخلي أصابعَكِ بين شعرِكِ، والعبي به.‏

أدخلتْ أصابعَها بين شعرِها، ولعبتْ به. لكنَّها شعرتْ بخجلٍ أشدَّ، لأنها تذكرتْ منظرَ الطفلةِ التي تلعبُ في الشارعِ، وشعرُها مشعَّثٌ، والذبابُ يحطُّ على عينها لذلك أسرعتْ إلى مشطها، وبدأت تُسرّحُ شعرَها، ثم جَدَلتْ منه ضفيرتين جميلتين.‏

ـ حسناً. عدتِ جميلةً.. والآنَ. ضعي إصبعكِ على جانبِ رأسكِ. وتذكري من يفعلُ ذلك.‏

وضعتْ ليلى إصبعها على جانبِ رأسها، ثم قالت: وهي تشعرُ بالسعادة:‏

ـ هكذا تجلسُ المعلِّمةُ عندما تفكر.‏

ـ حسناً. والآن حَرَّكي رأسَكِ، ودعيهِ يتمايلُ.‏

حرَّكَتْ ليلى رأسَها، فتراقصتِ الضفيرتان على جانبيهِ، ثم حانتْ منها التفاتةٌ إلى وجهها. فوجدَتْهُ لا يزال حزيناً.‏

سألتْ:‏

ـ لماذا تبدو البنتُ في المرآةِ حزينةً؟!...‏

ـ لأنكِ لم تضحكي!..‏

ضحكتْ ليلى فضحكتِ البنتُ، لكنَّها عندما شاهدَتْ أسنانَها، أسرعتْ إلى المعجونِ والفرشاةِ، ونظَّفتها.‏

ـ أحسنتِ يا صديقتي، والآن ابتسمي من جديدٍ.‏

ابتسمتْ ليلى، فابتسمتْ البنتُ الجميلةُ في المرآةِ.‏

عندئذٍّ قرّبتْ وجهَهَا منها، وقبَّلتها. لكنَّ البنتَ الجميلةَ قد تغيَّرَ وجهُها، وظهرتْ عليه غِشاوة.‏

سألتْ.‏

ـ لماذا ظهرتِ الغِشاوةُ على وجهِ البنتِ الجميلِ؟‏

ـ لأنَّ المرآةَ يا صديقتي، لا تحبُّ أن يمسَّها أحدٌ.‏

ـ أنا آسفة.‏

أحضرتْ ليلى منديلاً ورقياً، ومَسَحَتِ المرآةَ، ثم عادتْ تلعبُ معها ألعاباً مسلّيةً، وقد غمرها الفرح.‏

Nadine
19-06-2007, 04:11 AM
في يومٍ من أيامِ الربيعِ، وقفتْ ليلى أمامَ بابِ المنزلِ المطلِّ على حقولِ القريةِ ومروجِها الزاهيةِ. كانتْ الشمسُ ترسلُ أشعَّتَها الذهبيَّةَ، والنسماتُ الهادئةُ تداعبُ شعرَها الحريريَّ.‏

كانت ليلى حزينةً...‏

تمنَّتْ لو أنَّها تشعرُ الآن بالسعادة، ويذهبُ عنها الحزنُ.‏

عادتْ إلى البيتِ واستأذنتْ أُمَّها في الخروجِ، لكنَّ أُمَّها قالتْ:‏

ـ الشمسُ ستغيبُ بعد ساعةٍ!!‏

ـ أعلمُ ذلك، ولن أبتعدَ كثيراً، لأعودَ قبلَ غيابِ الشمسِ.‏

خرجتْ ليلى إلى المرجِ القريبِ، وأخذتْ تجمعُ بعضَ الأزهارِ. كانتْ تقولُ:‏

ـ هذهِ أزهارُ البابونجِ والأقحوانِ، وتلك شقائقُ النعمانِ الحمرُ...وهناك أزهارُ الليلكِ، والزنبقِ البرِّيّ، والبنفسجِ... يا ألله ما أجملها!!..‏

بينما كانتْ ليلى تنتقلُ من زهرةٍ إلى زهرةٍ، لمحتْ رجلاً جالساً فوقَ العشبِ الأخضرِ، وبين يديهِ قلمٌ وأوراقٌ... فوقفتْ تتأمَّلُ المنظر!...‏

حدَّثتْ ليلى نفسَها:‏

"المطالعةُ ممتعةٌ وسطَ هذه الطبيعةِ الساحرةِ!..‏

انتبه الرجلُ إلى ليلى. فالتفتَ إليها وابتسمَ ثم سألها:‏

ـ ماذا تفعلينَ هنا يا صغيرتي؟..‏

اقتربتْ ليلى من الرجلِ، ووقفتْ صامتةً.‏

ـ ما اسمُك أيتها الصغيرةُ؟‏

ـ ليلى.‏

ـ وماذا تفعلين؟‏

ـ أجمعُ باقةَ أزهارٍ.‏

ـ هل تحبينَ الأزهارَ.؟‏

ـ أُحبُّها كثيراً.‏

ـ لماذا؟‏

ارتاحت ليلى لهذا الرجل الذي تشاهدُهُ دائماً في طرقاتِ القريةِ يحمل بيدهِ كتاباً. فقالت:‏

ـ الأزهارُ جميلةُ المنظرِ. زكيَّةُ الرائحةِ، إنها زينةُ الطبيعةِ.‏

أُعجبَ الرجلُ بإجابةِ ليلى، فأخذَ يتأمَّلُها.‏

سألتْ ليلى :‏

ـ هل تجلسُ هنا دائماً؟‏

ردَّ الرجلُ مبتسماً:‏

ـ أجلْ. أليسَ منظرُ الطبيعةِ رائعاً؟‏

ـ وماذا تكتبُ؟‏

ـ أكتبُ قصيدةً.‏

دخلَ نفسَها شيءٌ من السعادةِ. قالتْ:‏

ـ إذنْ أنتَ شاعرٌ!!..‏

ـ صحيحٌ يا صغيرتي... هل تحبيّنَ الشعرَ؟‏

ـ أحفظُ جميعَ الأناشيدِ التي تعلَّمْتُها في المدرسةِ.‏

تمنَّتْ ليلى أن يقرأَ لها شعراً مما يكتبُ، فهي تحبُّ الشعرَ كثيراً كما تحبُّ الأزهارَ والعصافيرَ والسهولَ... تمنَّتْ أن تسمعَ منه بعضَ قصائِدِه، ولكنَّها تذكَّرتْ أنَّ الشمسَ ستغيبُ بعد قليلٍ، وقد وعدتْ أُمَّها أن تعودَ دون تأخيرٍ..‏

شاهدتْ ليلى زهرةَ أقحوانٍ صفراءَ، فمدّتْ يدَها وقطفتها لتضمّها إلى الباقة في يدِها.‏

ـ أنتِ تقطفينِ الأزهارَ لتزيِّني بها غرفتَكِ، أليس كذلكِ؟‏

ـ صمتتْ ليلى، ثم سارتْ بضعَ خطواتٍ مبتعدةً عنه.‏

نهضَ الشاعرُ، واقتربَ منها:‏

ـ هل ستعودينَ إلى البيت؟...‏

ـ أجلْ.‏

ـ وهل ترغبين في أن أسيرَ معكِ حتى بابِ منزلِكم؟‏

ـ أشكُرُكَ. منزلُنا قريبٌ. إنه على بعد خطواتٍ من هنا.‏

سألها, وهو يسيرُ إلى جانبها مثل أبٍ عطوفٍ:‏

ـ هل ستضعين زهرةً على شعركِ عندما تذهبين إلى المدرسة صباحاً؟‏

صمتتْ ليلى ثانيةً، وعادَ الحزنُ إليها من جديدٍ.‏

ـ هل أنتِ حزينةٌ يا صديقتي. أرجو أن تخبريني، فأنا شاعرٌ أحبُّ الأطفالَ والفراشاتِ والربيعَ والحقول َوالوطنَ، وأحبُّ أن أرى البسمةَ على شفاه الصغارِ.‏

نظرتْ ليلى إليه، ثم قالت:‏

ـ سأقدِّمُ الأزهارَ التي جمعتُها إلى معلِّمتي المريضةِ.‏

فكَّرَ الشاعرُ في كلامِ ليلى، ثم ابتسَمَ، وسألها:‏

ـ هل تحبينَ المعلِّمةَ أيضاً، كما تحبينَ الأزهارَ؟‏

كانت ليلى قد صارتْ أمام المنزلِ، فابتسمتْ مودِّعةً الشاعرَ، ثم قالتْ:‏

ـ إنها أُمِّي الثانية.‏

Nadine
19-06-2007, 04:12 AM
يُحكى أن بنتاً صغيرةً كانتْ تعملُ في بيتِ القاضي، تنظِّفُ الأرضَ وتطهو الطعامَ، وعندما انتهتْ ذاتَ يومٍ من عملها أعطاها القاضي ليرةً، ومع أن الأجرَ كان قليلاً، فقد أخذتْها وانصرفتْ.‏

في المنزلِ، قالتْ البنتُ لأُمِّها:‏

ـ القاضي أعطاني ليرةً.‏

قالتِ الأمُّ:‏

ـ تستحقينَ أكثرَ من ذلك.‏

قالتِ البنتُ:‏

ـ ولكنِّي ذهبتُ إلى الدكانِ واشتريتُ دبساً.‏

ـ حسناً فعلتِ.‏

ـ وقد وضعتُ إناءَ الدبسِ في الشبَّاكِ.‏

ـ بنتٌ مدبرةٌ.‏

ـ وقد غطيّتُ الدبسَ بالغربالِ حتى لا تأكلُهُ الذبابةُ.‏

ـ خيراً صنعتِ.‏

نامتِ البنتُ تلك الليلةَ نوماً هنيئاً، وفي الصباحِ نهضتْ وغسلتْ وجهَهَا ويدها، وجلستْ جانبَ الجدارِ تستمتعُ بأشعَّةِ الشمسِ. لكنَّها بعد ساعةٍ أحسّتْ بالجوعِ. فنادتْ أُمَّها وقالتْ:‏

ـ أنا جائعةٌ يا أُمي. سأحضرُ الخبزَ والدبسَ لنتناولَ الفطورَ.‏

مضتِ البنتُ إلى الشبَّاكِ، ورفعتْ الغربالَ عن الوعاءِ فوجدتِ الذبابةَ قد دخلتْ من ثقب الغربالِ، وأكلتِ الدبسَ.‏

فحزنتْ وقالتْ لأُمها:‏

ـ الذبابةُ أكلتِ الدبسَ!..‏

قالت الأمُّ:‏

ـ ظالمةٌ معتديةٌ.‏

ـ سأذهبُ وأشكوها إلى القاضي.‏

ـ حقَّكِ تطلبين.‏

وانطلقتِ البنتُ إلى المحكمةِ وقالتْ للقاضي:‏

ـ أنتَ تعلمُ أنني بنتٌ صغيرةٌ.‏

قالَ القاضي:‏

ـ ستكبرين.‏

ـ وأسكنُ مع أُمي بيتاً من طينٍ.‏

ـ أنتِ وأُمكِ بالقليلِ تقنعينِ.‏

ـ واشتريتُ بليرةٍ دبساً للفطورِ...‏

ـ حلواً تأكلين.‏

ـ ثم وضعتُهُ في إناءٍ ووضعتُ الإناءَ في الشباك وغطيتُهُ بالغربالِ.‏

ـ نِعْمَ ما تدبّرينِ.‏

ـ في الصباحِ أحسستُ بالجوعِ.‏

ـ دبساً تُحضرين.‏

ـ لكنني وجدتُ الذبابةَ قد التهمتِ الدبسَ.‏

ـ معتديةٌ وظالمةٌ تأكلُ حقَّ الآخرين.‏

ـ لذلكِ جئتُ أطلبُ إنزالَ العقابَ بالذباب.‏

فكَّرَ القاضي طويلاً... إنها مسألةٌ صعبةٌ... ثم أمسك القلمَ وأخذ ينظرُ في الأوراقِ، وبعد فترةٍ من التفكيرِ قالَ:‏

ـ يا بنتُ يا صغيرةُ.‏

ـ أجلْ يا قاضيَ البلدِ.‏

ـ إنْ رأيتِ ذبابةً فاقتليها.‏

انزعجتِ البنتُ من هذا الحكمِ الذي لا يؤذي الذبابةَ ولا يُرجع لها الحلاوةَ، فظلّتْ واقفةً أمامَ القاضي. تنظرُ إلى ملامحهِ الجادَّةِ الجامدةِ، فرأتْ ذبابةً تحطُّ على أَنفهِ من دون أن يتحرَّك... عندئذٍ قرَّرتْ تنفيذَ الحكمِ في الحالِ، فأمسكتْ منديلها وضربتْ به الذبابة. فانتفضَ القاضي مذعوراً، ونَهَرَها قائلاً:‏

ـ ماذا فعلتِ يا بنتُ يا صغيرة؟!‏

فردَّتْ مبتسمةً:‏

ـ نفذتُ حكمَكَ، وقتلتُ الذبابةَ الحقيرةَ!...‏

Nadine
19-06-2007, 04:13 AM
جلسَ سيِّدُ الغابةِ في عرينه حزيناً، وأَخَذَ يفكِّرُ في أمرهِ، فقد شعرَ أن قوتَهُ لم تعدْ تساعدُه على الخروجِ والبحثِ عن صيدٍ سمينٍ يأكلُهُ، بعد أن صارَ كبيراً طاعناً في السنِّ.فكَّرَ ملياً في أمره. وخافَ أن تعلم حيواناتُ الغابةِ بذلك، فيفقد سيطرته عليها، لذلك قرَّرَ استدعاءَ الذئبِ لمشاورتِهِ وأخْذِ رأيِهِ في الموضوعِ.‏

قَدِمَ الذئبُ إلى عرينِ الأسدِ، وجلس بين يديه، فلمحَ علاماتِ الأسى والحزنِ ترتسمُ على وجههِ الشاحبِ، فقال:‏

ـ مالي أرى سيِّدَ الغابةِ واجماً حزيناً؟‏

ـ قال الأسد:‏

ـ اسمعْ أيها الذئبُ. لقد أرسلتُ إليك لأتشاورَ معك في أمر مهمٍّ... لقد أصبحتْ حالتي لا تساعدني على المضيِّ في حُكْمِ الغابة. إنني أشعرُ بالعجز يدبُّ في جسمي.. وأُحبُّ أن أستمعَ إلى نصيحتكِ. فماذا تقولُ؟‏

فكَّرَ الذئبُ قليلاً ثم قال في سرِّه:‏

ـ "إنها فرصةٌ ذهبيةٌ ونادرةٌ كي أصبحَ سيِّدَ الغابةِ الحقيقيّ، وأتخلّصَ من جميعِ الحيواناتِ التي لا تحبّني...".‏

ثم نظرَ إلى سيِّد الغابةِ وقالَ:‏

ـ لقد كنتَ يا سيّدِي خلالَ مدّةِ حُكمِكَ مثالَ الحاكمِ العادل، ويجبُ أن تستمرَ في بسطِ سيطرتكِ على الغابةِ كلها، ولكني أخشى أن تعلمَ حيواناتُ الغابةِ حقيقةَ الأمرِ. فما عليكَ إلاَ كتمانَ الموضوعِ.‏

ارتعدَ الأسدُ لحظةً ثم تماسكَ وقالَ:‏

ـ أهذا هو رأيُكَ؟‏

قالَ الذئبُ:‏

ـ سأكون ساعدَكَ الأَيمنَِ، وسأتدبّرُ كلَّ شيءٍ بنفسي.‏

ـ وماذا عن الطعامِ أيها الذئبُ؟‏

ـ سأدعو كل يومٍ أحدَ الحيواناتِ إليكَ، فيدخلُ عرينَكَ وعندئذٍ تجعلُه وجبةَ غداءٍ لك.‏

ـ حسناً.‏

أقامَ سيِّدُ الغابةِ في عرينِهِ، وانتظرَ نصيبَهُ من الطعامِ، بينما انطلقَ الذئبُ إلى الغابةِ يبحثُ عن حيواناتِها...‏

فشاهدَ ابن آوى. فقال له:‏

ـ إن سيِّدَ الغابة بحاجةٍ إلى مساعدٍ له وقد اختارَكَ لذلك.. فامضِ إليه في الحال.‏

ذهبَ ابنُ آوى إلى الأسدِ في عرينهِ، ودخلَ عليهِ... ولكنه لم يخرجْ بعد ذلك أبداً.‏

في اليوم الثاني ذهبَ الذئبُ إلى الأرنب، وقال لها:‏

ـ إن سيِّدَ الغابة بحاجةٍ إلى طاهيةٍ ماهرةٍ، وقد وقعَ اختيارُهُ عليكِ كي تقومي بهذا العملِ. فاذهبي إليه مسرعةً!...‏

ذهبتِ الأرنبُ إلى العرين وقد فرحتْ كثيراً، وعندما دخلتْ، سلَّمتْ عليه، ولكنها لم تكن تعلم أنها لن تخرجُ أبداً.‏

وهكذا كان الذئبُ يمضي إلى الحيواناتِ واحداً بعد آخرَ...‏

ذهب إلى الغزال، وحمار الوحش، والسنجاب وغيره... الجميعُ دخلوا العرين ولم يخرجْ منهم أحدٌ أبداً.‏

ذاتَ يومٍ التقى الذئبُ بالثعلب فحيّاه قائلاً:‏

ـ طابَ يومُكَ يا أبا الحصين...‏

ردَّ الثعلبُ التحيَّةَ، فقال الذئبُ:‏

ـ إن سيِّدَ الغابةِ بحاجةٍ ماسَّةٍ إليك، وهو يدعوك كي تقفَ إلى جانبِهِ، وتديرَ معه شؤونَ الغابةِ، وقد طلبَ إليَّ أن أرشدَهُ إلى واحدٍ عاقلٍ، فلم أجدْ بين حيواناتِ الغابةِ أعقلَ منك، وأذكى... فاذهبْ إليه مسرعاً.‏

انطلقَ الثعلبُ باتجاهِ العرينِ، وعندما صار قريباً منه، توقّف لحظةً ونظر بعينيه نظرةً ثاقبةً فيما حولـه.. ثم عادَ راجعاً، وقبل أن يبتعدَ عن مدخلِ العرينِ سمعَ صوتَ الأسدِ مزمجراً يقول:‏

ـ مابك أيها الثعلبُ.. هيَّا.. ادخلْ.‏

ضحكَ الثعلبُ بمكرٍ وقال:‏

ـ شكراً لهذهِ الدعوةِ.‏

قال الأسدُ:‏

ـ ولماذا لا تدخلُ؟!‏

ـ لأني عَرَفْتُ أن الذي يدخلُ العرينَ، لا يخرجُ حياً أبداً.‏

ـ ومن أخبرَكَ بذلك؟!‏

ـ أخبرتني تلك العظامُ المرميَّةُ قربَ العرينِ.‏

توقَّفَ الثعلبُ قليلاً وأخذَ يفكّرُ... لقد صمَّمَ على الانتقام من الذئبِ، فقال مخاطباً الأسد:‏

ـ لماذا لا تخرجُ من عرينكِ وتكسبَ طعامكَ بنفسكِ؟‏

ردَّ الأسدُ:‏

ـ لقد أصبحتُ طاعناً في السنِ.‏

ضحَك الثعلبُ بخبثٍ، ثم قال:‏

ـ إن الأطباء قد اكتشفوا علاجاً يعيدُ الشبابَ إلى الشيخوخة. سأنصحُكَ به.‏

ـ ماهو. قلْ. تكلمْ.‏

ـ عليك أن تشق صدرَ ذئبٍ، وتنزعَ منه القلبَ، وتأكلَه.‏

ـ حسناً.‏

وأنا سأتدبّر موضوعَ الذئب.‏

وبسرعةٍ انطلقَ الثعلبُ إلى الذئبِ وبادره قائلاً:‏

ـ سيِّدَ الغابةِ يطلبك لأمرٍ هامٍّ. فأسرعْ إليه ولا تتمهلْ.‏

ذهبَ الذئبُ، ودخلَ العرين.لم يكن يدري أنه لن يخرج حياً أبداً.‏

في تلك الأثناءِ كان الثعلبُ يقفُ بعيداً ويرى بعينيه مصيرَ الذئبِ...ثم يضحكُ كثيراً.‏

وقال لنفسه:‏

"مسكينٌ الذئبُ. كان يظنُّ نفسَه ذكياً. ولكنه نسيَ أن من حفر حفرةً لأخيهِ وقع فيها.....".‏

Nadine
19-06-2007, 04:13 AM
كنا أربعةً...‏

خرْجنا يومَ العطلةِ لقضاءِ بعضِ الوقتِ في البَرِّيَّةِ، فاخترْنا أحدَ المروجِ الخضرِ، قربَ الحقولِ.؟‏

تمتَّعْنا بمناظرِ الطبيعةِ الخلاَّبةِ. حيثُ الجمالُ والهدوءُ الذي يُزَيِّنُهُ صوتُ عصفورٍ مُغرِّدٍ، وصوتُ فلاَّحٍ يُغَنِّي،وصوتُ راعٍ ينادي أغنامَهُ، وحفيفُ أشجارٍ تداعبُها نسماتُ الهواءِ...‏

أعجبْتنا ألوانُ الفراشاتِ الزاهيةِ تحتَ أشعَّةِ الشمسِ، ترفرفُ بأجنحتها حولَ الأزهارِ...‏

شَعْرَنا بالسعادة..!...‏

نهضْنا نلعبُ...ركضْنا فوقَ العشبِ الطريِّ... تسابقْنا حتى أحسسنا بالتعبِ، فجلسنا نستريحُ، وقد تعالتْ أنفاسنا، والتمعتْ حُبَيْبَاتُ العرقِ على جباهنا...‏

بعد فترةٍ قلتُ:‏

ـ جُعْنا...‏

نهضنا نجهِّزُ الطعامَ...‏

أنا جمعتُ الحطبَ...‏

سعيدٌ وضعَ الطعامَ في الصحونِ، وأحضرَ الخبزَ.‏

عمادٌ غسلَ الملاعقَ...‏

وأحمدُ أشعلَ النارَ، ووضعَ عليها إبريق الشايِّ...‏

أكلنا بنهمٍ حتى شبعنا... شربنا الشايَّ...‏



سمعْنا أصواتَ أغنامٍ... وأنغامَ مزمارٍ....‏

نهضْنا إلى الراعي ما عدا أحمدَ.‏

قَدَّمْنا إلى الراعي كأساً من الشايِّ...‏

سألناه عن الغنمِ، فأُعجبْنَا بحديثهِ. علمْنا منه أنَّ صوتَ الغنمِ يسمى (ثُغاءً) والذكَرُ (كبْشٌ) والأُنثى (نعجةٌ) والصغيرُ (خروفٌ) و(حَمَلٌ)، والذكرُ له قرنان، والأُنثى تَلِدُ، وتُنْتِجُ الحليبَ، وجِلْدُ الغنمِ يكسوه (صوفٌ) تُصنَعُ منه البسطُ والسجِّادُ والفرشُ، وتُنسَجُ منه الثيابُ التي نَلْبَسُها في الشتاءِ. أما الحليبُ فيُصنَعُ منه الجبنُ ويُستَخْرَجُ منه السمنُ...‏

أُعْجِبْنا كثيراً بما قالهُ الرَّاعي، ثم ودَّعناهُ شاكرين.‏

عُدْنا إلى مكاننا. شاهدْنا أحمدَ يُطْفِئُ النارَ... فأُعجبْتُ به، وقلتُ:‏

ـ أحسنتَ يا أحمدُ... إن شرارةً من النارِ قد تُشعِلُ حريقاً.‏

جلسنا نأكلُ الفاكهةَ.‏

تَلَوَّثَتْ يدُ سعيدٍ بعصيرِ البرتقالةِ...‏

غَسَلْنا أيدينا. لكنَّ سعيداً ظلَّ جالساً...‏

جاءتْ ذبابةٌ. حامتْ حولَ أصابِعهِ. ضربَها فهربَتْ. لكنَّها ما لبثتْ أن عادتْ تُحاولُ أن تحطَّ على يدهِ...‏

يضربُها فتطيرُ، وتهربُ، ثم تعودُ...‏

اتجهتْ أنظارُنا إليهِ... ضحكْنا ونحن نرى الذبابةَ، ونعجبُ من إلحاحها الشديدِ للوصولِ إلى أصابعِ سعيدٍ... فجأةً أمسكَ أحمدُ إبريقَ الماءِ، وصبَّهُ على يديِّ سعيد، فضحكنا جميعاً، ولم نشاهدِ الذبابةَ بعدَ ذلك.‏

حان موعدُ العودةِ، شاهدنا أحمدَ يجمعُ الفضلاتِ، ويَضَعُها في كيسٍ. يربُطُهُ ويحُكمُ إغلاقهُ.‏

حملْنا أمتعتَنا، وسِرْنا عائدين..‏

ما إنْ قطعْنا مسافةً قصيرةً حتى صِرنا قربَ منزلٍ ريفيٍّ...‏

سمعْنا أحمدَ يقولُ:‏

ـ انتظروني دقيقةً.‏

وركضَ عائداً إلى المكان الذي كُنَّا فيه، ثم شاهدْناه يعودُ راكضاً يحملُ كيسَ الفضلاتِ، ويضعهُ في حاويةِ القمامةِ...‏

تأمَّلْناهُ جميعاً... وقد كَبُرَ في عيوننا...‏

Nadine
19-06-2007, 04:14 AM
في وَكْرَينِ متجاورين عاشتْ أُسرتا قردٍ وغزال.‏

اتَّفَقَ القردُ والغزالُ ذاتَ يومٍ على الذهابِ إلى الصيدِ معاً، وتركا ولديهما في وكريهما.‏

ما إنْ قطعا مسافةً قصيرةً حتى اصطادا طائرَ حجلٍ.‏

قالَ الغزال: سأعودُ لتقديمِ الطائرِ إلى صغيري الجائعِ.‏

قالَ القردُ: صغيري أحقُّ به، وهو جائعٌ أيضاً.‏

اختلف القردُ والغزالُ، وقرَّرا الاحتكامَ إلى الثعلبِ.‏

عندما صارا أمام الثعلبِ قال:‏

ـ أعطني الطائرَ أيُّها القردُ، وسأوصله إلى الصغيرِ الأجملِ.‏

لكنَّ الغزالَ يعلم أن الثعلبَ ماكرٌ، لذلكَ قالَ للقرد:‏

ـ أنا قَبلتُ بالحُكْمِ، ولكنْ لا تسلِّمْهُ للثعلبِ. خذهُ ـ أنتَ ـ أيُّها القردُ إلى أجمل الصغيرينْ..‏

ذهبَ القردُ إلى وَكْرِ الغزالِ، فنظرَ إليهِ، ثم دخلَ وَكْرَهُ، وقدَّمَ الطائرَ إلى قردهِ الصغيرِ...‏

وعادَ مسرعاً إلى الغزالِ...‏

ـ هل قدَّمتَ الطائرَ للأجملِ؟‏

ـ أجلْ يا جاري، قدَّمْتُهُ إلى قردي الصغير، لأني رأيتهُ أجملَ من كلِ صغارِ الحيواناتِ..‏

Nadine
19-06-2007, 04:15 AM
الفتاة ـ‏

جلستْ (ذُكاءُ) على مقعدٍ خشبيٍّ في حديقةِ المنزلِ، وبدأَتْ تقرأُ القِصَّةَ التي استعارتْها من مكتبةِ المدرسةِ.‏

كانتْ أشعَّةُ شمسِ الربيعِ مشرقةً تبعثُ الدفءَ في الأوصالِ.‏

وكانتِ القصَّةُ شائقةً جذَّابةً تُدخِلُ المتعةَ إلى النفسِ، وكانتْ بين حينٍ وآخرَ، تمرُّ بها نحلةٌ، فتسمع ذكاءُصوتَ رفيفِ أجنحتِها، فتنظرُ إليها لحظةً ثم تعودُ لمتابعةِ القراءةِ.‏

مرَّتْ بِذُكاءَ لحظاتٌ ممتعةٌ، وهي في هذا الجوِّ الشاعريِّ الجميلِ، وبهدوءٍ تسلَّلتْ قِطْتُها شامةَ، فاقتربتْ منها، ورَقَدَتْ قربَ قدميها من دون أن تشعر بها.‏

ـ القطة ـ‏

بعدَ أن جلستِ القطَّةُ شامةُ عند قدميِّ ذُكاءَ تلتمسُ الدفءَ من أشعَّةِ الشمسِ الذهبيةِ، سمعتْ أزيزاً مزعجاً يقتربُ منها، ثم ازدادَ الصوتُ قوةً:(وزز... وزز...). نظرتْ شامةُ إلى مصدرِ الصوتِ، فشاهدتْ حشرةً غريبةً تحومُ حولَها...‏

"آخ... خ!! إنها لسعةٌ مؤلمةٌ!! ذيلي يؤلمني!!...‏

سحبتْ شامةُ ذيلَها، فعادَ الصوتُ المزعجُ يحومُ حولَها من جديدٍ... (وزز...)!!!..‏

قفزتْ شامةُ في الهواءِ. لاحقتْها النحلةُ بأزيزِها المزعجِ. نظرتْ إلى ذُكاءَ تستنجدُ بها. لكنَّ ذكاءَ كانت منهمكةً في قراءةِ قصَّتِها...‏

قفزتْ شامةٌ من جديدٍ في الهواءِ... ثم توقّفتْ تنظرُ، وتُرهفُ السمعَ...‏

لم ترَ شيئاً، ولم تسمعْ صوتاً... تساءلتْ في نفسها: "ما هذه الحشرةُ الغريبةُ؟!... لابدَّ أنها من أعداءِ القِططةِ!... لو كانتْ فأرةً لَعَرَفْتُ كيفَ أُلقِّنُها درساً حاسماً في العراكِ والقتالِ، ولكنَّ هذه الحشرةَ تختلفُ عن جنسِ الفئرانِ كثيراً!... الفأرةُ تركضُ على الأرضِ، وهذه تطيرُ في الهواءِ... الفأرةُ لها ذيلٌ، وهذه لها جناحانِ...‏

الفأرةُ تخافُ من القطِّ، وهذه تهاجمُهُ!... الفأرةُ تهربُ عندما يقتربُ منها القطَّ، وهذه تلحقُ به، وتعضُّ ذيلَهُ!!!....".‏

" و.زز...!!". عاودَ العدوُّ الهجومَ! " وززز...!!".‏

اقتربتِ الحشرةُ ثانيةً من الذيلِ... ابتعدتْ شامةُ. قفزتْ هاربةً. استلقتْ على الأرضِ. " وززز...!!".‏

الحشرةُ تقتربُ من الذيل... تلسعُ!! "آخ ـ خ ـ خ!!!!". "ذيلي يؤلمني..".‏



ـ الذبابة ـ‏

طارتِ الذبابةُ بعدما دَبَّ الدفءُ في جناحيها، وبدأتْ تبحثُ عن طعامٍ.. شمَّتْ رائحةً محبَّبَةً، فاتجهتْ نحوها.....‏

شاهدتِ القطَّةَ شامَة... شمَّتْ رائحةَ (سمنٍ)... اقتربتْ منها... "ذيلُها مبلَّلٌ بالسمن...." "وززز...!!!"..‏

حطَّتِ الذبابةُ على ذيلِ شامة، وأرسلتْ إبرتَها تمتصُّ السمنَ الشهيَّ بِلذَّةٍ**!!...‏

ـ آخ.. خ.. خ!!!! لسعةٌ أخرى!!! يا لشدِّةِ الألمِ.....‏

انطلقتْ هاربةً!!!...‏

كانتِ الذبابةُ من النوعِ الأسودِ الكبيرِ الحجمِ، وقد عُرِفَتْ بإلحاحها الشديدِ، فلاحقتِ القطَّةَ، وقرَّرَتْ أن تَشبعَ مِنَ السمنِ اللذيذِ... "وزززز...!!!". وامتصتِ السمنَ بشهيةٍ.... فقفزتِ القطَّةُ...‏

ـ ذيلي يؤلمني كثيراً!!!...‏



ـ الفتاة ـ‏

انتبهتْ ذُكاءُ، فتوقَّفتْ عن قراءةِ القصَّةِ، ونظرتْ إلى شامة، فشاهدتِ الذبابة السوداءَ الكبيرةَ تُلاحقُها... عندئذٍ أسرعتْ إلى الداخل، وأحضرتْ (مضربَ الذبابِ)، ذا الثقوبِ المتعدِّدَةِ، وضربتِ الذبابةَ، فأصابتَها، وأوقعتْها على الأرضِ صريعةً!...‏

قالت ذُكاءُ:‏

ـ هذا جزاءُ الشرِّيرِ المعتدي!‏

ثم عادتْ إلى مكانها على المقعدِ الخشبيِّ، وأخذتْ تُفَكِّرُ:‏

ـ لماذا تُطاردُ الذبابةُ شامةَ؟!...‏

ـ لماذا كانت تحومُ حولَ ذيلها؟!...‏

ـ هل في الأمرِ سرٌّ؟!..‏

وبَرَقَتْ في ذهنِ ذُكاءَ فِكْرَةٌ!... تذكرتِ المعلِّمةَ التي قالتْ في درسِ العلومِ: إن الذباب لا يقع إلاَّ على بقايا الطعامِ أو الموادِّ الفاسدةِ. و.....‏

نهضتْ في الحالِ. فأمسكتْ شامةَ، ونظرتْ إلى ذيلها فوجدتُهُ مُبَلَّلاً بالسمنِ...!..‏

دخلتِ المطبخَ ومعها شامةُ... شاهدتْ وِعاءَ السمنِ على الأرضِ... فهمتْ كلَّ شيءٍ!... أمسكتْ بأُذُنِ القطَّةَ وشدَّتْها، قائلةً:‏

ـ أيتُها الماكرةُ... غططتِ ذيلَّكِ بالسمنِ، ثم لَعَقْتِهِ ، لأنكِ لا تستطيعينِ إدخالَ رأسَكِ في الوعاء...‏

ماءتِ القطَّةُ متألمةً: "مياو...مياو!!!.".‏

شدَّتْ ذُكاءُ أُذُنَ شامةَ ثانيةً، ثم قالتْ قبلَ أن تُفلتَها:‏

ـ لو كنتُ أعلمُ بفعلتِكِ هذهِ، لتركتُ الذبابةَ تلسعُكِ مائةَ مَرَّةٍ!..‏

تخلصتْ شامةُ من يدِ ذُكاءَ، وانطلقتْ تعدو مسرعةً خجلى، وهي تحسُّ بذنْبها من دون أن تجرؤ على النظر إلى الخلف.‏

Nadine
19-06-2007, 04:15 AM
نجحتُ. كنتُ الأولى في صفِّي. فرحتُ كثيراً. الجميعُ هنأوني.‏

قَبَّلتني أُمي عدَّةَ مرَّاتٍ، واحتضنتني بين ذراعيها، وهي تردِّدُ "مبارك يا ليلى".‏

كان أبي فرحاً أيضاً، فقدَّمَ لي هديةً في صندوقٍ أنيقٍ، ثم طلبَ مني أن أفتحَ الصندوقَ.‏

فَكَكْتُ الشريطةَ الحمراءَ بهدوءٍ، وأبعدتُ ورقَ الغلافِ، فظهرَ الصندوقُ الأنيقُ، وعليهِ كِتابةٌ ذهبيةٌ بحروفٍ أجنبيةٍ، وعندما فتحتُهُ، وأنا أحسُّ بمتعةٍ كبيرةٍ، رأيتُ في داخلهِ سيَّارةً صغيرةً، تسيرُ بالبطاريةِ، جرَّبْتُها... سارتْ على أرضِ الغرفةِ. سريعةً جميلة، تُغَيِّر اتجاهها عندما تصطدمُ بشيءٍ ما. ازدادَ فرحي، وحملتُ سيَّارتي، وجلستُ أنظرُ إليها جيِّداً، وأنا أقولُ:‏

ـ يا ألله.. ما أسعدني بالنجاحِ!!‏

ثم حانت منِّي نظرةٌ إلى أسفلِ السيَّارةِ. فرأيتُ كتابةً أجنبيةً.‏

سألتُ أبي عن معنى هذه الكتابةِ، فقالَ:‏

ـ إنها تشيرُ إلى البلد الأجنبي الذي صنعَ السيَّارةَ.‏

نظرتُ إلى أبي مستغربةً، وشعرتُ بعدمِ الرضى، ثم أخذتُ السيَّارةَ، وأعدْتُها إلى الصندوقِ، وغلَّفتُها بالورقِ، وربطتُها بالشريطةِ الحمراءِ، وقلتُ لأبي معتذرةً:‏

ـ بابا... أرجو أن تعيدَ الهديةَ إلى البائعِ. لأني لا أحبُّ أن تكونَ بين يديَّ هديةٌ ليست من صنع وطني!...‏

Nadine
19-06-2007, 04:16 AM
خرجَ الأطفالُ إلى الساحةِ يلعبونَ كعادتهم كل مساءٍ بعد أن أدَّى كل واحدٍ منهم واجباته المدرسية. كانتْ ساحةُ الحيِّ واسعةً، وعلى جوانبها تقع الدورُ الصغيرةُ المبنيةُ من الطينِ أو المبنية من الحجارة والإسمنت والتي اتخذَ الأطفالُ منها مخابئَ لهم عند اللعب.‏

كان الأطفالُ يحبُّون اللعبَ في هذا الوقتِ الممتعِ من آخرِ النهارِ، نظراً لجمالَ الطبيعةِ، وبرودةِ النسائمِ التي تنعشُ النفوسَ، وتجعلُ الجوَّ لطيفاً.‏

عندما اجتمعَ الجميعُ ليلعبوا "الاستغماية" المحبَّبة في هذا المساءِ الجميلِ لم يجدوا "خالداً" بينهم، فقال أحدُهم متسائلاً :‏

ـ أينَ خالدُ، لقد تعوَّدْنا أَنْ نلعبَ معه كل يوم، إنه ماهرٌ في اللعب، يعرفُ كيف يديرُ اللعبةَ ويتصرَّفُ كما يتصرفُ القائدُ الممتازُ في معركةٍ حربيةٍ.‏

قالَ طفلٌ آخر: لنلعبِ الآن... وعندما يأتي سينضمُّ إلينا..‏

قالَ طفلٌ ثالثٌ: لننتظرْ قليلاً، إنه لن يتأخر!.‏

ولم تمضِ سوى لحظاتٍ حتى جاء خالدٌ، ففرحَ الأطفالُ وصفَّقوا له، ثم ابتدأ تنظيمُ اللعبةِ.‏

قالَ خالدٌ: أنتَ يا "سعيدُ" المعلِّمُ، وأنتما يا صالح وحسن اربطا منديلاً فوقَ عينيهِ...‏

أما أنتم فليذهبْ كل واحدٍ منكم إلى جهةٍ، وليختبئْ في زاويةٍ معيّنةٍ.‏

وبعدَ توزيعِ اللاعبينَ على الأمكنة. ذهب خالدٌ واختبأ في مكان لا يراهُ فيه سعيد.‏

في هذه اللحظاتِ اقتربَ أحدُ الأطفالِ من سعيدٍ، وقال له: هل تريد أن تعرفَ أين يختبئُ كل لاعب.‏

دُهِشَ سعيدٌ من كلام هذا الطفلِ الغريبِ وقال له:‏

ـ ابتعدْ عني، سأبحثُ عنهم وأجدُهم بنفسي.‏

قالَ الطفلُ وكان غريباً عن المجموعة:‏

ـ ولكني سأُرْشِدُكَ إليهم وسأوفِّرُ عليكَ عَنَاءَ الجهدِ والتعبِ.‏

قالَ سعيدٌ: حسناً، ليكنْ ذلك، تكلّمْ.‏

أرشدَ الولدُ سعيداً إلى مخابئ الأطفال، فعرفهم بسهولةٍ واحداً واحداً، وبعد أن انتهت اللعبةُ وقفَ الجميعُ ، وتحلَّقوا حولَ سعيدٍ، قالَ بعضُهم:‏

ـ إنكَ ماهرٌ يا سعيدُ في اللعبِ.‏

وقالَ واحدٌ من الأطفالِ: سوف نطلقَ عليك لقبَ "سيّد الألعابِ".‏

قالَ خالدٌ: ستكونُ المشرفَ على اللعبة بعدَ اليومِ، وستقومُ بتوزيعِ الأدوارِ على اللاعبين بدلاً منيَ.‏

سكتَ سعيدٌ، ولم يردَّ على أحدٍّ، فقالَ خالدٌ متسائلاً:‏

ـ مالكَ يا سعيدُ، كنَّا نتوقعُ أن تفرحَ وتكونَ سعيداً بعدما فُزتَ في لعبةِ هذا المساءِ، وأَصبحتَ بطلَ الأمسيّةِ وسيَّدَ اللعبةِ؟!..‏

في هذه الأثناءِ تقدَّمَ الولدُ الغريبُ وقال:‏

ـ أهنِئُكَ يا سعيدُ على الفوزِ، أنت بطل الساحةِ!...‏

ثم مدَّ يدهُ مصافحاً، لكنَّ سعيداً نظرَ إليه باشمئزازٍ، وقالَ يُخاطبُ أَصدقاءه:‏

ـ اسمعوا يا أصدقاء... إن لعبة اليوم كانت فاسدةً وملغاةً... انظروا إلى هذا الولدِ جيِّداً. إنه هو الذي أرشدني إلى أماكنكم التي كنتم تختبئون فيها. يجب أن تمنعوه من اللعب معنا فهو غشّاش.‏

نظرَ الأطفالُ إلى الولدِ نظرةَ احتقارٍ، وقالوا بصوتٍ واحدٍ:‏

هيَّا اخرجْ من ساحتناْ... اخرجْ أنتَ جاسوسٌ. جاسوس، ونحن لا نحب الجواسيس.‏

Nadine
19-06-2007, 04:17 AM
قالتْ ليلى بعدَ ما حفظتْ درسَ التاريخِ:‏

ـ بابا... أنا أُحبُّ صلاحَ الدينِ.‏

قالَ الأبُ:‏

ـ كُلُّنا نحبُّ صلاحَ الدينِ يا حبيبتي.‏

ـ أين هو الآنَ؟‏

ـ رَحَلَ.‏

ـ متى رحلَ؟‏

ـ بعدَ أن حرَّرَ فِلسطينَ من الصليبيين.‏

فَكَّرَتْ ليلى قليلاً، ثم قالتْ:‏

ـ ولكنَّ فِلسطينَ اليومَ ليستْ بأيدينا!!!..‏

ـ لقد احتلها الصهاينةُ مرًّةً ثانيةً، وطردونا منها!‏

ـ لماذا؟!! لماذا لا نستعيدُها إذن؟!...‏

ـ سنستعيدُها بإذنِ الله!‏

ـ متى؟!..‏

ـ عندما يعودُ صلاحُ الدينِ!‏

ـ ومتى يعودُ صلاحُ الدينِ يا أبي؟‏

ـ قريباً يا بنتي... قريباً جدَّاً سيعودُ صلاحُ الدينِ.‏

Nadine
19-06-2007, 04:17 AM
صباحَ يومِ الجمعةِ، ذهبتُ مع والدتي إلى الحديقةِ العامَّةِ، كانت شمسُ الربيعِ دافئةً، والأزهارُ تزهو بألوانِها، والفراشاتُ تحومُ حولها.‏

سألتني أمي:‏

ـ هل أنتَ سعيدٌ؟‏

ـ سعيدٌ جدَّاً يا أمي...‏

ـ لماذا؟..‏

ـ لأن الربيعَ يُشبِهُ الأطفالَ... انظر إلى تلك النحلةِ التي تقفُ على الزهرةِ، وتداعِبُها كأنها طفلٌ يلاعبٌ قطَّاً صغيراً.‏



بينما كنتُ أجتازُ مع أُمِّي ممرَّاً صغيراً (دستُ) فوقَ نملةٍ من غير أن أنتبهَ، فتغيَّرَ وجهُ أُمي، وسحبتني بعيداً، ثم قالتْ:‏

ـ لقد ارتكبتَ جريمةً!‏

حزنتُ، وشعرتُ بالذنبِ، ووعدْتُها أن لا أقتلَ نملةً بعدَ اليومِ.‏

حين عدنا مساءً . كانت أمي لا تزال حزينةً، فَذَكَّرْتُها بموعدِ الأخبار في (التلفاز)، حينئذٍ بدأتْ تتابع الأخبارَ المصوَّرَةَ وكان الجنودُ الصهاينةُ يطلقون النارَ على الأطفالِ، والشبابِ فيقعونَ جرحى وقتلى....‏

فما كان مني إلاّ أن التفتُّ إلى أُمي، وسألتُها:‏

ـ إذا كان قتلُ النملةِ جريمةً. فماذا تُسمِّين قتلَ الناسِ يا ماما؟!‏



نظرتْ أُمِّي إلى الأرضِ، وقد ازدادَ حُزنُها، ثم سمعتُها تقولُ غاضبةً:‏

ـ إنها وحشية!!!!‏

Nadine
19-06-2007, 04:18 AM
أنا أهوى المراسلةَ.‏

لي أصدقاءٌ في جميعِ أنحاءِ الوطنِ العربيِّ، من المغربِ والجزائرِ، إلى العراقِ و الكويتِ، هذه المرَّةَ كتبتُ عدَّةَ رسائلَ إلى أشقَّائي أطفالِ فِلسطينَ، عَبَّرْتُ لهم عن حُبِّي وأُمنياتي بالحريةِ والعدالةِ والفرحِ.‏

لكنْ... كيف سأُرسلُ إليهم رسائلي؟!....‏

فَكَّرْتُ طويلاً...‏

ثم بدأتُ أصنعُ زوارقَ من الورقِ.‏

وضعتُها في البحرِ.‏

ورجوتُ الريحَ أن توصلَها إلى شواطئِ حيفا ويافا...‏

تَحَرَّكَتِ الزوارقُ‏

فلوّحتُ لها بيدي‏

لكنَّ عينيَّ تدمعانِ‏

وقلبي حزين جداً‏

Nadine
19-06-2007, 04:19 AM
كان العصفور الدوريُّ عائداً إلى عُشِّه، الذي بناهُ على غصنِ شجرةِ البرتقالِ، في مدينةِ غزَّةَ، فاستوقفتْهُ (البومةُ) وأخبرتْهُ: أنَّ في غزَّةَ غُرباناً، يعتدون على الأعشاش، في بساتين البرتقالِ، ويقتلونَ العصافيرَ، ثم قالتْ:‏

ـ أنصحكُ بعدمِ الذهابِ إلى هناك!!‏

فكَّرَ العصفورُ الدوريِّ لحظاتٍ، ثم تابعَ طيرانَهُ باتجاه غزَّةَ، وهو يقولُ للبومةِ:‏

ـ أفرادُ سِربي هناك. لن أتخلَّى عنهم، ولن أنامَ بعيداً عن العشِّ الذي بنيتُهُ بنفسي. على غصنِ شجرةِ البرتقالِ...‏

Nadine
19-06-2007, 04:20 AM
كانتِ الفتاةُ الفلسطينيةُ الصغيرةُ، تسيرُ على رصيفِ المخيَّمِ، مستندةً على عكازتينِ.‏

توقَّفَ أمامَها سائحٌ أمريكيٌّ، والتقطَ لها صورةً...‏

ثم تقدَّم نحوَها...‏

أعطاها وردةً حمراء...‏

لكنَّ الطفلةَ. نظرتْ إليه غاضبةً، واعتذرتْ عن قبولِ الوردِ من أيدي القتلةِ...‏

Nadine
19-06-2007, 04:20 AM
في المدرسة الابتدائية في مدينة (غزَّةَ) كانَ يجلسُ إلى جانبي صديقي الفرنسي (جاك).‏

كنتُ تلميذاً متفوِّقاً في دراستي، لكنِّي في امتحان مادَّةِ العلومِ، تعثَّرتُ في الإجابةِ، وقد لاحظَ (جاكَ) ذلك...‏

عندما ظهرتِ النتائجُ. نجحتُ، وكنتُ الثانيَ بين الناجحين بسبب درجةِ العلومِ.‏

حزنَ صديقي (جاك) فاقتربَ مني. يُهنِّئُني، ثم قالَ مُتأسِّفاً:‏

ـ لو نظرتَ إلى ورقتي في أثناء الامتحانِ، لكانتْ درجتُك أفضلَ، وأحرزتَ المرتبةَ الأولى.‏

شكرتُهُ مبتسماً، واعتذرتُ:‏

ـ عفواً يا صديقي (جاك) فأنا لا أغشُّ في الامتحانِ.‏

سألني مندهشاً:‏

ـ لماذا؟‏

قلت :‏

ـ لأنني عربيّ.‏

... ... ...‏

Nadine
19-06-2007, 04:21 AM
رسمَ (خليل) خارطةً جميلةً، وحَدَّدَ عليها المواقعَ:... هنا القدسُ... وهناك اللِّدُ، والرملةُ، وحيفا، ويافا....‏

لوَّنَ بالأزرقِ بحيرةَ طبريَّا، وبحيرةَ الحولة. ونهرَ الشريعةِ... ولوَّنَ بالأخضرِ سهولَ الناصرةِ ونابلسَ وأريحا....‏

وضعَ علماً فوق قُبَّةِ الصخرةِ.‏

وعلماً فوقَ كنيسةِ المهدِ...‏

أما جبلُ الجليلِ، فقد تركُه بغير ألوانٍ، لأنَّه قَرَّرَ أن يأخذَ منه الحجارةَ التي سيضربُ بها جنود الاحتلال.‏

Nadine
19-06-2007, 04:21 AM
كانَ الطفلُ الفلسطينيُّ يرجم (البلدوزرَ) الإسرائيليَّ بالحجارة، وهو يلهثُ!!...‏

مرَّ به سائحٌ أجنبيٌّ، فالتقطَ له صورةً، ثم سألَهُ:‏

ـ ماذا تفعلُ حجرُكَ مع هذا البلدوزرِ الضخمِ؟.!‏

اشتدَّ غضبُ الطفلِ الفلسطينيِّ...‏

ومن غير أن يتوقَّفَ عن رجْمِ الحجارةِ، قالَ:‏



ـ وهل تريدني أن أقفَ متكوفَ اليدين، وأنا أشاهدُ البلدوزرَ الأسودَ يهدم بيتنا؟!‏

Nadine
19-06-2007, 04:22 AM
امرأةٌ غريبةٌ كانت تجلسُ مع ابنتها على شاطئِ البحر في مدينة (يافا)، شاهدتِ المرأةُ ثلاثةَ شُبَّانٍ عرب، قادمين للسباحةِ. فنهضتْ، وقالتْ لهم:‏

ـ ابتعدوا!!.. لا أ سمحُ لكم بالسباحةِ!!..‏

سأَلَهَا الشُّبَّانُ عن السببِ، فقالتْ:‏

ـ هذا البحرُ لنا، وهذه الأرضُ أرضُنا!‏

لكنَّ الشُّبَّانَ نزلوا إلى البحرِ، وسبحوا...‏

كانتِ الطفلةِ الجالسةُ بجانبِ أُمِّها حائرةً، فقالت لها:‏

ـ ماما قُلتِ للشُّبَّانِ العربِ... البحرُ بحرُنا، والأرضُ أرضُنا... هل نسيتِ أَنَّكِ كنتِ تقولين لي منذُ قليلٍ: "إننا جئنا إلى فِلسطينَ من بلاد الخزرِ؟!"..

Nadine
19-06-2007, 04:22 AM
حنانُ طفلةٌ صغيرةٌ لا يتجاوز عمرُها سبعَ سنواتٍ، تعيشُ في مدينةِ القدسِ العربيَّةِ.‏

قالتْ لأمِّها ذاتَ يومٍ.‏

ـ سأخرجُ لأقضيَ بعضَ الوقتِ مع صديقتي (عروبة) في بيتها، لنلعبَ معاً، فأنا أشتاقُ إليها كثيراً.‏

قالت الأمُّ:‏

ـ حسناً يا حنانُ. ولكنْ لا تتأخَّري، فجنودُ الاحتلالِ يملأون الشوارعَ عندما يقتربُ المساء.‏

خرجتْ حنانُ من المنزلِ، واصطحبتْ معها لُعبتَها الجميلةَ، ثم سارتْ باتجاهِ بيتِ صديقتِها القريبِ... وبينما كانتْ تسيرُ في طريقها حاملةً لُعبتَها الصغيرةَ، شاهدتْ سيَّارةً عسكرَّيةً إسرائيليةً، تقتربُ منها ببطءٍ، ثم ما لبثتْ أن توقَّفتْ بجانبها، ونزلَ منها جنديٌّ إسرائيليٌّ، وبيدهِ بندقيةٌ.‏

صاحَ الجندي:‏

ـ توقَّفي أيتها الفتاةُ الصغيرةُ.‏

توقَّفتْ حنانُ أمامَ الجنديِّ الإسرائيليِّ الذي صَوَّبَ بُنْدُقِيَّتَهُ إلى صدرِها، ثم قالتْ له بجرأةٍ:‏

ـ ماذا تريدُ منِّي؟‏

ـ قالَ الجنديُّ بصوتٍ خشنٍ:‏

ـ ماذا تحملينِ بيدِكِ؟‏

أجابتِ حنانُ:‏

ـ لُعبتي الصغيرةَ.‏

كان في داخل السيَّارةِ ضابطٌ صهيونيٌّ يستمعُ إلى الحوارِ فصاحَ مخاطباً الجنديَّ:‏

ـ فَتِّشْهَا جَيِّداً... هؤلاء الأطفالُ العربُ أذكياء، إنهم يساعدون الكبار على العمليَّاتِ الفدائية:‏

فَتّشَ الجنديُّ (حنان) فلم يجدْ معها شيئاً، عندئذٍ نظرتْ حنانُ إلى الضابطِ ، وقالتْ له:‏

ـ إنني طفلةٌ صغيرةٌ، ماذا تظنُّون معي؟ دعوني أذهبْ.‏

صاحَ الضابطُ من داخلِ السيَّارةِ:‏

ـ خذْ اللعبةَ منها، فقد يكونُ في داخلِها موادُّ متفجِّرةٌ.‏

خَبَّأتْ حنانُ لُعبتَها بين يديها، وصرختْ:‏

ـ لا!!! لا!!! إنَّها لُعبتي الجميلة!!! لعبتي، لن أعطيَها....‏

لكنَّ الجنديَّ الإسرائيليَّ خطفَ اللعبةَ من بين يدي حنانٍ، ودفعَها عنه، فارتمتْ على الأرضِ، ثم ركبَ السيَّارة التي انطلقتْ به بعيداً.‏

نهضتْ حنانُ، ونظرتْ إلى السيَّارة التي ملأتِ الشارعِ بالغبارِ، ثم صاحتْ بحُنقٍ وغضبٍ: أيُّها المعتدونَ،عندما أكبر سنطردكم من هذه الأرض*!.‏

الزاهر
21-10-2008, 11:12 PM
هل انتهى الموضوع أم في جعبتكم المزيد ... لأن كنا متابعينو بالزمانات !!!

مايا
22-10-2008, 03:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول مرة أرى هذا الموضوع باين عليه رائع جدا .

Nadine
22-10-2008, 04:27 PM
اهلا بك اخ الزاهر , واخت مايا شكرا على المشاركة, واكيد بضل في قصص , يعني شو برأيكون بيستاهل الموضوع التثبيت ؟؟

الزاهر
22-10-2008, 04:40 PM
إذا رح يكون في اسنمرار فيه بعتئد لازم يتثبت !!!

أيمن غ القلموني
27-10-2008, 01:40 AM
يعني شو برأيكون بيستاهل الموضوع التثبيت ؟؟





مشكورة أخت نادين وأعتقد بأنه يجب تثبيته.